إسلام ويب

الرؤى والأحلامللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الرؤى والأحلام متعلقة بفطرة الإنسان التي خلقه الله جل وعلا عليها، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان منزلة الرؤيا الصادقة، وأنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، والكذب في باب الرؤى من كبائر الذنوب، وعلى من تصدر للتأويل أن يكون حاذقاً سابراً لأحوال الرائي والرؤيا، قاصداً بذلك نفع الناس والتيسير عليهم بتبشيرهم بالخير وتحذيرهم من الشر.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فإن الكلام على النبوة وأجزائها مما يحتاج إلى مجالس متنوعة، والنبوة منزلتها علية ورفيعة، ويكفي في ذلك أن الله جل وعلا جعل التكليف منها وإليها، وحفظ الله سبحانه وتعالى الدين لهذه الأمة، فلا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وذلك أن الله جل وعلا قد تكفل بحفظ أصله، كما قال الله جل وعلا: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، فامتن الله جل وعلا على هذه الأمة بأن حفظ لها دينها بحفظ كتابها، الذي جعله الله سبحانه وتعالى فيصلاً وفرقاناً وتبياناً وهدى لكل من أراد الهداية، ومن أراد الزيغ والضلال والتيه فإنه يستمسك بالهوى، ويتخذ إلهه هواه، وربما تمسك بشيء من ظواهر الأدلة من كلام الله جل وعلا، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضل وزاغ؛ لأنه أراد الهوى قبل أن ينظر في النص، ولهذا قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ [آل عمران:7]، فإذا كان ذلك في الوحي المنزل من كلام الله جل وعلا وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر الإنسان إليه بريبة، أو أراد أن يؤكد في ذلك هوى، فإنه فيما دونه مما لم يكن تبياناً ولا هدىً ويحتمل الخطأ والصواب أكثر، فإنه سيجد في ذلك أيضاً ما يريد.

    والكلام حول الرؤى والأحلام هو كلام له ذيول متنوعة، وكلامنا سيتركز على أصول هذا العلم، وعلاقته بكلام الله سبحانه وتعالى، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً علاقته بالفطرة البشرية وما غرسه الله جل وعلا في نفس الإنسان من قدرات، ووهب الإنسان من جملة المواهب التي تأخذ من منافذ الغيب والوحي.

    والإنسان كما أن الله جل وعلا قد جعل له تكليفاً في حال يقظته يسلك به طريق الهداية، كذلك قد جعل له منافذ إلى الحقيقة في منامه على سبيل الظن تارة، وعلى سبيل التأكيد تارة، وكذلك ليعرف الخطأ من الصواب، وأن الله جل وعلا أراد بهذه الأمة خيراً.

    والله سبحانه وتعالى قد كرم بني آدم، وجعل لهم من أسباب التوفيق والدلالة والخير ما يظهر لهم، وجعل الله جل وعلا من تمام عدله أنه لا يعذب أحداً من عباده إلا وقد استبانت له السبيل، واتضح الطريق، ولهذا قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15].

    والكلام على الرؤى والأحلام والمباحث الواردة فيها مما جاء ذكره على سبيل التأصيل تصريحاً أو تلميحاً، أو كان ذلك على سبيل القياس مما يكون بنفي الفارق، أو ما يكون من باب تشبيه الأغلب في بعض الأبواب مما يأتي الكلام عليه، هذا مما يطول جداً، ونحن نتكلم على أهم ما في هذا العلم، ونتكلم على جملة من مسائل تعبير الرؤى، وتأصيل شيء من ذلك بالاعتماد على شيء مما يعرف بالحس، كذلك بالاعتماد على ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من مسائله وأحكامه.

    والله جل وعلا قد جعل الرؤى من المنافذ إلى الغيب، وجعلها سبحانه وتعالى أيضاً مما يعرف بها الصادق من الكاذب، كذلك من العلامات والقرائن التي يعرف بها طريق الخير من الشر، وطريق الهداية من الغواية، وغير ذلك مما فيه خير للمؤمن، وفيها دلالة وإرشاد للكافر إذا أراد الدلالة والإرشاد، والرؤى قد جعلها الله جل وعلا مبشرة ومنذرة للعباد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086910645

    عدد مرات الحفظ

    769459825