الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فنتكلم على بعض الأحاديث المتعلقة بالصلاة مما تكلم عليه بعض النقاد.
الحديث الأول: حديث أنس بن مالك عليه رضوان الله تعالى، أنه قال: ( من السنة إذا أتى أحدكم المسجد أن يدخل بيمينه، وأن يخرج برجله اليسرى ) ، هذا الحديث رواه الحاكم في كتابه المستدرك، ورواه البيهقي في كتابه السنن، من حديث أبي الوليد الطيالسي عن شداد بن سعيد , يرويه شداد بن سعيد الراسبي عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك أنه قال: من السنة وذكره، وهذا الحديث قد أعلة البيهقي رحمه الله بتفرد شداد بن سعيد به، فإنه تفرد بروايته عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك أنه قال: من السنة.
و شداد بن سعيد وإن كان ثقة في ذاته، قد وثقه غير واحد كالإمام أحمد و يحيى بن معين و النسائي، إلا أن في حفظه بعض الشيء كما قال العقيلي ، وقد تفرد بهذا الحديث عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك ، وأشار إلى ضعف هذا الحديث البيهقي رحمه الله، وأشار إليه ابن رجب رحمه الله في كتابه الفتح، وذكر البيهقي أن شداد بن سعيد تفرد به، وذكر ابن رجب رحمه الله في الفتح قال: روي هذا الحديث من وجه أضعف من هذا عن أنس بن مالك موقوفاً عليه، يعني: أنه يرى ضعف هذا الحديث.
وهذا الحديث فيما يظهر لي منكر من جهة الإسناد، وكذلك في ارتباطه بالمتن، فإنه من مفاريد شداد بن سعيد ، ومثله لا يحتمل منه التفرد، وقد قوى هذا الحديث الحاكم رحمه الله في كتابه المستدرك، وهذا المعنى الذي جاء به هذا الحديث وهو البداءة بتقديم اليمين عند دخول المسجد هو من الأمور التي تستفيض، ولكن يظهر من صنيع العلماء أنهم يرون أن هذا العمل قد استقر عليه، ولهذا ترجم البخاري رحمه الله في كتابه الصحيح قال: باب التيمن في دخول المسجد، قال: وروي عن عبد الله بن عمر أنه يدخل المسجد برجله اليمنى، وهذا ذكره مجزوماً عن عبد الله بن عمر، ذكره البخاري في كتابه الصحيح في هذه الترجمة ولم يذكر دليلاً صريحاً، ولم يذكر البخاري رحمه الله دليلاً صريحاً، وإنما ذكر حديث عائشة : (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحب التيمن في تنعله وترجله وطهروه ولباسه وشأنه كله).
هذا الحديث في حديث أنس بن مالك في حديث عبد الله بن عمر موقوف، وحديث عائشة حديث عام، ولما لم يورد البخاري في هذه الترجمة الصريحة إلا هذا الحديث الموقوف وحديث عائشة العام وحديث أنس بن مالك أصرح؛ دل على أنه يرى أن حديث أنس بن مالك إما أن يكون معلولاً، وإما أن تكون دلالته ليست مرفوعة، بمعنى: أن قول أنس بن مالك : (من السنة) أنه ليس بمرفوع وليس بصريح، ولكن نقول: إنه ليس على شرطه، وأنه يميل إلى إعلاله هذا هو الظاهر.
وأما أن الدلالة فيه ليست بصريحة إلى النبي عليه الصلاة والسلام نقول: في هذا نظر! فهو على أقل أحواله أقوى من الموقوف على عبد الله بن عمر؛ لأن أنس بن مالك صحابي جليل.
فقوله عليه رضوان الله: (من السنة) أقوى من فعل عبد الله بن عمر المجرد، فلما لم يورده وقد أورد ما دونه من جهة الدلالة وهو موقوف؛ دل على أنه يميل إلى أن هذا الحديث معلول من جهة الإسناد.
ولهذا ثمة مسألة، وهي: هل نقول: إن الدخول إلى المسجد بالرجل اليمنى ليس من السنة.
