إسلام ويب

تفسير سورة الغاشيةللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • سمى الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بأسماء كثيرة ومروعة ليدل على شدة هوله، ومن ذلك ما ورد في سورة الغاشية، والذي يكون فيه الناس قسمان: وجوه ذليلة وأخرى ناعمة، أناس في الجنة لهم فيها شتى أنواع النعيم، وآخرين في النار لهم فيها كل ألوان العذاب، وختمت الآيات بالدعوة إلى التفكر، ثم ذكر المجازاة على الأعمال والمرجع والحساب إلى الله.

    هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً [الغاشية:1-11].

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين. أما بعد:

    دلالة الاستفهام في قوله تعالى: (هل أتاك) وما ورد فيه

    فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه خرج ذات ليلة في المدينة، فمر على باب عجوز من الأنصار تقرأ القرآن، فإذا هي تقرأ سورة الغاشية، فقرأت قول الله تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم أتاني، نعم أتاني، وما زال يبكي على بابها ).

    وهذا الاستفهام للنبي صلى الله عليه وسلم ليس استخبارياً، وإنما هو تنبيه على ما نزل إليه من أخبار القيامة، والقيامة هي الغاشية، وقد سماها الله بكثير من الأسماء المفظعة المروعة في كتابه، فسماها: القارعة، والواقعة، والآزفة، والصاخة، والطامة، والغاشية، وغير ذلك من الأسماء.

    والمقصود بالإتيان هنا، الإتيان من عند الله تعالى بالوحي.

    معنى الحديث في اللغة والاصطلاح

    والحديث في اللغة يطلق على ضد القديم، يقال: خبر قديم، وخبر حديث، ويطلق على القول، فالأقوال كلها تسمى حديثاً، سواء كان ذلك القول مفيداً أو غير مفيد، فمن إطلاقها على المفيد قول الله تعالى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ[الأعراف:185]، أي: بعد القرآن، ومن إطلاقه على غير المفيد قول الشاعر:

    وحديثها السحر الحلال لو انه لم يجنِ قتل المسلم المتحرز

    إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ودَّ المحدث أنها لم توجزِ

    ويطلق على كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسمى في الأصل حديثاً وقد توسع الناس فيه فأطلقوه على كل ما أثر عنه، فيشمل ذلك الأقوال والأفعال والتقريرات، فكلها تسمى في الاصطلاح حديثاً، وإن كان الحديث في الأصل، للأقوال فقط.

    وجمعه أحاديث، ومفرده حديث، وإن كان يطلق على الجمع، إلا أنه يجمع أيضاً، وذلك عند قصد التنويع، فإذا قصد التنويع جمع إلى أحاديث الركبان، ومن هذا قول الشاعر:

    ولما قضينا من منىً كل حاجة ومسّح بالأركان من هو ماسح

    وشدت على عوج المطايا رحالنا ولم ينظر الغادي الذي هو رائح

    أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا وسالت بأعناق المطي الأباطح

    ومفرده في الغالب يسمى حديثاً، وقد يسمى أحدوثةً، وقد ذكر أهل الحديث أنه لا يجوز إطلاق ذلك على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأفعولة في اللغة إنما تطلق على التافه، كالأكذوبة والأعجوبة، والأضحوكة، فهذه للأمر التافه.

    فلا يطلق ذلك على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان يطلق على أحاديث الناس، ويقال: سمعت من فلان أحدوثةً، أي قصةً، أو نحو ذلك.

    معنى حديث الغاشية

    وهنا حديث الغاشية، أي: شأنها وخبرها، فيشمل ذلك كل ما قصه الله عنها في القرآن، قبل نزول هذه السورة، والغاشية: فاعلة من غشي الشيء إذا ألم به، والغشي يطلق على العرق الشديد، ومنه قول أسماء رضي الله عنها: فقمت حتى علاني الغشي، أي: العرق الشديد، وهي تغشى الناس، أي: تأتيهم بغتةً، ولا تأتي إلا كذلك، كما قال الله تعالى: لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً [الأعراف:187]، فلذلك سميت الغاشية.

    ومن حديث الغاشية ما بينه بعد هذا السؤال الذي يدل على العناية والاهتمام فقط.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088553333

    عدد مرات الحفظ

    777288312