الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [باب: في كسب المعلم
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرواسي عن مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت قال: ( علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن، فأهدى إلي رجل منهم قوساً، فقلت: ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل, لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه, فأتيته فقلت: يا رسول الله, رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله؟ قال: إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها ).
حدثنا عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد قالا: حدثنا بقية قال: حدثني بشر بن عبد الله بن يسار، قال عمرو: حدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت نحو هذا الخبر, الأول أتم, ( فقلت: ما ترى فيها يا رسول الله؟ فقال: جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها ) ].
والأفضل في ذلك أن الإنسان يتورع عن أخذ المال على العلم والقرآن والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؛ حياطة لدينه وبراءة لذمته, وكذلك صيانة للحق الذي أنزله الله عز وجل على عباده؛ وذلك حتى لا يميل الإنسان بالحق لأجل الدنيا, وإذا تعطلت المصالح أو عجز الإنسان عن القيام بنفسه فلا حرج عليه أن يأخذ أجراً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في كسب الأطباء
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري: ( أن رهطاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سفرة سافروها, فنزلوا بحي من أحياء العرب, فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم, قال: فلدغ سيد ذلك الحي, فشفوا له بكل شيء لا ينفعه شيء, فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا بكم لعل أن يكون عند بعضهم شيء ينفع صاحبكم, فقال بعضهم: إن سيدنا لدغ فشفينا له بكل شيء فلا ينفعه شيء, فهل عند أحد منكم شيء يشفي صاحبنا؟ يعني: رقية, فقال رجل من القوم: إني لأرقي, ولكن استضفناكم فأبيتم أن تضيفونا، ما أنا براق حتى تجعلوا لي جعلاً, فجعلوا له قطيعاً من الشاء, فأتاه فقرأ عليه بأم الكتاب ويتفل حتى برئ كأنما أنشط من عقال, فأوفاهم جعلهم الذي صالحهم عليه, فقال: اقتسموا, فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستأمره, فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أين علمتم أنها رقية؟ أحسنتم واضربوا لي معكم بسهم ) ].
والبعض يستدل بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ), يستدل بذلك على أخذ الأجر على تعليم القرآن وغير ذلك, نقول: هذا ليس هو التعليم, وإنما هو التطبب والعلاج, ويظهر هذا في الترجمة في قوله: باب كسب الأطباء.
مداخلة: أليست العبرة بعموم اللفظ؟
الشيخ: نعم؟
مداخلة: اللفظ عام.
الشيخ: لا, الله عز وجل ذكر في سورة الشعراء نوحاً وهوداً وصالحاً ولوطاً وشعيباً وعن نبينا عليه الصلاة والسلام قوله جل وعلا: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:109].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أخيه معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث.
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه: ( أنه مر بقوم فأتوه، فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير فارق لنا هذا الرجل, فأتوه برجل معتوه في القيود، فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية، وكلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل فكأنما أنشط من عقال فأعطوه شيئاً, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل, فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في كسب الحجام
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: أخبرنا أبان عن يحيى عن إبراهيم بن عبد الله -يعني: ابن قارظ- عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كسب الحجام خبيث, وثمن الكلب خبيث, ومهر البغي خبيث ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن محيصة عن أبيه: ( أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها, فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى أمره أن أعلفه ناضحك ورقيقك ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره، ولو علمه خبيثاً لم يعطه ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال: ( حجم أبو طيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في كسب الإماء
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة عن محمد بن جحادة قال: سمعت أبا حازم سمع أبا هريرة قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء ).
حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا عكرمة قال: حدثني طارق بن عبد الرحمن القرشي قال: ( جاء رافع بن رفاعة إلى مجلس الأنصار، فقال: لقد نهانا نبي الله صلى الله عليه وسلم اليوم فذكر أشياء ونهى عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها, وقال هكذا بأصابعه نحو الخبز والغزل والنفش ) ].
وذلك أنه يشتهر في الجاهلية أنهم كانوا يتاجرون بالإماء إلى البغي, فيأخذون منهن أموالاً, فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء إلا ما عملت بيدها من صناعة أو حرفة أو طبخ ونحو ذلك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن أبي فديك عن عبيد الله -يعني: ابن هرير- عن أبيه عن جده رافع -هو: ابن خديج- قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في حلوان الكاهن
حدثنا قتيبة عن سفيان عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى عن ثمن الكلب, ومهر البغي, وحلوان الكاهن )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في عسب الفحل
حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا إسماعيل عن علي بن الحكم عن نافع عن ابن عمر قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الصائغ
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي ماجدة قال: ( قطعت من أذن غلام أو قطع من أذني, فقدم علينا أبو بكر حاجاً فاجتمعنا إليه, فرفعنا إلى عمر بن الخطاب، فقال عمر: إن هذا قد بلغ القصاص, ادعوا لي حجاماً ليقتص منه, فلما دعي الحجام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني وهبت لخالتي غلاماً وأنا أرجو أن يبارك لها فيه, فقلت لها: لا تسلميه حجاماً ولا صائغاً ولا قصاباً ).
قال أبو داود: روى عبد الأعلى عن ابن إسحاق على ابن ماجدة.
حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثنا ابن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن الحرقي عن ابن ماجدة السهمي عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
حدثنا الفضل بن يعقوب قال: حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق قال: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن ابن ماجدة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في العبد يباع وله مال
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع, ومن باع نخلاً مؤبراً فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصة العبد.
وعن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بقصة النخل.
قال أبو داود: واختلف الزهري و نافع في أربعة أحاديث، هذا أحدها.
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني سلمة بن كهيل قال: حدثني من سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في التلقي
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يبع بعضكم على بيع بعض, ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها الأسواق ).
حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة قال: حدثنا عبيد الله -يعني: ابن عمرو الرقي- عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تلقي الجلب, فإن تلقاه متلق مشتر فاشتراه فصاحب السلعة بالخيار إذا وردت السوق ), قال أبو علي اللؤلؤي: سمعت أبا داود يقول: قال سفيان: لا يبع بعضكم على بيع بعض، أن يقول: عندي خيراً منه بعشرة].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في النهي عن النجش
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تناجشوا )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: النهي أن يبيع حاضر لباد
حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد, فقلت: ما يبيع حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسار ).
حدثنا زهير بن حرب عن محمد بن الزبرقان أبا همام أنه حدثهم, وقال زهير وكان ثقة عن يونس عن الحسن قال: عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه أو أباه ).
قال أبو داود: سمعت حفص بن عمر يقول: حدثنا أبو هلال قال: حدثنا محمد عن أنس بن مالك قال: كان يقال: لا يبيع حاضر لباد, وهي كلمة جامعة لا يبيع له شيئاً ولا يبتاع له شيئاً.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن سالم المكي: ( أن أعرابياً حدثه أنه قدم بحلوبة له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل على طلحة بن عبيد الله، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد, ولكن اذهب إلى السوق فانظر من يبايعك فشاورني حتى آمرك أو أنهاك ) ].
وهذا النهي حتى لا يتضرر في ذلك الحاضر ولا يتضرر في ذلك البادي, الحاضر: المشتري الذي يشتري هذه السلعة فلا ينتفع من إتيان البادي من تلك السلعة, ولا يتضرر كذلك البادي ببيع سلعته على من يبخسها.
وهل يدخل هذا أيضاً في حاضر لحاضر من بلدة أخرى من بيئة أخرى كما في زماننا؟ وذلك أن يبيع شخص عربي لأعجمي وافد إلى هذه البلدة؛ هل يؤخذ من ذلك الحكم باعتبار اشتراكه في العلة؟
نعم, يأخذ في هذا, والحكم في ذلك واحد؛ كأن يبيع مصري لحجازي أو حجازي لشامي أو غير ذلك ولو كان حاضرة, باعتبار أن العلة في ذلك واحدة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبع حاضر لباد، وذروا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: من اشترى مصراة فكرهها
حدثنا القعنبي عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تلقوا الركبان للبيع, ولا يبع بعضكم على بيع بعض, ولا تصروا الإبل والغنم, فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها, فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن أيوب وهشام وحبيب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء ردها وصاعاً من طعام لا سمراء ).
حدثنا عبد الله بن مخلد التميمي قال: حدثنا المكي -يعني: ابن إبراهيم- قال: حدثنا ابن جريج قال: حدثني زياد بن سعد الخرساني أن ثابتاً مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من اشترى غنماً مصراة احتلبها, فإن رضيها أمسكها, وإن سخطها ففي حلبتها صاع من تمر ).
حدثنا أبو كامل قال: حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا صدقة بن سعيد عن جميع بن عمير التيمي قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام, فإن ردها رد معها مثل أو مثلي لبنها قمحاً )]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: النهي عن الحكرة
حدثنا وهب بن بقية قال: أخبرنا خالد عن عمرو بن يحيى عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن المسيب عن معمر بن أبي معمر أحد بني عدي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحتكر إلا خاطئ ), فقلت لـسعيد بن المسيب: فإنك تحتكر, قال ومعمر: كان يحتكر.
قال أبو داود: كان سعيد بن المسيب يحتكر النوى والخبط والبزر.
قال أبو داود: سمعت أحمد بن يونس يقول: سألت سفيان عن كبس القت فقال: كانوا يكرهون الحكرة, وسألت أبا بكر بن عياش فقال: اكبس.
حدثنا محمد بن يحيى بن فياض قال: حدثنا أبي، وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا يحيى بن الفياض قال: حدثنا همام عن قتادة قال: ليس في التمر حكرة, قال ابن المثنى: قال: عن الحسن، فقلنا له: لا تقل عن الحسن .
قال أبو داود: هذا الحديث عندنا باطل.
قال أبو داود: قلت لـأحمد: ما الحكرة؟ قال: ما فيه عيش الناس والبهائم. قال الأوزاعي: المحتكر من يعترض السوق].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كسر الدراهم
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا معتمر قال: سمعت محمد بن فضاء يحدث عن أبيه عن علقمة بن عبد الله عن أبيه، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس ).
قال أبو داود: وكانت الدراهم إذ ذاك إذا كسرت لم تجز].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في التسعير
حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي أن سليمان بن بلال حدثهم قال: حدثني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة: ( أن رجلاً جاء، فقال: يا رسول الله, سعر, فقال: بل أدعو, ثم جاءه رجل، فقال: يا رسول الله, سعر, فقال: بل الله يخفض ويرفع، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا ثابت عن أنس بن مالك و قتادة وحميد عن أنس قال: ( قال الناس: يا رسول الله, غلا السعر فسعر لنا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق, وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في النهي عن الغش
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاماً فسأله: كيف تبيع؟ فأخبره, فأوحي إليه أن أدخل يدك فيه, فأدخل يده فيه فإذا هو مبلول, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من غش ).