نقول: إن الدخول بالرجل اليمنى إلى المسجد عليه العمل، ولكن ثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أعلمه يثبت، قد جاء فيه حديثان مرفوعان وأثران موقوفان:
الحديث المرفوع الأول هو: حديث أنس بن مالك عليه رضوان الله تعالى هذا..
والحديث الثاني هو التالي، وهو الحديث الثاني في هذا الدرس.
الحديث الثاني: حديث عبد الله بن عباس ، وهو الحديث الثاني في هذا الباب، قال عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر في المرآة، قال: اللهم لك الحمد كما حسنت خلقي وخلقي وجملتني إذ شينت غيري, وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل اكتحل في العين مرتين وواحدة بينهما )، يعني: بين العينين، ( وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يدخل برجله اليمنى، وإذا خرج يخرج برجله اليسرى ) .
هذا الحديث قد رواه أبو يعلى في كتابه المسند، ورواه الطبراني ، ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق من حديث عمرو بن حصين عن يحيى بن العلاء عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به.
وهذا الحديث باطل أو موضوع، وذلك أنه منكر وباطل إسناداً، وواهن من جهة المتن، وكذلك فإن الإنسان إذا أراد أن يلتمس العلل فيه يجد أنها كثيرة:
أول هذه العلل: أن هذا الحديث يروى من حديث عمرو بن حصين ، وقد كذبه غير واحد، فقد قال فيه الخطيب البغدادي رحمه الله: كذاب، ويرويه عن كذاب، يرويه عن يحيى بن العلاءـ فقد كذبه الإمام أحمد رحمه الله.
إذاً: عمرو بن الحصين يرويه عن يحيى بن العلاء وكلهم متهم بالكذب.
العلة الثالثة: أن عمرو بن الحصين يرويه عن يحيى بن العلاء عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس ، ولدينا تركيب في هذا الإسناد، تركيب ووضع هذا الإسناد لم يحذف الابتكار، تركيب هذا الإسناد.
ووجه ذلك: أن هذا الحديث يرويه صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار ، وهذا الإسناد في كتب السنة معلوم والذي هو صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار، ولكن عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة ، أما عطاء بن يسار فمعروف عن عبد الله بن عباس من غير صفوان بن سليم .
إذاً: فهو ركب أسانيد من غير معرفة لها على طريقة غير معروفة في الرواية، فـصفوان بن سليم عن عطاء بن يسار في البخاري و مسلم ، عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس في الصحيح وفي كتب السنة والمسانيد، ولكن من غير صفوان بن سليم ، فـصفوان بن سليم إذا جاء عن عطاء بن يسار يروي عن أبي هريرة و أبي سعيد ولا يروي عن عبد الله بن عباس ، وما يرويه عن عبد الله بن عباس هذا الحديث وحديث آخر منكر.
أما حديثه عن عبد الله عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة و أبي سعيد فهو معروف مشهور.
ولهذا نقول: إن هذا الإسناد مركب ومختلق، والمتن فيه نكارة، فوجه النكارة فيه: أنه ذكر صفة اكتحال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلزم من ذلك التتبع، فإنه في اكتحال النبي عليه الصلاة والسلام هنا قال: كان يكتحل في كل عين مرتين وفي الثالثة وبينهما، هذه دقة، وهل هذه يحسنها عمرو بن حصين عن يحيى بن العلاء ؟ هل هو يروي بمثل هذا؟ فمثل هذا المعنى لا يمكن أن نقبله منه، هذا يرويه شخص فقيه وعرف المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واستوعب الظواهر حتى يعرف البواطن والدقة، أي: في كل عين ثنتين والأخرى ثنتين ثم الثالثة بينهما، هذا افتراء، لأن مثل هذا ينبغي أن يرويه شخص قد روى ما هو أعلى منه.
ولهذا نقول: إن في تركيبة هذا الإسناد في ذكر المرآة والدخول بالمسجد تراكيب ومعانٍ ليست مترابطة؛ ولهذا نقول: إن هذا الحديث منكر بل باطل.
وأما الأثران: فالأثر الأول هو حديث عبد الله بن عمر الذي ذكره البخاري معلقاً في كتابه الصحيح وهو أن عبد الله بن عمر كان يدخل برجله اليمنى مجزوماً به، هذا الحديث لا أعلم له إسناداً في المطبوع، ولكن ذكره البخاري مجزوماً به, وجزم البخاري به في الغالب أنه صحيح خاصة أنه صدره في الباب وجعله أصرح شيء في هذه المسألة، وهذا نستفيد منه صحة حديث عبد الله بن عمر عند البخاري وكفى به قوة.
الأمر الثاني: أنه لا يثبت فيه شيء مرفوع عن النبي عليه الصلاة والسلام صراحة، وأما ما جاء في حديث أنس بن مالك في قوله: (من السنة)، وفي حديث عبد الله بن عباس هذا أنها واهية.
والأثر الثاني: أثر أنس بن مالك عليه رضوان الله موقوفاً عليه، ذكره ابن رجب رحمه الله في كتابه الفتح، فقال: روي عن أنس بن مالك موقوفاً عليه بإسناد أضعف من هذا، يعني: بإسناد أضعف من حديث شداد بن سعيد عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك , وإذا كان ضعيفاً فإنه لا يعول عليه.
ولهذا نقول: إن مسألة الدخول إلى المسجد بالرجل اليمنى أمثل ما جاء فيها هو الموقوف على عبد الله بن عمر عليه رضوان الله، وعبد الله بن عمر ممن يعتني بأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقتدي به في ذهابه ومجيئه، ويتتبع أحواله عليه الصلاة والسلام.
أما حديث عائشة : ( أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحب التيمن في تنعله وترجله ) الحديث، هذا ذكره البخاري في باب التيمن بدخول المسجد، وذكرت عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام يحب، وجاء في رواية: ( يعجبه التيمن في تنعله وترجله ولباسه وطهوره وشأنه كله )، جاء فيه زيادة غير محفوظة: (وسواكه).
وفي قولها: (في لباسه وتنعله وترجله وطهوره)، في مثل هذه الأفعال هل نقول: إنه يدخل فيها الدخول إلى المسجد أم لا؟
في مثل هذا العموم قد نقول من وجه، وقد لا نقول من وجه، وذلك أن عائشة ذكرت هذه الأحوال، ثم قالت: وفي شأنه كله، شأن العبد أحواله من غير العبادة، وإلا لو قلنا بالتيامن لتوسعنا في هذا ولقلنا: إن الإنسان إذا أراد أن يهبط إلى الأرض في الصلاة اعتمد على اليمنى قبل اليسرى، وإذا أراد أن يرفع اعتمد على اليمنى ولم يعتمد على اليسرى، ولدنا مسائل لم يرد فيها دليل.
ولهذا نقول: إن استحباب التيمن هو في شأن الإنسان في ذاته مما لم يكن في عبادة محضة، وما كان من شأن الإنسان في الأخذ والعطاء في الرمي ونحو ذلك فإن الاستحباب أن يكون باليمين، ونحو هذا من أحوال الإنسان وشأنه.
أما ما كان من أمور التعبد نقول: المسألة فيها دليل، ولكن البخاري حينما قدم الموقوف على حديث عائشة دل على أن دلالة الموقوف أقوى لديه من حديث عائشة ، وإلا لصدر حديث عائشة لو كان صريحاً في الباب، ولهذا نقول: إن حديث عائشة ليس بصريح, ولكن عضده المعنى الذي ورد في فعل عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى.
وفي تراجم البخاري تقدم معنا أن البخاري له منهج في الإعلال، ومن مناهجه في الإعلال: أنه يذكر الترجمة فإذا ذكر موقوفاً فيها وثمة مرفوع ما هو أصرح منه فإن هذا أمارة على ضعف المرفوع، وإذا ذكر ترجمة ثم أورد حديثاً مرفوعاً دلالته ليست بصريحة وخارج الصحيح ما هو أصرح منه فإن هذا أمارة على إعلاله، وهذا سبر لطريقة البخاري رحمه الله في أبواب الإعلال.
