بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أسأل الله سبحانه أن يجعلني وإياكم من المقبولين.
ومع النداء الرابع في الآية الثامنة والسبعين بعد المائة من سورة البقرة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة:178].
هذه الآية نزلت لرفع ظلم كان أهل الجاهلية فيه واقعين، وأهل الجاهلية يستوي في ذلك الكفار المشركون عبدة الأصنام، وأهل الكتاب الذين كان من المفترض في حقهم أن يكون العدل شريعة سائدة بينهم. قالوا: غزت بنو النضير بني قريظة فقهروهم وغلبوهم، فكان بعد ذلك إذا قتل القرظي نضرياً قتل به، وإذا قتل النضري قرظياً لا يقتل به وإنما يفادى بمائة وسق. يعني: بنو النضير أعلى من بني قريظة، فإذا قتل القرظي نضرياً يقتل به، أما إذا قتل النضري قرظياً فإنه لا يقتل، وإنما يكون هناك فدية مائة وسق من طعام.
وكذلك كان حال أهل الجاهلية، فقد اقتتل حيان من أحياء العرب فكان فيهم ثارات وجروح ودماء، ثم بعد ذلك أسلموا دون أن تنتهي بينهم تلك الثارات، وكان أحد الحيين أعلى من الآخر وأجل، فحلفوا بالله بعدما أسلموا أن يقتلوا بالمرأة منهم الرجل من أولئك، وبالعبد من هؤلاء حراً من أولئك، فأنزل الله عز وجل هذه الآية يبطل فيها شريعة الجاهلية ويثبت القصاص، وأنه لا يقتل إلا القاتل، ولا يجوز أن يقتل غير القاتل، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أعتى الناس على الله ثلاثة أصناف: رجل قتل في الحرم، ورجل قتل غير القاتل، ورجل أخذ بذحل الجاهلية )، وقوله: (بذحل الجاهلية) أي: بعداوة الجاهلية وحقدها.
فأنزل الله عز وجل هذه الآية يشرع فيها القصاص.
وكلمة القصاص معناها: المماثلة، وهي مأخوذة في الأصل من قص الأثر، قال الله عز وجل: فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً [الكهف:64]، وقال على لسان أم موسى: وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ [القصص:11]، أي: تتبعي أثره، ومنه سميت القصة قصة؛ لأن الحكاية تساوي المحكي، ومنه سمي المقص مقصاً؛ لتعادل جنبيه.
وأصل القصاص: أن يفعل بالجاني مثلما فعل، فلو أنه قتل بالسيف يقتل بالسيف، ولو أنه قتل بمثقل يقتل به، ولو قتل بمحدد يقتل بمحدد، ولو قتل بالسم يقتل بالسم، فيفعل به مثلما فعل تماماً بتمام؛ ولذلك جاء في الحديث الصحيح: ( أن يهودياً رض رأس جارية بين حجرين من أجل أوضاح) يعني: حلي (من الفضة، من أجل أن يسرقها) أي: قتل تلك الجارية، (فأتي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها: أقتلك فلان؟ فرفعت رأسها) يعني: لا (أقتلك فلان؟ فرفعت رأسها، أقتلك فلان؟ فخفضت رأسها. فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورض رأسه بين حجرين ).
وهذا التشريع داخل تحت قول الله عز وجل: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، فمن هداية القرآن للتي هي أقوم كما يقول العلامة الشيخ الشنقيطي رحمه الله: تشريع القصاص؛ لأن الإنسان الذي ينوي القتل إذا علم أنه سيفعل به مثلما فعل بالآخر فإنه سيتردد مرة ومرة وألف مرة قبل أن يقدم على القتل؛ ولذلك الله عز وجل قال: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:179]. وليس كما يقول أعداء الله بأن القصاص شريعة قاسية، وشريعة بدائية تفضي إلى نقص المجتمعات؛ بل إن القاتل ما ينبغي أن يقتل، وإنما يوضع في السجن لكي يعيش ويولد له من أجل أن يكثر المجتمع.
وهذا كلام هراء؛ لأن الإنسان إذا علم بأنه إذا قتل سيلقى به في السجن فإن الناس سيندفعون إلى القتل؛ ولذلك هذه حكمة الله عز وجل كما قال أهل العلم.
يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ [البقرة:178]، (كتب) بمعنى: فرض، ومثله قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ [البقرة:183]، أي: فرض. وإما أن يكون المراد بالكتابة الكتابة في اللوح المحفوظ، أو المراد بالكتابة الكتابة الشرعية، ولا تعارض فالكل سابق في علم الله، وأصل الكتب: النقش في حجر أو ورق أو رق أو غير ذلك.
وقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ [البقرة:178]، قد عرفنا معنى كلمة القصاص: أن يفعل بالجاني مثلما فعل.
وقوله: فِي الْقَتْلَى [البقرة:178]، أي: بسبب القتلى كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( دخلت امرأة النار في هرة )، أي: بسبب هرة، والقتلى جمع قتيل كالجرحى جمع جريح.
