إسلام ويب

كتاب الأقضيةللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • نظمت الشريعة الإسلامية أحكام القضاء ابتداء من مدى مشروعية طلب هذه المهمة، وانتهاء بالتنفيذ، مروراً بإجراءات التقاضي سواء من حيث تعامل القاضي مع الخصوم أم إجراءات الدعوى والدفع، والبينات المقبولة، والشهود وما يتصل بهم، والصلح إن أمكن، بل وما يتعلق بأهل الذمة من الحيثيات السابقة.

    1.   

    باب طلب القضاء

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم.

    أول كتاب الأقضية.

    باب: طلب القضاء.

    حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا فضيل بن سليمان قال: حدثنا عمرو بن أبي عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين ).

    حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا بشر بن عمر عن عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد الأخنسي عن المقبري والأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من جعل قاضياً بين الناس فقد ذبح بغير سكين ) ].

    لأن الذبح بالسكين يريح الذبيحة, أما ذبحها خنقاً أو وقذاً ونحو ذلك فهذا أشد أذى عليه, وشبه القاضي بذلك لأن أمره شديد.

    1.   

    باب في القاضي يخطئ

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في القاضي يخطئ

    حدثنا محمد بن حسان السمتي قال: حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( القضاة ثلاثة: واحد في الجنة, واثنان في النار, فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به, ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار, ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار ).

    حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال: حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن محمد- قال: أخبرني يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران, وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ), فحدثت به أبا بكر بن حزم فقال: هذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة .

    حدثنا عباس العنبري قال: حدثنا عمر بن يونس قال: حدثنا ملازم بن عمرو قال: حدثني موسى بن نجدة عن جده يزيد بن عبد الرحمن وهو: أبو كثير قال: حدثني أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة, ومن غلب جوره عدله فله النار ).

    حدثنا إبراهيم بن حمزة بن أبي يحيى الرملي قال: حدثنا زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44], إلى قوله: الْفَاسِقُونَ [المائدة:47], هؤلاء الآيات الثلاث نزلت في اليهود خاصة في قريظة والنضير ) ].

    القضاء والعمل فيه يذم من وجه ويمدح من وجه, أما من جهة ذمه كما جاء في النصوص من جهة ما يقع من ميل وهوى أو حظ أو رشوة أو محاباة أو حكم بجهالة أو غير ذلك, وأما بالنسبة لمدحه فإن فيه إقامة للتوحيد, فإن القاضي الذي يعمل بإقامة حكم الله عز وجل وعدله في الناس ويحكم شرع الله سبحانه وتعالى سواء كان حاكماً قاضياً فهذا يحقق توحيد الله سبحانه وتعالى في العباد, ولهذا نقول: كما أن الذي يبدل دين الله عز وجل فهو كافر, فإن الذي يقيمه في الناس فهو يحقق الإسلام وأصله.

    1.   

    باب في طلب القضاء والتسرع إليه

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في طلب القضاء والتسرع إليه

    حدثنا محمد بن العلاء ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن رجاء الأنصاري عن عبد الرحمن بن بشر الأزرق قال: ( دخل رجلان من أبواب كندة وأبو مسعود الأنصاري جالس في حلقة، فقالا: ألا رجل ينفذ بيننا؟ فقال رجل من الحلقة: أنا, فأخذ أبو مسعود كفاً من حصى فرماه به, فقال: مه, كان يكره التسرع إلى الحكم ).

    حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا إسرائيل قال: حدثنا عبد الأعلى عن بلال عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه, ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكاً يسدده ).

    حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا قرة بن خالد قال: حدثنا حميد بن هلال قال: حدثني أبو بردة قال: قال أبو موسى: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لن نستعمل أو لا نستعمل على عملنا من أراده ) ].

    وهذا في سائر أمور الولايات, بخلاف العمل الخاص, أمور الولايات لا تعطى من سألها, باعتبار أن من سألها يتشوف إليها وإلى حظها وثمرها ومردودها عليه من جهة الجاه والمال, وأما من لم يطلبها فإن نفسه أقل من ذلك تشوفاً.

    1.   

    باب كراهية الرشوة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كراهية الرشوة

    حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو قال: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي )].

