إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الحج [3]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأحاديث المعلولة في الحج حديث وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ذات عرق، وقد أورده مسلم ليبين علته. وهو حديث منكر لمخالفته الثابت، وأن الذي وقت ذات عرق لأهل العراق إنما هو عمر، ومن وجوه نكارته أن أهل العراق لم يسلموا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما أسلموا في عهد عمر رضي الله عنه.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فنتكلم بإذن الله عز وجل في هذا المجلس على شيء من الأحاديث المعلة في أحكام المناسك.

    أول هذه الأحاديث هو حديث جابر بن عبد الله عليه رضوان الله، يرويه عنه أبو الزبير محمد بن مسلم عن جابر بن عبد الله قال: أراه، أو أحسبه قال: ( وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرن، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق ).

    هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم رحمه الله في كتابه الصحيح من حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله ، وهذا الحديث ذكر فيه أن الذي وقت ذات عرق هو النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه جاء ذلك بالشك، فقال في الرواية: أحسبه، وجاء في غير الصحيح قال: أراه، يعني: أن الرفع فيه شك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا من المواضع التي أعلها الإمام مسلم، وهو قد أخرجها في كتابه الصحيح، يعني: أن الإمام مسلماً رحمه الله يخرج حديثاً في كتابه الصحيح ثم يعله، وقد أعله رحمه الله في كتابه التمييز، وهذا الحديث الصواب فيه أنه منكر، و مسلم إنما أخرجه مبيناً لعلته، وذلك أنه أخرجه في كتابه الصحيح متأخراً بعد أن أورد أحاديث المواقيت، بعد أن أورد أحاديث عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر و عائشة وغيرها، ثم أورد بعد ذلك حديث جابر بن عبد الله من هذا الوجه، بعد أن أورد قبله رواية روح عن ابن جريج عن أبي الزبير ، وليس فيها ذات عرق، مما يدل على أن الإمام مسلماً إنما أورد ذلك معلاً له في كتابه الصحيح، وهذه الرواية في قول: أحسبه، جاءت بالشك، وقد جاء صريحاً من غير شك عند الإمام أحمد رحمه الله في كتابه المسند من حديث عبد الله بن لهيعة، وجاء عند ابن ماجه في كتابه السنن من حديث إبراهيم بن يزيد ، كلهم يروونه عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وقت من غير شك، وعلى هذا فقد تابع عبد الله بن لهيعة و إبراهيم بن يزيد ابن جريج في روايته على هذا الحديث، ولكن من غير شك، وهذه المتابعة فيها نظر، وذلك أن المتابع مروي بالشك أصلاً، كذلك فإن المتابع ضعيف، فإن إبراهيم بن يزيد متروك الحديث، كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة كـأحمد و النسائي و علي بن الجنيد وغيرهم، وكذلك فإن عبد الله بن لهيعة الذي روى الحديث مع إبراهيم بن يزيد عند الإمام أحمد مضعف كما لا يخفى، ثم إن هذا الحديث قد وقع ما يخالفه من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن الذي وقت ذات عرق ليس هو وإنما هو عمر بن الخطاب ، وذلك أن العراق لم يكن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، فالنبي عليه الصلاة والسلام وقت لأهل المدينة لأن الإسلام في المدينة، ولأهل اليمن يلملم؛ لأن اليمن فيها مسلمون لما بعث النبي عليه الصلاة والسلام معاذاً و أبا موسى ، ووقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجد، وذلك لدخول كثير من أهلها في الإسلام، ووقت النبي صلى الله عليه وسلم الجحفة لمن كان من ناحية الشام؛ لوجود مسلمين فيها أيضاً، ومن جهته، أما جهة العراق وهي جهة المشرق فلم يكن ثمة إسلام مشتهر، ولم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم وإنما وقت ذلك عمر بن الخطاب ، وعلى هذا نقول: إن حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله منكر، ولمخالفته للثابت، كذلك فإن الإمام مسلماً رحمه الله كما تقدم قد رواه من حديث روح ، عن ابن جريج ، ولم يذكر هذه الرواية، بل قدمها على رواية الشك وذكر ذات عرق، مما يدل على أن الإمام مسلماً رحمه الله يميل إلى الإعلال، وينبغي أن يبين أن الإمام مسلماً في كتابه الصحيح كما أنه يورد الأحاديث الصحيحة كذلك يورد الأحاديث التي يريد لها إعلالاً في بعض الأحيان، وليس هذا هو الغالب من صنيعه، وإن كان في كثير من الأحيان يصدر في أول الباب الحديث الذي يعتمد عليه من جهة لفظه، وينبغي أن يلتمس في ذلك طريقة الإمام مسلم بسبرها، كذلك بالنظر إلى أحكامه.

    الإمام مسلم له كتاب التمييز، وله كتاب الكنى، وفيها أحكام ينبغي أن يرجع إليها لمعرفة منهج الإمام مسلم رحمه الله في أبواب العلل، كذلك فيما يخرج له من الرواة وما يرويه أيضاً من أحاديث، وكذلك في طريقته في المقدمة، فإنه بين منهجه في ذلك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088611334

    عدد مرات الحفظ

    777626656