إسلام ويب

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم [1]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يشرع عند الصلاة الإتيان إليها في المساجد، وأن يخرج إليها متوضئاً وفي سكينة ووقار، مع المقاربة بين الخطا، ويشرع له أن يقدم رجله اليمنى عند الدخول، ثم يستقبل القبلة، ويكبر قائلاً: الله أكبر، ويرفع يديه، ثم يذكر ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدعية الاستفتاح ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى قد فرض فرائض، وشرع شرائع، وأمر بلزومها، ومن أعظم هذه الشرائع هي أركان الإسلام الخمسة التي أمر الله عز وجل بها، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بركنيتها للإسلام كما جاء في حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين وغيرهما في قوله عليه الصلاة والسلام: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً )، وكذلك ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة في قصة إتيان جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه الإمام مسلم عليه رحمة الله تعالى من حديث عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانفرد به عن الإمام البخاري .

    وأعظم هذه الأركان هو توحيد الله سبحانه وتعالى، ثم يليها الصلاة وهي الفاصل والفارق بين المؤمن والكافر؛ كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في عدة أخبار.

    والكلام عن أهمية الصلاة وفضلها يطول جداً، والنصوص في هذا في كلام الله سبحانه وتعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهر وأكثر من أن تذكر، والكلام عن الصلاة وأحكامها وواجباتها وأركانها وسننها وآدابها وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك يطول جداً.

    عدد السنن الواردة في الصلاة

    وقد ذكر العلماء عليهم رحمة الله تعالى أنه قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك من الشرائع والآداب والسنن ما يزيد عن ستمائة سنة، وقد نص على هذا ابن حبان عليه رحمة الله تعالى في صحيحه حيث قال: (أربع ركعات يصليها الإنسان فيها ستمائة سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد فصلناها في كتاب الصلاة بما يغني عن ذكرها هنا في هذا الكتاب)، يعني: في كتابه الصحيح. و ابن حبان عليه رحمة الله من الأئمة الكبار الحفاظ المتقنين المكثرين بالرواية والأخذ عن الشيوخ، وكذلك الترحال، ولا غرابة أن يكون عنده مثل هذا العدد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وقوله: (ستمائة سنة) لعله أراد بذلك ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوجه الضعيفة والصحيحة، ولعله أراد ما هو مكرر وعلى الوجوه في كل ركعة.

    ومعلوم أن ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله في بعض الركعات أو في بعض الأحوال لا يدل على أنه يفعله في بعضها إلا إذا كان ثمة قرينة، فما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في حال، لا يعني أنه يرفعها في موضع آخر يكون فيما يليها من الركعات حتى يأتي دليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.

    ولعل مراد ابن حبان عليه رحمة الله تعالى من هذا: ما هو مكرر في كل ركعة، وكذلك على الوجوه التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان كذلك فإن هذا وارد جداً، وإن كان غيره ففيه نظر.

    وقد قال ابن القيم عليه رحمة الله تعالى في كتابه مدارج السالكين: (وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفعال وآداب في صلاته هي مائة سنة بين مستحب وواجب، وهذا هو المشهور مما هو ليس بمكرر).

    وقد ذكر عبد الحي الكتاني في كتابه فهرس الفهارس عن عبد الرحمن العيدروس حينما ترجم له وهو شيخ الزبيدي و عطية الأجهوري ، أنه عد للصلاة ستمائة سنة مما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا نظير ما جاء عن ابن حبان عليه رحمة الله تعالى، وهذا على ما تقدم تخريجه.

    تصنيفات العلماء في الصلاة وأحكامها

    وإذا أردنا إحصاء ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحكام الصلاة وآدابها وسننها فإنه يطول جداً، والأحاديث في هذا قد جمعها جماعة من العلماء, ولا يمكن استيفاؤها، وقد صنف في هذا الباب جماعة من العلماء كالإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى في رسالته الصلاة، و أبو نعيم الفضل بن دكين في كتابه الصلاة، و محمد بن نصر المروزي في كتابه تعظيم قدر الصلاة وغيرهم، وقد جمعها بعض المتأخرين في أجزاء عديدة، وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا يربو عن ألف خبر مما هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإحصاؤها والكلام عن معانيها، وكلام العلماء عليهم رحمة الله تعالى واختلافهم فيها مما يطول جداً، ولا يمكن حصره.

    ولكننا نتكلم بإذن الله عز وجل على ما اشتهر ويحتاج إليه كثير من الناس من المسائل، وربما يخفى على بعض طلبة العلم مما قرره بعض العلماء عليهم رحمة الله تعالى، ويعضده الدليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة عليهم رضوان الله تعالى.

    ونبين بالجملة عند كل مسألة دليلها من كلام الله سبحانه وتعالى أو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام، أو ببعضها مما لم يدل عليه دليل من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هو دونه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو التابعين أو من جاء بعدهم.

    والعمدة في هذا هو الوحي؛ أي: كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عدا ذلك فلا حجة فيه، وإنما هو بحاجة لأن يحتج له، لا أن يحتج به.

    والله سبحانه وتعالى إنما تعبد الناس بكلامه وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عدا ذلك فإنه ليس بحجة، وما بعد ذلك عمل الصحابة وإجماعهم، ويقول الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى: (الإجماع إجماع الصحابة، ومن بعدهم تبع لهم)، فإن ثبت إجماع الصحابة على مسألة من المسائل فحينئذٍ لا قول لأحد بعدهم وإن كان من أجلة التابعين أو من أئمة الإسلام، ولهذا ينبغي أن يعتنى بأقوال الصحابة عليهم رضوان الله تعالى فيما يتعلق بالعبادات فضلاً عن غيرها، لأنهم أقرب إلى فهم مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرب إلى التنزيل، فإذا اختلفوا فحينئذٍ هو السعة كما نص على هذا غير واحد من الأئمة كـعمر بن عبد العزيز و إسماعيل القاضي المكي و ابن عبد البر عليه رحمة الله تعالى في كتابه التمهيد والاستذكار وغيرهم في مواضع عدة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088611966

    عدد مرات الحفظ

    777629664