إسلام ويب

فقه الأسرة [7]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    استخلاف الإمام في الصلاة وما يترتب عليه

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين, وعلى آله وأصحابه, ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فنجيب عن بعض الأسئلة التي وردت في الدروس السابقة:

    السؤال: ما حكم الاستخلاف في الصلاة وما يترتب عليه؟

    الجواب: الإمام إذا عرض له عارض يمنعه من استمرار الصلاة، كالمرض أو الحدث أو نحو ذلك، سواء منعه من وجه الكمال، أو منعه من الصحة، فإنه يستخلف ممن وراءه من يتم الصلاة، وهذا الاستخلاف من التعاون على البر والتقوى, وقد خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر : ( لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبو بكر يصلي بالناس، فضرب الناس أفخاذهم، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثروا عليه ألتفت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه أن مكانك فرفع أبو بكر يديه وحمد الله تعالى على ذلك، ثم نكص حتى دخل في الصف، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فلما سلم قال لـأبي بكر : ما منعك أن تثبت مكانك إذ أمرتك؟ فقال: ما كان لـابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

    والمستخلف ينوب مناب الإمام ويقوم مقامه، فإن كان الإمام في أثناء ركن من الأركان، فيكمله الخليفة كما بدأ هو, وإن كان في أثناء التلاوة، فإن المستخلف أيضاً إذا كان هذا في الجهرية يبدأ من حيث وقف الإمام، أما في السرية فإن ظن أنه لم يقرأ الفاتحة، فلا بد من استئناف الفاتحة، وأنها واجبة، فإذا ظن المستخلف أن الإمام لم يكملها، ولم يدرِ مكان وقوفه فلا بد من الرجوع من أولها.

    والإمام إن عرض له ما يمنعه من إكمال الصلاة؛ فإنه يقطعها ويخرج حتى يتوضأ ويرجع، إن كان المانع لم يؤثر على عقله أو بدنه، وإن منعه من الكمال فقط, كما إذا لم يستطع القيام فإنه يرجع مؤتماً، فيقتدي بالمستخلف فيكمل الصلاة وراءه كسائر المأمومين.

    1.   

    معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ...)

    السؤال: عن تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج

    الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم هنا يأمر الشباب من المسلمين من استطاع منهم أن يتزوج وجوباً، وإن كان لا يرجو النسل، لكنه يخاف من العنت كذلك فإنه يجب عليه, وإن كان لا يخاف العنت على نفسه ولكنه يرجو النسل، كان مؤكداً في حقه ولن يصل إلى درجة الوجوب, وإن كان لا يخشى العنت، ولا يرجو النسل، وليس ذا مرض مخوف فإنه يندب له ندباً غير مؤكد, وإن كان في مرض مخوف، فإنه إن لم يخشَ العنت لم يجز له إدخال وارث فيكون حراماً في حقه، ويكون مكروهاً في حق من لا يستطيع القيام بالواجبات، كالذي يغش فتظن المرأة أنه يستطيع كفالتها بالنفقة والقيام بمصالحها، وهو عاجز عن ذلك فيكره له الإقدام على مثل هذا، وبهذا يعلم أنه تعتريه أحكام الشرع كلها.

    1.   

    سب الأنبياء أو واحد منهم

    السؤال: ما حكم من سب نوحاً عليه السلام؟

    الجواب: سب الأنبياء جميعاً كفر بالله تعالى؛ لأنه تكذيب لهم، ومقتضى شهادة الإنسان أنهم رسل لله تعالى غير ذلك.

    1.   

    بقاء المطلقة في بيتها أثناء العدة

    السؤال: هل المطلقة المعتدة يجوز لها أن تنتقل من بيت زوجها إلى أهلها بعد وقوع الطلاق مباشرة؟

    الجواب: المعتدة يجب عليها المبيت في بيت زوجها، هي لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً، فعليها أن تبقى في مكانها حتى تكمل عدتها، فما زالت آثار الزوجية منسحبةً عليها ما دامت في العدة، ومن هنا فإن بقاء النساء في بيوت أهليهن، أي: في بيوت الآباء والأمهات في فترة العدة أمر مخالف للشرع كما بينا، وكذلك استقرارهن أربعين يوماً بعد النفاس في بيوت أهليهن، هذا أيضاً مخالف للحق الواجب عليهن في حفظ بيوتهن، وفي إكرام أزواجهن وبرهن.

    فبقاء المرأة في بيت والدها بعد نفاسها مدة طويلة كأربعين يوماً أو ستين يوماً، كل ذلك مخالفة شرعية، فهي من العادات التي يجب نبذها ومخالفتها, ومثل ذلك ما يتعود عليه النساء في فترة النفاس، من بعض العادات والخرافات التي هي من أعمال الجاهلية، كظنهن أنهن يلزم أن يكون حولهن إنسان دائماً، فهذا من الخرافات التي هي خطر في الاعتقاد، فظن ذلك مضر في العقيدة، ومثل ذلك: حاجة بعضهن إلى أن تكون عندها سكيناً دائماً أو نحو ذلك، فهذا أيضاً من الخرافات التي لا بد من نبذها وإزالتها، ومثل ذلك: ملازمتهن للوسخ في هذه الفترة وعدم اغتسالهن وعدم لبسهن للنظيف من الثياب، كل ذلك من البدع والخرافات التي لا بد من إزالتها، ونظير ذلك طلاء وجوههن ببعض الأصباغ فكل ذلك من البدع والخرافات.

    1.   

    تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه

    السؤال: عن قول النبي صلى الله عليه وسلم على قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:28]؟

    الجواب: تفسير ذلك أن الله سبحانه وتعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم في تربيته لأزواجه أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة؛ ليكون ذلك أبلغ في التزامهن، وسيرتب عليه أمر عظيم، وهو أن أجورهن إن أحسنّ مضاعفة، وأن عقابهن إن أسأن مضاعف، فلذلك قالت عائشة رضي الله عنها لما نزل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:28-29]، بدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي بدأ بـعائشة رضي الله عنها فدخل عليها فقال: ( إني مخبرك بأمر فلا تتعجلي حتى تستأمري والديك، فقرأ عليها الآية وخيرها كما أمره الله، فقال: أفي مثل هذا استأمر أبوي، والله لا استأمرهما، أختار الله ورسوله والدار الآخرة، فدار على أزواجه وكلهن تقول ذلك، فأنزل الله تعالى بعد هذا: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا [الأحزاب:30-31]، )، فبعد أن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، نزل الحكم بمضاعفة الثواب والعقاب في حقهن، وذلك تشريف لهن فهن قد اتقين.

    وقد صح في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها لما حضرها الموت، استأذن عليها ابن عباس ، فترددت في الإذن له، فقيل: لمَ لا تأذنين لابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أخاف أن يثني عليّ، وذلك لتواضعها رضي الله عنها، فخافت أن يثني عليها ابن عباس فقالت: ائذنوا له، فدخل ابن عباس فأثني على عائشة رضي الله عنها فقال: كيف أنت يا أماه؟ فقالت: على خير إن اتقيت، فقال: قد اتقيت، فأثنى عليها بذلك، فـعائشة رضي الله عنها مثلت زهد النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: على خير إن اتقيتِ؛ لأن الله تعالى يقول: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ [الأحزاب:31-32].

    1.   

    طلب الزوج تخيير زوجته

    السؤال: هل يطلب من الزوج تخيير زوجته مطلقاً؟

    الجواب: لا، ليس هذا مشروعاً لسائر الأزواج، بل قد شرعة الله لنبيه صلى الله عليه وسلم لتخيير أزواجه بين الدنيا والآخرة، وليس هذا مشروعاً لسائر الأزواج، وأما إذا خير الزوج زوجته بين البقاء معه وفراقه، فقد اختلف الصحابة في هذا التخيير على ثلاثة أقوال: فبعض الصحابة يرى أن مجرد التخيير قد تحصل به طلقة واحدة رجعية، فإن اختارت الفراق كان ثلاثاً، وبعضهم يرى أن التخيير لا يحصل به شيء، فإن اختارت الفراق كان ثلاثاً، وبعضهم يرى أن التخيير لا يحصل به شيء، فإن اختارت الفراق كان واحدة رجعية.

