إسلام ويب

كتاب الطهارة [4]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد اهتم الإسلام بالطهارة أيما اهتمام، ومن مظاهر ذلك: أحكام الاستنجاء، والسواك والاختتان، والوضوء الذي يعتبر من شروط الصلاة، والذي تولى الله سبحانه بيانه في القرآن الكريم.

    كيفية الاستنجاء

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وأصحابه أجمعين.

    قال المصنف رحمه الله: [ فإذا فرغ مسح بيده اليسرى من أصل ذكره إلى رأسه، ثم ينتره ثلاثاً ].

    قوله: (فإذا فرغ) أي: من بوله، (مسح بيده اليسرى من أصل ذكره إلى رأسه، ثم ينتره ثلاثاً)، وهذا الاستحباب ذكره الفقهاء رحمهم الله، واستدلوا له بما جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا بال أحدكم فلينتر )، وهذا الحديث وإن كان متكلماً فيه، إلا أن طائفة من الفقهاء بنوا هذا الاستحباب عليه.

    وعلى القول الثاني: فإن هذا النتر لا يكون مشروعاً؛ لأنه قد يفضي إلى الوسوسة، وهذا يتجه بأن مقتضى العادة: أن الإنسان لا يحتاج إلى مثل هذا، فليس هو مما ثبت به سنة بينة.

    قال المصنف رحمه الله: [ ولا يمس فرجه بيمينه، ولا يستجمر بها، وإن فعل أجزأه ].

    قوله: (ولا يمس فرجه بيمينه) هذا على سبيل النهي أو على سبيل النفي، وهذا جاء في الصحيحين من حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء )، فما ذكره المصنف هو معتبر بهذا، فينهى عن مسه باليمين.

    قوله: (ولا يستجمر بها) أي: ولا يستجمر كذلك باليمين؛ تكريماً لها لما جاء في نهي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مقتضى الشريعة ابتداءً، فإن مقتضى الشريعة أن اليمين مكرمة، وتكون للأفعال المكرمة.

    قوله: (وإن فعل أجزأه)، أي: صح استجماره، فإن فعل فمس ذكره بيمينه، أو استجمر أو استنجى بيمينه، أجزأه ذلك، ولو كان مخالفاً للنهي الذي يدل على الكراهة، ولا يدل على التحريم.

    قال المصنف رحمه الله: [ ثم يتحول عن موضعه ].

    قوله: (ثم يتحول عن موضعه)، أيضاً استحب كثير من الفقهاء التحول عن الموضع الذي بال فيه؛ اتقاءً لأثر النجاسة، وهذا بقدر ما تجري به العادة، ويحصل به الاتقاء، وثبت في فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، لكنه لا يبالغ فيه.

    الجمع بين الاستجمار والاستنجاء

    قال المصنف رحمه الله: [ ثم يستجمر، ثم يستنجي بالماء ].

    ظاهره الجمع بينهما، وهذا جاء في رواية عن الإمام أحمد أنه استحب الجمع بينهما، أي: بين الاستجمار بالحجارة ونحوها والاستنجاء بالماء. وعلى هذه الطريقة يجعلون الأفضل من الدرجات هو الجمع بين الحجارة والماء، ثم يجعلون بعد ذلك الاستنجاء بالماء، ثم الاستجمار بالحجارة، وهذه هي الطريقة المشهورة عند كثير من متقدمي السلف، وكثير من متأخري الفقهاء من أصحابهم.

    وعلى الطريقة الثانية: ليس الجمع بينهما مشروعاً، وهاتان طريقتان محفوظتان عن المتقدمين، منهم من يستحب الجمع بينهما، ومنهم من لا يستحب ذلك، والإجزاء يحصل لواحد منهما في قول عامة أهل العلم، لكن هل يشرع هذا الجمع؟

