إسلام ويب

فتنة المالللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جعل الله سبحانه وتعالى هذه الدار داراً للامتحان والابتلاء، فإذا عرف العبد أنه مبتلى وجب عليه الحذر من المخاطر المحيطة به؛ والتي الاسم الجامع لها الفتنة بجميع أنواعها, وخاصة فتنة المال التي يفتتن بها الفقراء والأغنياء, وفتنة المال خطيرة جداً خاصة إذا تعلق بها قلب العبد وأحبها, وسعى في تحصيلها بأي الوسائل والطرق.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه, ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الدار داراً للامتحان والعمل، وجعل بعدها الآخرة داراً للجزاء والمحاسبة، فعيش الإنسان في هذه الحياة هو ابتلاء وامتحان له، وستعرض نتيجته يوم العرض على الله تعالى عندما ينادي المنادي في الناس: وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس:59]، حينئذ تعرض نتيجة العمل الدنيوي، فينقسم الناس إلى قسمين: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود:105-108].

    فيحتاج الإنسان إذاً إلى معرفة أنه ممتحن ومبتلى في هذه الدار، وأنه ساع للنجاح في الامتحان، وأنه قد بدأ الآن وقت المسابقة والتغابن، فكل ساعة تمضي من عمره إنما هي وقت من وقت الامتحان يحسب عليه، ولهذا فإن الله تعالى يخاطب أهل النار يوم القيامة فيقول: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [فاطر:37].

    يحتاج الإنسان إلى أن يعرف أنه في هذه الدار جاء للامتحان، وأنه قد بدئ بكتابة ما يمليه في امتحانه، فالملائكة يكتبون ليل نهار، لا تتوقف كتابتهم إلا عند رفع القلم عنه في حال نومه أو في حال إغمائه أو نحو ذلك, ومن هنا فقد بدأ المسابقة الجادة، وقد قال الله تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26]، وقال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148]، وقال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133].

    وإذا عرف الإنسان ذلك خشي على نفسه من الرسوب، واجتهد فيما ينجح به بين يدي الله تعالى، وبداية نجاحه أن يعرف المخاطر التي تهدده، وأن يطلع عليها لينجو ويحذر منها قبل أن يفوت الأوان، وهذه المخاطر الاسم الجامع لها هو الفتنة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530991

    عدد مرات الحفظ

    777160577