يقول: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى [البقرة:178]، وقد أجمع أهل العلم على أن الذكر يقتل بالأنثى، أي: لو أن رجلاً قتل امرأة فإنه يقتل بها لو طلب أولياء الدم القصاص، فليست الآية على ظاهرها. يعني: لا يفهم من الآية أبداً أن الذكر لا يقتل بالأنثى.
وبعض العلماء قالوا: بأن هذه الآية منسوخة بقول الله عز وجل : النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45]، لكن لا حاجة إلى القول بالنسخ، إذا عرفنا سبب النزول، وأن الآية نزلت؛ لأن ذلك الحي من العرب قالوا: إذا قتلت منا امرأة سنقتل رجلاً. وربما تكون هذه المرأة قد قتلتها امرأة مثلها، لكن هم قالوا: سنقتل رجلاً بدلها فنزلت الآية.
والآية معناها: أنه لا يقتل إلا القاتل؛ وقد نقل الإجماع الإمام ابن عطية في المحرر الوجيز، وابن جزي في التسهيل وغيرهم من أهل العلم: أجمعوا على أن الرجل يقتل بالمرأة.
يقول الله عز وجل: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:178].
قوله: (فمن عفي) أي: ترك، يعني: ولي الدم الذي هو ولي القتيل، قال الله عز وجل: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ [الإسراء:33]، (لا يسرف في القتل) أي: لا يمثل بالقتيل، ولا يقتل غير القاتل.
فمن عفي له من ولي الدم شيء، أي: ترك له القصاص، قال له: عفوت عنك ولكن أريد الدية، هذا يسمى عفواً على دية، أو قال له: عفوت عن القصاص وأريد نصف الدية فيكون قد عفا عن بعض الدية.
قال الله عز وجل: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ [البقرة:178]، استدل بهذه الآية على أن القاتل لا يكفر، فالقاتل قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين ، وقول الزور، أو قال: وشهادة الزور )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله مكتوب على وجهه: آيس من رحمة الله )، والحديث رواه الإمام ابن ماجه، وقال الهيثمي : في سنده ضعف.
فالقاتل ارتكب كبيرة ولكنه لم يخرج عن اسم الإيمان؛ ولذلك الله عز وجل جعل ولي الدم أخاً للقاتل، قال تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ [البقرة:178]، قال أهل التفسير: في الآية ترقيق للقلوب وإشعار، يعني: يا ولي القتيل! تذكر أن القاتل يجمعك معه الإسلام والإيمان، وهو أخطأ واعتدى وأسرف على نفسه، لكن اعف، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40].
قال: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:178]، أي: يجب عليك يا ولي القتيل أن تطالب بالمعروف من غير رهق ولا تضييق، ويجب عليك يا أيها القاتل أداء إليه بإحسان من غير مماطلة ولا تسويف، قال تعالى: فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [البقرة:178].
يقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله: وهذا فيه قضاء على مفهوم الجاهلية.
لأن الجاهلية كانت تستبشع العفو في مقابل الدية، فهم يرون أنهم بذلك قد باعوا دم قتيلهم، ولذلك قال قائلهم:
فلا تأخذوا عقلاً من القوم إنني أرى العار يبقى والمعاقل تذهب
(العقل): الدية.
يعني: قال لهم: الدية هذه أصلاً سوف تنصرف وتنتهي، لكن سوف يبقى علينا العار، فلا ترضوا إلا بالقصاص.
قال الله عز وجل: ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ [البقرة:178]، (ذلك تخفيف) أي: تسهيل من ربكم جل جلاله، وتيسير ورحمة بكم خلافاً لما كان عند اليهود، فاليهود في شريعتهم إذا قتل القاتل فلا بد من القصاص، وليس هناك مجال لدية ولا عفو، والنصارى ليس هناك قصاص بل لا بد من العفو.
أما أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله عز وجل خيرنا، قال عليه الصلاة والسلام: ( من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إن شاء قتل وإن شاء ودى )، يعني: إذا أراد أن يقتل القاتل فمن حقه، وإذا أراد أن يقبل الدية فمن حقه، وأفضل من هذا كله أن يعفو.
قال الله عز وجل: فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ [البقرة:178]، أي: من اعتدى بعد أخذ الدية فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة:178]. يعني: لو أن إنساناً قتل إنساناً فرضي ولي القتيل بالدية، وبعدما أخذها قتل القاتل، فإن بعض العلماء قالوا: يقتل ألبتة. أي: ليس هناك مجال للتخيير. وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: أمره إلى الحاكم.. إلى ولي الأمر، لو رأى أن يقتله تعزيراً من أجل أن يردع الناس عن مثل هذا فله ذلك.
والله عز وجل إنما شرع القصاص لأجل أمن المجتمعات.. ومن أجل أن يطمئن أولياء الدم إلى أن حقهم محفوظ، وأن لهم القصاص، وأن يفعلوا بالجاني مثلما فعل بقتيلهم، فإذا لم يكن القصاص شريعة سائدة في المجتمع سيؤدي ذلك إلى أن أولياء الدم يضطرون إلى أن يأخذوا ثأرهم بأنفسهم فتسود الفوضى، وهذا هو الحاصل الآن.