    كما ترى أن هذا لا بد له من سنة، وأقوى ما في الباب ما جاء في حديث عائشة أنها قالت للنساء: ( مرن أزواجكن أن يتبعوا الحجارة بالماء، فإني أستحييهم )، وهو حديث مروي في السنن، وصححه بعض أهل الحديث كـالترمذي ، وتكلم فيه آخرون، فليس من الأحاديث البينة في ثبوتها، وهو حديث متكلم فيه، ويحتمل فيه التصحيح عند طائفة كما صنع الترمذي في تصحيحه له، ولكن إذا نظرت ظاهر السنة من حيث ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأفعال المعينة غير حديث عائشة، لم يحفظ في ذلك حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما، وأقوى ما في الباب هو حديث عائشة ، وأما ظاهر الروايات الأخرى كحديث المغيرة ، وحديث أنس ونحوها، فظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك. وعن هذا التردد في الاستدلال اختلفت طريقة أهل العلم، فمنهم من استحب الجمع، وهذه طريقة محفوظة لكثير من المتقدمين، وليست خطأً في الشريعة كما يشير إليه البعض أحياناً، فهذا قول محفوظ لطائفة من السلف والخلف.

    والقول الثاني: أن هذا ليس مشروعاً؛ لعدم وجود السنة الثابتة فيه، والشريعة إنما ذكرت الاستجمار والاستنجاء على سبيل التنويع بينهما، لا على سبيل الجمع، فهذه طريقة وهذه طريقة. (وقد نص الإمام أحمد رحمه الله أنه يستحب ذلك، ولكن التحقيق في مذهب الإمام أحمد : أن هذا الاستحباب في محل الغائط فقط، بمعنى لو كان بولاً فإنه لا يستحب له الجمع على قول المحققين في المذهب، وإن كان أكثر المتأخرين لا يجزمون به، لكن ذكره بعض من تقدم من الأصحاب أن هذا معتبر لمحل الغائط، وأما في البول وحده فإنه لا يكون كذلك.

    وأيضاً: فإن المقصود من الجمع بينهما هو تقديم الاستجمار على الاستنجاء، أما لو استنجى بالماء فإنه لا يشرع على هذه الطريقة أن يستجمر بالحجارة بعد الماء.

    الاكتفاء بالاستجمار أو بالاستنجاء

    قال المصنف رحمه الله: [ ويجزئه أحدهما ].

    قوله: (ويجزئه أحدهما) أي: في قول عامة أهل العلم، ونقل عن بعض الصحابة وبعض التابعين أنهم لا يرون الاستنجاء بالماء، لكن هذا على خلاف ما جاء عن عامة الصحابة والتابعين، وكأن الخلاف هنا خلاف ترك، واستقر الأمر والإجماع على أنه يجزئ الواحد منهما لظهور السنن فيه، فلو استنجى بالماء أجزأه، وهذا صريح في فعل النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات، كحديث المغيرة .

    الحالة التي لا يجزئ فيها الاستجمار

    قال المصنف رحمه الله: [ إلا أن يعدو الخارج موضع العادة، فلا يجزئ إلا الماء ].

    هذا استثناء من قوله: (ويجزئه أحدهما)، فإذا تعدى الخارج من محل الغائط موضع العادة فلا بد من استعمال الماء، وهذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وبهذا قال الشافعي و إسحاق و ابن المنذر وطائفة من الفقهاء، حيث قيدوا صحة الاكتفاء بالاستجمار مالم يعد الخارج موضع العادة.

    الأشياء التي يجوز الاستجمار بها

    قال المصنف رحمه الله: [ ويجوز الاستجمار بكل طاهر ينقي كالحجر والخشب والخرق ].

    قوله: (ويجوز الاستجمار بكل طاهر)، أي: لا بد أن يكون طاهراً، وهذا مذهب الجماهير من الفقهاء، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله، و مالك و الشافعي أنه لا بد أن يكون طاهراً.

    وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يشترط أن يكون طاهراً، بل كونه يابساً لا يتعدى به النجاسة، وإنه إنما يراد به تخفيف النجاسة، فإذا حصل به ذلك صح وأجزأ.

    والراجح ما عليه الجمهور؛ لما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: ( أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بحجرين وروثة، فألقى الروث وقال: إنها رجس )، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنها رجس) دليل على أنه لا يصح أن يستعمل في الاستجمار ما يكون نجساً.

    وقوله: (كالحجر والخشب والخرق)، أما الحجر فالاستجمار به صحيح بإجماع الفقهاء، وأما غير ذلك من الطاهرات كالخشب والخرق والقرطاس ونحو ذلك، فهذا فيه بعض الخلاف اليسير، والجماهير على جواز الاستجمار به، وهو المذهب عند الحنابلة، وأنه مثل الحجارة، والنصوص جاءت بذكر الحجارة؛ لأنها المعتادة غالباً، فإذا وقع بنحوها بما يقع به فدفع النجاسة وتحقق الاستجمار أجزأ ذلك، فيجوز بكل طاهر، خلافاً لمن قصره على الحجارة، فإن هذا القصر ليس عليه دليل، وليس على مقتضى القياس.

