إسلام ويب

شرح المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه [1]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • علم التجويد من أهم علوم الإسلام لكونه يتعلق بقراءة القرآن، فهو علم يهتم بمخارج الحروف وصفاتها وما يتصل بذلك بحيث يمكن القارئ من تلاوة القرآن بصورة سليمة، وواضع هذا العلم هو الإمام الدوري الراوي عن الكسائي وأبي عمرو، وأول من ألف فيه هو موسى بن عبيد الله الخاقاني، فقد نظم فيه أكثر من خمسين بيتاً، ثم جاء مكي بن أبي طالب وكتب (الرعاية في علم التجويد) و(التمهيد في علم التجويد)، وهما مطبوعان، ثم توالت التآليف فيه.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

    فإن الله تعالى أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين، وقد جاء به جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منجماً في ثلاث وعشرين سنة، ينزل بحسب الوقائع، وبحسب ما يسأل عنه أهل الأرض، وكان ذلك اتصالاً بين أهل السماء وأهل الأرض، وارتباطاً بين الخلق والخالق جل وعلا ببيان ما يريده منهم، وتشريع ما يرتضيه لهم.

    وقد ختم الله الرسائل إلى أهل الأرض برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وختم الكتب المنزلة إلى أهل الأرض بالقرآن، وجعله مصدقاً لما بين يديه من الحق، ومهيمناً على كل الكتب، وناسخاً لها؛ فلا يقبل الله من أحد بعد نزول القرآن ديناً إلا هذا الإسلام الذي تضمنه هذا القرآن، وقد أنزل على هيئات متنوعة، فمنها أن يأتي الملك على هيئة رجل، فيكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعي عنه ما يقول، ومنها أن ينزل على قلبه بالمباشرة، فيأتيه فيسمع مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليه، فإذا انفصل عنه حفظ ما قال له، ومنها أن يأتي في رؤيا المنام، ومنها ما يكون بالمباشرة، وكل هذه هي من أصناف الوحي، وقد ذكرها الله تعالى في قوله: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ[الشورى:51] فقوله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا[الشورى:51]؛ أي: إلا رؤيا في المنام، فالوحي في اللغة يطلق على: رؤيا المنام، وهي المقصودة هنا، أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ[الشورى:51] هذا تكليم الله للخلق بالمباشرة، وهو من وراء حجاب كتكليمه لموسى عليه السلام، ((أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا)) وهو الملك ((فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ)) مما أنزل عليه من الوحي، وهو كلام الله تعالى، وهذا الكلام كلام الله بلفظه ومعناه، وجاء به الملك من عنده؛ ولذلك ينسب في تبليغه إلى الملك كما قال الله تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ[التكوير:19-21]، وهو جبريل عليه السلام؛ ولهذا قال بعدها: وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ[التكوير:22]، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، وينسب إلى الرسول المبلغ أيضاً عن الملك، ومن ذلك قول الله تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ[الحاقة:40-47]، فالمقصود هنا بالرسول النبي صلى الله عليه وسلم الذي أنزل إليه؛ فلذلك كان نزوله كما ذكرنا مختلفاً عن غيره من الكتب لهذه الخصائص.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088538683

    عدد مرات الحفظ

    777204477