إسلام ويب

استغلال ثمرات رمضانللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • رمضان مدرسة يتعلم منها العبد المؤمن دروساً عظيمة, والتي منها: تقوى الله التي من أجلها شرع الصيام, وتقوية إرادته وعزيمته, وترك اللعب واللامبالاة, والتقلل من المآكل والمشارب فيضيق على مجاري الشيطان, ويتعلم الشجاعة في مواجهة أعدائه في الحياة الدنيا, لذلك كان لزاماً عليه الاستمرار على الطاعة بعد انقضاء رمضان؛ لكي لا تضيع هذه الدروس العظيمة.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى جعل شهر رمضان تدريباً عملياً يتدرب فيه المؤمن على عبادة الله وتقواه، وهذا التدريب العملي إذا لم يؤثر في حياة الإنسان، ولم يبقَ له أثر بعد نهايته؛ فوجوده كعدمه، فلا خير في التدريب إذا لم يزد الإنسان مهارةً وخبرة في عمله، ولا خير في التدريب إذا لم يتحقق الإنسان بنتائجه في حياته؛ لذلك احتجنا إلى مراجعة أنفسنا بعد نهاية شهر رمضان لتقويمنا في هذا التدريب، ولمعرفة الناجحين من الراسبين، ولاستمرار الاستفادة من هذا الشهر كذلك بعد نهايته.

    تقوى الله سبحانه وتعالى

    إن الدروس العظيمة المتلقاة من هذا الشهر من أعظمها: درس التقوى، الذي هو الحكمة الأولى من مشروعية الصيام: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة:183]، والتقوى: أن تجعل بينك وبين سخط الله وقاية بطاعة الله.

    فإذا كان المؤمن قد تدرب على التقوى في شهر رمضان فترك المباحات، فعليه أن يستمر في ترك المحرمات والمكروهات والمشتبهات بعد نهاية هذا الشهر، فقد عرف من نفسه إمكان ذلك، فليس الأمر مجرد أمر صوري دون أن تكون له حقيقة، بل قد أعنت عليه بإبداء النموذج في نفسك، ورأيت أنه يمكن، فلذلك ما عليك إلا الاستمرار على هذا الدرس العظيم الذي أخذته من شهر رمضان.

    إن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين هذا الدرس في قوله فيما أخرج عنه البخاري ومسلم في الصحيحين: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، فـ (قول الزور): هو كل قول لا يرضي الله عز وجل، والعمل بالزور: هو كل عمل لا يرضي الله عز وجل، والزور في الأصل: الميل عن طريق الخير، وليس مقصوراً على الكذب، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن أحد سابه أو شاتمه فليقل: إني صائم.. إني صائم)، وفي رواية في صحيح البخاري: (فليقل: إني امرؤ صائم)، وهذا يقتضي من الإنسان أن يدرك أهمية هذا الصيام الذي يحول بينه وبين تنفيذ ما تدعو النفس إليه عند الاقتدار لأخذ الحق؛ للانتصاف للنفس من الآخرين.

    إن هذا الدرس العظيم -الذي هو درس التقوى- به الفضل يوم القيامة: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ[الحجرات:13]، والناس محتاجون إلى تفاوت الدرجة فيه لتفاوت المنازل يوم القيامة، ولذلك لابد أن يحاول الإنسان أن يكون من المسابقين في التقوى، وأن يكون من الفائزين الذين يكال لهم بالموازين العالية، التي أقلها سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088542187

    عدد مرات الحفظ

    777225016