بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين, حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه, وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد, الرحمة المهداة والنعمة المسداة، والسراج المنير، والبشير النذير, وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته, مرحباً بكم في حلقة جديدة, أسأل الله عز وجل أن يعلمنا علماً نافعاً، وأن يرزقنا عملاً صالحاً, وأن يوفقنا برحمته لما يحب ويرضى.
وقد مضى شيء من الكلام حول الآداب التي ينبغي أن يلتزمها الناس في حال الإفتاء والاستفتاء, وعرفنا أن الفتوى بيان لحكم الله عز وجل كونها جواباً على سؤال سائل، وأنها من الدين بمنزلة عظيمة, وقد تولاها رب العالمين جل جلاله بنفسه كما قال سبحانه: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ[النساء:127], وقال: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ[النساء:176], وكذلك تولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه في كثير من المواضع, لما سألوه عن الأطعمة، وسألوه عن كثير من الأمور, فكان يتولى الجواب بنفسه, وكذلك من بعده الصحابة رضوان الله عليهم, وكان هدي السلف من الصحابة والتابعين التورع في الفُتيا، ومراجعة النفس فيها؛ لأنهم علموا أن المفتي ترجمان عن الله عز وجل وموقع عنه, حين يقول: هذا حلال وهذا حرام, وقد شدد ربنا جل جلاله في أمر الفُتيا, فقال سبحانه: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[الأعراف:33], وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أفتي بفُتيا غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه ), ولذلك كان الواحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتورع في الفُتيا ويتورع في الحديث، كما قال عامر الشعبي رحمه الله: أدركت في هذا المسجد عشرين ومائة من الأنصار لا يحدث أحدهم بحديث إلا ود لو أن أخاه كفاه, ولا يفتي أحدهم بفُتيا إلا ود لو أن أخاه كفاه.
إخوتي وأخواتي ! قد تساهل الناس في أمر الفُتيا، فخاض فيها من لا يحسنها، وتكلم في دين الله من لا علم له به, تارة بأنها مسألة سهلة معلومة, وتارة بأن الدين لا كهنوت فيه، وليس في الإسلام رجال دين, وتارة بدعوى أن باب الاجتهاد مفتوح لم يغلق, وتارة بدعوى مجاراة الواقع وهكذا.
أقول: بأن الذي يتصدى للفُتيا لا بد له من شروط:
الشرط الأول: الإسلام، فلا يتصور أن يفتي الناس في دينهم كافر أصلي أو كافر مرتد, فإن هذا لا يؤتمن، والله عز وجل قال في الشهادة في الحقوق المالية وما كان مثلها: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ[البقرة:282], ولا شك أن الكافر غير مرضي؛ لكونه لا يؤمن بالله واليوم الآخر أصلاً، أو لكونه لا يؤمن بهما إيماناً على الوجه الصحيح, فلا بد من اشتراط هذا الشرط: أن يكون المفُتي الذي يتصدى لقول هذا حلال وهذا حرام أن يكون مسلماً.
الشرط الثاني: أن يكون مكلفاً, والمقصود بالتكليف: البلوغ والعقل, فلا يتصور أن يفتي الناس صبي صغير لم يبلغ الحلم، ولا يتصور أن يفتي الناس من في عقله خبال, بل لا بد أن يكون إنساناً عاقلاً، وتصرفاته موزونة.
الشرط الثالث: العدالة, فإن الفاسق لا يؤمن على الفُتيا, وهو الذي يرتكب الكبائر ويقترف الموبقات، ولا يبالي بانتهاك الحرمات، فهذا لا يؤمن على الفُتيا.
الشرط الرابع: لا بد أن تكون للمفتي نية, فمن لم تكن له نيه فليس على كلامه نور, بمعنى: أنه ينوي بالفتوى تبصير المسلمين, وإرشاد الغافلين, وهداية الضالين, ونشر العلم, وتبديد ظلمات الجهل, ينوي بفتياه الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين من هذه الأمة، ممن تصدوا لهذه المهمة العظيمة والمنصب الجليل, ينوي بفتياه أن ينقل للناس هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأن يعلمهم كلام الله عز وجل وأحكام الدين فهذه هي النية, فلا ينوي التصدر ولا أن يصيب من الدنيا جاهاً، ولا نحو ذلك من الأغراض التي تذهب بركة العلم ونوره.
الشرط الخامس: لا بد أن يكون للمفتي علم وحلم ووقار, لا بد أن يكون عنده علم, فرب إنسان -كما مضى معنا الكلام- يخوض فيما لا يعلم، ويتكلم فيما لا يحسن، ويهرف بما لا يعرف, ولا شك أن هذا يفسد على الناس دينهم ويحتقب من الأوزار شيئاً عظيماً, المفتي لا بد أن يكون عنده علم, لا بد أن يكون عنده حلم, سكينة, وقار, حيث أنه يحسن الاستماع لسؤال السائل، وتصور المسألة على وجهها, ثم بعد ذلك يبذل له الجواب المناسب الذي يدين الله عز وجل به.