حدثنا الحسن بن الصباح عن علي عن يحيى قال: كان سفيان يكره هذا التفسير: ليس منا، ليس مثلنا].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: خيار المتبايعين
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يفترقا إلا بيع الخيار ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال: ( أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا إلا أن تكون صفقة خيار, ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد عن جميل بن مرة عن أبي الوضيء، قال: ( غزونا غزوة لنا فنزلنا منزلاً فباع صاحب لنا فرساً بغلام، ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما, فلما أصبحا من الغد حضر الرحيل فقام إلى فرسه يسرجه فندم، فأتى الرجل وأخذه بالبيع, فأبى الرجل أن يدفعه إليه, فقال: بيني وبينك أبو برزة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر فقالا له هذه القصة, فقال: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا, قال هشام بن حسان: حدث جميل أنه قال: ما أراكما افترقتما ).
حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي قال: حدثنا مروان الفزاري قال: أخبرنا عن يحيى بن أيوب قال: كان أبو زرعة إذا بايع رجلاً خيره, قال: ثم يقول: خيرني, ويقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يفترقن اثنان إلا عن تراض ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن حكيم بن حزام، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( البيعان بالخيار ما لم يفترقا, فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما, وإن كتما وكذبا محقت البركة من بيعهما ).
قال أبو داود: وكذلك رواه سعيد بن أبي عروبة و حماد, وأما همام، فقال: ( حتى يتفرقا أو يختارا ثلاث مرار ) ].
وهذا يدل على أن الإنسان يرزق بنيته أكثر من حنكته ودرايته؛ وذلك أن سلامة الباطن لها أثر على تصرف الإنسان, سواء كان فرداً أو شريكاً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في فضل الإقالة
حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا حفص عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أقال مسلماً أقاله الله عثرته )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: فيمن باع بيعتين في بيعة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن زكريا عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في النهي عن العينة
حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني حيوة بن شريح وحدثنا جعفر بن مسافر التنيسي قال: حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي قال: أخبرنا حيوة بن شريح عن إسحاق أبي عبد الرحمن قال سليمان بن داود أبو الربيع: عن أبي عبد الرحمن الخراساني أن عطاء الخراساني حدثه أن نافعاً حدثه عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا تبايعتم بالعينة, وأخذتم أذناب البقر, ورضيتم بالزرع, وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: السلف
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس قال: ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين والثلاث, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم ) ].
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا تبايعتم بالعينة ), ثم ذكر قال: ( وتركتم الجهاد ), إشارة إلى أن انتشار الربا يقترن معه ترك الجهاد, وترك الجهاد يقترن معه انتشار الربا ومعاملات الحرام, ووجود معاملات الحرام أمارة على شره في الناس وولع في أخذ المال ولو من باب الحرام, أي: أن الناس إذا تعلقوا بالدنيا وأكثروا من ذلك وأسرفوا في أخذ الماديات عطلوا الجهاد؛ لأن المادة تدعو الإنسان إلى التعلق بالدنيا, والجهاد يدعوه إلى الخروج منها، وهذان لا يجتمعان.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة وحدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة قال: أخبرني محمد أو عبد الله بن مجالد قال: ( اختلف عبد الله بن شداد و أبو بردة في السلف, فبعثوني إلى ابن أبي أوفى فسألته، فقال: إنا كنا نسلف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الحنطة والشعير والتمر والزبيب, زاد ابن كثير: إلى قوم ما هو عندهم, ثم اتفقا: وسألت ابن أبزى فقال مثل ذلك ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى وابن مهدي قالا: حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي مجالد وقال عبد الرحمن: عن ابن أبي مجالد بهذا الحديث. قال: عند قوم ما هو عندهم.
قال أبو داود: الصواب ابن أبي المجالد، وشعبة أخطأ فيه.
حدثنا محمد بن المصفى قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا عبد الملك بن أبي غنية قال: حدثني أبو إسحاق عن عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي قال: ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الشام, فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام، فنسلفهم في البر والزيت سعراً معلوماً وأجلاً معلوماً، فقيل له: ممن له ذلك؟ قال: ما كنا نسألهم ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في السلم في ثمرة بعينها
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن رجل نجراني عن ابن عمر: ( أن رجلاً أسلف رجلاً في نخل فلم تخرج تلك السنة شيئاً, فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: بم تستحل ماله؟ اردد عليه ماله, ثم قال: لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا أبو بدر عن زياد بن خيثمة عن سعد -يعني: الطائي- عن عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن بكير عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري أنه قال: ( أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه, فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ).
حدثنا سليمان بن داود المهري وأحمد بن سعيد الهمداني قالا: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن جريج وحدثنا محمد بن معمر قال: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج المعنى أن أبا الزبير المكي أخبره عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن بعت من أخيك تمراً فأصابتها جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً, بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني عثمان بن الحكم عن ابن جريج عن عطاء قال: ( الجوائح: كل ظاهر مفسد من مطر أو برد أو جراد أو ريح أو حريق ).
حدثنا سليمان بن داود قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني عثمان بن الحكم عن يحيى بن سعيد أنه قال: ( لا جائحة فيما أصيب دون ثلث رأس المال ) قال يحيى: وذلك في سنة المسلمين].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: رجل منع ابن السبيل فضل ماء عنده, ورجل حلف على سلعة بعد العصر -يعني: كاذباً- ورجل بايع إماماً فإن أعطاه وفى له وإن لم يعطه لم يف ) ].
وذلك أنهم يتحايلون, يمنعون الماء ولا يستطيعون أن يمنعوا العشر لرعي الغنم؛ وذلك أن الغنم أو الإبل أو البقر إذا رعت تعطش وتحتاج إلى الماء, فيذهبون إلى الماء ويمنعونه, وحينئذ لا يأتي أحد إلى موضع ليس فيه ماء, ولو كان فيه كلأ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش بإسناده ومعناه، قال: ( ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم, وقال في السلعة: بالله لقد أعطي بها كذا وكذا, فصدقه الآخر فأخذها ).
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا كهمس عن سيار بن منظور رجل من بني فزارة عن أبيه عن امرأة يقال لها: بهيسة عن أبيها، قالت: ( استأذن أبي النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بينه وبين قميصه, فجعل يقبل ويلتزم, ثم قال: يا نبي الله, ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الماء, قال: يا نبي الله, ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الملح, قال: يا نبي الله, ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: أن تفعل الخير خير لك ).
حدثنا علي بن الجعد اللؤلؤي قال: أخبرنا حريز بن عثمان عن حبان بن زيد الشرعبي عن رجل من قرن، ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا حريز بن عثمان قال: حدثنا أبو خداش وهذا لفظ علي عن رجل من المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً أسمعه يقول: المسلمون شركاء في ثلاث: في الكلأ, والماء, والنار )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في بيع فضل الماء
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال عن إياس بن عبد: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع فضل الماء )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في ثمن السنور
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي وحدثنا الربيع بن نافع أبو توبة وعلي بن بحر قالا: حدثنا عيسى -يعني: الأعمش- عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا عمر بن زيد الصنعاني أنه سمع أبا الزبير عن جابر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الهر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في أثمان الكلاب
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي مسعود؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى عن ثمن الكلب, ومهر البغي, وحلوان الكاهن ).
حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة قال: حدثنا عبيد الله -يعني: ابن عمرو- عن عبد الكريم عن قيس بن حبتر عن عبد الله بن عباس قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب, وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني عون بن أبي جحيفة أن أباه قال: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ) ], يا شيخ! هل هذا في البخاري؟
الشيخ: نعم.
قال عندي: أخرجه البخاري برقم 2086 .
الشيخ: تقصد حديث أبي جحيفة أو ابن عباس؟
لا, أبي جحيفة.
الشيخ: نعم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني معروف بن سويد الجذامي أن علي بن رباح اللخمي حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل ثمن الكلب, ولا حلوان الكاهن, ولا مهر البغي )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: حدثنا معاوية بن صالح عن عبد الوهاب بن بخت عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله حرم الخمر وثمنها, وحرم الميتة وثمنها, وحرم الخنزير وثمنه ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: ( إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام, فقيل: يا رسول الله, أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا, هو حرام, ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها أجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب قال: كتب إلي عطاء عن جابر نحوه، لم يقل: هو حرام.
حدثنا مسدد أن بشر بن المفضل وخالد بن عبد الله الطحان حدثاهم المعنى، عن خالد الحذاء عن بركة قال: مسدد في حديث خالد بن عبد الله عن بركة أبي الوليد ثم اتفقا: عن ابن عباس قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً عند الركن, قال: فرفع بصره إلى السماء فضحك, فقال: لعن الله اليهود ثلاثاً, إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها, وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه ), ولم يقل في حديث خالد بن عبد الله الطحان: رأيت، وقال: قاتل الله ].
في هذا استحباب النظر إلى السماء عند الدعاء, فكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله كثيراً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن إدريس و وكيع عن طعمة بن عمرو الجعفري عن عمر بن بيان التغلبي عن عروة بن المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من باع الخمر فليشقص الخنازير ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت: ( لما نزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأهن علينا، وقال: حرمت التجارة في الخمر ) ].
الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً هو رفع البصر إلى السماء مطلقاً عند الدعاء؟
عند الدعاء, حديث أبي موسى في مسلم: ( وكان كثيراً ما يرفع بصره إلى السماء ), جاء أيضاً من حديث المقداد بن الأسود قال: ( فرفع بصره إلى السماء فظننت أن يدعو علي ), يعني: أنه في حال الدعاء يرفع بصره عليه الصلاة والسلام إلى السماء.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش بإسناده ومعناه، قال: ( الآيات الأواخر في الربا )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في بيع الطعام قبل أن يستوفى
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: ( كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتاع الطعام، فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه, يعني: جزافاً ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر قال: ( كانوا يتبايعون الطعام جزافاً بأعلى السوق, فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثنا عمرو عن المنذر بن عبيد المديني أن القاسم بن محمد حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع أحد طعاماً اشتراه بكيل حتى يستوفيه ) ].
كلمة ( بكيل ) من الزوائد.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله ), زاد أبو بكر قال: قلت لـابن عباس: لم؟ قال: ألا ترى أنهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجى.
