إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الطهارة [11]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من علامات ضعف الحديث أن يأتي على طريقة لم تعرف عن السلف، أو أن يكون المتن على أسلوب غير أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم المعروف عنه كحديث الحسن: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبول الرجل قائماً وأن يحتبي بثوب واحد ...) إلى آخره. ومن الأحاديث المعلة في كتاب الطهارة أيضاً حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في مسجده) وذلك بسبب ابن لهيعة وهو ضعيف الحفظ، ومنها حديث النهي عن البول في الجحر؛ للتشكيك في سماع قتادة من عبد الله بن سرجس، وحديث عقبة: (ما أبالي قضيت حاجتي بين القبور أو في السوق) فالصحيح وقفه عليه.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

    فتكلمنا في المجلس الماضي على جملة من الأحاديث المعلة، وسنكمل ما يناسبه في هذا المجلس:

    الحديث الأول: هو حديث الحسن ، قال: حدثني بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو هريرة و عبد الله بن عمر و جابر بن عبد الله و أنس بن مالك و عمران بن حصين و معقل و عبد الله بن عمرو و أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يزيد بعضهم على بعض: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبول الرجل قائماً، وأن يحتبي بثوب واحد، وأن ينتعل قائماً، وأن يبول في الماء الراكد، وأن يستقبل ببوله الشمس والقمر والقبلة ) .

    هذا الحديث قد رواه الحكيم الترمذي في جزء له من حديث عباد بن كثير عن عثمان الأعرج عن الحسن عن هؤلاء الصحابة، وهذا الخبر منكر، بل هو باطل؛ وذلك لأنه من مفاريد عباد بن كثير ، و عباد بن كثير منكر الحديث جداً.

    ثم هذا الحديث يظهر في تركيبه وإسناده الاختلاق والوضع، وعلامة ذلك وأمارته: أن هذه الألفاظ التي جاءت في هذا الحديث متنوعة متباينة ليست في سياق واحد، فمسألة الانتعال، ومسألة قضاء الحاجة، واشتمال الصماء متفاوتة، وهي قضايا متباينة ليست في باب واحد ولا في نسق واحد، وهذا لا يمكن أن يأتي بمثل هذا الإسناد .

    الأمر الآخر أيضاً: أن هذا الحديث جاء عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يحتمل جمعهم في مثل هذا المتن، وذلك أن عبد الله بن عمر و أبا هريرة و جابر بن عبد الله و أنس بن مالك و عبد الله بن عمرو و عمران بن حصين و معقل ، لا يمكن لهؤلاء أن يجتمعوا في رواية حديث، والذي يروي عنهم الحسن ويروي عن الحسن عثمان الأعرج ويتفرد بهذا عباد بن كثير ، فهذا من الأمور المنكرة، ولو كان الإسناد أمثل من هذا عن هؤلاء الصحابة جميعاً بهذا المتن لقلنا ببطلانه، لأن مثل هذا التركيب لا يأتي على نسق المرويات عند السلف .

    ثم أيضاً إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعهد عنه أمثال هذه التراكيب على هذا الجمع، فالنبي صلى الله عليه وسلم ينهى أو يأمر بأوامر ومنهيات على سياق واحد قد تكون في باب واحد، إما من أمور الآداب أو من أمور التنزه، أو من الأمور الواجبة على الإنسان بعينه، أو فضائل الأعمال وغير ذلك، وهذه خليط بين هذا وهذا، والحديث في هذا أيضاً أطول منه .

    وأما بالنسبة لجمع هؤلاء الصحابة فلا يحتمل أن يتفرد بمثل هذا الجمع عثمان الأعرج ، ولا يعرف عن الحسن أنه جمع أمثال هؤلاء الرواة في غير هذا الحديث، بل ولا نصفهم، فضلاً أن يتفرد في هذا عنه عباد بن كثير ، ونستثني من ذلك أن يجمع الراوي المكثر بين راويين وثلاثة ونحو ذلك، فهذا من الأمور المتسعة التي لا حرج فيها، فلهذا نقول: إن جمع الراوي للشيوخ في إسناد واحد ليس من طرائق الأئمة التي يعتادونها، وإنما يفردون في كل موضع شيخاً، ولو جمعوا في بعض الطرق فيجمعون شيخين وإن تجاوزوا فإلى ثلاثة، ويندر جداً أن يتجاوزوا ذلك، أما أن يجمع أمثال هؤلاء الصحابة بمثل هذه الألفاظ، فإن هذا مما يستنكر .

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088521972

    عدد مرات الحفظ

    777105722