إسلام ويب

صور من انتصار الدينللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وضمن له النصر والتمكين، وأن يبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار. ونصر هذا الدين له مجالات عديدة, منها: النصر العسكري, والثقافي, والاقتصادي, والسياسي, والدعوي, فعلى المسلمين استشعار المسئولية تجاه نصر دينهم, والسعي في تحقيق ذلك.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وضمن له النصر والتمكين، وأن يبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار؛ فقد قال الله تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ[الحج:40]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[محمد:7]، وقال تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ[الأنبياء:105]، وقال تعالى: إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ[الأعراف:128]، وقال تعالى: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ[غافر:51]، وقال تعالى: كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ[المجادلة:21]، وقال تعالى: وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[النور:55].

    وقد أخرج البخاري في الصحيح عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد برده في ظل الكعبة، فقلت: يا رسول الله! ألا تستنصر لنا! ألا تدعو لنا؟! فقال: إنه قد كان فيمن قبلكم يؤتى بالرجل فيوضع المنشار على مفرقه فيفرق به فرقتين، ثم يؤتى بأمشاط الحديد فيمشط بها دون عظمه من جلد ولحم، لا يصده ذلك عن دينه، فوالذي نفس محمد بيده! ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم قوم تستعجلون )، وبين النبي صلى الله عليه وسلم كذلك انتصار هذا الدين وانتشاره فقال: ( لينصرن الله هذا الدين حتى لا يبقى بيت حجر ولا مدر إلا دخله )، و(بيت حجر) أي: بيت مبني من الحجارة، و(بيت مدر) أي: بيت مبني من الطوب والطين.

    وبين النبي صلى الله عليه وسلم كذلك أن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار حتى لا يبقى بيت إلا دخله، وبين أنه سيعزه الله بعز عزيز أو بذل ذليل.

    وكذلك بين أنه ستفتح الأمصار؛ فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون، فيخرجون بأهليهم ومن أطاعهم, والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيخرجون بأهليهم ومن أطاعهم, والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون, فيخرجون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح مصر فيأتي قوم يبسون فيخرجون بأهليهم ومن أطاعهم, والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون )، وأخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنكم ستفتتحون مصر وهو أرض يذكر القيراط، فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لهم نسباً وصهراً، فإذا رأيت الرجلين يقتتلان على موضع لبنة منها فاخرج )، قال: (فرأيت ربيعة بن شرحبيل بن حسنة يقاتل أخاه على موضع لبنة فخرجت فلم أرجع إلى بيتي).

    فهذه النصوص التي سقناها هي نصوص صريحة من القرآن, ونصوص صحيحة من السنة تدل كلها على أن المستقبل لهذا الدين, وأن الله سيعزه ويعز أهله، وينصره وينشره، وقد نصر الله محمداً صلى الله عليه وسلم, وتعهد له بالنصر؛ فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[التوبة:38-40].

    وقال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْرًا عَزِيزًا[الفتح:1-3]، وقال تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا[التوبة:25-26]، وقال تعالى: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ[آل عمران:123].

    وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الله نصره بالنصر الباقي لأمته من بعده؛ فقد أخرج الشيخان في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي: أوتيت الشفاعة, وبعثت إلى الناس كافة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، ونصرت بالرعب مسيرة شهر ).

    وأخرج أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الرعب نصر لهذه الأمة )، وكذلك بين أن أصحابه ينصرون بعده, وأن التابعين ينصرون, وأن أتباعهم ينصرون كذلك؛ فإنه قال: ( أنا سكن لأصحابي، أنا أمن لأصحابي، وهم أمن لمن بعدهم ).

    وأخرج البخاري في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من رأى محمداً؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من رأى من رأى محمداً؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من رأى من رأى من رأى محمداً فيقولون: نعم، فيفتح لهم ).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088518133

    عدد مرات الحفظ

    777079218