    1.   

    باب في هدايا العمال

    1.   

    باب كيف القضاء

    1.   

    باب قضاء القاضي إذا أخطأ

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: قضاء القاضي إذا أخطأ

    حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي, ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه, فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئاً، فإني أقطع له قطعة من نار ) ].

    وهذا دليل على أن قضاء القاضي وحكم الحاكم لا يغير الحقائق الذاتية التي في ذاته إذا علمها الإنسان, وهذا على قول جمهور العلماء, فهو قول مالك والشافعي والإمام أحمد خلافاً لـأبي حنيفة، فإن حكم القاضي يعتبر فاصلاً، ولو علم الإنسان خلافه, وهذا قول ضعيف مردود.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة قال: حدثنا ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: ( أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان يختصمان في مواريث لهما لم يكن لهما بينة إلا دعواهما, فقال النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله, فبكى الرجلان, وقال: كل واحد منهما حقي لك, فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: أما إذ فعلتما ما فعلتما فاقتسما وتوخيا الحق ثم استهما ثم تحالا ).

    حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا عيسى قال: حدثنا أسامة عن عبد الله بن رافع قال: سمعت أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، قال: ( يختصمان في مواريث وأشياء قد درست, فقال: إني إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علي فيه ).

    حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب قال وهو على المنبر: ( يا أيها الناس! إن الرأي إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيباً لأن الله كان يريه, وإنما هو منا الظن والتكلف ).

    حدثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا معاذ بن معاذ قال: أخبرني أبو عثمان الشامي ولا إخالني رأيت شامياً أفضل منه, يعني: حريز بن عثمان ].

    1.   

    باب كيف يجلس الخصمان بين يدي القاضي

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كيف يجلس الخصمان بين يدي القاضي

    حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا مصعب بن ثابت عن عبد الله بن الزبير قال: ( قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحكم )].

    1.   

    باب القاضي يقضي وهو غضبان

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: القاضي يقضي وهو غضبان

    حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن عمير قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أنه كتب إلى ابنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقضي الحاكم بين اثنين وهو غضبان )].

    1.   

    باب في الحكم بين أهل الذمة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الحكم بين أهل الذمة

    حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة:42], فنسخت, قال: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:48] ).

    حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( لما نزلت هذه الآية: فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ [المائدة:42], الآية, قال: كانت بنو النضير إذا قتلوا من بني قريظة أدوا نصف الدية, وإذا قتل بنو قريظة من بني النضير أدوا إليهم الدية كاملة, فسوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم )].

    1.   

    باب اجتهاد الرأي في القضاء

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: اجتهاد الرأي في القضاء

    حدثنا حفص بن عمر عن شعبة عن أبي عون عن الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذاً إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله, قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو, فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ).

    حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة قال: حدثني أبو عون عن الحارث بن عمرو عن ناس من أصحاب معاذ عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن فذكر معناه].

    1.   

    باب في الصلح

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الصلح

    حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني سليمان بن بلال، ح وحدثنا أحمد بن عبد الواحد الدمشقي قال: حدثنا مروان -يعني: ابن محمد- قال: حدثنا سليمان بن بلال أو عبد العزيز بن محمد شك الشيخ قال: حدثنا كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الصلح جائز بين المسلمين ), زاد أحمد: ( إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ), زاد سليمان بن داود وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المسلمون على شروطهم ).

    حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن الزهري قال: أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك أخبره: ( أنه تقاضى ابن أبي حدرد ديناً كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سجف حجرته، ونادى كعب بن مالك فقال: يا كعب , فقال: لبيك يا رسول الله, فأشار له بيده أن ضع الشطر من دينك, قال كعب: قد فعلت يا رسول الله, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قم فاقضه )].

    1.   

    باب في الشهادات

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الشهادات

    حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني وابن السرح قالا: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر أن أباه أخبره أن عبد الله بن عمرو بن عثمان أخبره أن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري أخبره أن زيد بن خالد الجهني أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أخبركم بخير الشهداء، الذي يأتي بشهادته أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها ), شك عبد الله بن أبي بكر أيتهما قال.