الشرط السادس: لا بد أن تكون له كفاية وإلا مضغه الناس, كما قال الإمام أحمد رحمه الله، بمعنى: أن الإنسان المفتي لا بد أن يكون مكتفياً, لا يرجو من فتواه أن يصيب من الناس شيئاً من متاع الدنيا, وكما قال الحسن البصري رحمه الله: ولولا ذلك, أي: لولا ما عندي من المال لتمندل بنا الملوك, بمعنى: أن الإنسان المفتي إذا كان محتاجاً إلى بذل من السائل فإنه قد يميل بفتواه ذات اليمين أو ذات الشمال, وقد يدلس وقد يغير نعوذ بالله من تلك الحال.
الشرط السابع: لا بد أن يكون المفتي قوياً فيما يتكلم به, فيتصور المسألة تصوراً جيداً, تصوراً قوياً, تصوراً واضحاً, ثم بعد ذلك يبين في فتواه, فلا تكون الفتوى غامضة, ولا هي عبارة عن تحاويم يحوم حول الحمى, بل لا بد أن يكون قوياً في ما يصدر عنه.
الشرط الثامن: لا بد للمفتي أن تكون له معرفة بأحوال الناس, فهذا الذي يتصدر لأن يقول: هذا حلال وهذا حرام, لا بد أن يعرف حيل الناس وألاعيبهم، فإن بعض الناس قد يسأل سؤالاً لا يريد من المفتي إلا أن يجيبه بما تشتهيه نفسه, بعض الناس قد يسأل سؤالاً ليتوصل به إلى تحليل ما حرم الله عز وجل، أو تحريم ما أحل الله عز وجل, ولذلك ينبغي للمفتي أن يكون بصيراً بتلك الأحوال كلها.
إذا قلنا إخوتي وأخواتي! بأن المفتي لا بد أن يكون له: علم وحلم ووقار, لا بد أن يكون قوياً في تصوره للمسائل قوياً في فتياه, معنى ذلك أنه لا بد أن تكون له صلة وثيقة بالأصلين العظيمين، أعني: القرآن والسنة, فلا يتصور أن يفتي الناس من لا علم له بالقرآن، أو من لا معرفة له بالسنة, لا بد أن يكون له علم بالقرآن وتنزيله وتأويله, مكيه ومدنيه, محكمه ومتشابهه, ناسخه ومنسوخه, خاصه وعامه, مطلقه ومقيده, وعده ووعيده, أمره ونهيه، لا بد أن يكون له علم بالقرآن؛ من أجل أن يعرف مراد الله عز وجل من كلامه, لا بد أن يكون وثيق الصلة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوليةً وفعليةً وتقريريةً, من أجل أن يستدل لفتواه بصحيح السنة أو بحسنها, ولربما يستدل بالضعيف المنجبر, لكن لا يتصور من المفتي أن يتصدى للاستدلال بالحديث الذي ضعفه شديد, فضلاً عن الحديث الموضوع المكذوب المختلق المفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم لا بد أن يكون له معرفة بلغة العرب وتذوقها, من أجل أن يفهم كلام الله وكلام رسوله الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى قال للنبي عليه الصلاة والسلام: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ[الشعراء:192-195], وقال: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا[يوسف:2], إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا[الزخرف:3].
ثم أيضاً: المفتي إذا قيل في شروطه لا بد أن تكون له معرفة بالناس وأحوالهم وحيلهم وألاعيبهم, إذاً لا يتصور أن يفتي الناس من يعيش معزولاً عنهم في صومعة، بعيداً عن الناس، لا يخالطهم في مساجدهم، في أفراحهم، في أتراحهم، في أسواقهم، هذا لا يتصور منه أن يفتي الناس، وأن يبين لهم الحلال والحرام.
هذا الكلام إخوتي وأخواتي! أسوقه من أجل أن يعرف الناس أنه ليس كافياً أن يطلع الإنسان على بعض آيات من القرآن، أو بعض سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك يتصدى ليقول: هذا حلال وهذا حرام, بل لا بد من إسلام، وعدالة، وتكليف، ونية، وعلم، وحلم، ووقار، وكفاية، ومعرفة بأحوال الناس, ومخالطة لهم، وثقة وثيقة بالقرآن والسنة.
ثم بعد ذلك هناك آداب تلزم المفتي:
من هذه الآداب الأدب الأول: ألا يستنكف عن الإحالة على من هو أعلم منه, فمثلاً: لو أن الإنسان سئل في مسألة ليس عنده فيها كبير علم, فهذا يتصور بأن فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ[يوسف:76], ففي هذه الحالة ينبغي أن يحيل على من كان أعلم منه بالشيء الذي سئل عنه, هذه أمنا عائشة رضي الله عنها سُئلت عن المسح على الخفين فقالت للسائل: سل عن هذا علياً ، فإنه أعلم مني به, وقد كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فهنا أمنا رضي الله عنها وجزاها خيراً أحالت على علي ؛ لأنه أعلم منها في هذه المسألة.
الأدب الثاني: أن يستشير إخوانه, ولا يستبد بالأمر, فهناك نوازل تطرأ، وغوامض من المسائل تعرض، وبعض الأمور تحتاج إلى استشارة؛ لأنها ليست من الواضحات البينات, وقدوتنا في ذلك عمر رضي الله عنه, فإنه كان يستشير الصحابة فيما يطرأ من النوازل, حتى لربما استشار صغار السن من أمثال عبد الله بن عباس و الحر بن قيس رضوان الله على الجميع, وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباناً.
الأدب الثالث: أن يفتي بما يدين الله عز وجل أنه الصواب, ويصر على الفتوى، رضي من الناس من رضي وغضب من غضب, فلا يغير أقواله, ويغير فتواه من أجل أن يرضي الناس.
الأدب الرابع: أن يرجع عن الخطأ متى ما تبين له, فكل بني آدم خطاء, وكل راد ومردود عليه, وما منا إلا من يخطئ ويصيب, فكل إنسان يخطئ ويصيب، خلا رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء، فإنهم معصومون فيما يبلغونه عن الله عز وجل, لكن بعد ذلك الخطأ وارد ومحتمل, لكن المفتي متى ما تبين له أنه أخطأ في تصور مسألة، أو في الفتوى فيها, فإنه يرجع عن الخطأ، كما قال عمر رضي الله عنه لـأبي موسى : فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
الأدب الخامس: أن يتقِي الله عز وجل في فتواه, فيفتي بما يراه صواباً دون النظر إلى الشخص السائل, قال الإمام شهاب الدين القرافي المالكي رحمه الله: وما ينبغي للمفتي إذا كان في المسألة قولان: أحدهما: بالتشديد والعزيمة, والآخر: بالتخفيف والرخصة, أن يفتي العامة بالتشديد وأن يفتي الخاصة من ولاة الأمور ونحوهم بما كان يسيراً, قال: فإن هذا تلاعب بالدين, وحب للدنيا ودليل على خلو القلب من الخوف من الله عز وجل وإجلاله وتعظيمه, واتخاذ الدين مطية للدنيا نعوذ بالله من حال الغافلين, القرافي رحمه الله يقول: بعض الناس إذا كان في المسألة قولان في أحدهما تيسير وفي الآخر تشديد يفتي عامة الناس والمساكين بالشدة, ثم بعد ذلك إذا استفتاه واحد من الخاصة من ذوي السلطان ونحوهم، فإنه يفتيه باليسير, يقول القرافي : هذا تلاعب بالدين وهو حال الغافلين, ودليل على خلو القلب من تعظيم الله عز وجل, وأن صاحبه متعلق بالدنيا.
أيها الإخوة والأخوات ! هذه أحكام وآداب تخص المفتي، لكن ثمة أحكاماً وآداباً تلزم المستفتي, وكما تعلمون هذا البرنامج المبارك شركة بين من يفتي ومن يستفتي, فإذا كان المفتي تلزمه أحكام وآداب فكذلك المستفتي، وهذا ما يأتي بيانه إن شاء الله في حلقة يوم الأربعاء.
أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من العالمين العاملين المخلصين, وأن يوفقنا لمرضاته, إنه خير المسئولين وخير المعطين.
المتصل: هل يجوز أن آكل من طعام شخص يعالج بالبخرات والطلاسم؟
الشيخ: شكراً يا حواء وتسمعين الإجابة.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي؟
السؤال الثاني: أسأل عن المسلسلات التاريخية التي تتحدث عن الصحابة وعن زمنهم؟
الشيخ: طيب شكراً، وتسمع الإجابة.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: هناك طريقة عند جماعة التبليغ، يقولون: تخرج في سبيل الله مرة أو مرات، ويقولون بأن هذا الترتيب من عند مشايخهم فأنا أسأل: هل تخرج معهم بهذه الطريقة وهذا الترتيب للدعوة إلى الله أم لا؟
السؤال الثاني: حصل خصام بيني وبين إخواني، ومن شدة خصومتهم معي قال لي أحدهم: يا أخي لا تأت إلى البيت، فهل أخاصمهم أم أصلهم، أطلب توجيهكم؟
الشيخ: طيب شكراً, بارك الله فيك. وتسمع الإجابة إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: ما هي السور التي ورد في أسمائها أحاديث صحيحة؛ لأن بعض السور لها أسماء، لكن الأحاديث الواردة في أسمائها لا تصح، مثل سورة الواقعة فالأحاديث الواردة فيها أحاديث صحيحة؟
السؤال الثاني: أسأل عن صيام الكفارة؟ وكذلك لو أن شخصاً أكل أو شرب ناسياً فماذا عليه؟
الشيخ: طيب إن شاء الله أبشري.
المتصل: أريد أن أعرف متى إعادة البرنامج وفي أي ساعة يكون؟
الشيخ: طيب إن شاء الله.
المتصل: أريد أن أعرف هل يجوز أن أصافح عمة زوجتي؟ وهل هي من المحرمات؟
الشيخ: شكراً، وتسمع الإجابة عن سؤالك.
المتصل: زوجتي كانت مرضعاً وأفطرت يوماً من رمضان، فماذا عليها؟
الشيخ: طيب. وتسمع الإجابة عن سؤالك.
المتصل: أطلب منك إن شاء الله في نهاية الحلقة أن تدعو لوالدي.
أما سؤالي فهو رأيت رؤيا في المنام وهي أن شيخاً يدرس مادة إسلامية، وهذا الشيخ أنا ابن عمه, وكنا داخل القاعة أو الفصل, وبدأ يمسح السبورة فقمت من مكاني وذهبت ناحية السبورة, وأخذت المساحة منه، فلما رآني الشيخ سلم عليّ وقال لي: حياك الله يا مصطفى ! كيف حالك أنت طيب, ابق معي من أجل أن تساعدني بالكتابة بالطباشير؛ لأن الجلابية التي أنا الآن لابسها نظيفة، وأخاف أنها تتسخ, وأثناء ذلك جاءني ابن جاري، وأراد مساعدتي وطلبت منه أن يبقى في طاولتي, في الفصل على أساس ألا يسرق الكتاب الخاص بالثقافة الإسلامية أو يتلفه, وبدأ الشيخ في إلقاء المحاضرة ثم صحوت من النوم, فما هو التفسير لما رأيت، أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
الشيخ: بارك الله فيك, أكرمكم الله.
الشيخ: بالنسبة لأخينا مصطفى ، أسأل الله عز وجل لوالديه رحمةً ومغفرةً في الدنيا والآخرة, وأن يعينه على برهما في الحياة وبعد الممات, وأما بالنسبة للرؤيا التي ذكرها تفصيلاً فأقول له: في الحقيقة أنا لا أعرف التأويل، والرؤيا فتوى, وتأويل الرؤى علم فما ينبغي للإنسان أن يقتحمه بناءً على الظن المطلق، بل هو علم وفتح من الله عز وجل, وله رجاله، وأنا لست من أولئك، بل حق لي أن أقول: وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ[يوسف:44], لكنني أبشر الأخ الكريم وسائر الإخوة بأنه إن شاء الله نرجو في نهاية هذا الشهر أن يكون معنا شيخنا العلامة الشيخ: محمد الحسن الددو , فإن شاء الله إذا جاء فهو رجل خبير بتأويل الرؤى, وعارف بأحوال الرائين, فإن شاء الله يعرض عليه، وممكن أن يكون هناك برنامج خاص ويعرض عليه مثل هذه الرؤى، فيجد الإنسان التفسير الصحيح إن شاء الله.
السؤال: أخونا عبده من القضارف, يسأل عن عمة وخالة زوجته, هل هن من المحارم؟
الجواب: لا، حرمتهما مؤقتة, كأخت الزوجة حرمتها مؤقتة, فإن الله عز وجل حرم علينا الجمع بين الأختين, وحرم علينا رسوله الله صلى الله عليه وسلم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها, فهذه حرمة مؤقتة، ومثلما أنه لا يجوز لك مصافحة أخت الزوجة أو الخلوة بها, فكذلك عمتها وخالتها.
السؤال: أخونا عبد الجليل من رفاعة, يذكر: أن زوجته قد أفطرت في رمضان لكونها مرضعاً؟
الجواب: هذه الزوجة يلزمها القضاء؛ لأن الإرضاع عذر طارئ يزول بعد حين, ولذلك لا بد أن تقضِي ما أفطرت.
السؤال: أختنا آمنة أحمد من أم درمان تسأل عن أسماء السور الذي وردت فيها أحاديث صحيحة؟
الجواب: سورة الفاتحة: هي أعظم سور القرآن وهي الكافية والشافية وهي الشفاء, وهي الأساس وهي أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والقرآن العظيم, الذي أوتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال فيها: ( لعمرك إنها رقية حق ), وثبت عنه أنه قال: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ), وثبت عنه أنه قال: ( من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فصلاته خداج ).
وكذلك من السور التي ثبت فيها أحاديث صحيحة سورة البقرة, فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة ), وأخبر بأن : ( الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ), وكذلك خص آية الكرسي منها, وبين أنها أعظم آي القرآن, ( أي آية في القرآن أعظم؟ قال أبي بن كعب : آية الكرسي, فضربه النبي صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: ليهنك العلم أبا المنذر ).
