إسلام ويب

الحج وتزكية النفوسللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • شرع الله لنا الشرائع لإصلاح النفس البشرية، وتقويمها وربطها بالله سبحانه وتعالى، فالحج شرعه الله تعالى وفرضه مرة واحدة في العمر، ولكنه زاد لذلك العمر كله يتزود منه الإنسان بتقوى الله عز وجل، والثبات عليها. ومن أخطاء المسلمين في هذه العبادات: أن بعضهم مع الأسف يظن أنه يكفي أن يؤدي شكلها وصورتها، ثم بعد ذلك ينسى مضمونها ومعناها وثمرتها، وتزكية النفس لا تقوم إلا بأمرين: الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والاستقامة على طريق النبي صلى الله عليه وسلم.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]، أما بعد..

    فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلاله وكل ضلالة في النار.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، ويتقبل حجنا وحجكم، ويجعله حجاً مبرورا، وأن يردنا مغفورة ذنوبنا، وأن يوفقنا للاستمرار في العمل الصالح أيامنا كلها حتى نلقاه، وأهنئكم بأن وفقكم الله سبحانه وتعالى لأداء هذه الفريضة العظيمة، وهذا النسك العظيم، وهذه العبادة الجليلة التي تقرب من الله سبحانه وتعالى، والتي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ليس له جزاء إلا الجنة، ( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

    فنسأل الله سبحانه وتعالى ألا يحرمنا وإياكم من الحج المبرور، وألا يحرمنا بعد ذلك من ثوابه وجزائه، وأسأل الله أن يزيدنا وإياكم توفيقا، وعملاً بما يرضيه وبراً وطاعة، وهذا العمل هو من جملة شرائع الإسلام، وشعائره التي شرعها الله سبحانه وتعالى لإصلاح النفس البشرية، وتقويمها وربطها بالله سبحانه وتعالى، ولا يخفى عليكم أن الله سبحانه وتعالى شرع لنا شعائر تقربنا منه زلفى، وتطهر نفوسنا وتزكيها، وتنمي الخير في نفوسنا، وتربينا على الاستمرار على الصراط المستقيم، والاستقامة على هدى الله عز وجل.

    وهذه العبادات وهذه الشعائر منها ما هو مؤقت، ومنها ما هو غير مؤقت، والإنسان يحتاج إلى أن يتزود منها دائماً لأنه في سفر، فالإنسان مسافر في رحلة الدينا ومستقره بعد هذا السفر إما جنة وإما نار، نسأل الله أن يجعل مستقرنا وإياكم والجنة، وأن يعيذنا وإياكم من النار، ولكي يستقر الإنسان من هذا السفر في مستقر رحمة الله سبحانه وتعالى، لابد أن يظل على صلة بالله، وارتباطاً به، فأعظم ما يصل بالله سبحانه وتعالى ذكره، ذكر الله عز وجل من أعظم ما يصل بالله، والعبد لابد أن يذكر الله سبحانه وتعالى حتى لا ينساه فينسيه الله نفسه، كما قال سبحانه وتعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ [الحشر:19-20]، فلا يحق للإنسان ولا يليق به ولا يجوز له أن ينسى الله سبحانه وتعالى.

    فشرع الله سبحانه وتعالى ذكره لكيلا ينسى الإنسان ربه فينسيه الله سبحانه وتعالى نفسه، نسأل الله سلامة والعافية، وجميع شعائر الإسلام المقصود الأسمى منها، هو ذكر الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى يأمرنا بأن نذكره: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة:152]، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:42].

    ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى لما أمرنا برمي الجمرات في أيام التشريق سمى ذلك الرمي ذكر، فقال سبحانه: وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة:203]، أي: برمي الجمرات: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [البقرة:203]، فدل هذا على أن كل عمل اتبعت فيه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأراد به فاعله وجه الله عز وجل فهو ذكر لله عز وجل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088562748

    عدد مرات الحفظ

    777347522