حدثنا مسدد وسليمان بن حرب قالا: حدثنا حماد وحدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة وهذا لفظ مسدد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اشترى أحدكم طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه ) قال سليمان بن حرب: حتى يستوفيه, وزاد مسدد وقال: قال ابن عباس: وأحسب أن كل شيء مثل الطعام.
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: ( رأيت الناس يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا الطعام جزافاً أن يبيعوه حتى يبلغه إلى رحله ).
حدثنا محمد بن عوف الطائي قال: حدثنا أحمد بن خالد الوهبي قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن أبي الزناد عن عبيد بن حنين عن ابن عمر قال: ( ابتعت زيتاً في السوق، فلما استوجبته لنفسي لقيني رجل فأعطاني به ربحاً حسناً, فأردت أن أضرب على يده, فأخذ رجل من خلفي بذراعي فالتفت فإذا زيد بن ثابت، فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرجل يقول عند البيع: لا خلابة
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر: ( أن رجلاً ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيع, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بايعت فقل: لا خلابة, فكان الرجل إذا بايع يقول: لا خلابة ).
حدثنا محمد بن عبد الله الأرزي و إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي المعنى، قالا: حدثنا عبد الوهاب -قال: محمد عبد الوهاب بن عطاء- قال: أخبرنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك: ( أن رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبتاع وفي عقدته ضعف, فأتى أهله نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا نبي الله! احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف, فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن البيع, فقال: يا نبي الله, إني لا أصبر عن البيع, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت غير تارك البيع فقل: هاء وهاء ولا خلابة ), قال أبو ثور عن سعيد ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في العربان
حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك بن أنس أنه بلغه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان ), قال مالك: وذلك فيما نرى والله أعلم أن يشتري الرجل العبد أو يتكارى الدابة، ثم يقول: أعطيك ديناراً على أني إن تركت السلعة أو الكراء فما أعطيتك لك].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرجل يبيع ما ليس عنده
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال: ( يا رسول الله! يأتيني الرجل فيريد مني البيع ليس عندي أفأبتاعه له من السوق؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك )].
وهذا يشتهر في الناس, أنهم يبيعون شيئاً ليس عندهم، ثم يقول: أشتريه لك, أو يقول مثلاً: عندي كذا, يبيعه بكذا, وهو يعلم أنه سعره بالسوق, ثم يذهب ليأتي به, وفي صورته في الظاهر أنه باع هذه السلفة لهذا الشخص من قبله, وإنما هو وسيط, وهذا بيع ما ليس عنده, وهو بيع باطل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا إسماعيل عن أيوب قال: حدثني عمرو بن شعيب قال: حدثني أبي عن أبيه حتى ذكر عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل سلف وبيع, ولا شرطان في بيع, ولا ربح ما لم يضمن, ولا بيع ما ليس عندك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في شرط في بيع
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى -يعني: ابن سعيد- عن زكريا قال: حدثنا عامر عن جابر بن عبد الله قال: ( بعته -يعني: بعيره- من النبي صلى الله عليه وسلم واشترطت حملانه إلى أهلي, قال في آخره: تراني إنما ماكستك لأذهب بجملك؟ خذ جملك وثمنه فهما لك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في عهدة الرقيق
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا أبان عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( عهدة الرقيق ثلاثة أيام ).
حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثني عبد الصمد قال: حدثنا همام عن قتادة بإسناده ومعناه, زاد: ( إن وجد داء في الثلاث ليالي رد بغير بينة, وإن وجد داء بعد الثلاث كلف البينة أنه اشتراه، وبه هذا الداء ).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الخراج بالضمان ).
حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا الفريابي عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن مخلد الغفاري قال: ( كان بيني وبين أناس شركة في عبد, فاقتويته وبعضنا غائب, فأغل علي غلة فخاصمني في نصيبه إلى بعض القضاة, فأمرني أن أرد الغلة, فأتيت عروة بن الزبير فحدثته, فأتاه عروة فحدثه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخراج بالضمان ) ].
ومخلد ضعفه بعض العلماء, وأعل بعض العلماء هذا الحديث بـمخلد بن خفاف.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن مروان الدمشقي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: ( أن رجلاً ابتاع غلاماً, فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم وجد به عيباً, فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرده عليه, فقال الرجل: يا رسول الله, قد استغل غلامي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخراج بالضمان ).
قال أبو داود: هذا إسناد ليس بذاك].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: إذا اختلف البيعان والبيع قائم
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال: حدثنا أبي عن أبي عميس قال: أخبرني عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أبيه عن جده، قال: ( اشترى الأشعث رقيقاً من رقيق الخمس من عبد الله بعشرين ألفاً, فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم, فقال: إنما أخذتهم بعشرة آلاف, فقال عبد الله: فاختر رجلاً يكون بيني وبينك, قال الأشعث: أنت بيني وبين نفسك, قال عبد الله: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان ).
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه أن ابن مسعود باع من الأشعث بن قيس رقيقاً, فذكر معناه والكلام يزيد وينقص].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الشفعة
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الشفعة في كل شرك ربعة أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يؤذن شريكه, فإن باع فهو أحق به حتى يؤذنه ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال: ( إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم, فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ).