وكذلك نص النبي صلى الله عليه وسلم على فضل الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة: آمَنَ الرَّسُولُ[البقرة:285], إلى آخر السورة, وقال: ( من قرأهما في ليلة كفتاه ), وكذلك نص على فضل البقرة وآل عمران وقال: ( اقرءوا الزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما )، وثبت أيضاً عن نبينا صلى الله عليه وسلم أحاديث في فضل سورة الإخلاص، وأخبر أنها تعدل ثلث القرآن, وكذلك في المعوذتين: ( لقد نزلت عليّ آيات لم يتعوذ متعوذ بمثلهن قط ), وكذلك ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم في سورة البينة أنه قال لـأبي بن كعب : ( إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة البينة, فقال أبي : وقد سماني الله يا رسول الله, قال: نعم. ), فبكى أبي رضي الله عنه.
وثبت كذلك في فضل سورة الملك: أنها تنجي صاحبها من عذاب القبر, وثبت أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان لا ينام ليلة حتى يقرأ: أَلم تنزيل[السجدة:1], التي هي السجدة, وثبت أنه كان يقرأ في صبح الجمعة بالسجدة وسورة الدهر, هذه تقريباً السور التي ثبت في فضلها أحاديث صحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
السؤال: ما كفارة من أكل أو شرب ناسياً في رمضان؟
الجواب: لا حرج إن شاء الله، وصومه صحيح, سواء كان صياماً مفروضاً، كصيام رمضان، وصيام النذر، وصيام الكفارات، أو كان صيام التطوع, كله يندرج تحت قوله صلى الله عليه وسلم: ( من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ), ولا قضاء عليه ولا كفارة.
السؤال: أخونا جبر الدار يسأل عن الخروج في سبيل الله, ويقصد بذلك ما يفعله إخواننا من جماعة الدعوة والتبليغ, وأن هذا الترتيب أخذوه عن المشايخ, وهل هو واجب؟
الجواب: أما الخروج للدعوة إلى الله عز وجل، وحث الناس على الصلاة وإحياء السنن, وأن يشغلوا بهم الدين ودعوة غيرهم إلى إسلام وجوههم لله رب العالمين, فهذا عمل من أفضل الأعمال وأعظم الوظائف, وقد قال ربنا جل جلاله: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ[فصلت:33], وبين أنها وظيفة الأنبياء والمرسلين: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ[يوسف:108], وكونهم يرتبون الخروج بأنه ثلاثة أيام، أو أربعون يوماً، أو أربعة أشهر هذه من باب الوسائل، يعني: ليس من باب الإلزام ولا من باب الإيجاب, كونهم يرتبون أن يكون بعضهم خادماً، وبعضهم يطرق الأبواب، وبعضهم يصنع الطعام، وبعضهم يفعل كذا, هذا أيضاً من باب الترتيب والتنظيم الذي لم تأتِ الشريعة بإيجابه ولا بمنعه, وإنما هو من المصالح المرسلة التي للناس أن يتفننوا فيها ولا حجر, وإنما هي وسائل.
وأقول من باب الإنصاف: جماعة الدعوة والبلاغ قد حصل بها خير كثير, فكثير من الناس أسلم على أيدي هؤلاء الشعث الغبر، الذين يذهبون في بلاد شتى، يذهبون في أدغال أفريقيا وأحراش آسيا، وذهبوا إلى بلاد بعيدة في أمريكا الجنوبية وفي غيرها, وكثير من المسلمين اهتدى, خاصةً في أوروبا ممن كانوا في الخمارات وفي صالات الدسكو وما إلى ذلك, إخواننا من جماعة الدعوة ذهبوا إليهم، وترفقوا بهم، وأحسنوا إليهم وتلطفوا معهم, وما زالوا بهم حتى أخذوا بأيديهم فصاروا من خيرة الناس بعدما كانوا فجاراً وذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ[الحديد:21].
ومعلوم بأن الله عز وجل يهيئ لبعض عباده خيراً لا يهيئه لآخرين, فما ينبغي لنا أن ننكر عليهم، ولا أن نشنع على طريقتهم، ولا أن نشغل أنفسنا، بل علينا أن ندعو لهم بالتوفيق والتسديد، وإذا كان ثمة خطأ أو تقصير فإننا ننبه عليه ونرشدهم إلى تلافيه من باب النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.
الشيخ: وأما خصامك مع إخوانك يا جبر الدار فلا تفعل، فإن الخصام ممنوع, إن الله يأمرك ( أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك, وأن تعفو عمن ظلمك ), ( وليس الواصل بالمكافئ ), ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كان بعض أرحامه يسيء إليه ويغلظ عليه، ومع ذلك فهو صلى الله عليه وسلم يحسن إليهم ويترفق بهم، حتى كان ذلك سبباً في هدايتهم.