    قال المصنف رحمه الله: [ إلا الروث والعظام والطعام، وما له حرمة، وما يتصل بحيوان ].

    قوله: (إلا الروث)، الروث مطلقاً على الصحيح، سواء كان من مأكول اللحم، أو غير مأكول اللحم، وإن كان مأكول اللحم يعني: بهيمة الأنعام - الإبل والبقر والغنم - روثها طاهر على مذهب الإمام أحمد وقول طائفة من الفقهاء، وهو الصحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن بالصلاة في مرابض الغنم، ومرابض الغنم عادة هي محل لروثها، فلما أذن بالصلاة في مرابض الغنم دل ذلك على أنها طاهرة، وعلى أن روثها طاهر، فالروث لا يستجمر به، سواء كان من طاهر أو غيره، فأما إن كان من طاهرٍ فللنهي عن ذلك، وأما إن كان من غير طاهر، كالسباع ونحوها؛ فلأنه لا بد في ما يستجمر به أن يكون طاهراً كما سبق، خلافاً لـأبي حنيفة .

    قوله: (والعظام والطعام)، العظام: هي طعام إخواننا من الجن، كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وقال: ( إنه طعام إخوانكم من الجن )، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنهما لا يطهران ). وكذلكم الطعام، فإن هذا ابتذال وكفر بالنعم، فالطعام المحترم، وهو ما يأكله الآدمي، لا يصح الاستجمار به؛ لأن هذا ينافي مقام الشكر، وحرمة النعم التي جعلها الله حلالاً لبني آدم.

    قوله: (وما له حرمة) أي: كل ماله حرمة عادةً، أو به سرف بالغ مما لا يتخذ عادة للاستجمار، فإنه ينهى عن الاستجمار به، (وما يتصل بحيوان) كذلك.

    عدد الأحجار المستعملة في الاستجمار

    قال المصنف رحمه الله: [ ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات، إما بحجر ذي شعب، أو بثلاثة ].

    قوله: (ولا يجزئ بأقل من ثلاث مسحات)، إذا حصل الإنقاء بثلاثة أحجار أجزأ ذلك إجماعاً، ولا يكون بأقل من ثلاثة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، كما في حديث سلمان الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه أنه قال: ( نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط، أو بول، وأن نستجمر بأقل من ثلاثة أحجار، وأن نستنجي برجيع وبعظم )، فهذا مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الثلاثة هي التي يحصل به الإنقاء عادة، فهذا تقدير من الشارع.

    وهذا الذي عليه كثير من الفقهاء وهو مذهب الإمام أحمد ومذهب الشافعي : أنه لا يصح بأدنى من ثلاثة أحجار، فلو ظهر أنه أنقى باثنين لم يصح، بل لا بد من ثلاثة في أظهر قولي الفقهاء؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما جاء في حديث سلمان رضي الله تعالى عنه وظاهر فعله كما في حديث عبد الله بن مسعود ، فإن ابن مسعود جاءه بثلاثة أحجار، فدل على أن هذا هو المستقر في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.

    وعلى الطريقة الثانية للفقهاء يصح إذا حصل الإنقاء، ولكنه قول مرجوح.

    إذا كان ثلاثة أحجار فهذا لا خلاف في جوزه، وإذا كان الحجر الواحد له شعب، وهو ما أشار إليه المصنف بقوله: (إما بحجر ذي شعب، أو بثلاثة)، فهل يجزئ ذلك أو لا يجزئ؟ على روايتين عن الإمام أحمد ، والراجح في المذهب أن الحجر الواحد الذي له شعب يجزئ عن الثلاثة، إذا كان له ثلاث شعب أو تزيد، كما لو كان حجراً مثلثاً، ولا يصل منه هذا إلى هذا عادةً، فإنه يكون مجزئاً، لأنه بمثابة الثلاثة في الإنقاء، وهذا هوا الراجح في المذهب.

    قال المصنف رحمه الله: [ فإن لم ينق بها زاد حتى ينقي ].