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا الحسن بن الربيع قال: حدثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة أو عن سعيد بن المسيب أو عنهما جميعاً، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا قسمت الأرض وحدت فلا شفعة فيها ).
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة أنه سمع عمرو بن الشريد سمع أبا رافع سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( الجار أحق بسقبه ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( جار الدار أحق بدار الجار أو الأرض ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الجار أحق بشفعة جاره, يُنتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً ) ].
وهذا الحديث منكر, أنكره الإمام أحمد ويحيى بن سعيد القطان والبخاري؛ وذلك لتفرد عبد الملك به عن عطاء عن جابر بن عبد الله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرجل يفلس فيجد رجل متاعه بعينه عنده
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك ح وحدثنا النفيلي قال: حدثنا زهير المعنى عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما رجل أفلس فأدرك متاعه بعينه فهو أحق به من غيره ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما رجل أفلس فأدرك متابعه بعينه فهو أحق به من غيره ) ].
أبو بكر بن عبد الرحمن تابعي, وحديثه مرسل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا عبد الله -يعني: ابن وهب- قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر معنى حديث مالك, زاد: ( وإن كان قد قضى من ثمنها شيئاً فهو أسوة الغرماء ).
قال أبو بكر: ( وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من توفي وعنده سلعة رجل بعينها لم يقض من ثمنها شيئاً فصاحب السلعة أسوة الغرماء فيها ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به, وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء ).
حدثنا محمد بن عوف قال: حدثنا عبد الله بن عبد الجبار الخبائري قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن الزبيدي
عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبي هريرة نحو حديث مالك، قال: ( فإن كان قضى من ثمنه شيئاً فما بقي فهو أسوة الغرماء, وأيما امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه اقتضى منه شيئاً أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن أبي المعتمر عن عمر بن خلدة قال: ( أتينا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس, فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: فيمن أحيا حسيراً
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد وحدثنا موسى قال: حدثنا أبان عن عبيد الله بن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن الشعبي قال: عن أبان إن عامراً الشعبي حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من وجد دابة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها فسيبوها فأخذها فأحياها فهي له ), قال أبو داود في حديث أبان قال: عبيد الله: فقلت: عمن؟ قال: عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو داود: وهذا حديث حماد وهو أبين وأتم.
حدثنا محمد بن عبيد عن حماد -يعني: ابن زيد- عن خالد الحذاء عن عبيد الله بن حميد بن عبد الرحمن عن الشعبي يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ( من ترك دابة بمهلك فأحياها رجل فهي لمن أحياها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرهن
حدثنا هناد عن ابن المبارك عن زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لبن الدر يحلب بنفقته إذا كان مرهوناً, والظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً, وعلى الذي يركب ويحلب النفقة ).
قال أبو داود: وهو عندنا صحيح].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرجل يأكل من مال ولده
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عمارة بن عمير عن عمته: ( أنها سألت عائشة: في حجري يتيم فآكل من ماله؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه ).
حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة و عثمان بن أبي شيبة المعنى، قالا: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة ].
ولا يستأذن الوالد من ولده بأكله من ماله أو أخذه منه بغير ظلم, الأصل في ذلك أن مال الولد لأبيه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ عن شعبة عن الحكم عن عمارة بن عمير عن أمه عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ولد الرجل من كسبه من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم ).
حدثنا محمد بن المنهال قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله, إن لي مالاً وولداً, وإن والدي يجيح مالي؟ قال: أنت ومالك لوالدك, إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عون قال: حدثنا هشيم عن موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به ويتبع البيع من باعه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرجل يأخذ حقه من تحت يده
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ( أن هنداً أم معاوية جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح, وإنه لا يعطيني ما يكفيني وبني فهل علي جناح أن آخذ من ماله شيئاً؟ قال: خذي ما يكفيك وبنيك بالمعروف ) .
حدثنا خشيش بن أصرم قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: ( جاءت هند إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله, إن أبا سفيان رجل ممسك؛ فهل علي من حرج أن أنفق على عياله من ماله بغير إذنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حرج عليك أن تنفقي عليهم بالمعروف ).
حدثنا أبو كامل أن يزيد بن زريع حدثهم قال: حدثنا حميد -يعني: الطويل- عن يوسف بن ماهك المكي قال: ( كنت أكتب لفلان نفقة أيتام كان وليهم فغالطوه بألف درهم, فأداها إليهم فأدركت لهم من مالهم مثلها, قال: قلت: أقتص الألف الذي ذهبوا به منك؟ قال: لا, حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك ).
حدثنا محمد بن العلاء وأحمد بن إبراهيم قالا: حدثنا طلق بن غنام عن شريك قال العلاء و قيس عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في قبول الهدايا
حدثنا علي بن بحر وعبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي قالا: حدثنا عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها ).
حدثنا محمد بن عمرو الرازي قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وايم الله لا أقبل بعد يومي هذا من أحد هدية إلا أن يكون مهاجرياً قرشياً أو أنصارياً أو دوسياً أو ثقفياً )].
والسبب في ذلك أن لا يكون في ذلك حظوظ ولا إضرار, لا يكون في ذلك حظوظ في نفوسهم, ولا إضرار بهم كذلك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الرجوع في الهبة
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: أخبرنا شعبة وأبان وهمام قالوا: قال: حدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( العائد في هبته كالعائد في قيئه ) قال همام: وقال قتادة: ولا نعلم القيء إلا حراماً.
حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد -يعني: ابن زريع- قال: حدثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عمر و ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده, ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه ).
حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني أسامة بن زيد أن عمرو بن شعيب حدثه عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب يقيء فيأكل قيئه, فإذا استرد الواهب فليوقف فليعرف بما استرد ثم ليدفع إليه ما وهب ) ].
وليس المراد بذلك ذم الهدية بتشبيهها بالقيء الخارج, ولكن المراد بذلك هو ذم استرجاعها أن يعيدها الإنسان منه ممن أهدى إليه, وهي نوع من الاستقذار, وكذلك لا ينبغي للإنسان أن ينتفع بها وأن يعيدها إلى من أهداها إليه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الهدية لقضاء الحاجة
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن عمر بن مالك عن عبيد الله بن أبي جعفر عن خالد بن أبي عمران عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا ) ].
وذلك حتى لا تكون الشفاعات بأجرة, فيسقط في ذلك الحظ الذي يكون بين الناس بالشفاعة والوفاء الحسن وحسن العهد والإحسان إلى الناس وغير ذلك، فيكون تجارة, وأما إذا كان الإنسان استأجر أحداً أو جعل له شرطاً جعالة فهذا أمر آخر, أما إذا كانت ابتداء شفاعة فلا يجوز أن يأخذ عليها شيئاً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرجل يفضل بعض ولده على بعض في النحل
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا سيار وأخبرنا مغيرة وأخبرنا داود عن الشعبي ومجالد وإسماعيل بن سالم عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال: ( أنحلني أبي نحلاً, قال إسماعيل بن سالم: من بين القوم نحله غلاماً له, قال: فقالت له أمي عمرة بنت رواحة: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشهده, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له, فقال له: إني نحلت ابني النعمان نحلاً, وإن عمرة سألتني أن أشهدك على ذلك, قال: فقال: ألك ولد سواه؟ قال: قلت: نعم, قال: فكلهم أعطيتهم مثل ما أعطيت النعمان ؟ قال: لا, قال: فقال بعض هؤلاء المحدثين: هذا جور, وقال بعضهم: هذا تلجئة فأشهد على هذا غيري ), قال مغيرة في حديثه: ( أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء؟ قال: نعم, قال: فأشهد على هذا غيري ), وذكر مجالد في حديثه: ( إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك ) ].
وفي هذا إشارة إلى أن معاملة الأب لأبنائه لها أثر في انعكاس برهم عليه, وذلك بالتمييز بينهم بالتفاضل في الهدية والعطية وكذلك في حسن المعشر وغير ذلك, فينبغي في ذلك التساوي, وقد كان السلف يعدلون بين أبنائهم ولو في الأشياء اليسيرة, وقد جاء عن إبراهيم النخعي كما روى الحسين المروزي في كتابه الصلة, قال: كانوا يحبون أن يعدلوا بين أبنائهم حتى في القبل, يعني: إن قبل هذا قبل هذا, فضلاً عما دون ذلك من الهدية والعطية أو غيرها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: في حديث الزهري قال بعضهم: ( أكل بنيك؟ ), وقال بعضهم: ( ولدك ), وقال ابن أبي خالد عن الشعبي فيه: ( ألك بنون سواه؟ ), وقال أبو الضحى عن النعمان بن بشير: ( ألك ولد غيره؟ ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه قال: حدثني النعمان بن بشير قال: ( أعطاه أبوه غلاماً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: غلام أعطانيه أبي, قال: فكل إخوتك أعطى كما أعطاك؟ قال: لا, قال: فاردده ).
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد عن حاجب بن المفضل بن المهلب عن أبيه قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اعدلوا بين أبنائكم, اعدلوا بين أبنائكم ).
حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا زهير عن أبي الزبير عن جابر قال: ( قالت امرأة بشير: انحل ابني غلامك وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن بنت فلان سألتني أن أنحل ابنها غلاماً، وقالت: أشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: له إخوة؟ فقال: نعم, قال: فكلهم أعطيت ما أعطيته؟ قال: لا, قال: فليس يصلح هذا, وإني لا أشهد إلا على حق ).
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة ( أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: كنت تصدقت على أمي بوليدة وإنها ماتت وتركت تلك الوليدة ), قال: وذكر الحديث].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: عطية المرأة بغير إذن زوجها
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن داود بن أبي هند وحبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يجوز لامرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها ).
حدثنا أبو كامل قال: حدثنا خالد -يعني: ابن الحارث- قال: حدثنا حسين عن عمرو بن شعيب أن أباه أخبره عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في العمرى
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( العمرى جائزة ).
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبان عن يحيى عن أبي سلمة عن جابر: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ( العمرى لمن وهبت له ).
حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني قال: حدثنا محمد بن شعيب قال: أخبرنا الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أعمر عمرى فهي له ولعقبه، يرثها من يرثه من عقبه ).
حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة و عروة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
قال أبو داود: وهكذا رواه الليث بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: من قال فيه ولعقبه
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا بشر بن عمر قال: حدثنا مالك -يعني: ابن أنس- عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ).
حدثنا حجاج بن أبي يعقوب قال: حدثنا يعقوب وقال: حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب بإسناده ومعناه.