    وبعض الفقهاء يرى أنها إن اختارت الفراق كانت واحدة بائنة، ولكن المذهب الأوسط هو أن التخيير لا يحصل به شيئاً إلا إذا اختارت الفراق فيحصل به الفراق، بخلاف التمليك فإنه إن ملكها فلها الحق أن تطلق واحدة واثنتين وثلاثاً، بخلاف التخيير، فإنه تخيير بين الفراق البات، وبين البقاء كذلك، فإن اختارت البقاء أي سكتت لم يلزم شيء.

    ولذلك فإن عبد الرزاق أخرج في المسند عن علي رضي الله عنه أنه قال: إذا خير الرجل امرأته كانت على خيارها ما لم تتكلم. أي: في مجلسها، فإذا تكلمت فما قالته فقد أودت به ما لها من الحق، وكذلك إذا انقضى مجلسه فهو انقضاء لخيارها، فلا يمكن أن تأخذ به بعد ذلك.

    1.   

    الخط بالرمل والافتتاح بالكتاب والسنة

    السؤال: ما حكم الخط بالرمل وهل هي استخارة وكذا الافتتاح بالكتاب والسنة؟

    الجواب: أما الخط في الرمل فقد كان يعمله أهل الجاهلية قديماً، وفيه يقول الشاعر:

    عشية ما لي حيلة ترى أنني بلهي الحصى والخط في الرمل مولع

    وقد جاء في الصحيح: ( أن نبياً من الأنبياء كان يخط، فمن وافق خطه خط ذلك النبي فذاك، وإلا فلا خير فيها )، وعموماً لم يعرف أحدٌ الآن أنه وافق خط ذلك النبي؛ لأن هذا مما لا يعرف إلا بالوحي، فعلم من هذا الحديث أنه لا خير فيها، ولا في الاشتغال بذلك، وهي من التطلع على الغيب، والبحث عن القدر، وهذا ما لا يمكن أن يفتح له باب، فلا بد من اجتناب ذلك بالكلية، أما الافتتاح بالقرآن هو أن يفتح الإنسان مصحفا؛ لقصد الإقدام على أمره، فإذا قرأ آية فيها أمر به، أو فيها مبشر من المبشرات أقدم عليه، وإذا وجد آية فيها عقاب أو نحو ذلك تشاءم به وتركها، فهذا النوع لم يرد عنه شرع؛ لما فيه من التطلع على الغيب كذلك؛ ولأنه بمثابة الطيرة، وكل ذلك منهي عنه، فالطيرة من عمل الجاهلية، ونهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي لا ترد شيئاً من قدر الله، لكن المشروع له إن شك في الأمر هو ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أن يصلي ركعتين من غير الفريضة، ثم يدعو بهذا الدعاء: ( اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه- خير لي في ديني ودنياي، وعاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر -ويسميه باسمه- شر لي في ديني ودنياي، وعاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، وأقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به )، فهذه الاستخارة الشرعية، وما سواها من الاستخارات لا خير فيه جميعاً.

    1.   

    إصرار المرأة على استخدام ما يخالف الشرع وكيفية التعامل معها

    السؤال: إذا كانت المرأة تصر على الطلب من زوجها أن يطلقها إن لم تمتثل؟

    الجواب: أن على زوجها أن يمنعها من الوقوع في مثل هذا النوع؛ لأنه ليس مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والخير كله فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن هذا النوع من الخلاف إنما يكون عن طريق التفاهم والإقناع، فعلى زوجها أن يقنعها بالتي هي أحسن، والطلاق كما سبق في الحلقة الماضية، هو أبغض الحلال إلى الله؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن للشيطان عرشاً على الماء، يرسل سراياه في الليل، فيأتي أحدهم فيقول: ما زلت به حتى شرب الخمر، فيقول: ما صنعت شيئاً؛ لعله يستغفر، فيتوب فيتوب الله عليه، ثم يأتيه آخر فيقول: ما زلت به حتى زنا فيقول: ما فعلت شيئاً، لعله يتوب فيتوب الله عليه، ثم يأتيه آخر فيقول: ما زلت به حتى فارق أهله، فيدنوه يقبله فيقول: أنت ابني)، فهذا النوع مما ينبغي أن يبعده المسلم من تفكيره؛ ولا يجعله علاجاً لكل المشكلات، فقد سبق أن الطلاق مشكلة وليس علاجاً، فلذلك لا يقدم عليه الإنسان، إلا وهو يعلم أنه لا يجد حلاً للمشكلة إلا به، وقد عدمت كل الحلول.

    1.   

    تصرف المرأة في حال طلبها الخلع ورفض زوجها ذلك

    السؤال: إذا طلبت المرأة من الرجل الخلع ولم يقبل، فماذا تفعل؟ مع العلم أنها لا تطيق الحياة معه لأسباب عديدة؟

    الجواب: نسأل الله أن يفرج كروب المسلمين أجمعين، بالنسبة للمرأة إذا كرهت زوجها، فلم تستطع أداء حقه، وكان ذلك لأسباب موضوعية، بأن كان غير عدل أو كان فاسقاً، أو كان ظالماً لها، أو كان مقصراً في بعض أمور دينه، أو كان سيئ الخلق أو نحو ذلك فلم تستطع البقاء معه، فإنها تعرض عليه الخلع، فإذا قبل خالعته، وإلا عرضه عليه غيرها من الناس، وإن لم يستجب لذلك، فلا بد من رفع القضية إلى القضاء، والقاضي حينئذٍ يجبره على الخلع أو على الطلاق، يعرض عليه الطلاق؛ فإن لم يقبل أجبره على الخلع، لما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول رضي الله عنها فقالت: ( يا رسول الله! إن ثابت بن قيس بن شماس )، أي: زوجها ( لا أنقم عليه في دين ولا خلق، ولكني أكره الرجوع إلى الكفر بعد الإسلام )، وفي رواية: ( أكره الكفر في الإسلام، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله ماذا أصدقها؟ فقال: أصدقتها حديقة، فقال: ردي عليه الحديقة، وطلقها تطليقة، فردت عليه الحديقة ففارقها )، فكان ذلك خلعاً أجراه رسول الله صلى الله عليه وسلم للقضاء بين هاذين الأنصاريين رضي الله عنهما.

    1.   

    موقف المرأة من زوجها الذي يتعامل بالربا

    السؤال: بماذا تنصحون المرأة التي زوجها يتعامل مع البنوك الربوية؟

    الجواب: عليها أن تنصحه وتعظه، وأن تذكره بالله تعالى، وتنبهه إلا أنه إذا مات وترك هذا المال وراءه وهو من حرام فهو مصيبة عظيمة، ولذلك لا بد أن تحرص على هدايته، وتركه لهذا التعامل؛ لما فيه من حرب الله ورسوله، فإن الله تعالى آذن آكل الربا وموكله بحرب منه ورسوله فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279]، وقبل ذلك تعامله بالتي هي أحسن؛ لأنها لا يمكن أن تغير قناعته وعمله إلا إذا كان يثق بها، فتستطيع التأثير عليه.

    1.   

    ضابط لباس المرأة

    السؤال: هل يجوز للمرأة أن تلبس القميص الضيق تحت الملحفة؟

    الجواب: أن زي المرأة ليس له تحديد في الشرع ولا مقاس ولا عدد من الثياب ولا لون، فهو بحسب ما يستر ما يجب عليها ستره، فإن كانت تلبس ثياباً ضيقة، ولكنها تلبس فوقها ملحفة أو عباءة تسترها فلا حرج، فقد حسن الستر بذلك، فلذلك ضابط لباس المرأة هو الستر، وإذا كان للخروج فلا بد أيضاً ألا يكون فيه رائحة طيب، وألا تكون فيه زينة بارزة ظاهرة لافتة للانتباه.

    1.   

    استعمال المرأة للدهانات ونحوها

    السؤال: عن بعض الكريمات والدهان التي تستعمله النساء؟

    الجواب: الكريمات والدهانات إذا كانت غير أصباغ فيجوز استعمالها؛ لأنها تدخل في داخل البدن ولا تغطيه، فأما الأصباغ التي تغطي فوق البدن، فلا يحل استعمالها في وقت الطهارة؛ لأنها مانعة لوصول الماء إلى الجسم، ولكن إذا كانت المرأة ذات مانع، فلا حرج من استعمالها ثم تزيلها بعد ذلك، وهي من الزينة التي لا يحل إظهارها إلا لمن يحل إبداء الزينة له.