    قال أبو داود: قال مالك: ( الذي يخبر بشهادته ولا يعلم بها الذي هي له ), قال الهمداني: ويرفعها إلى السلطان, قال ابن السرح: أو يأتي بها الإمام, والإخبار في حديث الهمداني قال ابن السرح: ابن أبي عمرة لم يقل عبد الرحمن ].

    1.   

    باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها

    حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد قال: ( جلسنا لـعبد الله بن عمر فخرج إلينا فجلس، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله, ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع, ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال ).

    حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم قال: حدثنا عمر بن يونس قال: حدثنا عاصم بن محمد بن زيد العمري قال: حدثني المثنى بن يزيد عن مطر الوراق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، قال: ( ومن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله عز وجل )].

    1.   

    باب في شهادة الزور

    1.   

    باب من ترد شهادته

    1.   

    باب شهادة البدوي على أهل الأمصار

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: شهادة البدوي على أهل الأمصار

    حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يحيى بن أيوب و نافع بن يزيد عن ابن الهاد عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية ) ].

    وهذا الحديث تفرد به محمد بن عمرو بن عطاء وتفرده منكر.

    1.   

    باب الشهادة في الرضاع

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الشهادة في الرضاع

    حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال: حدثني عقبة بن الحارث وحدثنيه صاحب لي عنه وأنا لحديث صاحبي أحفظ، قال: ( تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب , فدخلت علينا امرأة سوداء فزعمت أنها أرضعتنا جميعاً، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له, فأعرض عني, فقلت: يا رسول الله, إنها لكاذبة, قال: وما يدريك؟ وقد قالت ما قالت, دعها عنك ).

    حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني قال: حدثنا الحارث بن عمير البصري، ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا إسماعيل بن علية كلاهما عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبيد بن أبي مريم عن عقبة بن الحارث وقد سمعته من عقبة بن الحارث ولكني لحديث عبيد أحفظ، فذكر معناه].

    1.   

    باب شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر

    حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا زكريا عن الشعبي: ( أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء هذه ولم يجد أحداً من المسلمين يشهده على وصيته, فأشهد رجلين من أهل الكتاب, فقدما الكوفة فأتيا أبا موسى الأشعري فأخبراه وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا, وإنها لوصية الرجل وتركته فأمضى شهادتهما ).

    حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنما قال: ( خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم, فلما قدما بتركته فقدوا جام فضة مخوصاً بالذهب, فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وجد الجام بمكة، فقالوا: اشتريناه من تميم وعدي, فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا، أحق من شهادتهما وإن الجام لصاحبهم قال: فنزلت فيهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [المائدة:106] ) ].

    وإنما رخص الله عز وجل وأذن وأجاز بقبول شهادة غير المسلمين للمسلمين في السفر لأن ذلك مظنة الالتقاء بهم وربما قلة أهل الإسلام, متى ما كان الإنسان مسافراً للتجارة ويختلط بغيره من الناس فيحتمل أن يلتقي بالمشركين أكثر من دار إقامته؛ لأن المؤمن لا يقيم بين ظهراني المشركين, وأما في حال سفره فقد يعترض له, وهو بحاجة إلى شهادتهم, ولهذا رخص بذلك حفظاً للأموال والحقوق.

    1.   

    باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به

    حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن الحكم بن نافع أبا اليمان حدثهم قال: أخبرنا شعيب عن الزهري عن عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرساً من أعرابي, فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الأعرابي, فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه، فنادى الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن كنت مبتاعاً هذا الفرس وإلا بعته؟ فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي فقال: أو ليس قد ابتعته منك؟ فقال الأعرابي: لا والله ما بعتكه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بلى قد ابتعته منك فطفق الأعرابي يقول هلم شهيداً، فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد أنك قد بايعته, فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال: بم تشهد؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله, فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين )].

    1.   

    باب القضاء باليمين والشاهد

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: القضاء باليمين والشاهد

    حدثنا عثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي أن زيد بن الحباب حدثهم قال: حدثنا سيف المكي، قال عثمان: سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد ).

    حدثنا محمد بن يحيى وسلمة بن شبيب قالا: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار بإسناده ومعناه، قال سلمة في حديثه: قال عمرو: في الحقوق.