يعني: كثير من المشكلات كان يمكن حصارها والقضاء عليها لو طبق شرع الله كما ينبغي، لكن التسويف والتأجيل والمماطلة هي التي توغر الصدور، وتدفع بعض الناس إلى أن يأخذ الحق بيده، مع أنه بإجماع العلماء: ليس للأفراد تطبيق الحدود، وإنما المخاطب بذلك هم ولاة الأمر والحكام، سواء كان في حد السرقة، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38]، فالآية ليس معناها أنك إذا وجدت لصاً في بيتك تمسك به وتقطع يده، لأن ذلك سيجعلها فوضى، لكن الأمر هنا موجه للحاكم: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38]، وكذلك قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا [النور:2]، وقوله تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا [المائدة:33]، فإن الأمر للحاكم.
فتقصير الحاكم في تطبيق هذه الشريعة الإلهية يؤدي بالناس إلى أن يأخذوا القانون بأيديهم، ويحدثوا في الأرض الفساد.
وهذه الآية المباركة ختمها الله عز وجل بالتوعد بالعذاب الأليم للمعتدي.
ثم قال بعدها: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ [البقرة:179]، قال أهل العلم: هذه الآية من فصيحات القرآن، وقد عجز العرب عن الإتيان بمثلها، فعبروا عن ذلك بقولهم: القتل أنفى للقتل، أو بقولهم: القتل أبقى للقتل، أو القتل أنقى للقتل، لكن هذا الكلام كله لا يعادل شيئاً أمام فصاحة هذه الآية.
ويستفاد من هذه الآية عدة فوائد:
الفائدة الأولى: يجب على أولياء القاتل، بل على القاتل نفسه أن يمكن أولياء القتيل من القصاص.
فحرام أن نعرف إنساناً قتل ونحن نعرف بأنه قاتل ومعتدٍ ثم نأويه ونحميه، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وهذا من إيواء المحدث المحرم في دين الله عز وجل، بل يجب علينا أن نسلمه من أجل أن يطبق حكم الله فيه.
الفائدة الثانية: لا يجوز لأولياء القاتل أن يحولوا بين إقامة الحد وبين أولياء الدم.
الفائدة الثالثة: قال الله عز وجل: كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى [البقرة:178]، وهذا العموم يخرج منه الوالد، فلو أن الوالد قتل ابنه فإنه لا يقتل به. يقول الشيخ محمد عبده رحمه الله في تفسير المنار: الله عز وجل جبل الأصول -يعني: الآباء- على طينة الشفقة والرحمة، فقد يقسو الولد على الوالد، وقلما يقسو الوالد على الولد، فلا يوجد أن والداً قتل ولده عامداً، وهذا لا يحدث إلا نادراً، إما بسبب أن الولد قد خرج عن حد الأدب تماماً وأوغر صدر الأب، أو لأن الأب قد أحاط به عذر من طيش أو جنون أو غير ذلك، لكن الأصل في طبيعة البشر أن الوالد قد يتحمل الجوع وقد يتحمل الآلام، وقد يتحمل السهر في مقابل أن يريح ولده، وهذه طبيعة في بني آدم؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقتل الوالد بالولد ).
وكذلك ذهب جمهور العلماء إلى أن الجماعة تقتل بالواحد. فلو أن مجموعة من الناس تعاونوا على قتل رجل واحد فإن هؤلاء الجماعة يقتلون بالواحد، وقد حدث هذا على زمان عمر رضي الله عنه، وذلك عندما اجتمعت امرأة وخادمها وخليلها على قتل غلام زوجها من امرأة أخرى، ثم بعد ذلك عرضت القضية على عمر رضي الله عنه فقال: إن الله تعالى يقول: النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45]، وهؤلاء جماعة، فـعلي رضي الله عنه العالم الكامل قال له: يا أمير المؤمنين! أرأيت لو أن جماعة من الناس اشتركوا في سرقة بعير؟! يعني: مجموعة سرقوا بعيراً، أحدهم أخذ الكراع، وآخر أخذ السنام، والثالث أخذ الكب وهكذا، أكنت قاطعهم؟ قال: اللهم نعم. قال له: هكذا فافعل، اقتلهم جميعاً. وهنا فهم الأمر مباشرة لـعمر رضي الله عنه، وشرح الله صدره فقال: والله لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به. يعني: ليس لو كانوا ثلاثة فقط، بل لو كان أهل صنعاء كلهم قتلوه لقتلتهم به.
قالوا: ومن ناحية النظر: لو لم يقتل الجماعة بالواحد لأفضى ذلك إلى أن أي إنسان يريد أن يقتل شخصاً فإنه يأتي بجماعة ويقول لهم: لنقتله جميعاً، والدية أنا سوف أتحملها من أجل أن يفر من القصاص.
إذاً: الأثر ثابت، وكذلك النظر صحيح.
الفائدة الرابعة: دلت الآية على أن الأصل وجوب القود، وأن الدية بدل منه.
الفائدة الخامسة: دلت الآية أيضاً على أنه يجب على القاتل أداء بإحسان من غير مطل ولا إساءة فعلية ولا قولية.
أسأل الله عز وجل أن ينفعني وإياكم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر