إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الصلاة [9]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • توطين الموضع في المسجد هو أن يكون للإنسان موضع في المسجد إما سارية، أو كرسي، أو سجادة يضعها لنفسه، وهذا جاء فيه أحاديث موقوفة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء فيه أحاديث مرفوعة، جاء في حديث سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه كان يقصد الصلاة إلى موضع في مسجده عليه الصلاة والسلام، وجاء في بعض الألفاظ إلى سارية، وجاء في بعض الألفاظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسطوانة مما يدل على ضعف الأحاديث الواردة في هذا الباب في حديث عبد الرحمن بن شبل وغيرها. ومثل هذا ينبغي أن يستفيض النهي فيه لأنه يقع في أحوال الناس كثيراً فلما لم يرد فيه دل على عدم ثبوته.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فأول أحاديث المجلس: هو حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من عمر ميسرة المسجد كان له كفلان من الأجر ).

    هذا الحديث رواه الطبراني في كتابه المعجم من حديث بقية بن الوليد عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث منكر بل واهٍ جداً، وسبب نكارته من جهتين:

    الجهة الأولى: الجهة الإسنادية أنه تفرد به بقية بن الوليد عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفردات بقية بن الوليد على سبيل الخصوص عن ابن جريج منكرة، ثم إنه أيضاً ممن اتهم بالتدليس اتهمه غير واحد من الأئمة، نص على هذا الإمام أحمد رحمه الله، وكذلك ابن حبان وابن خزيمة ، وكثير من الأئمة، وقال أبو مسفر في بقية قال: أحاديث بقية ليست نقية، وكن منها على تقية، يعني: أنه يدلس عن الضعفاء.

    وإنما أعدت أحاديث بقية أنه يحدث الأحاديث عن المجاهيل وعن الضعفاء وعن المشاهير، وقد قال بعدم الاحتجاج به في حال عدم تصريحه بالسماع غير واحد من الأئمة، قال ابن خزيمة رحمه الله: لا أحتج بحديثه، وقال الإمام أحمد رحمه الله: كنت أحسب أن بقية يدلس عن المجهولين فإذا هو يدلس على المشاهير فعلمت من أين أتي.

    وكذلك قد نص على تدليسه أيضاً عن المشاهير والمعروفين حتى بالضعف والنكارة ابن حبان رحمه الله, فبين أنه يحدث عن شعبة و مالك حدث عنهم شيئاً يسيراً سمعه منهم ثم دلس عليهم بعض حديثهم ممن سمعه عنهم عن الضعفاء عن أولئك الأئمة كـمالك وشعبة بن الحجاج فأسقط هؤلاء الضعفاء فحدث عن شيوخه مباشرة؛ ولهذا وقع في حديثه شيء من المناكير.

    ومن وجوه النكارة في الإسناد أيضاً: أن أحاديث بقية عن ابن جريج على سبيل الخصوص فيها شيء مطروح وشديد يدل على عدم الاعتداد به, وذلك أن هذه السلسلة سلسلة ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عباس سلسلة معروفة، وتفرد بقية بها مما يستنكر.

    ولهذا يقول ابن حبان رحمه الله: إنها نسخة منكرة وذلك أنه له أحاديث مناكير يحدث بها عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عباس منها: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تربوا الكتاب )، وهذا الحديث حديث منكر شديد النكارة، وله أحاديث أخر في هذه الصحيفة.

    ومن وجوه النكارة أيضاً في الإسناد: أن ابن جريج من أئمة الفقهاء في مكة، وحديث بقية عنه وهو شامي يتفرد ببعض الأحاديث عنه مما لا يقبل، و ابن جريج رحمه الله إمام فقيه أصحابه كثر من الثقات، فتفرد بقية به مما يستنكر عادة؛ ولهذا ثمة قرينة من قرائن الإعلال عند العلماء: أن الراوي إذا كان مشهوراً معروفاً في بلده وله أصحاب كثر ينقلون عنه علمه ثم تفرد عنه بمسألة ظاهرة راوٍ من الثقات في بلد آخر فإن هذا من قرائن الإعلال، فهذا الحديث نكارته الإسنادية ظاهرة.

    أما النكارة المتنية فهي ظاهرة أيضاً من وجوه عدة، منها: أن هذا الحديث في قول النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( من عمر ميسرة المسجد )، إن هذا الحديث معارض للأحاديث التي هي أصح منه، وقد تقدم الكلام عليها بشيء من عللها بفضائل ميمنة الصف وهي أقوى منه، وتدل على نكارة هذه الأحاديث.

    ثم أيضاً في قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من عمر ميسرة المسجد )، مثل هذا فضل مضاعف؛ ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( فله كفلان من الأجر )، مثل هذا الأجر في التضعيف ينبغي ألا يرد بمثل هذا الطريق خاصة فيما يتعلق بأمر العامة، أمر العامة يعني: صلاة الجماعة، ومثل هذا التضعيف أن يكون لميسرة الصف كفلان من الأجر وللميمنة كفل واحد هذا لا بد أن يشتهر في الأحاديث الأخرى عن النبي عليه الصلاة والسلام من وجوه تصح، كذلك أيضاً أن يكون معروفاً من جهة العمل عن الصحابة عليهم رضوان الله، وأن يكون مشتهراً مستفيضاً.

    وهذا قد جاء في حديث ابن ماجه كما تقدم من حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله وذلك أنها لما تعطلت ميسرة الصف قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صلى في ميسرة الصف فله كفلان من الأجر )، وذاك حديث أيضاً معلول، وهذا حديث معلول أيضاً.

    ومثل هذه المعاني ينبغي أن تشتهر عملاً وأن تشتهر كذلك رواية، فلما لم تشتهر من هذا الوجهين دل على نكارة هذا الحديث مع اعتراض ذلك أيضاً بهذه الغرابة الإسنادية والتفرد من هذا الوجه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088528647

    عدد مرات الحفظ

    777144877