    حدثنا أحمد بن أبي بكر أبو مصعب الزهري قال: حدثنا الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد ).

    قال أبو داود: وزادني الربيع بن سليمان المؤذن في هذا الحديث قال: أخبرني الشافعي عن عبد العزيز قال: فذكرت ذلك لـسهيل، فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه, قال عبد العزيز: وقد كان أصابت سهيلاً علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه, فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عن أبيه ].

    وهذا يدخل في باب من حدث بحديث فنسيه, وهذا من نوادر الأسانيد؛ أن فلاناً يحدث عن شخص أنه هو حدثه عن فلان؛ وذلك أن الإنسان إذا نسي حديثاً أو خبراً فالأصل فيه إذا حدث عنه ثقة فهو مقبول ولو نفاه.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن داود الإسكندراني قال: حدثنا زياد -يعني: ابن يونس- قال: حدثني سليمان بن بلال عن ربيعة بإسناد أبي مصعب ومعناه، قال سليمان: فلقيت سهيلاً فسألته عن هذا الحديث, فقال: ما أعرفه, فقلت له: إن ربيعة قال: أخبرني به عنك, قال: فإن كان ربيعة أخبرك عني فحدث به عن ربيعة عني.

    حدثنا أحمد بن عبدة قال: حدثنا عمار بن شعيث بن عبد الله بن الزبيب العنبري قال: حدثني أبي قال: سمعت جدي الزبيب يقول: ( بعث نبي الله صلى الله عليه وسلم جيشاً إلى بني العنبر فأخذوهم بركبة من ناحية الطائف فاستاقوهم إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم, فركبت فسبقتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته, أتانا جندك فأخذونا وقد كنا أسلمنا وخضرمنا آذان النعم فلما قدم بلعنبر قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم: هل لكم بينة على أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذوا في هذه الأيام؟ قلت: نعم, قال: من بينتك؟ قلت: سمرة رجل من بني العنبر ورجل آخر سماه له فشهد الرجل, وأبى سمرة أن يشهد, فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: قد أبى أن يشهد لك, فتحلف مع شاهدك الآخر؟ قلت: نعم, فاستحلفني فحلفت بالله لقد أسلمنا يوم كذا وكذا وخضرمنا آذان النعم, فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: اذهبوا فقاسموهم أنصاف الأموال, ولا تمسوا ذراريهم لولا أن الله لا يحب ضلالة العمل ما رزيناكم عقالاً, قال الزبيب: فدعتني أمي فقالت: هذا الرجل أخذ زربيتي، فانصرفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم, يعني: فأخبرته, فقال لي: احبسه, فأخذت بتلبيبه وقمت معه مكاننا, ثم نظر إلينا نبي الله صلى الله عليه وسلم قائمين، فقال: ما تريد بأسيرك؟ فأرسلته من يدي, فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال للرجل: رد على هذا زربية أمه التي أخذت منها, فقال: يا نبي الله, إنها خرجت من يدي, قال: فاختلع نبي الله صلى الله عليه وسلم سيف الرجل فأعطانيه، وقال للرجل: اذهب فزده آصعاً من طعام, قال: فزادني آصعاً من شعير ) ].

    1.   

    باب الرجلين يدعيان شيئاً وليست لهما بينة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الرجلين يدعيان شيئاً وليست لهما بينة

    حدثنا محمد بن المنهال الضرير قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى الأشعري: ( أن رجلين ادعيا بعيراً أو دابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليست لواحد منهما بينة، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم بينهما ).

    حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سعيد بإسناده ومعناه.

    حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا حجاج بن منهال قال: حدثنا همام عن قتادة بمعناه وإسناده: ( أن رجلين ادعيا بعيراً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث كل واحد منهما شاهدين، فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين ).

    حدثنا محمد بن المنهال قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة: ( أن رجلين اختصما في متاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليس لواحد منهما بينة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: استهما على اليمين ما كان أحبا ذلك أو كرها ).