    1.   

    من تزوج بمن يظنها داعية وتبين له خلاف ذلك

    السؤال: رجل تزوج بامرأة يظنها داعية، وحين دخل بها وجدها غير داعية فما حكم ذلك؟

    الجواب: هذا ليس عيباً، فإنما كان ظناً منه، وقد ظن شيئاً فلم يجد الظن على ما ظن، لكن هذا ليس عيباً من عيوب الخيار، وإن كان نقصاً في الأداء فليس نقصاً في أصل الدين، فلذلك يستطيع هو أن يقنعها أن تكون داعية في المستقبل، بأن يؤثر عليها تأثيراً يصلح ما نقص من شأنها.

    1.   

    مراجعة المرأة في عدتها ورفضها ذلك

    السؤال: امرأة طلقها زوجها، ولما يأتيها يطالبها بالرجوع فتمتنع، حتى انتهت عدتها فجاء إلى خالتها، وقال إنه قد ارتجعها، وفي الوقت الحالي العدة انتهت فما حكمها؟

    الجواب: أنها إن كانت علمت أنه ارتجعها في العدة وامتنعت من الذهاب معه وهو يطلبها، فهي ناشز آثمة في تلك الفترة، ويجب عليها أن تبادر بالتوبة، وأن تسترضي زوجها، حتى تغير ما في خاطره من الغضب عليها، فإن غضبه معصية عظيمة، وقد سبق الحديث في الصحيح: ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، كان الذي في السماء عليها ساخطا )، وفي رواية: ( لعنتها الملائكة حتى تصبح )، فهذا من الكبائر العظيمة فلذلك عليها أن تعتذر إليه، وأن تسترضيه، وأن تذهب معه، إن كان قد ارتجعها في عدتها.

    أما إذا لم يرتجعها في العدة حتى انقضت، فلا بد من عقد جديد، إن كانت ترضى به، ولا بد من مشاورتها بذلك.

    1.   

    فطام الطفل قبل تمام الحولين

    السؤال: امرأة فطمت طفلها وهو في الشهر الخامس مع سنة أي: في السنة الثانية بسبب ذهابها إلى سفر خارجي مع خالتها، وهي تحتاج للعلاج بسب مرض فما حكم ذلك؟

    الجواب: إذا كان هذا لا يضر بصحة ولدها فهو جائز، وكذلك إذا لم تفطمه لكنها استأجرت له مرضعاً، أو أحضرت له من الحليب ما يكفيه، ولو كان ذلك صناعياً حتى تأتي؛ لأنها تقوم على خالتها التي تحتاج إليها، والصبي حينذٍ إذا لم يتأثر فلا إثم عليها بهذا؛ لأنه يمكن أصلاً أن يفطم قبل إكمال الفطام إن اتفق الزوجان على ذلك، فالحق في الحولين للأبوين، فإذا تنازلا عنه عن تراض، فيجوز فطام الولد قبل تمام الحولين.

    1.   

    نظر المرأة إلى عورة المرأة

    السؤال: ما حكم نظر المرأة إلى عورة الأخرى، إذا كانت تجد مع نظرها استجابة دينية أو دنيوية من النظر إلى النساء المتبرجات في التلفزيون اللاتي يظهرن في الأخبار؟

    الجواب: عورة المرأة مع المرأة، هي ما بين سرتها وركبتها، فما فوق السرة ليس من العورة، وما تحت الركبة ليس من العورة في حق المرأة مع المرأة، فإذا كانت تنظر إلى ما يجوز لها النظر إليه مما ذكر في التلفاز مثلاً، فهذا لا حرج فيه، وأما نظرها إلى ما بين السرة والركبة فهو حرام مطلقاً، ولا يحوج إليه إلا للضرورة، كما إذا كانت طبيبةً وتكشف للعلاج أو للتوليد أو نحو ذلك، أما ما سوى ذلك من الفوائد الدينية والدنيوية كما في السؤال، فلا يبيح النظر إلى العورة.

    1.   

    المسح على الجوربين

    السؤال: المسح على الجوربين والخفين في حكم المسح الشرعي؟

    الجواب: المسح على الجوربين وهما ما يشترط فيه من الصوف أو الكتان أو القطن أو نحو ذلك، فهذان الجوربان اختلف في حكم المسح عليهما، فذهب بعض أهل العلم إلى جواز المسح على الجورب إذا كان ثقيلاً، وهذه رواية عن الحنابلة وقول للشافعية، وذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يمسح عليه؛ لأن الأصل في المسح أنه رخصة، والرخصة لا تتعدى محلها، وإنما رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين.

    وأما الجوربان فقد أخرج الترمذي في السنن من حديث عروة عن المغيرة بن شعبة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين )، وهذا الحديث معلل لدى أهل الحديث بعدد من العلل، فمنها أن عروة الذي رواه عن المغيرة غير مسئول، فيمكن أن يكون عروة بن المغيرة معه، ويمكن أن يكون عروة بن الزبير بن العوام ، وقد كان كبيراً في أيام المغيرة لكن ما تعرف له رواية عنه، فكان المغيرة في الشام والعراق، وكان عروة من أهل المدينة، وكذلك فإن المعروف في رواية المغيرة لحديثه في المسح على الخفين كان في غزوة تبوك، وأيضاً فإن الحديث فيه مسح على الجوربين والنعلين، فهو محتمل بأن يكون مسح عليهما معاً، وأن يكون مسح على الجوربين وحدهما، وعلى النعلين وحدهما.

    وهذا الإشكال يقتضي ألا يكون هذا الحديث حازاً في المفصل؛ لأنه لا يتعين أحد المعنيين، ولا تتعين إحدى الدلالتين، فلذلك الراجح ترك المسح عليهما إلا من مرض، لكن يلحق بالخفين إذا استخدم من المواد الصوف التي تشبه الجلود، فما كان من البلاستيك أو من الجلود الصناعية، فالخفاف التي تكون من الجلود الصناعية أو البلاستيك أو نحو ذلك، يمكن أن يمسح عليها بشروط المسح على الخفين؛ لأنها تنوب مناب الخفين تماماً، و أنس بن مالك رضي الله عنه كان يرى المسح على الجوربين، وقد جاء من العراق يلبس جوربين ثقيلين فمسح عليهما، فأنكر عليه أبو طلحة الأنصاري وقال: أعراقية؟ فقال أنس : إنهما خفان من صوف، فهذا يدل على أن ما كان ينوب مناب الخفين ويقوم مقامهما مطلقاً، فيجوز المسح عليه.

    1.   

    ضابط ركوب الأجنبية مع سائق السيارة

    السؤال: من كانت له سيارة ويمكن أن يحمل معه بعض الأخوات المتحجبات؛ لكي يوصلهن بنية الأجر، فما حكم ذلك؟

    الجواب: إذا كان في غير ريبة وفي غير خلوة، فهو جائز، فيجوز للرجل أن تركب معه امرأة أجنبية إذا كانت في آخر السيارة، ولا يجوز أن تجلس مجاورة له من قرب فلا تجلس في المقعد الأمامي، وإنما تجلس في المقعد الخلفي، إلا إذا كانت في المقعد الأمامي وبينه وبينها حائل، ولم تكن الريبة حاصلة ولا الخلوة. والخلوة كما إذا كانا وحدهما وكانا يسلكان طرقاً قد لا يكون فيها مارة، فهذه خلوة لا تجوز، أما إذا كان ذلك مع ركاب آخرين، أو كان في طريق مزدحم بالمارة، فلا يكون ذلك خلوة، ويكون من الأمور الجائزة.

    1.   

    حكم التدخين

    السؤال: ما حكم شخص يدخن مع أنه داعية إلى الله ويصدع بالحق؟

    الجواب: استعمال الدخان لا تبيحه الدعوة، ولا يبيحه الصدع بالحق، فإن الله تعالى وصف رسوله صلى الله عليه وسلم في سورة الأعراف فقال: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف:157]، فالخبائث هو ما لا نفع فيه، والدخان لا نفع فيه، وهو ضار بالإنسان، فقد ثبت أنه سبب لسرطان الرئة، ولكثير من الأمراض الأخرى الفتاكة، فلذلك هو من الخبائث فلا يحل استعماله.

    1.   

    إجهاض الحمل في الأشهر الأولى

    السؤال: هل إسقاط الحمل في الأشهر الأربعة الأولى، أي: قبل نفح الروح في الجنين جائز؟ إذا خشيت المرأة كثرة الأولاد والاهتمام بهم؟

    الجواب: الإقدام على مثل هذا النوع هو من إهلاك النسل، وهو من الإفساد في الأرض، فلا يتكون حملٌ إلا بإذن الله سبحانه وتعالى، وقد قال الله تعالى: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ [الرعد:8-9]، فالنطفة إما أن تكون مخلقة أو غير مخلقة، والملك يسأل الله تعالى فيقول: أي ربي مخلقة أو غير مخلقة، فإذا كانت مخلقة أذن الله له في إيصالها إلى محلها، وإذا كانت غير مخلقة لم يـأذن له في ذلك، ومثل هذا النوع هو من الرضوخ للتعليمات الأجنبية التي يقصد بها تحديد النسل وتقليله، وهي من المؤامرات المشهودة على الأمة، فعلى النساء أن يتقين الله تعالى وأن يعلمن أن الإجهاض وسيلة من وسائل المؤامرات التي تحاك ضد هذه الأمة، ويقتضي بها تقليل نسلها والتأثير عليها، فالحمل منحة من الله سبحانه وتعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50]، فهبة الله ينبغي قبولها لا ردها، فإذا وهب الله تعالى عبده نعمةً وخصه بها ويطلبها كثير من الناس وقد لا ينالها، فعليه أن يقبل هبة الله.

    1.   

    أفضل الطرق لتفادي الحمل فترة الرضاع

    السؤال: ما هي أحسن طريقة لتفادي الحمل في فترة الرضاع؟

    الجواب: المرأة إذا كانت متلبسة بمرض تخاف فيه من تقارب الحمل، كما إذا كانت مصابة بمرض السكري، أو بارتفاع ضغط الدم أو نحو ذلك، أو كان لديها فشل في الكلى أو ضعف فيها، فيمكن حينئذٍ الحيلولة بينها وبين الحمل بطريق شرعي، وهو الامتناع من الوقاع في فترة قبول البويضة لذلك، وذلك أن للرحم عنقين، كل واحد منهما ينتج بيضة لكل شهر، فإذا نزلت البيضة إلى المبيض كانت قابلة للتلقيح عن طريق قناة فالوب، فإنما تقبل ذلك في اليوم الرابع عشر من بداية الدورة، فالعبرة من بداية الدورة لا بنهايتها؛ لأن دورات النساء متفاوتة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـفاطمة بنت أبي حبيش : ( تحيضي ستاً أو سبعاً في علم الله )، فهذا يشير إلى أن عادة النساء متفاوتة في الدورة، فالعبرة هي بأول الدورة لا بآخرها، فإذا عدت من أول الدورة أربعة عشر يوماً ففي آخر اليوم الرابع عشر تنزل البيضة إلى المبيض، فتكون قابلة للتلقيح مدة ثمان وأربعين ساعة، فإذا تجاوزت الثمانية والأربعين ساعة ولم تلقح؛ فإن المشيمة ستنكمش حينئذٍ وستصير حيضة، ولا تكون قابلة للتلقيح بعد ذلك، فهذا الامتناع عن الوقاع في مدة محصورة هي ثمان وأربعين ساعة من بداية الدورة من الأمور السهلة، أما استعمال الحبوب والحقن أو الواقي أو غير ذلك، فكلها محرمة؛ لما يترتب عليها من الأضرار الفادحة، والمشكلات الاصطناعية الكبيرة.

    1.   

    تزويج الفتاة اليتيمة بمن تكره

    السؤال: أنا فتاة يبلغ عمري اثنتي عشرة سنة، تريد أمي أن تزوجني برجل أكبر من أبي، وأنا لا أحبه وليس لي رغبة فيه؛ ولكن أمي دائماً تشكره لي وتقول: إنه غني، وسيجعل لي الدنيا وما فيها، وكذلك إخواني يتفقون مع أمي على ذلك، فأنا لا أعرف كيف أتصرف؟

    الجواب: الذي فهمت من هذا السؤال أن كاتبته ليس والدها حياً، وإذا كان الحال كذلك؛ فإنه لا يمكن تزويجها بهذه السن إلا عن طريق القضاة المنتسبين، ولا بد أن تكون هي المستأمرة في هذا النوع، فلا يمكن أن تزوج بغير إذنها، وإذا كانت غير يتيمة فإنها تستأمر أيضاً، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وينبغي حينئذٍ أن لا تكره على من تكرهه، فلا بد أن يكون الذي تتزوج به مناسباً لها، أو على الأقل ترضى على الزواج به، فهذا النوع ليس من النوع الذي فيه إكراه، وإنما يكون عن طريق التراضي والإقناع؛ لأن مشروع الزواج مشروع يراد له البقاء، وقد سماه الله ميثاقاً غليظا، ويترتب عليه الكثير من الحقوق، فلذلك لا ينبغي الإقدام عليه بالإكراه، وإذا أريد له النجاح والاستمرار، فلا بد أن يكون عن طريق القناعة، أما ما دون ذلك فلا يحصل به المقصد الشرعي.

    1.   

    دراسة الفلسفة والمنطق

    السؤال: ما حكم دراسة الفلسفة؟

    الجواب: الفلسفة أنوع منوعة، فالفلسفات التي هي نتاج بعض المدارس الكفرية دراستها محرمة، وقواعد الفلسفة التي ليست نتاجاً لمدرسة بعينها، وإنما هي قواعد عامة يمكن الاستفادة منها في رد بعض الشبهات، وفي إدراك بعض العلوم، فهذه لا حرج في دراستها، ولكن المشكلة هنا، أن الطلاب ليسوا هم الذين يختارون مقرراتهم بأنفسهم، وفي كثير من الأحيان لا يختارها أيضاً لهم أهل الدين والورع، والمقررات لا بد أن توكل إلى أهل الدين والورع، فهم الذين يختارون النافع للطلاب، ويجنبونهم ما فيه مضرة، وليس هذا مختصاً بالفلسفة بل في كل العلوم، وقد كان أهل الحديث يقولون: فلان ينتخب، أي: يختار للطلاب ما يحدثهم به من الأحاديث، فيجنبهم الأحاديث المعللة والمشكلة ونحو ذلك، وتعرفون أن كثيراً من كتب الحديث هي المنتخبات، كالمنتخب لمسند عبد بن حميد ، وهو كتاب مطبوع مشهور، وهكذا، فاختيار المقررات التي يدرسها الطلاب كان من شأن أهل العلم والورع الكبار، واليوم لم يعد الحال كذلك مع الأسف، فلهذا على الإنسان إن اضطر في شهادته إلى دراسة بعض المقررات التي فيها فساد ومخالفة للشرع أن يحرص على ألا يقتنع بشيء من ذلك، وإذا سمعه أن يكثر بعده من الاستغفار؛ لأن ظلمته لا يزيلها من القلب إلا الإكثار من الاستغفار، وأن يقتصر على محل الحاجة منه، أي: ما ينجح به في الامتحان، ثم يتجاوزه بعد ذلك.

    وهذه الدارسات النظامية التي يفرض على الإنسان فيها دراسة مثل هذه النوع من المواد، قد كانت قديماً نشأت في أيام المأمون العباسي ، عندما فرض بعض الكتاتيب على تدريس المنطق، وكان المنطق إذ ذاك نتاج فكرٍ وثني، وهو الفكر اليوناني، لم ينقَّ بعد، وقد اختلف العلماء في تدريس المنطق في ذلك الوقت:

    فـابن الصلاح والنواوي حرما وقال قوم ينبغي أن يعلما

    والقولة المشهورة الصحية جواز لكامل القريحة

    من وارث السنة والكتاب ليهتدي به إلى الصواب

    وقد قال ابن المختار بن بونة رحمه الله:

    قلت نرى الأقوال ذي المخالفة محلها ما ألف الفلاسفة

    أما الذي انتخبه المسلمون فذلك جائز عنده هو في اختياره، لكن القول الذي اشتهر بين أهل العلم أن هذا النوع من العلوم يختص تعلمه، بمن كان كامل القريحة، ممارساً للسنة والكتاب، فهذا الذي يهتدي به إلى الصواب.

    1.   

    وجود أثر المني في الثياب مع عدم معرفة وقت الاحتلام

    السؤال: [إذا احتلم الرجل في المنام ولم يعلم، فماذا عليه إذا وجده في ثوبه؟]

    الجواب: إذا احتلم الإنسان فخرج منه المني فهو يعرف أن هذه الأمور توجب عليه الغسل، وإن وجده في ثوبه ولم يدر متى خرج نهائياً، فهو محل خلاف بين أهل العلم للاحتياط للطهارة، فقالت طائفة من أهل العلم: يعتبره من آخر نومة نامها، وقال آخرون: يعتبره من أول نومة نامها في ذلك الثوب، يمكن أن يكون قد اختلف فيها، وإن كان ذلك في صوم فإنه يكمل الصوم؛ لأنه قد رفع عنه القلم في يومه، وإن كان وجده في ثوبه بعدما صلى فإنه يغتسل ويعيد تلك الصلاة، وإن ميز أنه مذي غير مني، وهذا نادر ما يقع في الاحتلام فإنه يقوم بغسله، ويغسل فرجه ويتوضأ للطهارة الصغرى وهي التي يلزم منها غسل الفرج والوضوء، والراجح في غسل الفرج أن المقصود به غسل الذكر والأنثيين معاً، كما في حديث علي رضي الله عنه قال: ( كنت امرأً مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لمكان ابنته، فأمرت المقداد أن يسأله فسأله فأمر بغسل الفرج )، وفي رواية: ( بنضح الفرج، وأن يتوضأ وضوءه للصلاة ).

    أما اللباس فيغسل من آثار الاحتلام.

    وإذا علم القصة وعرف أنه احتلم في النوم الفلاني وفي الوقت الفلاني فيعمل به، وإن لم يذكر قصة منامه، ولا عرفه؛ فإنه يعتمد على القرائن الأخرى، كأن يتذكر هذا الثوب هل يلبسه في الليل أو في النهار ونحو ذلك.

    وهذا النوع يقع أيضاً من النساء، فإذا وجدت المرأة أثرها حيض في ثوب من ثيابها، ولم تدرِ متى حصل ذلك الحيض، فتحمله على أول يوم ارتدت فيه ذلك الثوب على الراجح، إلا إذا كان ذلك في وقت ليس وقت عادتها، وكانت في وقت عادة لها، ولم تر ذلك الحيض ثم طهرت، ولم تشعر بالحيض حتى انتهى، فإنها تحمله على وقت العادة، وهذا منيه إذا كان هناك ثوب يتعاقبن عليه ثلاث نساء في رمضان، فلبسته الأولى في العشر الأوائل من رمضان، والثانية في العشر الأواسط من رمضان، والثالثة في العشر الأواخر من رمضان، ثم وجدن فيه أثر حيض لا يدرين من أين هو بعد نهاية الشهر، فإن الأولى: تغتسل وتقضي صيام شهرٍ كامل، والثانية: تغتسل وتقضي صيام عشرين يوماً، والثالثة: تغتسل وتقضي صيام عشرة أيام فقط.

    وقد نظم هذه النظم الشيخ محمد عالي رحمة الله عليه:

    ثلاث أسوة بالمسلمين ... بعشر ...

    ثم يجدن بعد ذاك أثر حيضٍ ولا يدرين ممن شجر

    وكان ذاك الشهر شهر الصوم قريناً كلهن قوله أن الصلاة

    أقصد الصلاة وليس الصوم:

    قبيل كلهن صوم يوم أما الصلاة فصلاة شهر

    ثلاث عشرين ثلاث عشر

    فالأولى التي لبست في العشر الأوائل، تغتسل وتصلي صلاة شهر كامل؛ لأن هذا الدم الذي لا تشعر به صاحبته إنما يكون لحظة من نهار، ثم طهرت فوجبت عليها الصلاة، فتقضي صلاة شهر، والتي تليها وهي التي لبسته في العشر الأواسط تقضي الصلاة عشرين يوماً، والآخرة تقضي صلاة عشرة أيام، أما الصوم فكل واحدة منهن تقضي يوماً واحداً؛ لأن هذا الدم اليسير إنما يكون ليوم واحد، فهذا هو المعتبر.

    1.   

    تطهير النجاسة من الثياب عند الغسال

    السؤال: حكم اللباس يكون فيه نجاسة ويعطى للغسال يغسله، فهل يجزئ ذلك الغسل؟

    الجواب: أن الإنسان إذا وجد النجاسة في ثوبه، فإن عليه أن يغسلها حفاظاً على طهارته، وقد قال الله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر:4]، وقد حمل ذلك بعض أهل العلم على تطهير الثياب الطهارة الحسية، وحمله آخرون على تطهير القلوب، فالثياب تطلق على العرض، ومنها قول امرئ القيس :

    ثياب بني عوف طهارى نقية وصفه عند بالرجل

    وعلى كل فإن حمله على تطهير الثياب إذا لامست نجساً، فيكون ذلك واجباً ولا يصح أن يدخل بها في الصلاة، وإذا أعطاه أجيراً مشتركاً في ... يغسل الناس ثيابهم بأجرة، فلا بد أن ينبهه على نجاسته؛ لأن كثيراً من الذين يمارسون هذه المهنة يضعون الثياب في الماء الذي قد استعمل وفيه الأوساخ فلا يكون مطهراً على الراجح، وقد قال بعض أهل العلم: إن النجاسة تطهر بكل مائعٍ قلّاع، وهذا رأي أبي حنيفة ورأي بعض المالكية كـالقرافي وغيره، يرون أن المائع القلّاع إذا زال به أثر النجاسة، فلن يطلع أثره فقد طهر الثوب بذلك، وعموماً فإذا أتاك الثوب فأتاك من الغسال وأنت ما زلت تشك فيه، فإنه يكفي لطهارته أن تنضحه؛ لأن النجاسة الآن مشكوك فيها، فلذلك يطهره النضح، فإذا نضخت عليه ماءً يسيراً، فإن ذلك مطهر له ولو لم يقع على بقعه النجاسة أصلاً؛ لأن النضح لطهارة الخبث، وطهارة الخبث لا تشترط فيها النية، ليست مثل طهارة الحدث.

    1.   

    معنى قوله تعالى: (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض ...)

    السؤال: هذا السؤال عن تفسير قول الله تعالى: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ [فصلت:9]؟

    الجواب: هذه الآية نزلت في عتبة بن ربيعة و الوليد بن المغيرة ، وقد كانا يجادلان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الله تعالى، فأنزل الله تعالى سورة فصلت، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عتبة لما أتاه فقال: ( اسمع يا أبا الوليد فقرأ عليه: بسم الله الرحمن الرحيم حم * تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [فصلت:1-3]، فقرأها عليه، حتى قرأ قول الله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ [فصلت:13]، فدعاه إلى السكوت )؛ لأنه خشي من صاعقة كصاعقة عاد وثمود لتمام عقله، وهذه الآية قامت بها الحجة على عتبة وغيره، وهي قول الله تعالى: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت:9].

    وهذا استدلال على البعث بخلق الأكبر، فإن خلق الأكبر أعظم من خلق الأصغر، فخلق الناس أقل من خلق السموات والأرض: لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ[غافر:57]، وهم ينكرون البعث بعد الموت، ويقولون: أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ[الإسراء:49]، فكانوا ينكرون أن العظام إذا تفتت، وكانت كثيباً في الرمل تنفخ فيها الروح وتعود بعد ذلك، فقامت عليهم الحجة بآيات البعث، ومنها هذه السورة، فإنها نزلت لإثبات البعث بعد الموت، وكذلك سورة يس، جاءت لإثبات البعث بعد الموت، وكذلك سورة ق، فإن المقسم عليه يوم البعث وقد حذف فلم يذكر؛ لكن سبب النزول يفسره، فقول الله تعالى: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق:1]، المعنى أي: لتبعثن، فهذا المقسم عليه وهو محذوف معروف سياق القصة التي نزلت فيها السورة، وكذلك هنا بين الله تعالى خلقه للسموات السبع، والأرضين السبع وما فيهن من أنواع الخلائق في ستة أيام، وقد بين أن خلق الأرض وما فيها كان في أربعة أيامٍ، وأن خلق السموات وما فيها كان في يومين، فتمت بذلك ستة أيام.

    وقد جعل الله تعالى العالمين العالم العلوي والعالم السفلي متوازنين، فالعالم العلوي ذكر الله فيه أربعة أنواع من أنواع الخلائق، والعالم السفلي ذكر فيه أربعة أنواع من أنواع الخلائق، فقال: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت:9]، فهذا أول خلائق العالم السفلي، أي: خلق الأرض، وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا [فصلت:9-10]، وهذا النوع الثاني، وَبَارَكَ فِيهَا [فصلت:10] هذه البركة في الأرض التي تشمل أمطارها ونباتها وأكسجينها وهواءها ورياحها، كل ذلك من بركات الله فيها، وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا [فصلت:10] بما فيها من أنواع الأرزاق، وقبول التربة للنبات والزرع، فكل ذلك من أقواتها.

    ثم قال في العالم العلوي: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت:11-12]، فهذه النوع الأول من العالم العلوي، وهي السموات التي تقابل الأرضين في العالم السفلي.

    وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا [فصلت:12]، وهذا يقابل البركة في الأرض، وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ [فصلت:12]، وهي تقابل الجبال في الأرض وَحِفْظًا [فصلت:12]، فالحفظ في السماء هي مثل الأرزاق التي في الأرض، فهو يقابل ذلك، فهذه أربعة أنواعٍ تقابل أربعة أنواع، فيقع التوازن بين العالمين العلوي والسفلي بذلك.

    1.   

    موت زوج المرأة مع شروعها في الحج

    السؤال: ما حكم امرأة ذهبت إلى الحج وعندما قضت أياماً توفي زوجها قبل الرجوع فهل ترجع أم تواصل الحج؟

    الجواب: عليها أن تواصل حجها وألا ترجع، فهذا العارض جاء وهي قد تلبست ببداية الحج؛ ولزمها حينئذٍ إتمامها، والحج من الواجبات التي تلزم بالشروع إجماعاً، حتى لو كانت قد حجت من قبل ذلك حجة الإسلام؛ فإن الحج لا يكون نفلاً، ولذلك قال السيوطي رحمه الله في ذكر المندوب:

    وبالشروع لا نلزمه وقال نعمان بلى

    والحج ألزم بالتمام شرعا إذ لم يقع من أحد تطوعا

    أي أن مذهب مالك و أبي حنيفة أن المندوب يلزم بالشروع في أغلبه، إلا الطهارة مثلاً والوقف فلا يلزمان بالشروع، ويلزم بالشروع الصلاة والصوم ونحو ذلك، كما قال السيوطي :

    صلاة وصوم ثم حج وعمرة طواف العكوف للشروع تحكما

    وفي غيرها كالطهر والوقف خيراً فمن شاء فليقطعه ومن شاء تمما

    وقال:

    والحج ألزم بالتمام شرعا إذ لم يقع من أحد تطوعا

    فالشافعية والحنابلة لا يرون أن الإلزام في الصوم والصلاة بالشروع، بل يرون أن الإباحة فيه باقية، إلا ما ألزم بأمر من الشارع فيبقى على عدم الفرض، ويستثنون من ذلك الحج والعمرة، وبذلك قال:

    والحج ألزم بالتمام شرعا، أي: أن الشارع ألزم بإتمامه، ولم يقع من أحد تطوعا؛ لأن الله تعالى يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، فهذا يقتضي أن إقامة الموسم فريضة كفائية على المسلمين في كل عام، حتى لو قدر على المسلم لو حصر عددهم في عدد محصور وقد حجوا جميعاً فيلزمه إقامة الموسم ولا يحل له التخلي عنه.

    1.   

    معنى قوله تعالى: (قالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه ...)

    السؤال: عن تفسير قول الله تعالى: قَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ [يوسف:31]؟

    الجواب: الله تعالى بين قصة امرأة العزيز مع يوسف فإنها أعجبها جماله، فراودته عن نفسه، فاستعصم منها وامتنع، فغلقت الأبواب وقالت: هيت لك، ودعته إلى نفسها، فاستعصم منها وامتنع، فتسابقا إلى الباب حين سمعت صوت العزيز، فسبقها هو، فجبذته فشقت ثوبه من الخلف، فشكته إلى زوجها، بأنه راودها عن نفسها، فأخبره يوسف أنها هي التي راودته عن نفسه، فلما احتكما بعث الله شاهداً من أهلها، وهو ابن أختها وهو الصبي في المهد، فتكلم بلسان فصيح، وقال: إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ [يوسف:26-27]، فلما وجدوا قميصه قد من دبر عرف العزيز أنها هي الكاذبة، ولكن مع ذلك أراد الستر، ولم يرد فضحها ولا إشاعة خبرها، لكنها علمت أن نسوة من أهل مدينة مصر يتحدثن بذلك، ويتعجبن من شأنها، فدعتهن إلى بيتها واعتدت لهن متكئاً، وآتت كل واحدة منهن سكينا، ثم أمرته فجأة أن يخرج عليهن، فلما خرج عليهن ذهبت عقولهن بالنظر إليه لحسنه وجماله، وقد أوتي شطر الجمال، فقطعن أيديهن لهول ما رأين وقلن وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ[يوسف:31-32]، فسمع يوسف ذلك فاستجار بالله تعالى فأجاره، وأعاذه من كيدهن.

    وقوله تعالى: وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ [يوسف:31]، أي: قالت امرأة العزيز لـيوسف: اخرج عليهن، أي: افتح الباب واخرج عليهن دون سابق إنذار، وذلك أبلغ في التوتر في عقولهن، ولذلك قطعن أيديهن، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ [يوسف:31]، أي: عند خروجه عليهن: أَكْبَرْنَهُ [يوسف:31]، بمعنى: عظمنه، أي: عظم في نفوسهن، وقيل: أصل الكلمة أكبرن، والهاء هاء السكت، أي: حضن، فأكبرت المرأة معناه: حاضت، فعلى ذلك التفسير يكون المعنى: أنهن حضن من هول ما رأين حين فاجأهن يوسف فرأينه، وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف:31].

    1.   

    فوائد من حديث: (ما فعل النغير يا أبا عمير!)

    السؤال: ما هي الفوائد المستخلصة من حديث: ( ما فعل النغير يا أبا عمير

    الجواب: هذا الحديث أخذ منه كثير من الأحكام، وقد روي أن الشافعي فصل فيه فأخرج منه عدداً كبيراً من المسائل:

    فمنها: تكنية من ليس له ولد، وأنه يجوز له أن يتكنى، ومنها: خطاب الإنسان بأحب أسمائه إليه، ومنها: جوز مداعبة الصبيان، ومنها: جواز تملك الطيور التي لا يقتضي أكلها، وأنه ليس هذا إهانة لها إذا كانت ينفق عليها ولا تعذب، ومن ذلك جواز استعمال الدواجن في البيوت، وأنها من الطوافين عليكم والطوافات، ومنها: طهارة فضلات الدواجن كالطيور ونحوها مما يشق، أي: يعسر التحرز منه، وغير ذلك من الفوائد الكثيرة المستخلصة من هذا الحديث.

    1.   

    حكم صيام يوم المولد النبوي

    السؤال: سمعت بعض فقهاء الإذاعة يقول: إن الصيام يوم المولد النبوي الشريف مكروه، مع العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صيام يوم الاثنين قال: ( ذلك يوم ولدت فيه

    الجواب: هذه الكراهة كراهة غير شرعية، فصيام يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم سنة؛ لما أخرج مسلم في الصحيح ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الإثنين، فسئل عن صيام يوم الإثنين، فقال: ذلك يوم ولدت فيه )، فيسن صيام مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر بعض الفقهاء قصة حصلت لأحد فقهاء المغاربة وهو ... ، ذكرها الرهوني في حاشيته على شرح الفرقان على مختصر خليل ، وهذه القصة هي فقط زجر أحد؟ الفقهاء المغاربة المتأخرين لأحد الفقهاء قدم عليهم في هذا وهو صائم، وهذا لا يقتضي كراهة السلف له، إنما هي قصة حصلت فقط لأحد الفقهاء المغاربة على نهر ذي رقراق، ولا يقتضي منها حكم شرعي وليست دليلاً.

    1.   

    محرم المرأة في سفرها إلى الحج

    السؤال: أريد أن أسأل عن المرأة التي تمشي حاجة ومعها محرم، وليس المحرم محرماً لها، هل هذا حرام أم لا؟

    الجواب: أولاً: حكمت أنه محرم لها، ومع ذلك قالت: وليس محرماً لها، وهذا من شهادة الزور ومن الكذب والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً وليلة إلا مع ذي محرم )، وإذا كان ذلك في حجة الإسلام ولم تجد محرماً، فإن المالكية يرون أنه يجوز لها أن تخرج إلى سفر الحج مع رفقة مأمونة، والرفقة المأمونة اختلفوا فيها: هل لا بد فيها من الرجال والنساء معاً، أو يكفي فيها أحد الجنسين فقط، وسبب ذلك أن النساء في زمان النبي صلى الله عليه وسلم كن يهاجرن من غير محارم، فقد هاجرت حمنة بنت جحش و أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط من مكة إلى المدينة، وليس معهما محرم، وهاجر كثير من النساء إلى المدينة كذلك دون أن يكون معهن محارم، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ليأتي بـزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وهو ليس محرماً لها، فالضرورة تبيح هذا النوع من الأسفار، ولذلك فإن صفوان بن المعطل رضي الله عنه جاء بأمنا عائشة رضي الله عنه في غزوة المريسيع لما بقيت على أثر الركب، فبقيت في مكانها حتى مر عليها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتركه وراءه في كل غزوة يوماً وليلية، فهذا النوع من الأسفار ما كان منه للضرورة فهو خارج عن محل الحديث من الأسفار غير الواجبة، فلذلك إذا كان السفر واجباً كحجة الإسلام ولم تكن حجت من قبل، فيمكن أن تسافر مع نفرٍ مأمونٍ، ولا بد مع ذلك من الشرط الأخرى وقد ذكرها الفقهاء:

    وامرأة كرجلٍ يزيدا أن لا يكون مشيها بعيدا

    وأن تخص بمكان في السفل للنوم والقضاء للحاج وكل

    وإن يكون معها في ذي الحج أو محرمٍ في لازم القمة وتمييز الجرب

    أو من نساء الشر اكتفاء..

    ... في اكتفاء ... أي اشتراط أن يظن العبد في حين ... تردد

    فهذا من الشيخ محمد سالمي .

    1.   

    التحاق البنت الصغيرة بالمدرسة النظامية

    السؤال: لي بنت قد أصرت أمها المطلقة مني على دخولها في المدرسة، وأنا كنت أرفض ذلك، ولكنها لا تسكن معي، ولا سلطة لي عليها، فماذا علي في هذا الأمر؟ وهل يجوز لي أن أساعدها على ذلك؟

    الجواب: المدارس النظامية ليس فيها حضانة للبنات، ولا تعليم لهن ما يكفيهن من أمور الدين، وحتى أمور الدنيا ما يدرس في المدارس النظامية عندنا هنا منه غير كافٍ، فلذلك لا ينتبه هذا الرجل على ابنته في المدرسة، ولا بد من القيام عليها وتعليمها فرائض دينها، ولا بد من مراعاة تربيتها وصيانتها، ومن المعلوم أن البنت إذا تجاوزت التاسعة من عمرها، فقد دخلت في أخطر مرحلة في حياتها، وهي مرحلة تكون الحياء والرأي العام لديها، من التاسعة إلى الخامسة عشرة، هذه السن التي تأخذ فيها من وازع حيائها والتزامها، فإذا كانت في هذه الفترة تخالط الرجال، وتخرج إلى المدارس بزينتها، فهذا خطر على حيائها والتزامها، فلذلك لا بد أن يمنعها في هذه المرحلة، أما إذا كانت صغيرة جداً قبل التاسعة، فأرادت أمها أن تدخل المدرسة لتعلم الكتابة والقراءة، وثم بعد ذلك يخرجها فلا حرج، أو كانت كبيرة أيضاً قد تأدبت وعرفت أحكامها وتكوّن حياؤها فحينئذٍ لا حرج أيضاً.

    1.   

    معنى حديث: (كم أجعل لك من صلاتي)

    السؤال: هناك حديث في سنن الترمذي لا أحفظه، ولكن مضمونه أن أحد الصحابة قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد أمرنا أن نصلي عليك؟

    الجواب: هذا الحديث صحيح، والمقصود بصلاة الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم: كم أجعل لك من صلاتي، المقصود بذلك دعاؤه، فالإنسان إذا جعل كل دعائه صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن الله يكفيه ما أهمه وما لا يهتم له، وإن كان يصلي عليه قبل دعائه وبعده، فإن دعاءه مستجاب أيضاً، فالمقصود بالصلاة هنا الدعاء.

    1.   

    صلاة من لا يعرف وجوب الوضوء للصلاة

    السؤال: امرأة تقول: كنت في فترة من عمري لا أعلم أن الوضوء واجب، أو شرط لصحة الصلاة على رغم من أني أرى الناس يفعلونه، وكنت اغتسل ثم أتيمم للصلاة فماذا علي؟

    الجواب: يجب عليها أن تتوب مما مضى وأن تحسن في المستقبل، وأن تتقن صلاتها، لكن لا يلزم على الراجح قضاء شيء مما مضى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المسيء في صلاته بإعادة شيء مما مضى، مع أنه نفى عنه جنس الصلاة، فقال: ( ارجع صلّ فإنك لم تصل )، ومع ذلك لم يأمره بإعادة شيء مما مضى.

    1.   

    الغلو في قول الشاعر: ...

    السؤال: هذا السؤال عن قول الشاعر: ...؟

    الجواب: هذا النوع هو من الغلو الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال: ( لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح بن مريم وقولوا: عبد الله ورسوله )، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو عبد الله وهو أكرم الخلق على الله عز وجل، وهو رسول إلى الثقلين الإنس والجن، لكن الله سبحانه وتعالى هو خالق الكون يخلق ما شاء من خلقه، وقبل أن يخلق محمداً صلى الله عليه وسلم خلق خلائق كثيرة، وكذلك بعده، فليس شيء من ذلك مرتبطاً بخلق النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    الحكم على حديث: (شراركم عزابكم وشرار نسائكم عزابهن)

    السؤال: هذا السؤال عن مدى صحة حديث: ( شراركم عزابكم وشرار نسائكم عزابهن

    الجواب: هذا على الراجح لا يصح، وإن كان قد حسنه بعض أهل العلم، لكن ذلك التصحيح غير صحيح فهو لا يصح، لكن جاء معناه في حديثٍ آخر ليس فيه ذكر الخير وذكر الشرية بالنسبة للعزاب، وجاء أيضاً في مقابله حديث آخر وهو: ( خيركم حفيف الحال ورجل جاء بلا أهل ولا أولاد )، وكل ذلك لا يصح، فالنكاح إنما صح فيه الحديث السابق من أمر النبي صلى الله عليه وسلم به في حق من قدر عليه.

    1.   

    حصار قريش لبني هاشم

    السؤال: هذا السؤال كيف كانت حرب بني هاشم مع قريش؟

    الجواب: إذا كان السؤال عن فترة الحصار في الشعب، فإن قريشاً اجتمعوا عندما امتنع أبو طالب أن يسلم إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمع بنو هاشم وبنو المطلب، فتعاهدوا على منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصل إليه المشركون، ومعه حينئذٍ المستضعفون من الذين آمنوا به في ذلك الوقت، واتفقت قريش فاجتمعوا بالمخصب بوادي الأبطح، فتعاهدوا على حصارهم، فأخرجوهم إلى الشعب وحاصروهم فيه ثلاث سنين، لا يبيعون إليهم ولا يشترون منهم، ولا يزوجونهم ولا يتزوجون إليهم، وهذه الفترة كانت خيراً للمسلمين في حينها تعودوا على أخلاق الإسلام وقيمه كالإيثار، وحصول المحبة والإخاء الذي كان أقوى من أخوة النسب، ولما كانوا في هذه الفترة محتاجين لمن يتحفهم بالإيواء، كان حكيم بن حزام ، وكان من أولياء قريش وتجارهم، يأتي بالأزواد على الإبل فيدخلها في الشعب ثم يدفنها، فيأخذه المؤمنون، ويعلمون أنها صلة يصل بها حكيم عمته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وكان كذلك العباس بن عبد المطلب من التجار فكان ينفق على الناس في الشعب إذ ذاك، وقد سعى أبو طالب برفع هذا الحصار، فلم تقبل قريش ذلك، فأنشد قصيدته المشهورة اللامية التي يستعيذ فيها بالله تعالى من هذه القطيعة، وفيها كثير من المدح لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر شأن قريش، ومنها يقول في قسمه:

    وثور ومن أرسى ثبيراً مكانه وساع ليرقى في حراء ونازل

    وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافياً غير ناعل

    وحيث ينيخ الأشعرون رحالهم بأهب السيول من إساف ونائل

    كرهتم لبيت الله نبزى محمداً ومنا نقاتل دونه ونناضل

    ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل

    وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل

    يلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل

    وقال في قصيدته الأخرى المشهورة:

    أيا أخي عبد شمس ونوفلاً أعيذكما لله أن تحدثا حربا

    وأراد الله تعالى إنهاء هذا الحصار فقام رءوس خمسة من قريش واتفقوا أن يتعاهدوا على فك هذا الحصار، فاجتمعوا هؤلاء بليل وأبرموا أمرهم، فرتبوا خطتهم، وأن يتفرقوا في نصف قريش بناديهم، فقام المطعم بن عدي فكان أول المطالبين بإزالة الصحيفة التي كتب فيها الحصار بفك الحصار عنهم، وصدقه الآخرون في قوله، فقال أبو جهل : هذا أمر أبرم بليل. فنقضت الصحيفة، وقد أخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دابة الأرض قد أكلتها، فلم تترك منها إلا اسم الله، واسم رسوله صلى الله عليه وسلم، فوجدوها كذلك، فزال هذا الحصار إذ ذاك.

    ونبزى معناه: الوصال فيه، أي: ينتزع منا، والمعنى لا نبزى محمداً.

    1.   

    كفر من أهان العالم

    السؤال: هل من أهان العالم يكفر بذلك؟

    الجواب: لا، إنما ذكر أهل الفقه ذلك من باب أن احتقار العالم من أجل علمه، أي من أجل ما يحمله من الوحي، وهذا احتقار للوحي الذي يحمله، وقد ذكر ابن هلال أن إهانة العالم كفر، وهذا هو مذهب المالكية ومقصودهم بذلك إذا كانت إهانته من أجل ما يحمله من العلم، لا على أمر شخصي يتعلق بذاته هو، ولذلك يقول العلامة بالله بن عبد القادر بن محمد محمد سالم : ابن هلال في النوازل قال: إهانة العالم كفر، ولعل معناه أن المفسدين في رسل رسله كالمفسدين في الرسل.

    1.   

    الشراء بالاقتراع

    السؤال: هل يجوز الشراء بالاقتراع على البضائع؟

    الجواب: لا؛ لأن هذا من الغرر وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.

    1.   

    بيع الملابس المستعملة

    السؤال: هل يجوز بيع الملابس التي استعملت من قبل؟

    الجواب: أن الملابس المستعملة تنقسم إلى قسمين: إلى ملابس صنفت تصنيفاً خيرياً، أي: أريد بها توزيعها على الفقراء، وهذه لا تصنف عادة، بل في كثير من الأحيان يجد فيها بعض الأمتعة كالساعات والنقود ونحو ذلك، ولا تكون مصنفة بعضها جيد، وبعضها رديء، فهذا النوع لا يجوز بيعه قطعاً لما فيه من الجهالة والغرر.

    النوع الثاني: المصنفة تصنيفاً تجارياً، بأن تجعل القمصان وحدها ونحو ذلك، أي: تجعل أصنافاً، وقد جعلها للتجارة على ستة أصناف بحسب الجودة والدناءة، فالمصنفة تصنيفاً تجارياً يجوز بيعها؛ لأن الجهالة فيها أقل.

    1.   

    من ترك الصلاة فيما مضى من العمر

    السؤال: ما حكم داع كان في السابق مرة يصلي ومرة لا يصلي؟ ماذا عليه أن يصنع؟

    الجواب: إن كان يعرف أنه ترك صلاة أو أكثر، وهو يعرف تلك الصلاة، ولم يتركها شكاً في وجوبها ولا شكاً في الشرع، ولا كفراً ولا نفاقاً، فإنه يقضي تلك الصلاة التي فاتته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من نسي صلاة أو نام عنها؛ فليصلها متى ما ذكرها، فإن وقتها ذكرها )، فإذا كان هذا في حق النائم والناسي، وقد رفع عنهما القلم، فمن باب أولى غيره، أما إذا كان كافراً فإن شك في وجوب الصلاة، أو كان منافقاً لا يؤمن بالبعث بعد الموت في ذلك الوقت حينئذٍ، فإنه لا يقضي شيئاً مما مضى؛ لأنه كان كافراً، ولكنه يسلم ويحسن إسلامه في المستقبل.

    1.   

    الاغتسال من حركة المني ونزوله

    السؤال: [من وجدت حركة المني فهل عليها غسل أم لا]؟

    الجواب: أنه إن أنزل مني؛ فإنه يلزمه الغسل، وإن كانت امرأة فأحست بتحرك المني، فإنه يلزمها الغسل من ذلك لما في حديث أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها أنها قالت: ( يا رسول الله! إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت، فغطت أم سلمة وجهها، وقالت: فضحتِ النساء، وهل تحتلم المرأة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثكلتك أمك وهل يكون الشبه )، أي: شبه ولدها بها، فأمرها أن إذا وجدت ذلك أن تغتسل كما يغتسل من الجنابة، فإذا كانت المرأة أحست بحركة الماء ونزوله من لذة، فإنها تغتسل لذلك، وإن لم تحس بالتحرك وإن كانت التذت، فلا يلزمها غسل.

    1.   

    حكم الصلاة على جنابة

    السؤال: ما حكم من صلت وهي جنابة بوضوء؟

    الجواب: الوضوء لا يجزئ الجنابة فيلزم أن تغتسل، وأن تقضي تلك الصلاة؛ لأنها لم تغتسل والوضوء لا يرفع الجنابة.

    1.   

    تزوير العملات

    السؤال: ما حكم تزوير العملات كالدولار أو أوقية وغيره؟

    الجواب: تزوير العملات حرام، وفاعله صاحب معصية عظيمة يعزر عليها شرعاً، ويلزم منه تلك النقود المزيفة أي: المزورة فلا يحل التعامل بها ويجب إتلافها.

    1.   

    الاستمناء باليد

    السؤال: ما حكم الاستمناء باليد لمن اعتاده؟

    الجواب: الله تعالى يقول في كتابه: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7]، والاستمناء باليد هو ما وراء ذلك، فعلى الإنسان ألا يفعل ذلك، ومع هذا فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جوازه، وبعضهم إلى كراهته، قال ابن عباس : نكاح الأمة خير منه، لكن الاحتياط أن يجتنبه الإنسان مطلقاً؛ لأن الله تعالى قال: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:7].

    1.   

    أجر بناء المساجد والقيام على شئونها

    السؤال: ما التأثير الإسلامي في بناء المساجد والمحافظة على نظافتها؟

    الجواب: المساجد بيوت الله، وقد خصها بالإضافة إلى نفسه إضافة تشريف، وبين أن الذين يعمرونها هم المؤمنون، فقال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ [التوبة:18]، وعمارتها تشمل بناءها وتنظيفها والصلاة فيها، واستغلالها في الخير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من بنى لله مسجداً ولو قدر مفحص قطاة بنى الله له به بيتاً في الجنة )، فمن أفضل القربات التي يتقرب بها إلى الله تعالى هو من بنى مسجداً لله تعالى مخلصاً فيه، كان له أجر من صلى فيه إلى يوم القيامة.

    ولكن أذكر أن النشاط العلمي سيوقف ابتداء من الآن إلى نهاية العيد إن شاء الله تعالى؛ لأن هذه الأيام أيام عبادة وطاعة وصوم، وقد صح في حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من أيام العمل الصالح فيه أحب إلى الله منه في أيام العشر، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع بذلك بشيء )، ولعل النشاط الذي يبقى فيها هو ... إذا كانت الأيام ... في حق النساء، أما الدورة العلمية فسنوقفها، ولعلنا إن شاء الله نقيم بعض المنابر في هذه الأيام، لكن الدورة ستوقف؛ لأننا بالأمس حددنا موعدها تجربةً، ونقلناه إلى العيد، لكن الطلاب اعترضوا فذكر كثير منهم أنهم من طلاب الجامعة أنه يشق عليهم الحضور غداً، وهم أكثر الحاضرين فطلبوا تأجيلها، فلذلك لعلنا إن شاء الله نرجئها إلى أول جمعة بعد العيد إن شاء الله تعالى.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767964692