السؤال: أختنا حواء تسأل عن رجل يعالج بالبخرات؛ هل يؤكل طعامه؟
الجواب: إذا كانت هذه البخرات ألغازاً وطلاسم وأرقاماً ومربعات، وكان رزقه قاصراً على هذا فلا يؤكل طعامه، ولا تقبل هديته؛ لأنه دجال من الدجاجلة ليس إلا, فبعض الناس يكتب أشياء وأرقاماً وعلامات وما إلى ذلك، وما يدرى حقيقتها, والرقية لا بد أن تكون بألفاظ معلومة، كتابة واضحة, هذا بدايةً، ثم بعد ذلك العلاج بالبخرات لم يعرف في السنة, فإن الذي عرف في السنة: أن النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ على المريض مباشرة، وربما قرأ له في ماء فسقاه, وعرف من سنة الصحابة رضوان الله عليهم الكتابة, يكتب القرآن أو يكتب الدعاء في شيء نظيف ثم يغسل وتسقى تلك الغسالة للمريض فيبرأ بإذن الله, أما مسألة البخرات هذه آيات أو أدعية تحرق ويستنشقها المريض فهذه لم تعرف في السنة.
السؤال: أخونا محمد عصام من كريمة يسأل عن المولد النبوي؟
الجواب: أما المولد الذي تتابع عليه الناس عندنا فالله ورسوله منه بريئان, هذا الذي يكون في الميادين العامة ويختلط فيه الحابل بالنابل، ويجتمع فيه الرجال والنساء، ويتواعد العشاق والعاشقات, فيأكلون ويشربون ويرقصون, ويكون فسوق وعصيان، الله ورسوله منه بريئان, وليس هذا احتفالاً بالمولد معاذ الله.
أما إذا كان الاحتفال بمعنى أن يتذاكر الناس سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شمائله، ويقرءوا شيئاً من أوصافه الخَلقية والخُلقية، ويصلوا ويسلموا عليه, فلا حرج في هذه إن شاء الله, ولو ضموا إلى ذلك أن أكلوا طعاماً أو شربوا شراباً إن شاء الله ليس فيه حرج, وقد أفتى كثير من أهل العلم الأولين والآخرين بجوازه, لكن أيضاً نقول: من باب الإنصاف بأن الصحابة ما فعلوا هذا مع قيام المقتضي الذي يدعو إليه, وقد كانوا أكثر محبةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم منا, وكانوا أعمق هذه الأمة إيماناً وأهداها قلوباً، وأقلها تكلفاً رضوان الله عليهم.
السؤال: ما حكم المسلسلات التاريخية التي تتناول شأن الصحابة؟
الجواب: التمثيل الآن يمكن أن يكون باباً من أبواب الدعوة, والمشهد التمثيلي قد يكون أبلغ أثراً وأقوى رسوخاً في ذاكرة الناس من خطب كثيرة، ومواعظ غزيرة، أو كتابات متنوعة، المشهد التمثيلي قد يكون أقوى, خاصةً أن بعض الفرق المنحرفة والملل الزائغة قد سبقت في هذا، وأنتجت أفلاماً ومسلسلات تصور حال الصحابة من وجهة نظرهم القائمة على الطعن فيهم وتشويه مواقفهم والعبث بسيرتهم، ومناقضة النصوص الشرعية في القرآن والسنة التي أثنت على الصحابة خيراً, وبينت أن الله تعالى قد رضي عنهم ورضوا عنه، وأعد لهم مغفرة وأجراً عظيماً, وأنهم كانوا على الجادة، وكانوا على الصراط المستقيم.
أقول: لذلك الآن لا بد من أن تكون هناك مسلسلات تعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم، وتجلي عظيم هديهم رضوان الله عليهم, ويقوم بذلك أناس ما عرف عنهم خنا ولا فسق ولا فجور، وتكون المادة التاريخية التي تعرض مراجعة من قبل علماء ثقات, ثم بعد ذلك يتحرى في أن تكون هذه المشاهد التمثيلية من غير مبالغة ممجوجة، ومن غير تزوير مقبوح, وإنما يعرض الأمر على ما هو عليه.
الشيخ: بالنسبة لأختنا آمنة التي سألت عن إعادة البرنامج فإنه يعاد مرتين؛ يعاد في الثالثة والنصف صباحاً, أي بعد ساعات معدودات من الآن، ويعاد مرةً أخرى في الحادية عشرة والنصف صباحاً.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسدل في الصلاة؟
السؤال الثاني: ما هو تفسير قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ[المؤمنون:5-6]؟
الشيخ: بالنسبة للسدل يا أخي، الرسول صلى الله عليه وسلم تواتر عنه في سنته أنه كان إذا قام في الصلاة قبض بيمناه على يسراه, ولربما وضع يمناه على يسراه, أما السدل فلم يرد عنه صلوات ربي وسلامه عليه في حديث صحيح, بالنسبة للمالكية رحمة الله عليهم, الإمام مالك لم يذكر عنه السدل إلا في رواية ابن القاسم في المدونة, أما بقية أصحاب مالك رحمه الله فلم يذكروا عنه ذلك, بالنسبة لرواية ابن القاسم في المدونة، المالكية رحمهم الله اعتذروا بأن مالكاً ضرب من حاكم المدينة جعفر بن سليمان الذي كان والياً من قبل المنصور أبي جعفر حتى خلعت كتفه رضي الله عنه؛ لأنه كان يفتي الناس بأنه ليس على مستكره طلاق, فقيل لذلك الوالي: بأن مالكاً يعنيكم، بأن بيعتكم كانت بالإكراه والتخويف للناس, فهذا الوالي الظالم أمر مالكاً بألا يفتي بهذه الفتيا، ثم دس له من يسأله, يعني: كان عنده جاسوس جلس في حلقة مالك ثم سأله فمالك رحمه الله أفتاه, فجاء به هذا الوالي وضربه ضرباً شديداً، ثم حمله على حمار وطاف به في الأسواق, من باب التنكيل والتحطيم لـمالك رحمه الله؛ لكنه رحمه الله كان كالجبل الأشم كما قيل:
يدع الجواب فلا يراجع هيبةً والسائلون نواكس الأذقانِ
عز الوقار ونور سلطان التقى فهو المطاع وليس ذا سلطانِ
فالإمام مالك رحمه الله وهو على تلك الحال كان ينادي: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس أقول: ليس على مستكره طلاق, وما زاد الله مالكاً بهذا الأمر إلا عزاً وسؤدداً وقبولاً، وما زالت رحمه الله أقواله تروى، وفتاواه تنشر, وما زال كتابه الموطأ كتاباً معظماً عند جماهير المسلمين في المشارق والمغارب, ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, نسأل الله أن يجزي مالكاً خيراً, وأن يرزقنا الاقتداء به.
الخلاصة: أن السنة هي القبض, مع أن بعض المالكية أيضاً قالوا: بأن القبض مكروه إذا كان على سبيل الاستناد, يعني: الإنسان يستند؛ لأن القائم في الصلاة لا بد أن يقوم منتصباً غير مستند, فإذا خلى من هذا فحتى عند المالكية سنة.
السؤال: ما هو تفسير قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ[المؤمنون:5-6].
الجواب: هذه الآية في سورة (المؤمنون) وفي سورة المعارج جاءت في بيان صفات المؤمنين الطيبين, الذي أوجب الله لهم جنات النعيم: أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[المؤمنون:10-11], فهم مؤمنون، في صلاتهم خاشعون، عن اللغو معرضون, للزكاة فاعلون, وهم كذلك: لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ[المؤمنون:5], يحفظون فروجهم فلا يبدونها، ويحفظون فروجهم فلا يستعملونها إلا فيما أحل الله, قد أحل الله لهم قناتين: القناة الأولى: الأزواج, فإن الزوجة حلال طيب لك, وكذلك المرأة زوجها بالنسبة لها حلال طيب, ثم القناة الثانية: أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ[المؤمنون:6], وملك اليمين يعنى به الرقيق الذي يؤسر بسبب الكفر, يعني: قامت معركة فأسر ناس من الكفار، فإذا كانوا رجالاً: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً[محمد:4], وإما قتلاً وإما استرقاقاً، فهذه خيارات أربعة, أما بالنسبة للنساء والذراري فلا يجوز قتلهم, وإنما يسترقون, فلو كان وقع في سهمك إحداهن أو أكثر يجوز لك أن تستمتع بها استمتاع الأزواج، وتكون بالنسبة لك ملك يمين: إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ[المؤمنون:6], وهذا الآن لا وجود له, فما بقي لك يا أخي إلا أن تطلب النكاح الحلال, كما قال ربنا جل جلاله: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[النور:32].
والإنسان الذي لا يستطيع النكاح؛ قال الله عز وجل: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ[النور:33], كذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ).
السؤال: أنا متزوجة وأعيش مع أهل زوجي ومنقبة, فهل يجوز لي أن أكشف وجهي أمام إخوان زوجي؟
الجواب: بالنسبة لمسألة النقاب أنا أفتي بأنها على سبيل الاستحباب، ليست على سبيل الوجوب, وعليه فلا حرج عليك إن شاء الله أن تكشفي وجهك أمام إخوان زوجك, لكن لا تتزيني أمامهم.
السؤال: هل تجوز صلاة النوافل بقراءة الفاتحة فقط؟
الجواب: نعم تجوز فإن الفاتحة هي الركن, لكن لو زدت عن الفاتحة سورة أو آيات فعند الله المزيد: ( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها, لا أقول: الم حرف, ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ).
السؤال: أشك في وضوئي دائماً حتى في الصيام, فماذا أفعل؟
الجواب: تلغي هذا الشك ولا تلتفت إليه, من استنكحه الشك فصار عنده كثيراً فإنه لا يلتفت إليه، بل يهمله ويطرحه, وهذه وسوسة شيطان ليس إلا.
