إسلام ويب

الربانيةللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الربانية سمة عظيمة أمر الله سبحانه عباده المؤمنين بأن يتصفوا بها, فسارع إليها الأنبياء وأتباعهم المخلصون, فتمثلوا بها في حياتهم كلها وخاصة في معاركهم مع أعدائهم, وللحوق بالربانيين أسباب منها: التمسك بالحبل المتين, وتعلم العلم وتدريسه, والازدياد من العمل الصالح, والخلوة بالله, ومحاسبة النفس, وقراءة سير الصالحين, وإحياء السنن المماتة؛ فمن سعى في تحصيل هذه الأسباب فقد حقق الربانية, وسيجد آثارها العظيمة في حياته وآخرته.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن الله تعالى يقول في كتابه: وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران:79], فهذا أمر من الله سبحانه وتعالى بأن نكون ربانيين، ومعنى ذلك: المنتسبون إلى الرب جل جلاله، وهم الذين يعملون بمنهجه، فيمتثلون أوامره، ويجتنبون نواهيه، ويعتمدون عليه في أمورهم كلها، ويقدمون أمره جل جلاله على أمر خلقه، وقليل ما هم أولئك من عباد الله، فكثير من عباد الله شغلوا عن الله سبحانه وتعالى، وأعرضوا عنه، وقليل منهم هم الذي هداهم الله لمنهجه، فكانوا ربانيين, أقبلوا على الله تعالى بقلوب سليمة، وعملوا بمقتضى أوامره، فامتثلوا أوامره، واجتنبوا نواهيه، وهؤلاء وفقهم الله للأنس به, ولسلوك طريق الأنبياء، فأنسوا بالله سبحانه وتعالى، ورضوا به رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، فشاهدوا آثار صنعته في هذا الكون كله، فيعلمون أنه ما من شيء يتحرك ولا يسكن في هذا العالم إلا بقضاء الله وقدره، وأن كل ما في هذا الكون من الخير هو بفضل الله، وكل ما يقع فيه من الشر فهو من عدل الله جل جلاله.

    وبذلك لا ينسبون الأشياء إلى الأسباب، وإنما ينسبونها إلى مسبب الأسباب جل جلاله، فينسبون إليه كل نعمة، ويقرون له بها، ويبوؤون له بذنوبهم، ويقبلون عليه جل جلاله، ولا ينشغلون عنه بمن دونه، وهذه الربانية هي التي تقتضي الإخلاص لله تعالى في العمل، فتقتضي من الإنسان الرباني ألا يبالي بالخلائق جميعاً، فلا يرغب فيما لديهم، ولا يرهب ما عندهم مما يخاف؛ لعلمه أن الله عز وجل وحده هو الذي ينبغي أن يخاف منه، وهو الذي ينبغي أن يرجى ما لديه، وهو الذي ينبغي أن يحب جل جلاله، فلذلك يتخلص الرباني من جميع القيود والعراقيل، ويقبل على الله تعالى فيكون صادقاً إذا قال:

    فيتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب

    وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب

    إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088534605

    عدد مرات الحفظ

    777183738