الحديث الثالث في هذا: هو حديث أبي أسيد أو أبو حميد الساعدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم علي، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قال: اللهم إني أسألك من فضلك )، هذا الحديث غير محفوظ بذكر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه أبو داود في كتابه السنن، وأخرجه الإمام أحمد من حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي يرويه عن عبد الملك بن سعيد بن سويد ، وقد تفرد بروايته، فذكر السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه.
الدعاء في صحيح الإمام مسلم: ( أنه كان إذا دخل يقول: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قال: اللهم افتح لي أبواب فضلك )، هذا صحيح، أما ذكر الصلاة عند الدخول فليس بمحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قولاً ولا فعلاً، أي: لم يأمر به عليه الصلاة والسلام أحداً ولم يفعله، وإنما جاء في ذلك بعض الموقوفات وسوف يأتي الكلام عليها.
عبد العزيز بن محمد تفرد بهذا الحديث يرويه عن ربيعة عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد أو أبي أسيد الساعدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه الإمام مسلم في كتابه الصحيح وقد خالف فيه عبد العزيز بن محمد سليمان بن بلال و عمارة بن غزية يرويانه عن ربيعة عن عبد الملك بن سعيد بن سويد ، وهذا أصح من غير ذكر السلام أو الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإخراج مسلم -رحمه الله- لهذا الحديث من غير ذكر السلام والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام أمارة على إنكار هذه اللفظة وإعلالها، ولهذا قد أخرج في كتابه الصحيح هذا الحديث من غير هذه الزيادة، ثم إن ثمة قرينة وهي في مسلم، خاصة أن الإمام مسلماً رحمه الله في كتابه الصحيح يصدر في الباب في الأغلب أقوى الوجوه لديه، ثم ينزل شيئاً فشيئاً في الطرق، وربما أورد الأسانيد وكانت متشابهة في القوة لعدم وجود نازل فيها لكثرتها، ولكن إذا أورد الإمام مسلم في كتابه الصحيح الحديث ثم أورد طرقاً له ولم يورد حديثاً في الباب إسناده في ذاته صحيح وفيه لفظة غير محفوظة ولم يرده؛ دل على أن العلة فيه أظهر من أن تورد، ويوردها الإمام مسلم رحمه الله، ولهذا الإمام مسلم ما أورد في كتابه الصحيح رواية عبد العزيز بن محمد عن ربيعة عن عبد الملك بن سعيد وما ذكره، وإنما ذكر طرق الحديث، وإنما ذكر رواية سليمان و عمارة في روايتهما لهذا الحديث عن ربيعة ، ولهذا نقول: إن ذكر السلام والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام عند دخول المسجد غير محفوظ.
الحديث الرابع: حديث فاطمة عليها رضوان الله، أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: اللهم صل على محمد, ثم قال: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قال: اللهم اغفر لي خطيئتي ) هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد و الترمذي من حديث الحسن بن عبد الله عن فاطمة الصغرى عن جدتها فاطمة بنت محمد عليه الصلاة والسلام ورضي عنها، فذكرت هذا الحديث، وهذا الحديث معلول بعلل:
أولها: ذكر الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام لم يأت في الأحاديث الصحيحة.
أيضاً: أن هذا الحديث منقطع، فإن فاطمة الصغرى لم تسمع من جدتها فاطمة الكبرى، كما ذكر ذلك غير واحد من الحفاظ كالإمام الترمذي رحمه الله، فإنه قال: ليس إسناده بالمتصل.
كذلك فإن هذا الحديث رواه إسماعيل عن ليث بن أبي سليم عن عبد الله بن الحسن به، ثم قال إسماعيل : لقيت عبد الله فسألته عن الحديث، فقال: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا دخل قال: اللهم افتح لي أبواب رحمتك )، ولم يذكر الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؛ مما يدل على ورود وهم في هذا الحديث، ولهذا نقول: إن ذكر الصلاة فيه ليست بمحفوظة.