    حدثنا أحمد بن حنبل وسلمة بن شبيب قالا: حدثنا عبد الرزاق، قال أحمد: قال: حدثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها فليستهما عليها ), قال سلمة: قال: أخبرنا معمر، وقال: ( إذا أكره الاثنان على اليمين ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا خالد بن الحارث عن سعيد بن أبي عروبة بإسناد ابن منهال مثله. قال: ( في دابة وليس لهما بينة فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستهما على اليمين )].

    1.   

    باب اليمين على المدعى عليه

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: اليمين على المدعى عليه

    حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال: حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: كتب إلي ابن عباس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين على المدعى عليه )].

    1.   

    باب كيف اليمين

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كيف اليمين

    حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو الأحوص قال: حدثنا عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يعني لرجل حلفه: ( احلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عندك شيء، يعني: للمدعي )].

    1.   

    باب إذا كان المدعى عليه ذمياً فيحلف

    1.   

    باب يحلف الرجل على علمه فيما غاب عنه

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: يحلف الرجل على علمه فيما غاب عنه

    حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا الحارث بن سليمان قال: حدثني كردوس عن الأشعث بن قيس: ( أن رجلاً من كندة ورجلاً من حضرموت اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض من اليمن, فقال الحضرمي: يا رسول الله, إن أرضي اغتصبنيها أبو هذا وهي في يده, قال: هل لك بينة؟ قال: لا, ولكن أحلفه والله ما يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه، فتهيأ الكندي يعني: لليمين ), وساق الحديث.

    حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن علقمة بن وائل بن حجر الحضرمي عن أبيه قال: ( جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الحضرمي: يا رسول الله, إن هذا غلبني على أرض كانت لأبي, فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق, فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي: ألك بينة؟ قال لا, قال: فلك يمينه, فقال: يا رسول الله, إنه فاجر ليس يبالي ما حلف ليس يتورع من شيء، فقال: ليس لك منه إلا ذاك )].

    1.   

    باب كيف يحلف الذمي

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كيف يحلف الذمي

    حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: حدثنا رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يعني لليهود: ( أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى؟ ).

    حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ قال: حدثني محمد -يعني: ابن سلمة- عن محمد بن إسحاق عن الزهري بهذا الحديث وبإسناده, قال: حدثني رجل من مزينة ممن كان يتبع العلم ويعيه وساق الحديث.

    حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن عكرمة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يعني: لـابن صوريا: أذكركم بالله الذي نجاكم من آل فرعون وأقطعكم البحر وظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى وأنزل عليكم التوراة على موسى أتجدون في كتابكم الرجم؟ قال: ذكرتني بعظيم ولا يسعني أن أكذبك ), وساق الحديث].

    1.   

    باب في الرجل يحلف على حقه

    1.   

    باب في الحبس في الدين وغيره

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الحبس في الدين وغيره

    حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن وبر بن أبي دليلة عن محمد بن ميمون عن عمرو بن الشريد عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لي الواجد يحل عرضه وعقوبته ), قال ابن المبارك: يحل عرضه: يغلظ له, وعقوبته: يحبس له ].

    وفي هذا الدليل أنه لا يحبس إلا الواجد المليء, أما المفلس الفقير الذي لا يجد وإن كان عليه دين فإنه لا يحبس, فإنه لا يجوز حبس الفقير الذي لا يجد سداداً لدينه.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا معاذ بن أسد قال: حدثنا النضر بن شميل قال: أخبرنا هرماس بن حبيب رجل من أهل البادية عن أبيه عن جده، قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بغريم لي، فقال لي: الزمه, ثم قال: يا أخا بني تميم, ما تريد أن تفعل بأسيرك؟ ).

    حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة ).

    حدثنا محمد بن قدامة و مؤمل بن هشام قال مؤمل: حدثني إسماعيل عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال ابن قدامة: إن أخاه أو عمه، وقال مؤمل: ( إنه قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقال: جيراني بما أخذوا, فأعرض عنه مرتين, ثم ذكر شيئاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خلوا له عن جيرانه ), لم يذكر مؤمل وهو يخطب ].

    ويظهر أنه هنا ذكر جيرانه وهم ليسوا من المسلمين, فانتصر لهم؛ وذلك لأنه يرى أن لهم حقاً عليه من جهة الجيرة, فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب جيرتهم, فخلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ثم أيضاً في مطالبة هذا الرجل للنبي عليه الصلاة والسلام وهو على منبره أمام الناس, في مثل هذا الأمر.

    1.   

    باب في الوكالة

    1.   

    باب في القضاء

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من القضاء

    حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا المثنى بن سعيد قال: حدثنا قتادة عن بشير بن كعب العدوي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا تداريتم في طريق فاجعلوه سبعة أذرع ).

    حدثنا مسدد وابن أبي خلف قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا استأذن أحدكم أخاه أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه, فنكسوا, فقال: ما لي أراكم قد أعرضتم؟ لألقينها بين أكتافكم ).

    هذا حديث ابن أبي خلف وهو أتم ].

    في حديث أبي هريرة في قوله عليه رضوان الله ( فنكسوا ), يعني: أن بعض النفوس ربما تستثقل الحكم الشرعي ولكن عليها أن تسلم, ولا تؤاخذ باستثقالها لنفسه, ولكن تؤاخذ إذا عملت بهذا الاستثقال وكذلك نطقت به, ولهذا الله عز وجل يقول في كتابه العظيم: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ [البقرة:216], أي: أن بعض الشرائع ربما النفوس تستثقلها ولكن لا يجوز لها أن تنطق بهذا الاستكراه وأن تعمل به.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن يحيى عن محمد بن يحيى بن حبان عن لؤلؤة عن أبي صرمة قال: غير قتيبة في هذا الحديث عن أبي صرمة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من ضار أضر الله به, ومن شاق شاق الله عليه ).

    حدثنا سليمان بن داود العتكي قال: حدثنا حماد قال: حدثنا واصل مولى أبي عيينة قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي يحدث عن سمرة بن جندب: ( أنه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار, قال: ومع الرجل أهله, قال: فكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به ويشق عليه, فطلب إليه أن يبيعه فأبى، فطلب إليه أن يناقله فأبى, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فطلب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعه فأبى, فطلب إليه أن يناقله فأبى, قال: فهبه له ولك كذا وكذا أمراً رغبه فيه فأبى, فقال: أنت مضار, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري: اذهب فاقلع نخله ).

    حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا الليث عن الزهري عن عروة أن عبد الله بن الزبير حدثه: ( أن رجلاً خاصم الزبير في شراج الحرة التي يسقون بها, فقال الأنصاري: سرح الماء يمر, فأبى عليه الزبير , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك, فغضب الأنصاري فقال: يا رسول الله, أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر, فقال الزبير: فوالله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [النساء:65], الآية ) ].

    وفي هذا أن القاضي مهما بلغ عدلاً وإنصافاً وفضلاً أنه يقع في نفوس المتخاصمين عليه من الكلام والأذية والتهمة والشك والظن وغير ذلك؛ لما جبلت عليه النفوس من الأثرة.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو أسامة عن الوليد -يعني: ابن كثير- عن أبي مالك بن ثعلبة عن أبيه ثعلبة بن أبي مالك: ( أنه سمع كبراءهم يذكرون أن رجلاً من قريش كان له سهم في بني قريظة، فخاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهزور السيل الذي يقتسمون ماءه، فقضى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الماء إلى الكعبين لا يحبس الأعلى على الأسفل ) ].

    وفي الحديث السابق أنه ينبغي للإنسان ألا يقضي بين متخاصمين أحدهما من قرابته, وإنما قضى النبي صلى الله عليه وسلم لعصمته عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك ورد إليه من الظن ما ورد إليه, وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقضي؛ للتهمة والظِّنة التي تتوجه إليه.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عبدة قال: حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن قال: حدثني أبي عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في السيل المهزور أن يمسك حتى يبلغ الكعبين, ثم يرسل الأعلى على الأسفل ).

    حدثنا محمود بن خالد أن محمد بن عثمان حدثهم قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن أبي طوالة و عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: ( اختصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان في حريم نخلة في حديث أحدهما, فأمر بها فذرعت, فوجدت سبعة أذرع, وفي حديث الآخر فوجدت خمسة أذرع, فقضى بذلك, قال عبد العزيز: فأمر بجريدة من جريدها فذرعت )].

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768033338