إسلام ويب

حق الجارللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإسلام دين قام على التكافل والمروءة والكرم، والتعاون بين الناس، فشرع لهذا حقوقاً للإنسان وعليه، ومن ذلك حق الجوار، حيث حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع، كما وردت به الآيات قبل ذلك، وامتثل المسلمون ذلك في حياتهم، فضربوا أمثلة عالية في ذلك ينبغي الاقتداء بها واتباعها.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى خلق البرية من نفس واحدة، وهي آدم، ولو شاء لجعل كل فرد ينبت من أصل وحده كما ينبت الشجر، ولكنه أراد ترابط هذا الجنس فيما بينه وألفته واتحاده، وتعاونه على البر والتقوى؛ ولذلك لم يغن أحدٌ عن غيره من الناس، بل جعل جميع الناس يحتاج بعضهم إلى بعض في معاشه ولباسه ومسكنه وشئونه، حتى في أمور دينه، فلا يمكن أن يستغني أحد عن الناس في أمور الدين ولا في أمور الدنيا.

    فالإنسان محتاج في أمور الدين إلى من يعلمه، وإذا قدر أنه يعرف حكم ما يقبل عليه من شئون الدين؛ فهو محتاج إلى من يذكره إذا غفل، ومن يساعده إذا ضعف؛ فهو عرضة للعوارض محتاج إلى التنبيه، فإنه تعتريه السنة والمنام؛ لمخالفته لله جل جلاله؛ فالله تعالى هو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، والناس ينامون، وهو كذلك تعتريه الغفلة والنسيان، ويحتاج معهما إلى من ينبهه.

    وهو كذلك تعتريه الأمراض والأعراض، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم: ( فخط خطاً مربعاً، وخطاً داخل الخط، وخطاً خارجاً منه، وخطوطاً عن اليمين وعن الشمال، فوضع يده على الخط الداخل فقال: هذا ابن آدم، وعلى الخط المربع فقال: وهذا أجله، وعلى الخط الخارج وقال: هذا أمله، ووضع إصبعه على الخطوط الصغيرة التي في الأطراف، فقال: وهذه أعراض، إن أخطأه هذا أصابه هذا ).

    فالإنسان عرضة لكثير من العوارض في نفسه، وفي عقله، وفي خلقه، وفي تدبيره وفي شأنه كله؛ ولذلك يحتاج إلى من يساعده، والذين يخالطهم الإنسان أنواع منوعة؛ فمنهم من يكون أعلى مستوىً منه فيكون مثلاً له يقتدي به، ومنهم من يكون أدنى منه مستوىً فيكون هو الأسوة له، ومنهم من يكون مساوياً له، ومنهم من يفضله في بعض الجوانب ويقصر دونه بعض الجوانب، وكل ذلك بتدبير الله جل جلاله؛ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ[آل عمران:163].

    ولهذا جعل الله للناس حقوقاً وعليهم حقوقاً، وجعل لهم أواصر وروابط يرتبطون بها، وعلق على تلك الأواصر كثيراً من الحقوق التي من وفى بها فقد أدى الحق الذي عليه، وينال مقابل ذلك من الثواب الأخروي، وينال أيضاً بركة دنيوية على ما قدم، وما فرط فيها وضيعها؛ فهو عرضة للعقاب الأخروي، وسيناله شؤم التضييع في الحياة الدنيا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088464674

    عدد مرات الحفظ

    776885861