إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الصلاة [30]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأحاديث المعلة في الصلاة: حديث: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا)، وحديث: (إذا صلى الرجل ركعةً لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فلا صلاة له إلا إن كان وراء إمام)، وحديث: (من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة)، وحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مالي أنازع القرآن) فانتهى الناس عن القراءة إذ سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. وأن الراجح في القراءة خلف الإمام أنه يقرأ في السرية ولا يقرأ في الجهرية.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فنكمل شيئاً مما يتعلق بالأحاديث المعلة في الصلاة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللأئمة النقد فيها كلام.

    الحديث الأول: حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد )، هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في كتابه المسند، وأبو داود ، والنسائي و ابن ماجه ، والدارقطني و البيهقي من حديث أبي خالد الأحمر متفرداً به عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الحديث أنكره غير واحد من العلماء على أبي خالد الأحمر ، ومن العلماء من يحمل ابن عجلان الزيادة في هذا الحديث في قوله: ( وإذا قرأ فأنصتوا )، وذلك أنها قد اشتهرت من طريق أبي خالد الأحمر في روايته عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه الزيادة قد توبع عليها أبو خالد الأحمر تابعه على ذلك محمد بن ميسر كما رواه الإمام أحمد في كتابه المسند، وتابعه عليه محمد بن سعد الأنصاري كما جاء عند النسائي في كتابه السنن، وتابعه على ذلك أيضاً إسماعيل بن أبان ، فتابعوه جميعاً عن محمد بن عجلان وذكروا هذه الزيادة.

    ولهذا قد اختلف كلام العلماء عليهم رحمة الله في هذه الزيادة، مع أن عامة الحفاظ على إنكارها، وذلك أنها لم ترد في سائر الطرق، وهذه الزيادة زيادة منكرة، وذلك من وجوه:

    الأول: أن الحديث قد جاء عن أبي هريرة عليه رضوان الله يرويه عنه جماعة فلم يذكروا هذه الزيادة، جاء من حديث أبي صالح يرويه عنه ابنه سهيل ، يرويه سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة ولم يذكر هذه الزيادة، وكذلك أيضاً رواه همام عن أبي هريرة ولم يذكر هذه الزيادة، ورواه أيضاً أبو سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر هذه الزيادة.

    وكذلك أيضاً قد رواه جماعة عن محمد بن عجلان ولم يذكروا ما تفرد به أبو خالد الأحمر ، وأما المتابعات التي توبع بها أبو خالد الأحمر في روايته لهذا الحديث فهي متابعات ليست بمحفوظة، وذلك أن الرواة الذين تابعوا أبا خالد الأحمر في روايته عن محمد بن عجلان لا يخلون من كلام.

    الثاني: أن هذا الحديث قد أخرجه البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة ومن حديث أنس بن مالك ، ومن حديث عائشة ولم يذكروا هذه الزيادة في وجه من الوجوه إلا ما جاء في حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى في بعض الطرق، ولهذا نقول: إن هذه الزيادة زيادة منكرة، ويكفي في ذلك أن البخاري رحمه الله قد تنكب هذه الزيادة ولم يخرجها.

    وإنما الخلاف عند الحفاظ عليهم رحمة الله من يتحمل الخطأ في هذه الزيادة، منهم من حملها أبا خالد الأحمر وهم الأكثر، نص على هذا البخاري رحمه الله كما في كتابه جزء القراءة خلف الإمام، وكذلك أيضاً في الكنى، فإنه لما ذكر ذلك قال: لا تصح، وذكر ذلك أيضاً كما جاء في جزئه أيضاً أنه قال: لم يتابع عليها أبو خالد الأحمر يعني: أنه قد تفرد بذلك، وكذلك أيضاً أبو داود رحمه الله في كتابه السنن فإنه لما أخرج هذا الحديث بهذه الزيادة قال: هذه الزيادة ليست بمحفوظة تفرد بها أبو خالد الأحمر ، وكذلك أيضاً الدارقطني و البيهقي وغيرهم من أئمة النقد، وهذا أيضاً ما جزم به يحيى بن معين وكذلك أبو حاتم كما نقله عنه ابنه كما في كتابه العلل، فكلهم ينكرون هذه الزيادة ويردونها.

    وينسب إلى الإمام أحمد عليه رحمة الله القول بصحة هذه الزيادة في حديث أبي هريرة ، ولكن نقول: إن الصريح عن الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى في ذلك معلوم، وإنما هو احتمال يفهمه بعض الأئمة من قوله في حديث أبي موسى الذي يأتي الكلام عليه بإذن الله تعالى.

    الثالث: أن هذه الزيادة جاءت من راو في طبقة متأخرة، وذلك أن أبا خالد الأحمر في طبقة متأخرة وهو من أصحاب ابن عجلان ، ولهذا نقول: إن أبا خالد الأحمر يروي هذا الحديث عن محمد بن عجلان و ابن عجلان يرويه عن زيد بن أسلم و زيد بن أسلم يرويه عن أبي صالح و أبو صالح يرويه عن أبي هريرة ، وكلما تأخرت طبقة الراوي فإنه يشدد في مفاريده ويتهم بالمخالفة.

    ومن الأئمة من يحمل ابن عجلان وهذا ظاهر صنيع بعض الأئمة، وقد أشار إلى هذا البيهقي رحمه الله كما في كتابه السنن، ولعل الذي حمله على ذلك أن أبا خالد الأحمر رواه معه يعني: هذه الزيادة غير واحد، وذلك أن ابن عجلان يختلط في بعض حديثه ويغلط.

    فهذه الزيادة زيادة منكرة، ويكفي في ذلك تنكب البخاري رحمه الله من إخراجه لها في كتابه الصحيح، وقد أورد المتابعات في ذلك في جزئه مما يدل على ردها، مع أن البخاري رحمه الله أيضاً يرى القراءة خلف الإمام ولو في السكتات، ومع ذلك تنكب مثل هذه الزيادة وهي مما يؤيد مذهب البخاري رحمه الله، ومع ذلك قال بإعلالها وردها، وهذا هو الأظهر.

    وجماهير العلماء لا يقولون بخلافها، وهذا ظاهر صنيع الإمام مالك رحمه الله، فإنه يقول: إن الإنسان إذا كان خلف الإمام لا يقرأ، وكذلك الإمام أحمد عليه رحمة الله، وكذلك الإمام الشافعي في قوله القديم في العراق، فإنه يقول: أن المأموم إذا كان خلف الإمام في صلاة جهرية فإنه لا يقرأ، وأما في مصر فله في ذلك قولان: قول يوافق قوله في العراق، وقول يقول بوجوب القراءة ولو قرأ في السكتات.

    والأرجح في ذلك هو أنه لا يقرأ، وذلك لعموم قول الله جل وعلا: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204]، وقد جاء تفسير ذلك أنه القراءة في الصلاة، كما جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله كما رواه سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه سئل عن ذلك فقال: في الصلاة، وقيل له: هي لكل قارئ قال: لا، إنما هي في الصلاة.

    وكذلك أيضاً جاء عن مجاهد بن جبر كما رواه ابن أبي نجيب عن مجاهد بن جبر أنه قال: هي في الصلاة، يعني: أن الإنسان ينصت عن القراءة إذا كان الإمام يقرأ، وذلك أن الحكمة من قراءة الإمام ليستمع المأموم لا أن يقرأ على قراءته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088593348

    عدد مرات الحفظ

    777550548