الحديث الخامس: حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دخل أحدكم المسجد فليصل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك )، ذكر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الحديث أخرجه ابن حبان وابن خزيمة والطبراني وغيرهم من حديث أبي بكر الحنفي عن الضحاك بن عثمان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به.
هذا الحديث وقع اختلاف في إسناده وخولف فيه الضحاك بن عثمان ، فـالضحاك بن عثمان يرويه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, واختلف في هذا الحديث إسناداً واختلف فيه رفعاً ووقفاً.
أما من جهة اختلاف الإسناد؛ فإن الضحاك بن عثمان خولف فيه، فخالفه ابن أبي ذئب فرواه عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة موقوفاً عليه، وهذا هو الصواب، ورواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن كعب مرفوعاً، وبين مخالفة ابن أبي ذئب لهؤلاء أبو نعيم رحمه الله في كتابه الحلية، وكذلك النسائي في كتابه السنن الكبرى، فإن النسائي رحمه الله قال: ابن أبي ذئب أوثق عندنا من الضحاك بن عثمان و محمد بن عجلان ، وأثبت فيه سعيد بن أبي سعيد المقبري ، فإن محمد بن عجلان يخطئ في حديثه عن سعيد ويجعل حديثه عن أخيه وحديثه عن أبيه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة .
ولهذا نقول: إن من أوثق أصحاب سعيد المقبري وأضبط الناس لحديثه هو ابن أبي ذئب فإذا روى عنه فليلزم القول الذي يأتي عنه في هذا الباب، ولهذا نقول: إن أصح الوجوه في هذا هي رواية ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو موقوفاً عليه، ولكن في هذا الحديث أصح الوجوه: هي رواية سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة موقوفاً.
ومما يدل على الاضطراب في هذا الحديث: أن هذا الحديث جاء من حديث محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن كعب الأحبار ، وتارة عن أبي هريرة عن كعب بن عجرة ، مما يدل على أن الحديث لم يضبط أيضاً حتى من جهة إسناده، ومال غير واحد من الحفاظ إلى صحة الحديث موقوفاً، وهذا هو الأظهر في قول أبي نعيم، وكذلك النسائي رحمه الله في كتابه السنن.
الحديث السادس: ما رواه عبد الله بن سعيد بن أبي هند قال: حدثني غير واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان إذا دخل المسجد قال: اللهم صل على محمد، ثم قال: اللهم افتح لي أبواب رحمتك )، هذا الحديث رواه ابن أبي عمر في كتابه المسند، من حديث وكيع بن الجراح عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن غير واحد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث معضل ومنكر أيضاً.
وأما بالنسبة للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند دخول المسجد، فهل هذا يتوقف على المرفوع أم يعمل ببعض الموقوفات؟
فقد جاء في ذلك جملة من الموقوفات:
أولها: ما جاء عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى موقوفاً عليه في رواية ابن أبي ذئب عن سعيد عن أبي هريرة موقوفاً عليه، هل هذا صحيح؟ نقول: صحيح عن أبي هريرة موقوفاً.
وجاء عن سلمان الفارسي عليه رضوان الله، رواه عبد الرزاق، ورواه النسائي أيضاً من حديث يحيى بن أبي كثير عن سلمان الفارسي من قوله، وإسناده ضعيف أيضاً، وجاء عن علي بن أبي طالب وإسناده ضعيف، وجاء موقوفاً على عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى وإسناده صحيح، فإنه كان إذا دخل قال: ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وإذا خرج قال: السلام عليكم )، هذا رواه عبد الرزاق في كتابه المصنف، من حديث معمر عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن عباس موقوفاً عليه، وإسناده صحيح.
وهذا وإن لم يكن فيه صراحة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلام عليه؛ فإن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من السلام على غيره، إذا جاء ذلك على أحد أو عن سبيل العموم، فالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى، ولكن هل نقول بالسنية أم لا؟ لا يظهر القول بالسنية؛ لأن الأحاديث الواردة في ذلك معلولة، والثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام عدم قول ذلك.