قال أبو داود: وكذلك رواه عقيل و يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب بإسناده ومعناه, واختلف على الأوزاعي في لفظه عن ابن شهاب, ورواه فليح بن سليمان مثل حديث مالك .
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال: ( إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك, فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها ).
حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئاً أو أعمره فهو لورثته ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا سفيان عن حبيب -يعني: ابن أبي ثابت- عن حميد الأعرج عن طارق المكي عن جابر بن عبد الله قال: ( قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة من الأنصار أعطاها ابنها حديقة من نخل فماتت, فقال ابنها: إنما أعطيتها حياتها وله إخوة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي لها حياتها وموتها, قال: كنت تصدقت بها عليها, قال: ذلك أبعد لك ) ].
والسبب في ذلك لما فيها من الجهالة, ومسألة العمرى والرقبى؛ أن الإنسان يعطي أحداً مالاً أو داراً أو مزرعة أو غير ذلك، يقول: هي لك ما كنت حياً, فإن مت أنا قبلك فهي لك, وإن مت قبلي فترجع إلي, فهذا ألغي في الشريعة, باعتبار أن كل واحد منهم يتمنى موت صاحبه حتى ترجع الأرض, فيقال في ذلك: إن الإنسان إذا أعطاها أحداً فهي له, إذا أعطاها أحداً حياته فهي له مماته بعد ذلك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرقبى
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا داود عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( العمرى جائزة لأهلها, والرقبى جائزة لأهلها ).
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: قرأت على معقل عن عمرو بن دينار عن طاوس عن حجر عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أعمر شيئاً فهو لمعمره محياه ومماته, ولا ترقبوا, فمن أرقب شيئاً فهو سبيله ).
حدثنا عبد الله بن الجراح عن عبيد الله بن موسى عن عثمان بن الأسود عن مجاهد قال: العمرى: أن يقول الرجل للرجل: هو لك ما عشت, فإذا قال ذلك فهو له ولورثته, والرقبى: هو أن يقول الإنسان: هو للآخر مني ومنك].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في تضمين العارية
حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( على اليد ما أخذت حتى تؤدي ), ثم إن الحسن نسي فقال: هو أمينك لا ضمان عليه.
حدثنا الحسن بن محمد و سلمة بن شبيب قالا: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه أدراعاً يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟ فقال: لا, بل عارية مضمونة ).
قال أبو داود: وهذه رواية يزيد ببغداد, وفي روايته بواسط على غير هذا.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة فقال: حدثنا جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس من آل عبد الله بن صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يا صفوان! هل عندك من سلاح؟ قال: عارية أم غصباً؟ قال: لا, بل عارية, فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعاً, وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً, فلما هزم المشركون جمعت دروع صفوان ففقدوا منها أدراعاً, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـصفوان: إنا قد فقدنا من أدراعك أدراعاً فهل نغرم لك؟ قال: لا, يا رسول الله؛ لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ ).
قال أبو داود: وكان أعاره قبل أن يسلم ثم أسلم.
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو الأحوص قال: حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن ناس من آل صفوان قال: استعار النبي صلى الله عليه وسلم فذكر معناه.
حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي قال: حدثنا ابن عياش عن شرحبيل بن مسلم قال: سمعت أبا أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه, فلا وصية لوارث, لا تنفق المرأة شيئاً من بيتها إلا بإذن زوجها, قيل: يا رسول الله, ولا الطعام؟ قال: ذلك أفضل أموالنا, ثم قال: العارية مؤداة, والمنحة مردودة, والدين مقضي, والزعيم غارم ).
حدثنا إبراهيم بن المستمر العصفري قال: حدثنا حبان بن هلال قال: حدثنا همام عن قتادة عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً وثلاثين بعيراً, قال: قلت: يا رسول الله, أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: بل مؤداة ) ].
وهذا الحديث أعله البخاري, وقال فيه: فيه اضطراب.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: من أفسد شيئاً يضمن مثله
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا خالد عن حميد عن أنس بن مالك: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه, فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادمها قصعة فيها طعام، قال: فضربت بيدها فكسرت القصعة, قال ابن المثنى: فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل يجمع فيها الطعام، ويقول: غارت أمكم ), زاد ابن المثنى: ( كلوا, فأكلوا حتى جاءت قصعتها التي في بيتها ), ثم رجعنا إلى لفظ حديث مسدد قال: ( فقال: كلوا, وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا, فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول وحبس المكسورة في بيته ) ].
وفي هذا لين النبي صلى الله عليه وسلم ولطفه ورحمته أن قام بجمع الطعام بنفسه, مع حضور زوجه أم المؤمنين عليها رضوان الله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني فليت العامري عن جسرة بنت دجاجة قالت: قالت عائشة رضي الله عنها: ( ما رأيت صانع طعام مثل صفية, صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فبعثت به, فأخذني أَفْكِل فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله, ما كفارة ما صنعت؟ فقال: إناء مثل إناء وطعام مثل طعام )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: المواشي تفسد زرع القوم
حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه: ( أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدته, فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الأموال حفظها بالنهار, وعلى أهل المواشي حفظها بالليل ).
حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا الفريابي عن الأوزاعي عن الزهري عن حرام بن محيصة الأنصاري عن البراء بن عازب قال: ( كانت له ناقة ضارية فدخلت حائطاً فأفسدت فيه, فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها, فقضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها, وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل )].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر