إسلام ويب

فضل عشر ذي الحجةللشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من محبة العبد لربه أن يقبل على الاستجابة له بطاعته وإخلاص الدين له، ومن ذلك استغلال أيام عشر ذي الحجة، فهي فرصة لا تعوض للإقبال على جميع الأعمال الصالحة من صلاة وذكر وصدقة وحج وصلة للأرحام وغيرها، أما الصيام فهو مستحب عند عامة الفقهاء، ولا ينبغي تشويش الناس وتثبيطهم تجاه عبادة الصيام لفهم أو اجتهاد قد يضر ولا ينفع، مع ما فيه من مخالفة لقول عامة الفقهاء.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد, وآله وأصحابه أجمعين.

    أما بعد:

    فنحمد الله جل وعلا على نعمه، ونسأله أن يرزقنا شكرها, وإن من نعم الله على عباده المسلمين أن بلغهم أشهر الحج، فيما سبق، وبلغهم هذه العشر المباركة وهي عشر ذي الحجة.

    ومعلوم أن هذه العشر هي عشر فاضلة، وقد فسر طائفة من المفسرين من الصحابة وغيرهم بعض مواطن القرآن بها فيما ذكر الله من الأيام التي عظمها في كتابه.

    وهذه الأيام قد جاء ذكرها صريحاً في السنة، وهي مذكورة أيضاً على التصريح في القرآن باعتبار ما هو من آحادها، فإن هذه العشر فيها يوم الحج الأكبر وهو يوم العيد. ويوم الحج الأكبر عند جمهور أهل العلم هو العاشر من ذي الحجة.

    وفيها قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسند الإمام أحمد وصحيح البخاري وغيرهما: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر )، وفي رواية: ( ما من أيام العمل فيها أفضل عند الله من هذه العشر. قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ).

    فهذا الحديث بوجهي الرواية فيه: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله، أو أفضل عند الله )، فيه بيان لمشروعية العمل الصالح في هذه العشر، وهذا من صيغ العموم، فيعلم به أن جميع الأعمال الصالحات مشروعة في هذه العشر إلا ما دل الدليل على تخصيصه على القاعدة والترتيب المعروف في الأصول، أن العام لا يخص منه شيء إلا بدليل, كنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يومي العيدين، فالعاشر من هذه العشر لا يصح صومه؛ لأنه يوم العيد، ويوم العيد كما هو معروف لا يصح صومه، فهذا خص من عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من أيام العمل الصالح )، فالعمل الصالح هنا عام في الأعمال الصالحة.

    ومثله مما يخص على الراجح: صيام يوم عرفة لمن كان حاجاً، فإنه لا يشرع وإن كان لا يحرم، لكن السنة اقتداءً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ألا يصام يوم عرفة لمن كان حاجاً، فإنه حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم فطره فيه في حجة الوداع.

    وهذه الأعمال الصالحة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من أيام العمل الصالح )، يقع فعل المسلم لها باعتبار أصل المشروعية للأعمال الصالحة، سواء كانت هذه المشروعية على سبيل الفرض، فإن أفضل ما تقرب به العبد إلى الله الفرائض، فيعتني بالفرائض ويحافظ عليها كما يحافظ عليها من قبل، فهذا نعمة من الله وفضل من الله أن جعل العمل الصالح فيها له هذا الامتياز، وهو محبة الله وكونه أفضل عند الله سبحانه وتعالى، فهذا من جهة الفرائض كما جاء في الصحيح وغيره: ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه, ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)، فالتقرب إلى الله يكون بالفرائض، ويلي الفرائض أصول السنن، ويلي أصول السنن المشروعة المستحبة جملة البر والخير الذي يتقرب به ويقصد به وجه الله.

    فهذا مما ينبغي للمسلم أن يحرص عليه، وينبغي لطلبة العلم أن ينبهوا ويذكروا إخوانهم، وينبهوا العامة من المسلمين على العناية بهذه العشر، وعلى ما جاءت به الشريعة من العناية من جهة الإقبال على الأعمال الصالحات التي يحبها الله، والتي فضلها الله سبحانه وتعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087502046

    عدد مرات الحفظ

    772705570