إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الطهارة [27]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأحاديث المعلة في كتاب الطهارة حديث أبي سعيد: (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام) فقد اختلفوا في وصله وإرساله والصواب الإرسال. ومنها حديث ابن عباس: (إنهم يقولون: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين ...)، وهذا الحديث قد تفرد به من هذا الوجه خصيف، وهو ضعيف الحديث، ومنها حديث المغيرة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والجوربين)؛ تفرد به أبو قيس عن سائر من يروي هذا الحديث عن المغيرة بن شعبة، وفيه ذكر الجوارب ولم تكن معروفة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما المعروف الخفاف.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فأول حديث في هذا اليوم هو حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام )، هذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم من حديث عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري، وهذا الحديث قد اختلف في وصله وإرساله، رواه جماعة من الحفاظ، رواه سفيان بن عيينة وسفيان الثوري وغيرهم عن عمرو به مرسلاً، ولم يذكروا أبا سعيد الخدري عليه رضوان الله.

    وقد رواه غيرهم فرواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي وحماد بن سلمة ومحمد بن إسحاق وغيرهم، يروونه عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوه موصولاً.

    أوجه إرسال حديث: (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام)

    والصواب في ذلك الإرسال، وهذا من وجوه:

    منها: أن هذا الحديث قد أرسله الأئمة من الحفاظ كـسفيان بن عيينة والثوري، وكذلك من رواه موصولاً قد جاء عنه من طرق أخرى الإرسال، فجاء الإرسال عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي وحماد بن سلمة وكذلك محمد بن إسحاق، فوافقوا فيه السفيانين، وعلى هذا ترجيح الحفاظ، فقد رجح ذلك الترمذي والنسائي والدارقطني وغيرهم، وهو الصواب.

    وثمة قرينة أيضاً تؤيد عدم ثبوت الوصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في المتن، وذلك أن الحمام لا يعرف في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما عرف بعد ذلك، ولم يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حماماً قط، وما كان ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا له ولا لأصحابه، وهذا يدل على أن الحكم إذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء لم يكن في عصره أن ذلك اللفظ إما أن يكون روي بالمعنى، أو أن ذلك الحديث خطأ، يعني لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما وهم وغلط، وهذا هو ظاهر في هذا الحديث.

    ورود حديث: (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام) من طرق أخرى وحكمها

    وقد جاء في حديث آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الحمام، جاء هذا من حديث زيد بن جبيرة عن داود بن حصين عن نافع عن عبد الله بن عمر، ووقع في هذا الحديث اختلاف على نافع، تارة يجعل من حديث عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتارة يجعل من حديث عبد الله بن عمر عن عمر، فرواه عبد الله بن صالح أبو صالح كاتب الليث عن الليث بن سعد عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر عن عمر، فجعله من مسند عمر، والصواب أنه من مسند عبد الله بن عمر، والحديث في كلا الطريقين واه كما نص على ذلك غير واحد من الحفاظ كـأبي حاتم وغيره.

    وهذا الحديث حديث عبد الله بن عمر فيه النهي عن الصلاة في سبعة مواضع، وذكر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمام، وهو ضعيف في الوجهين:

    الوجه الأول الذي تفرد بروايته زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين، وزيد بن جبيرة ضعيف الحديث بل هو مطروح، وأما الطريق الثانية وهي التي يرويها عبد الله بن صالح عن الليث عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر عن عمر فيها علل:

    أول هذه العلل: عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف.

    ثانيها: عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف أيضاً.

    وكما تقدم فإن الحديث على ترجيح الطريق الأولى أو الثانية فهو معلول بالوجهين.

    وجاء الحديث أيضاً من وجوه أخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير حديث عبد الله بن عمر ولا يصح منها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء في هذا عن عبد الله بن عباس من حديث عبد الله بن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عباس، وجاء مرسلاً من حديث عبد الله بن طاوس عن أبيه طاوس بن كيسان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصواب كما رواه البزار في كتابه المسند.

    علة حديث: (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام) بالنظر إلى الآثار الواردة في بابه

    وهذا الحديث أعني حديث أبي سعيد الخدري مع نكارة متنه فإننا إذا أردنا أن ننظر في الأحاديث التي وردت والآثار في أحكام الحمام نجد أن الحمام لم يأت في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه يثبت لا قولاً ولا فعلاً، ولا في كلام العلية أيضاً من الصحابة كـأبي بكر وعمر مما يدل على أن الحمام وكذلك أحكامه أن ذلك من الأمور الحادثة التي نشأت بعد اتساع رقعة الإسلام، وهذا من القرائن التي ينبغي أن تفهم وتضبط أن الألفاظ التي تأتي في كلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعلم أن هذه اللفظ لم تأت في سياق ألفاظ النبي عليه الصلاة والسلام في المواضع الأخرى، فهذا من علامات الإعلال.

    كذلك أيضاً إذا ورد ذكر شيء في حديث من الأحاديث، وهذا الشيء لم يكن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام فهذا من علامات الضعف، من ذلك الأحاديث التي يرد فيها ذكر الأرز، والأرز لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما كان بعد ذلك في متأخري الصحابة عليهم رضوان الله، فوجدوه في الفتوحات كما جاء في بعض كتب التاريخ، وعلى هذا ما يأتي في بعض الألفاظ في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر زكاة الفطر، وذكر الأرز فيها ليس بمحفوظ، وهذا يجعلنا نتكلم على قضية مهمة وهي من مسائل العلل أن الناقد في أبواب العلل ينبغي له أن يكون من أهل الإحاطة بأحوال الزمن الأول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الصحابة، فإنه إن كان عالماً بذلك استطاع أن ينقد الأحوال التي هم فيها، ويأتي ربما إشارة إلى شيء من ذلك بإذن الله تعالى.

    وأن يكون من أهل المعرفة بالتاريخ، فإذا كان من أهل المعرفة بالتاريخ عرف أحوال النبي عليه الصلاة والسلام والمتغيرات في زمنه في كلام الصحابة، وكذلك أيضاً في أفعالهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530176

    عدد مرات الحفظ

    777154771