إسلام ويب

مكانة المدينة المنورةللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المدينة النبوية مهد الدولة الإسلامية, ومهبط الوحي, ومهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم, طابة الطيبة, حرمها رسول الله كما حرم إبراهيم مكة, ودعا لها بالبركة ضعف ما دعا إبراهيم لمكة, ولها من الفضائل الكثير. وفيها الأماكن والمشاهد المقدسة التي لها ارتباط برسول الله, كالمسجد النبوي -التي تضاعف فيه الصلاة, والذي فيه الروضة المشرفة, ومنبر رسول الله- ومقبرة البقيع, ومقبرة شهداء أحد, وجبل أحد, وغيرها من الأماكن التاريخية.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه, ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    مرحباً بكم يا ضيوف الرحمن! يا حجاج بيت الله الكريم! مرحباً بكم في دار الهجرة في مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرحباً بكم في مهبط الوحي، ودار الإيمان.

    إن الله سبحانه وتعالى قد أنعم عليكم بنعمة عظيمة، وجمع لكم شرف الزمان والمكان، فأنتم الآن في الأيام العشر من ذي الحجة، وهي أشرف أيام السنة، وقد صح في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من الأيام العشر. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ).

    فهذه الأيام محبوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وهو يحب العمل الصالح فيها مما يقتضي تضعيفه له وزيادته ونماءه وبركته، ومما يقتضي كذلك كثرة قبوله من العاملين؛ لأن الله سبحانه وتعالى غني عن عبادة العابدين، وهو لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحاً: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27]، لكن المواسم التي يختارها الله للعمل الصالح تكون فرصة للقبول، فيختار الله فيها لقبول عمل من يختارهم، والذين يختارون لهذا العمل لا تأتي لوائحهم بالتأشيرات الرسمية؛ بل إنما يؤشر لهم رب العزة سبحانه وتعالى، فهو الذي يدعوهم ليباهي بهم ملائكته، فيجمعهم في هذه البقاع المقدسة, وفي هذا الزمان المقدس ليغفر لهم، ويباهي بهم ملائكته, وليستجيب دعواتهم، ويحقق آمالهم، فهذه فرصة عظيمة إذاً، وبالأخص إذا علم الإنسان أن هذه الأيام قد أقسم الله بها في كتابه، وجمهور أهل التفسير أنها المقصودة بقول الله تعالى: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2]، فجمهور المفسرين من الصحابة والتابعين على أن الليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهي في هذا الشهر الحرام الذي هو من الأشهر الحرم التي قال الله فيها: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [التوبة:36]، وهذه الأشهر الحرم عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، وأعظمها عشر ذي الحجة، وفيها يومان عظيمان هما: يوم عرفة, ويوم النحر، فهما أعظم أيام السنة، فيوم عرفة لا يمر على إبليس في السنة يوم أخزى منه في يوم عرفة؛ لكثرة ما يرى من المغفور لهم، والذين لم يستطع التأثير عليهم، ويوم العيد هو يوم الحج الأكبر عند جمهور أهل العلم؛ لأن معظم أعمال الحج تكون فيه، وفيهما تتم عشر ذي الحجة.

    وذهب بعض العلماء أن فضل العشر غير مقتصر على الحجاج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صيام يوم عرفة: ( أحتسب على الله في صيام يوم عرفة أن يكفر ذنوب سنتين ) أي: أن يكفر ذنوب السنة الماضية, والسنة القادمة، قال أهل العلم: هذا يقتضي أيضاً نجاة الإنسان في السنة القادمة؛ لأنه وعد بمغفرة ذنوبه في السنة القادمة، ولا يتم ذلك إلا إذا عاش السنة القادمة، وإذا عاشها فيكون هذا ضماناً لطول العمر الذي يحتاج الناس إليه، وإذا لم يعشها فإنه لم يوفق في الغالب لصيام يوم عرفة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العشر يجتهد بالطاعات، ويكفي إرشاده لذلك؛ فقد أرشد المؤمنين إلى الإكثار من الطاعات في هذه الأيام، وبين أن أجر ذلك أعظم عند الله سبحانه وتعالى من أجر الاجتهاد في غيرها, وبالأخص إذا اجتمع مع ذلك شرف المكان.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088545324

    عدد مرات الحفظ

    777239166