إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الطهارة [15]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • وردت أحاديث عدة في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء، فوردت عن عثمان وعمار وأنس وعائشة وأبي بكرة وغيرهم ولكن جميعها لا يخلو من مقال، ولا يصح منها شيء، لكنه ثبت التخليل عن جماعة من السلف، فهو أمر مستحب. ومن الأحاديث المعلة حديث ابن عباس والربيع بنت معوذ في مسح النبي صلى الله عليه وسلم رأسه وأذنيه في الوضوء.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

    فنكمل الأحاديث المعلة في الطهارة:

    أول الأحاديث هذا اليوم: هو حديث عثمان : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وخلل أصابعه ولحيته ).

    هذا الحديث رواه الإمام أحمد و أبو داود و النسائي وغيرهم من حديث عامر بن شقيق عن شقيق بن سلمة أبي وائل عن عثمان بن عفان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه إسرائيل عن عامر بن شقيق ، وقد اختلف على إسرائيل في روايته، فرواه عنه جماعة بذكر التخليل مع صفة الوضوء فالحديث طويل، ففي بعض طرقه ذكر التخليل وفي بعضها لم يذكره.

    ورواه عن إسرائيل جماعة وذكروا التخليل فيه، فرواه سفيان و ابن مهدي و مالك بن إسماعيل و خلف بن الوليد و أبو عامر العقدي كلهم رووه عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن شقيق عن عثمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكروا التخليل فيه، وخالفهم في ذلك وكيع بن الجراح و يحيى بن آدم و أسد بن موسى كلهم رووه عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن شقيق عن عثمان ولم يذكروا التخليل فيه، فبعض الرواة من هؤلاء تارة يذكر التخليل، أعني وكيعاً و يحيى بن آدم وتارةً لا يذكرونه.

    والصواب في ذلك عدم ذكر التخليل في حديث عثمان ، وذكر التخليل فيه منكر؛ وذلك من وجوه:

    الوجه الأول: أن هذا الحديث تفرد بروايته بذكر التخليل عامر بن شقيق ويرويه عنه إسرائيل، و عامر بن شقيق ضعفه غير واحد من العلماء وهو لين الحديث، وقد تفرد بذكر التخليل في هذا.

    الوجه الثاني: أن بعض الثقات كـوكيع بن الجراح و يحيى بن آدم لا يذكرون التخليل فيه، مع كون بعض الثقات الكبار يذكر التخليل فيه، والحمل في مثل هذا ليس على إسرائيل وإنما على عامر ، والقاعدة في ذلك الغالبة: أن الحديث إذا أعل بشيء أو وقع فيه وهم وغلط أو اضطراب، فإنه يلحق بأقرب الرواة في الإسناد ضعفاً، فإنه يعل الحديث به، و إسرائيل من الثقات والرواة عنه أيضاً من الثقات، ومداره حينئذ على عامر بن شقيق وتفرد بروايته هذه وهو مضعف.

    الوجه الثالث: أنه رواه غير عامر بن شقيق ولم يذكر فيه التخليل، فرواه ابن ماجه في كتابه السنن من حديث عبدة بن أبي لبابة عن شقيق عن عثمان بن عفان عليه رضوان الله تعالى، فذكر صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر التخليل فيه، وهذا هو الصواب.

    وقد ضعف هذا الحديث غير واحد من العلماء كالإمام أحمد ويحيى بن معين، وأصح خبر ورد في تخليل اللحية في الوضوء هو حديث عثمان هذا كما نص على ذلك البخاري والإمام أحمد ، فإن الإمام أحمد عليه رحمة الله قال: لا يثبت في هذا الباب شيء، وأصح شيء جاء في هذا الباب هو حديث شقيق عن عثمان ، وقد ذكر الترمذي عن البخاري أنه سئل عن حديث عثمان فقال: حديث حسن، وهو أصح شيء جاء في هذا الباب، والذي يظهر من قول البخاري : حديث حسن، أي: أنه أمثل شيء في الباب؛ لأنه فسره بعد قوله: إنه أحسن شيء قوله في هذا الباب، وإلا فالعلة في ذلك ظاهرة، ويؤيد هذا أن البخاري عليه رحمة الله قد أخرج حديث عثمان بن عفان في صفة وضوء النبي عليه الصلاة والسلام ولم يذكر التخليل فيه.

    الوجه الرابع: أن الحديث قد رواه عن عثمان بن عفان جماعة في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر واحد منهم التخليل، فرواه حمران مولى عثمان بن عفان كما جاء في الصحيح، وعطاء و زيد عن عثمان بن عفان ، و زيد هو ابن عثمان بن عفان ، ورواه كذلك عبد الرحمن بن البيلماني عن عثمان بن عفان ، وكلهم لم يذكروا التخليل فيه، فدل هذا على أن الخبر بذكر التخليل فيه منكر.

    وأما اختلاف واضطراب الرواية عن الثقات في هذا فهي علامة على أن عامر بن شقيق اختلف قوله فيه، فتارةً يذكر التخليل، وتارةً لا يذكر التخليل فيه، ولا يمكن أن يقال: إن هؤلاء يجتمعون على ذكر زيادة لها تعلق بالخبر، وذلك أن الحديث هو في صفة الوضوء، وصفة الوضوء تتعلق فيها مسألة التخليل ولم يذكرها الثقات الكبار في بعض مروياتهم كحال وكيع ويحيى بن آدم و أسد بن موسى وذكرها البعض يعني: أن عامر بن شقيق في ذاته مضطرب في روايته لهذا، و إسرائيل يروي الخبر عن عامر كما سمعه.

    وقد جاء خبر عثمان بن عفان من وجه آخر رواه بقية بن الوليد عن أبي ثفال عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا خبر مطروح، فإنه قد تفرد به هذا الراوي المجهول عن يحيى بن سعيد الأنصاري به، ومثل هذا الحديث لو وجد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب لوجب نقله غير واحد من أصحابه، لأن أصحابه كثير، فيحيى بن سعيد من أئمة الرواية، وكذلك سعيد بن المسيب لو وجد عنده عن عثمان لنقله عنه الرواة، فلماذا تفرد بهذا الحديث بقية عن هذا الراوي المجهول عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب ؟! وقد أنكر هذا الخبر غير واحد كـابن حبان وغيره، فدل هذا على ضعف هذا الخبر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089180288

    عدد مرات الحفظ

    782494652