إسلام ويب

مقدمة في علم الحديثللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للسنة النبوية مكانتها في التشريع، فهي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، فعلى طالب العلم الذي يريد أن يكون متمكناً في علم الحديث أن يهتم بمعرفة السنة رواية ودراية، ومعرفة ما يعين على فهمها، ومعرفة أحوال الرجال الناقلين لها, وفهم علوم الآلة المتعلقة بها, وقبل ذلك كله الإخلاص لله تعالى في طلبها.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن مما لا ريب فيه ولا شك أن الله جل وعلا قد أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وحيين شريفين موصوفين بالإنزال، وكلاهما من الله جل وعلا، أنزل الله جل وعلا كتابه وأنزل سنته على رسوله عليه الصلاة والسلام، وأصبحت السنة وحياً يتلى، وهي موصوفة بذلك كما وصفها بهذا غير واحد من العلماء, كما نص على ذلك الشافعي عليه رحمة الله في كتابه الأم، وكذلك ابن حزم في كتابيه الإحكام, والمحلى، وغيرهم من أئمة الإسلام، ويكفي في ذلك أن الله جل وعلا قد قرن طاعة نبيه بطاعته في أكثر من ثلاثين موضعاً، وهذا يدل على تأكيد أهمية السنة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت بشيء من لدنه، وإن ما جاء به هو من الله جل وعلا بواسطة جبريل، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير كله من الله جل وعلا، وما كان من أفعاله عليه الصلاة والسلام فالأصل في ذلك أنه على التعبد، إلا لقرينة صارفة تصرف الفعل من التعبد إلى غيره، كأفعال الجبلة وأفعال العادة، وهذا لا بد له من صارف يعرف من الطبع أو يعرف من سبر الحال وقرائن الزمن التي احتفت برسول الله صلى الله عليه وسلم مما يشاركه في ذلك غيره من أهل عصره من أهل الكفر، وكذلك أهل الإيمان.

    وهناك مسائل وفروع تتعلق بأفعاله ليس هذا محل بسطها، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي قسيمة للقرآن من جهة الاحتجاج، وهي من جهة الأصل مبينة ومفصلة للقرآن، ومعلوم أن ما جاء في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يتعلق بالقرآن أنه إما أن يكون بياناً لمجمل أو تقييداً لمطلق جاء إطلاقه في كلام الله جل وعلا، وإما أن يكون ذلك من المعاني الزائدة على كلام الله سبحانه وتعالى، وهذا لا يكون إلا في الفروع، سواءً كان ذلك من فروع الأصول، أو كان من فروع الفروع، وإلا فالأصل أن أصول الفروع وأصول الديانة ومسائل الدين الكلية كلها قد وردت في كلام الله جل وعلا، كما أشار إلى هذا المعنى غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كـعبد الله بن مسعود عليه رضوان الله تعالى وغيره.

    الكلام على منزلة السنة ومكانتها مما يطول جداً، وهو أيضاً في المقام المعروف والمشهود؛ لكثرة النصوص المتظافرة في ذلك، وكذلك إطباق الأمة من السلف والخلف على أهمية السنة ومنزلتها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين وأتباعهم، والأئمة الأربعة ومن جاء بعدهم من أئمة الإسلام كلهم يطبقون على منزلة السنة ومقامها، ولا يشكل هذا على أحد من أهل الإسلام قاطبة إلا أهل البدع والزيغ والضلال والزندقة الذين حادوا عن الصراط المستقيم، بل أمعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان مكانة السنة حتى جعل السنة داخلة في عموم لفظ الكتاب حال إطلاقه، كما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث زيد بن خالد الجهني و أبي هريرة عليهما رضوان الله تعالى أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله )، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضاء ليس كله مما نص الله جل وعلا عليه في القرآن الكريم، مما يدل على أن الكتاب إذا أطلق يدخل فيه سائر الوحي من كلامه سبحانه وتعالى، وكذلك كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088535944

    عدد مرات الحفظ

    777189885