إسلام ويب

شرح أحاديث مختارة من كتاب التجريد الصريح [16]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يشرع للمصلي أن يرد من يمر بين يديه، سواء كان عاقلًا، أو غير عاقل، فيرد الإنسان إذا أراد أن يمر بين يديه، ويرد البهيمة إذا أرادت أن تمر بين يديه، وهذا الرد يتم بما يقتضي تفهيمًا أولًا، فإذا كانت الإشارة الخفيفة مفهمة لذلك اقتصر عليها واكتفى، فإن لم تكف فلا بد أن يمد يديه ليمنع المرور، فإن لم يكف ذلك، فلا بد أن يتقدم إلى سترته، وهكذا..

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فقد وصلنا إلى قول البخاري رحمه الله تعالى: باب: يرد المصلي من مر بين يديه.

    عقد البخاري رحمه الله تعالى هذا الباب لدرء المصلي كل من أراد أن يمر بين يديه، سواء كان عاقلًا، أو غير عاقل، فيرد الإنسان إذا أراد أن يمر بين يديه، ويرد البهيمة إذا أرادت أن تمر بين يديه، وهذا الرد يتم بما يقتضي تفهيمًا أولًا، فإذا كانت الإشارة الخفيفة مفهمة لذلك اقتصر عليها واكتفى، فإن لم تكف فلا بد أن يمد يديه ليمنع المرور، فإن لم يكف ذلك، فلا بد أن يتقدم إلى سترته، وهكذا، فكل هذه الأمور هي درء له، وتعتبر في نطاق الفعل اليسير الذي لا يبطل الصلاة، فقد ذكرنا في حديث ابن عمر تقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجدار، وفي حديث ابن مسعود فتحه للباب.

    كذلك ما ذكر في مصافحته صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة؛ وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أمر بدرئه ما استطاع، والدرء معناه: الرد، فعليه أن يرده، ومعنى قوله: (يرد المصلي)؛ أي: ليرد المصلي، فهو فعل مضارع، ولكنه في معنى الأمر، وقد يرد الفعل المضارع بمعنى الأمر، كقول الله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [البقرة:233]، ومعنى الآية: ليرضع الوالدات أولادهن حولين كاملين، لمن أراد أن يتم الرضاعة.

    والمقصود بـ(المصلي) هنا: ما يشمل من هو في فرض، ومن هو في نفل، ولكنه يختص- كما سبق- بالإمام والفذ؛ لأن المأموم سترته سترة الإمام، أو الإمام نفسه سترته، وقد سبق: باب: سترة الإمام سترة لمن خلفه.

    وكذلك المقصود بقوله: (من مر بين يديه)؛ أي: من أراد المرور، فلا يقصد من قد مر بالفعل أن يناوشه بعد أن تجاوزه، هذا غير مطلوب، فالمقصود: أن يدرأ من يريد المرور بين يديه، فـ(مر) هنا- وإن كانت فعلًا ماضيًا- فهي أيضًا بمعنى المضارع، بمعنى الاستقبال، معناه: من يريد أن يمر بين يديه، وقد يأتي الماضي بمعنى المضارع، كقول الله تعالى: أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل:1]، وذلك أن تحقق وقوعه نزل به منزلة الماضي، كأنه قد مضى، والمقصود بين يديه: ما كان على القرب، كما ذكرنا في المسافة التي يستحقها المصلي من الحريم بين يديه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088458744

    عدد مرات الحفظ

    776850481