    يعني: فإن لم يحصل الإنقاء زاد؛ لأن المقصود إزالة أثر النجاسة، وكثير من الفقهاء يحدون القدر الذي يحصل به الإجزاء، أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء عادةً، وهذا فيما يظهر وجيه لكن يقيد معه أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء عادة، إذا كان حال الإنسان معتادة. أما إذا كانت به علة وطغى غائطه فإن هذا لا يقال فيه مثل هذا التقدير؛ ولهذا استثنى الفقهاء رحمهم الله على الصحيح من أقوالهم إذا تعدى الخارج موضع العادة، فلا بد من استعمال الماء؛ لأن هذا زائد عما رخصت به الشريعة، وهذا باعتبار أن الأصل في الشريعة إزالة النجاسة، فلما أذنت الشريعة بهذا الاستجمار -الذي هو ليس برتبة الماء في الإنقاء- قصر على ما ورد في الشريعة، وهذا هو الصحيح من آراء الفقهاء، ولهذا قيدوه بثلاثة أحجار؛ لأن الشريعة جاءت بتسميتها، وكذلك باعتبار الحالة المعتادة للناس، أما من به علة فطغى غائطه، فخرج عن موضع العادة فهذا لا بد له من إزالة؛ لأنها نجاسة، والأصل وجوب إزالة النجاسة بالماء، وهذا جاء فيه حديث من قول علي رضي الله تعالى عنه، وهو مقتضى الأصل والقياس، أن النجاسة تجب إزالتها، فما أسقطت الشريعة وعفت عنه بموجب الاستجمار يقدر بالقدر الذي أذنت به الشريعة، وهو الحال المعتادة، فالشريعة إنما أذنت في الحال المعتادة، أما إذا كان عن علة فيزيد.

    فالراجح من قوله الفقهاء: أنه لا يجزئ، بل لا بد من الماء.

    الإيتار في استعمال الأحجار للاستجمار

    قال المصنف رحمه الله: [ ويقطع على وتر ].

    إذا قطع على ثلاثة أحجار فهي وتر، فإن زاد لحاجته إليه فإنه يقطع على خمس ونحو ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من استجمر فليوتر )، وهو حديث متفق عليه من حديث أبي هريرة .

    قال المصنف رحمه الله: [ ويجب الاستنجاء من كل خارج إلا الريح ].

    أي: كل خارج يجب الاستنجاء منه، سواء كان الخارج من مخرج البول أو الغائط معتاداً، وهو البول والغائط، أو ليس معتاداً، إلا الريح، فإنه لا يجوز الاستنجاء منها، فإن الشريعة عفت عن ذلك.

    الوضوء قبل الاستنجاء

    قال المصنف رحمه الله: [ فإن توضأ قبله، فهل يصح وضوءه؟ على روايتين ].

    قوله: (فإن توضأ قبله)، أي: قبل الاستنجاء، (فهل يصح وضوءه على روايتين)، يرجح المصنف رحمه الله الصحة، وهي مذهب الإمام الشافعي رحمه الله؛ ولهذا قال: (فإن توضأ قبله، فهل يصح وضوءه؟ على روايتين)، لأن ذلك من إزالة النجاسة، وإزالتها ليست شرطاً لصحة الطهارة، والرواية الثانية في مذهب الإمام أحمد : عدم الصحة، وهذا هو الأظهر أنه لا يصح الوضوء قبل إزالة النجاسة؛ لأن الشريعة إنما رتبت لرفع الحدث، هذا على هذا، فجاء متعاقباً في الشريعة.

    التيمم قبل الاستنجاء

    قال المصنف رحمه الله: [ وإن تيمم قبله خرج على الروايتين، وقيل: لا يصح وجهاً واحداً ].

    قوله: (وإن تيمم قبله، خرج على الروايتين)، التخريج: معروف، وهو أنهم يخرجون على رأي الإمام ما ليس من نصه، مما يكون مشاكلاً له، مما يكون على قياس رأيه، فيسمونه تخريجاً، فإذا كان في الشريعة سمي قياساً، وإذا كان في قول الأئمة سمي تخريجاً.

    قوله: (وقيل: لا يصح وجهاً واحداً)، وجهه عند الأصحاب، وهذا فيه تخريج عندهم، وفيه وجه وهو: إطلاق عدم الصحة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088544626

    عدد مرات الحفظ

    777234934