إسلام ويب

هموم الأمةللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بما أن الله قد شرف هذه الأمة على غيرها من الأمم، وجعلها حاملة لواء حزب الحق حزب الله، وابتلاها حتى وصلت إلى درجة الأستاذية على العالم، وشرفها بكثير من المزايا؛ فإنه سبحانه قد ابتلاها منذ بداياتها إلى يومنا هذا، فكان لابد عليها أن تواجه ذلك الابتلاء بما يرضي الله من الوسائل الشرعية، وتصد عملية التكالب عليها من المشركين والمنافقين، وتعلي كلمة الله وتنصر دينه

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهدية، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى بنى هذه الدنيا على صراع أبدي بين الحق والباطل، هذا الصراع طرفاه حزب الله وحزب الشيطان.

    أما حزب الله فقادته رسل الله المعصومون، وسراجه الوحي المبين المنزل من عند الله عز وجل، وأما حزب الشيطان فقائده إبليس عليه لعنة الله، وهذا الصراع هو مصلحة للأرض، فلو توقف لحظةً واحدةً لفسدت الأرض، ذلك أن الله جعل هذه الدار دار عمل ولا جزاء، وجعل بعدها الآخرة دار جزاء ولا عمل، وهذه الدار لو تمحض فيها الحق لم يكن لها معنىً؛ لأن الناس يستحقون حينئذ دخول الجنة، ولو تمحض فيها الباطل فلم يكن للحق صوت لجاء سخط الله ومقته: (إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله).

    فلذلك سن الله فيها التدافع بين هذين الحزبين على أن يكون ذلك مصلحةً للأرض، واستمراراً للحياة الطبيعية عليها، قال الله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ[البقرة:251]، فمصلحة الأرض إذاً وجود هذا الصراع الأبدي عليها.

    تمثيل الأمة الإسلامية لحزب الله منذ البعثة الشريفة

    إن حزب الله منذ بعث محمد صلى الله عليه وسلم تمثله هذه الأمة المحمدية أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كل ما كان يتشبث به السابقون قد نسخ، وهذا الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم مهيمن على سائر الكتب مصدق لما بين يديه من الحق، ما أحكمه وأقره فهو المحكم من عند الله، وما غيره ونسخه فلا رجعة إليه، ولهذا قال الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[آل عمران:85].

    وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا كبه الله على وجهه في النار).

    وقد أخذ الله العهد والميثاق على الأمم السابقة جميعاً أن يتبعوا هذا الرسول إذا بعث، وأخذ إقرار الأنبياء على ذلك فقال: أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي[آل عمران:81]، والإصر هو أشد العهد، أشد ما أخذ أحد على أحد: قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[آل عمران:81-82]، والفاسقون: الخارجون عن طاعة الله وحكمه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088521748

    عدد مرات الحفظ

    777103282