إسلام ويب

مقدمات في العلوم الشرعية [2]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ينبغي على الشخص أن يطور معلوماته حتى يستطيع أداءها كما يجب، ومن وسائل ذلك: نية أن يُعَلِّم ما تعلم، وأن يكون عالماً بأن الذي سيعلمه لابد أن يكون أقل مما تعلمه، ولا يؤدي إلى طلابه إلا جزء مما عنده وألا يتجاسر على شرح الموسوعات الكبيرة، وأن يعرف أن العلوم مترابطة متداخلة، وأن يتدرب على التدريس وأن يشتغل به لأنه ينسى، وأن يرتب العلوم حسب الأهمية، فالعلوم أنواع منها أصلية ومنها وسائل ومنها ما يدرك بالمطالعة ومنها لابد فيه من التلقي.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أما بعد:

    فإن العلم دروبه كثيره ومن أعظمها: علم الخبرة؛ لأن العلم ينقسم إلى قسمين:

    علم تلقي.

    وعلم خبرة.

    فعلم التلقي معناه: ما يتلقاه الإنسان من غيره وهذا أنواع منه ما يستمعه فيتلقاه عن طريق الإذن، ومنه ما يتلق عن طريق الكتابة، ومنه ما يتلق عن طريق النظر والملاحظة فقط، فكل ذلك من علم التلقي.

    أما علم الخبرة وهو: علم الدربة فهو: ما يكتسبه الإنسان من التجارب ويستطيع به إيصال علمه إلى غيره، يستطيع به التعبير عما في صدره إلى غيره، فكم من شخص يحتوي صدره على كثير من العلوم لكنه عاجز عن التعبير عنها وكم من شخص هو ببغاء عرف العلم تلقيناً فيعيده كما أخذه: هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا [يوسف:65] وهذان الصنفان قاصران.

    والصنف الثالث أولى: وهو الذي يطور ويزيد ويحسن، وقد رأى رجل ثلاث حمامات ابتلعت إحداهن جوهرة فأخرجتها كما هي، وابتلعتها الأخرى فأخرجتها أكبر مما كانت، وابتلعتها الأخرى فأخرجتها أصغر مما كانت، فسأل محمد بن سيرين رحمه الله عن تفسير رؤياه، فقال: تجلس في مجلسي وفي مجلس قتادة وفي مجلس الحسن، وهؤلاء أئمة التابعين في البصرة إذ ذاك؟ فقال: نعم. فقال: الحمامة التي ابتلعت الجوهرة فأخرجتها أكبر مما كانت الحسن البصري، فإنه حفظ الحديث ويزيد فيه بذكائه وفطنته وفهمه، يزيده علماً.

    والتي أخرجتها كما هي. قتادة فقط حفظ الحديث ورواه كما هو دون زيادة ونقص.

    والتي أخرجتها أصغر مما كانت أنا. يقصد نفسه محمد بن سيرين، فقد حفظت الحديث لكني أتورع أن آتي بكله خشية أن أزيد فيه ما ليس منه.

    وعموماً فالذي يطور معلوماته ويستطيع أداءها كما يناسب لاشك أنه أولى وأكثر أجراً؛ لأنه يكتب له أجور من عمل بما علمه وأجور من وصل إليه شيء من علمه إلى قيام الساعة دون أن ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.

    وهذا هو الوجه الذي فضل منه السلف على الخلف، أن أجورهم لم تنقطع ولم تزل تزداد بحسب القرون، قال شيخي رحمه الله:

    وكل أجر حاصل للشهدا أو غيرهم كالعلماء والزهدا

    حصل للنبي مثله على أجور ما كان النبي فعلا

    مع مزيد عدد ليس يحد وليس يحصي عده إلا الأحد

    إذ كل مهتد وعامل إلى يوم الجزاء شيخه قد حصلا

    له من الأجر كأجر العامل ومثل ذا من ناقص وكامل

    وشيخ شيخه له مثلاه وأربع لثالث تلاه

    وهكذا تضعيف كل مرتبة إلى رسول الله عالي المرتبة

    ومن هنا يعلم تفضيل السلف وسبقهم في فضلهم على الخلف

    فلذلك على الإنسان الذي يريد أن يتعلم أن يزيد مع ذلك نية أخرى وهي: أن يُعَلِّم ما تعلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530254

    عدد مرات الحفظ

    777155736