ومن وجوه القول بعدم السنية: أن مثل هذا لو وجد لاستفاض بأن النبي عليه الصلاة والسلام يفعله وأزواجه يسمعونه حال خروجه عليه الصلاة والسلام، خاصة عائشة فإن حجرتها كانت على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كذلك فإن الخلفاء الراشدين في مثل هذا لو ثبت ذلك واستفاض عنهم لنقل عنهم بأسانيد صحيحة، والتابعون أعلم وأدرى الناس بالمنقول عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما جاء من مرويات إما أن تكون معلولة من جهة الإسناد، أو منكرة من جهة المتن والإسناد أيضاً.
وأما الإعلال في بعضها فيكون إما غرابة في ذات الإسناد بأن مثل هذا ينبغي أن يروى من غير هذا الوجه، ومن ذلك في حديث فاطمة عليها رضوان الله أنها كانت تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، النبي عليه الصلاة والسلام في مثل هذا الذكر يشهد أقواله الرجال، وحكاية فاطمة عن النبي عليه الصلاة والسلام من أمارات إعلال الخبر، وذلك أن الحديث منقطع.
كذلك جاء من وجه آخر من غير ذكر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو جاء عن غير فاطمة عليها رضوان الله تعالى لاحتمل واستقام؛ لأن ما يفعله النبي عليه الصلاة والسلام عند دخول المسجد وكذلك في المسجد ينقله الرجال ولا ينقله النساء، وهذا من وجوه إعلال خبر فاطمة عليها رضوان الله تعالى.
وأما ما جاء من موقوف في ذلك عن أبي هريرة وجاء عن عبد الله بن عباس ، وجاء عن بعض السلف، فإنه جاء عن إبراهيم النخعي بإسناد صحيح من حديث الأعمش عن إبراهيم النخعي كما رواه ابن أبي شيبة في كتابه المصنف بإسناد صحيح، فهل هذا يعطينا استفاضة أن عبد الله بن عباس وهو من أئمة الصحابة، و سلمان الفارسي أيضاً، وأبو هريرة عليه رضوان الله تعالى، إبراهيم النخعي ، هل تقول بالسنية الموقوفات المجموعة تقول بالسنية أو بالمشروعية؟
لأنك إذا ضعفت المرفوع ولم تعتد بالموقوفات ينبغي لهذا أن تقول: إن الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام عند دخول المسجد خلاف السنة, وأنت ترى عمل الناس الآن، تجد المعلقات على المساجد في الدخول اللهم صل على محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، هل تبدع هؤلاء؟ هل يدخل هذا في فضائل الأعمال؟ لا يدخل في فضائل الأعمال؛ لأنه محدد مكاناً، لو كان ذكراً مطلقاً لقلنا: إنه من فضائل الأعمال، ولكن هذا جاء مقيداً.
الأذكار الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام إذا قيدت بمكان أو قيدت بزمان أو بحال؛ فإن هذا ليس من فضائل الأعمال، فضائل الأعمال التي يترخص في رواية الحديث فيها هي التي تأتي من غير تقييد إما بعبد أو بحال أو بزمان أو بمكان، فإذا قيدت خرجت من كونها من فضائل الأعمال، فضائل الأعمال من سبح فله كذا، من صلى ركعتين فله كذا، لم يحدد لها مكاناً، ولم يحدد لها زماناً، ولم يحدد لها طولاً وقصراً، أو صورةً يقرأ فيها على سبيل التحديد، وإنما عمم، هذا يكون من فضائل الأعمال.
إذاً: هذه تخرج من قولنا: إنها من فضائل الأعمال، نقول في مثل هذا إذا جاءت موقوفات عن النبي عليه الصلاة والسلام وثمة مرفوعات أنه لا حرج على الإنسان أن يعمل بها أحياناً ويدع أحياناً وقولاً واحداً أن لا يبدع الفاعل لها؛ لأنه فعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ خاصة أنه جاء عن أكثر من واحد، سواء السلام على سبيل العموم أو الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، ثم جاء عن طبقة ممن جاء بعدهم مما يدل على أنه أثر عنهم ذلك، كما جاء عن إبراهيم النخعي وعلقمة عليه رحمة الله.