السؤال: كنت في عمل أبحث فيه عن الذهب في شهر رمضان ولم أصمه كله، علماً بأن عمري تسع عشرة سنة فماذا عليّ؟
الجواب: عمرك تسع عشرة سنة، أنت مكلف بإجماع المسلمين, حتى لو لم تنبت ولو لم تحتلم, طالما أنك أكملت ثمانية عشر حولاً قمرية فأنت مكلف بالاتفاق, وكان يجب عليك أن تصوم, في الذهب معناه: أنه ذهب يبحث عن الذهب, ذهب ليبحث عن الذهب ليفتش في الأرض بواسطة بعض الأجهزة وكذا, وهذه مهمة قد تتابع عليها أناس كثيرون, ونسأل الله أن يغنيهم من فضله, لكن يا عبد الله ذهابك للبحث عن الذهب ليس مبيحاً للفطر, بل كان يجب عليك أن تصوم شهر رمضان, اللهم إلا إذا كان بحثك هذا يقتضي سفراً متتابعاً، فالرخصة في حقك ثابتة, المهم يا أخي عليك القضاء, اقض ما أفطرت.
السؤال: زوجي قال لي: إذا مشينا المحل وأختك مشت معنا أنت طالق, فما الحكم، وهل ممكن أن يكفر؟
الجواب: دعي زوجك يسأل إن شاء الله, من أجل أن يُسأل، الزوج الذي قال هذا الكلام يتوجه هو بالسؤال بنفسه من أجل أن يسأل عن نيته, وبناءً على معرفة نيته يكون الجواب إن شاء الله.
السؤال: كم تبلغ زكاة ذهب الزينة؟
الجواب: ذهب الزينة ليس فيه زكاة على الراجح من أقوال أهل العلم, وبناءً على ذلك فلا تحتاجين لمعرفة كم نصابه, لكن لو أردتِ المعرفة إذا كنت ترين أو تريدين الاحتياط لأمرك، فإذا كان عندك عشرون مثقالاً, وهو ما يعادل خمسة وثمانين جراماً ذهب عيار واحد وعشرين، فيجب عليك أن تخرجي ربع عشره إذا كان خمسة وثمانين جرماً فما زاد.
السؤال: هل يجوز التسمية باسم مؤمن؟
الجواب: إن شاء الله لا حرج, لعله يكون تفاؤلاً لأن يكون مؤمناً:
وقل إن أبصرت عيناك ذا لقب إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
السؤال: هل تذكية الحيوان البري بعظم يجوز؟
الجواب: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك, فإنه عليه الصلاة والسلام قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ), ( لكنه صلى الله عليه وسلم نهانا عن التذكية بالظفر، ونهانا عن التذكية بالعظم ), العظم: ( طعام إخواننا من الجن ), فلا يستخدم في مثل هذا, ( مدى الحبشة ), كما قال عليه الصلاة والسلام.
السؤال: أزرع أرضاً ملكاً لأخي الميت, ولا أعطي ورثته أي شيء, فما حكم الدين في ذلك؟
الجواب: حكم الدين أنه حرام يا أخي ولا يجوز، ربنا قال: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[البقرة:188], وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[النساء:29], فأنت ينبغي لك أن تتحلل من أبناء أخيك, يعني: تقول لهم: بأن هذه الأرض أنا أزرعها منذ أن كان أبوكم حياً, والآن أنا محتاج إليها، فربما تطيب نفوسهم ويقولون لك: ازرعها لا بأس, ولربما يقولون لك: هي لك, ففي هذه الحالة تطيب لك, والحمد لله رب العالمين, أما أن تسكت وتطنش كما يقول الناس، فلربما ما تطيب نفوسهم ويمنعهم الحياء من أن يقولوا لك: آتنا حقوقنا, وأوصل إلينا ما ينبغي لنا.
السؤال: ما هي كفارة النذر؟
الجواب: يا أخي! النذر يجب الوفاء به, فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصِي الله فلا يعصه ), نذر الطاعة الوفاء به واجب, لكن أحياناً بعض الناس قد ينذر نذراً ويتعذر عليه الوفاء به, مثلاً: بعض الناس ينذر أن يصوم لله في كل شهر ثلاثة أيام ما دام حياً, ثم بعد ذلك إذا كبرت سنه ورق عظمه وتتابع مرضه عجز, فهاهنا بعض العلماء قالوا: ما عليه شيء؛ لأنه لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286], وبعضهم قالوا: بل عليه كفارة يمين, ولعل هذا هو الأحوط إن شاء الله تعالى, والذي أرشدكم إليه إخوتي وأخواتي ألا تنذروا، ( فإن النذر لا يأتي بخير ولا يغير من قدر الله شيئاً, وإنما يستخرج به من البخيل ).
أذكر بأن إعادة هذا البرنامج تكون في فترتين في الثالثة والنصف صباحاً، وفي الحادية عشرة صباحاً.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وباسمه الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، أن يمتعنا جميعاً بعافيتنا في أبداننا وأسماعنا وأبصارنا, ونسأله جل جلاله صحة في إيمان، وإيماناً في حسن خلق، ونجاحاً يتبعه فلاح, والحمد لله في البدء والختام, وصلى الله وسلم وبارك على خير الأنام, وآله وصحبه الأعلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر