إسلام ويب

أحكام خاصة بالمولودللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الولد هبة من الله يهبها من يشاء من عباده، وقد اعتنت الشريعة بالمولود عناية عظيمة منذ اختيار أمه، فحثت على اختيار الزوجة الصالحة، وعلى استحضار النية والدعاء عند الجماع، وأمرت بالإنفاق على الحامل حتى تضع، وحثت على اختيار الاسم الحسن، ونهت عن التسخط من الأنثى.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد، ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم.

    أما بعد: أيها الفضلاء! فأحمد الله الذي هيأ لنا اللقاء، وجمعنا في هذا المسجد المبارك، وأسأل الله سبحانه كما جمعنا فيه بأن يجمعنا في جنات النعيم، وأن يرزقنا لذة النضر إلى وجهه الكريم، وأن يجعلنا إخواناً على سرر متقابلين.

    أقول: أيها الإخوة الكرام! إن الأنثى نعمة، والله عز وجل سماها هبة، لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا [الشورى:49] ، وكفى بالعبد بلاء أن يتسخط ما وهبه الله إياه، يعني: لو أنك الآن أعطيت كاتباً مبلغاً من المال فسخط عليك، ورمى به في وجهك، أو أسمعك كلمات لا تليق، فلا شك أن نقمتك عليه ستكون عظيمة، فما بالك بالله جل جلاله! فإنه يهبك أنثى سوية سميعة بصيرة، خلقها جل جلاله بحكمته وقدرته، ثم بعد ذلك أنت تتسخطها، كما كان يصنع أهل الجاهلية، قال تعالى عنهم: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ [النحل:58-59] أي: على ضيق وحسرة وذل، أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [النحل:59] فقد كان الواحد من أهل الجاهلية يتمنى الموت لابنته، يقول:

    تهوى حياتي وأهوى موتها شفقاً والموت أكرم نزال على الحرم

    والآخر عنده بنت اسمها مودة، فلما خرج مسافراً، وكانت بنته مودة تدعو له بطول العمر، فقال:

    مودة تهوى عمر شيخ يسره لها القبر قبل الليل لو أنها تدري

    يخاف عليها جفوة الناس بعده ولا ختن يرجى أود من القبر

    يعني: قال: هي تتمنى لي عمراً طويلاً، وأنا أتمنى لها القبر قبل أن تغيب الشمس؛ وكانوا يتمنون موت الأنثى لأنهم كانوا يخشون العار، ويخشون الفاقة، وكانوا يرون البنات لا قيمة لهن، وكانوا يقولون: البنت نصرها بكاء، وبرها سرقة. يعني: لو أنها أرادت أن تنصر أباها فإنها تبكي، ولو أنها أرادت أن تبره فإنها تسرق من زوجها وتعطيه؛ ولذلك كانوا يحرمونها من الميراث، ويقولون: لا يرث إلا من يحمل السلاح، ويطعن بالسنان، ويشارك في الحروب، ونحو ذلك، والأشنع من ذلك أنهم كانوا يجعلون الملائكة من البنات، يقول سبحانه: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا [الزخرف:19]، وينسبونهن لله عز وجل، وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ [النحل:57]، يقولون: الملائكة بنات الله. سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ [النحل:57]، يعني: هم يشتهون البنين، ويجعلون لله البنات، وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ [النحل:62] .

    فجاء الإسلام فهدم ذلك كله، وبين أن البنات نعمة من نعم الله. وقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رُزق بأنثى حمد الله عز وجل وشكره، وكان الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمة الله عليه إذا رُزق إنسان ببنت يقول له: الأنبياء آباء بنات. يعزيه بهذه الكلمة. وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رُزق من البنات بأربع رضوان الله عليهن، كبراهن زينب زوجة أبي العاص بن الربيع ، ويليها رقية فـأم كلثوم زوجتا ذي النورين ، وصاحب الهجرتين، وزوج الابنتين عثمان بن عفان ، ثم صغراهن وأفضلهن سيدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضوان الله عليهن أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531172

    عدد مرات الحفظ

    777163381