ولهذا نقول: إن الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام والسلام عليه عند دخول المسجد إذا فعلها الإنسان في بعض الأحيان لا حرج عليه، وإن تركها أيضاً لا حرج عليه، ويغلب ما ثبت عنده بالنص، لأن الله عز وجل يسأل يوم القيامة العباد ماذا أجبتم المرسلين، لا ما أجبتم فلاناً وفلاناً، ولكن لما جاء عن مجموعة من الصحابة دل على وجود قرينة مأثورة في هذا الأمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن لو أن الإنسان أراد أن يعلم، فإنه يعلم مثل هذا الأمر فيما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل التقييد من غير ذلك ما جاء مما هو أوسع من ذلك مما لا يثبت فيه دليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما نؤكد عليه كثيراً أن الموقوفات على الصحابة عليهم رضوان الله تعالى ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها فإنها تحسم بعض المسائل لديه، بخلاف من يذهب من الظاهريين الذين يلتزمون ظواهر الأدلة فقط متجردين عن عمل الصحابة عليهم رضوان الله تعالى.
عمل الصحابة له تأثير في قوة التشريع والتزامه والتخفيف في ذلك والتيسير فيه، وكذلك في أبواب الإعلال، كذلك لها أثر في أبواب رد الحديث ولو كان صحيحاً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ).
الخيرية من أين جاءت؟ جاءت من العلم والوحي الذي لديهم نقلوه عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإلا الخيرية ليست لأشخاصهم وأبدانهم، فقد شاركهم في هذه الهيئة أناس كثير، ولكن لما حملوا الإيمان وحملوا العلم عن النبي عليه الصلاة والسلام ثم بلغوه امتازوا بهذا الأمر، فكيف يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر صحيح ثم لم يعمل به أحد مع الحاجة إليه؟
لم ينقل في مثل هذا فإن هذا من أمارات الإعلال، فكيف إذا جاء حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو ضعيف، وجاء في ذلك موقوفات على الصحابة عليهم رضوان الله تعالى ومن أخذ عنهم صحيحة، فإن هذا مما يعطي الإنسان قرينة للعمل بهذا ويؤيده ويجعل الإنسان يتحاشى وصف مثل هذه الأفعال التي لم تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام بالبدعية.
والوصف بالبدعية فيما جاء عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام توسع فيه البعض مما لم يأت عن النبي عليه الصلاة والسلام وجاء عن الصحابة، قالوا: فكل ما جاء عن الصحابة ولم يأت عن النبي عليه الصلاة والسلام من أمور العبادات فنقول بذلك الفعل: إنه بدعة ولو فعله صحابي.
نقول: في مثل هذا الإطلاق نظر، لكن قد نقيد في بعض الأفعال بالوصف بالبدعية ولا نصف الفاعل بالمبتدع؛ لأننا لو وصفنا الفاعل بالمبتدع لوصفنا بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا نجد أفعالاً يفعلها الصحابة في أمور العبادات النقل في ذلك إما أن يكون معدوماً أو معلوماً وهو ضعيف عن النبي عليه الصلاة والسلام، وليس لنا أن نقول بأن هذا الفعل بدعة، ولو قلنا بهذا الفعل بدعة لبدعنا كثيراً من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.
ومن أمثلة ما فعله الصحابة من أمور العبادات ولم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام الملتزم وهو ما بين الركن والباب، وما بين الباب والحجر، هذا لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه التزمه، والأحاديث الواردة فيه ضعيفة، ولكنه جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى، وهل نقول بالبدعية؟ لا.
كذلك السجود على الحجر الأسود وهو وضع الجبهة عليه، فقد جاء في حديث أنس بن مالك ، وجاء في حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى.
كذلك التعريف يوم عرفة، ومعنى التعريف يوم عرفة: جمع الناس في المسجد في يوم عرفة في وقت الظهر والخطبة فيهم في الناس، النبي عليه الصلاة والسلام لم يفعل هذا, فعله عبد الله بن عباس و عمرو بن خنيس وهم من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام جمعوا الناس في يوم عرفة ويسمى: التعريف بالناس يوم عرفة.
وقد جاء في ذلك أشياء كثيرة عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام منها ما يقطع أن لها مستنداً لقرب هؤلاء من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى وشدة احتياطهم في الوجوه الأخرى، ومنها: ما يغلب على الظن أنه ليس لها مستند بعينها، وإنما هو نوع من القياس أو الاستئناس ببعض أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد توسع بعض من تكلم في أمور البدعة من أهل السنة والجماعة، فوصف بعض الأفعال والفاعلين فيما له أثر عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالابتداع، وهذا فيه نظر، فوصف الفعل بالبدعة الأمر سهل، ولكن وصف الفاعل بالابتداع فيه نظر.
مثال: التسبيح إما بالنوى أو بالمسبحة أو نحو ذلك، جاء هذا عن بعضهم، يروى عن سعد بن أبي وقاص وجاء عن أبي هريرة وجاء عن عائشة عليها رضوان الله تعالى على اختلاف عندهم، وفي بعضها إعلال، ولكن نقول: إن وصف الفعل للإنسان بالبدعية، لكن لا يصف الفاعل بالبدعة، خاصة إذا كانوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
السؤال: ألا نقوي المرفوعات بالموقوفات؟
الجواب: المخارج منفكة، ثم أيضاً إن الموقوفات هذا وإن المرفوعات التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام لو كان طريقاً واحداً وهو ضعيف في ذاته لأمكن، وإنما طرق دل بجمعها على أن ثمة وهماً في الرواية أصلاً، كما في حديث أبي هريرة؛ المرفوع ليس لنا أن نصحح المرفوع بالموقوف عن أبي هريرة لأن الموقوف إذا جزمنا بصحة الموقوف فنجزم أن المرفوع غلط، فلا نصحح هذا بهذا.
كذلك فإن في حديث فاطمة فيما نقله إسماعيل أنه لم يذكر الصلاة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا يعطينا إشارة إلى أن ذكر الصلاة في هذا الحديث فيه نظر، ولكن لما جاءت موقوفات منفردة الأصل في هذا أن نقول: إنهم على شيء من الأثر, وإذا فعل الإنسان في ذلك فلا حرج عليه، أو يفعله على سبيل الاستحباب في بعض الأحيان ولا يداوم عليه.
السؤال: الموقوفات كيف تفيد برد الحديث ولو كان صحيحاً؟
الجواب: الموقوفات عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام إذا نقل واستفاض عنهم عدم العمل بهذا الحديث المرفوع فإن هذا أمارة على رده وضعفه، يقول إبراهيم النخعي كما نقله ابن أبي زيد قال: كل حديث يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام ولم يعمل به أحد من الصحابة لا أبالي أن أرمي به، يعني: إما أنه دخله داخل فيه وهم، أو أنه منسوخ ولا يعمل به، أو أنه قضية عين فعلها النبي عليه الصلاة والسلام ثم تركها لعارض ما وليست على سبيل التشريع، ولهذا نقول: ما ينقل عن الصحابة إما نقل للمخالفة صحيح وهذا ظاهر إذا أطبقوا بمخالفة المرفوع في أحاديث نادرة جداً.
والحالة الثانية: ألا ينقل عن أحد من الصحابة العمل بحديث مرفوع الأولى أن ينقل لو وجد عنهم من المسائل الظاهرة، فهذا يرد به الحديث المرفوع مع عدم الجزم بصحته، لا نقول: هو صحيح وثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو سنة، لكن لا نعمل به تعظيماً للصحابة لا. ليس المراد بهذا، وإنما المراد بهذا أننا نأخذ بأقوال الصحابة إعلالاً للمرفوع لا أنه صحيح ونرده، فليس تقديماً لقولهم على قول النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما إعلال للمروي المرفوع بالمروي الموقوف.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر