إسلام ويب

يوم القيامة وتفاوت الناس فيهللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تتفاوت منازل أهل الجنة في الجنة، فهم درجات عند الله، وتتفاوت كذلك منازل أهل النار في النار، ومن عرف هذا التفاوت وأسبابه، فما عليه إلا أن يبادر للنجاة، وأن يكون من ذوي الهمم العالية، وألا يرضى بما دون الفردوس الأعلى من الجنة.

    بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى لحكمته البالغة، جعل لهذا الكون حياتين: حياة أولى دنيا، وهي هذه الحياة التي نحن فيها، وهي دار عمل ولا جزاء، وحياة أخرى عليا، هي الحياة الحقيقية: وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:64]، أي: هي الحياة المتجددة الحقيقية، فجعل تلك الدار دار جزاء ولا عمل، وجعلها دار دوام وخلود، وجعل هذه الحياة الدنيا دار تغير وانتقال، فكل ما فيها إلى زوال، ولا يستقر شيء مما فيها؛ لأنه عرض سيال، وبقاء الحال من المحال، وكل ما في هذه الحياة الدنيا سرعان ما يتغير ويتقلب، ويتراجع أدراجه، ولذلك أخرج البخاري في الصحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كان حقاً على الله ألا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه )، فلا يرتفع فيها شيء إلا اتضع، ولا يحصل فيها شيء إلا سمج وقبح، وكذلك الغني فيها آيل إلى الفقر، والفقير فيها ربما استغنى، والقوي فيها آيل إلى الضعف، والضعيف ربما قوي، وهكذا فأحوالها متقلبة.

    وأحوال أهلها متقاربة، فتقارب أحوال أهلها يقتضي أن الإنسان إذا شعر بذاته وأحس بقوته وغناه، فإن وراء ذلك حالاً آخر، ستقلب له الدنيا ظهر المجن، وتنصرف عنه بعد أن أقبلت، فتعود من حيث أتت أدراجها، وكأنه ما عرفها ولا عرفته، كما قال الشاعر في أبياته المشهورة التي يقول فيها:

    تغيرت الأحوال ما أنا بالذي عرفتِ ولا أنت التي كنت أعرف

    فتتقلب أحوالها تقلب عجيباً مؤذناً بالزوال والانتقال.

    أما الحياة الآخرة، فإن كل ما فيها مؤذن بالثبات والاستقرار، فنعيمها خالد لا ينقطع، وعذابها كذلك دائماً لا ينقطع، نسأل الله السلامة والعافية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088455153

    عدد مرات الحفظ

    776835577