أما بعد:
فلا شك أن من أعظم نعم الله على عباده وإحسانه إليهم سبحانه وتعالى أن بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164] كما أخبر عن نفسه عليه الصلاة والسلام.
فمن رحمة الله العظيمة وإحسانه العميم أن أرسل إلى الناس نبياً كريماً، ورسولاً عظيماً، وإماماً مقدماً، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، ينتهي نسبه إلى نبي الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعليهما الصلاة والسلام، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
بعثه الله جلَّ وعلا على حين فترة من الرسل، ودروس من السبل، وخفاء من معالم الهدى، وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا يسيرة من أهل الكتاب، فأرسل هذا الرسول العظيم؛ ليبين للناس صراط الله المستقيم، وليعلمهم دين الله القويم، وليوضح لهم الإسلام الذي بعث الله به المرسلين، وجعله الله رحمة للعالمين، فقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] .. وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً [سبأ:28] .
فهدى به من الضلالة، وبصَّر به من العمى، وجمع به بعد الفرقة، وأغنى به بعد العيلة والفقر، وهدى به الأمة إلى الصراط المستقيم، وأحيا به ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فدعا إلى الهدى، وبشَّر وأنذر.
وقد بعثه الله في مكة المكرمة على رأس أربعين عاماً من عمره عليه الصلاة والسلام، لما أكمل الله له أربعين عاماً بعثه إلى الناس رحمة وهدىً، فبلَّغ وأنذر، ودعا إلى الله عزَّ وجلَّ، وصبر على الأذى من قومه، وهدى الله على يديه من هدى في مكة المكرمة .
ولما اشتد بهم الأذى هاجر جمع غفير منهم إلى الحبشة ؛ لأن ملكها ذاك الوقت ملك عادل، لا يُظلم عنده أحد، فهاجروا إليه وهو على النصرانية ، فرحب بهم، وكان على رأسهم جعفر بن أبي طالب أخو علي رضي الله عنهما، وهذه هي الهجرة الأولى إلى الحبشة، فجلسوا هناك في أمن وأمان، وهدى الله على أيديهم ملك الحبشة النجاشي فأسلم على أيديهم.
ولم يزالوا هناك حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، ومضى على هجرته في المدينة ست سنين، ثم قدموا عليه عام خيبر من الحبشة هجرة ثانية إلى المدينة .
والنبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد به الأذى في مكة ، وبأصحابه رضي الله عنهم؛ أذن الله له بالهجرة، فهاجر هو ومن استطاع من أصحابه إلى المدينة ، وأظهر الله دينه هناك، ورفع شأن الإسلام، وأقام سوق الجهاد.. إلى آخر ما هو معروف في السيرة النبوية.
وكانت هذه النعمة لا يعادلها نعمة؛ لأن الله جلَّ وعَلا نشر بها دينه، وأعلى بها كلمته، وعرَّف الناسَ بها دينه الذي بعث به الأنبياء من أولهم إلى آخرهم، وهو دين الإسلام.. إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمران:19].
فنشر أعلامه وبين معالمه على يدَي هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وأنزل عليه القرآن الكريم الذي هو أفضل وأعظم كتاب.. فيه الهدى والنور.. فيه الدلالة على كل خير، والدعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والتحذير من الشرك بالله، ومن سائر ما لا يرضي الله من أقوال وأعمال.
قال فيه سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، وقال: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف:3]، وقال: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً [الزمر:23] أي: يشبه بعضُه بعضاً.
فهو أحسن القصص، وهو أحسن الحديث، وهو كتاب الله العظيم، الذي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42] هدى الله به الأمم من عهده صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وإلى يوم القيامة.. هداهم الله به إلى أسباب السعادة، وإلى دين الإسلام، وإلى الأخلاق الكريمة، والأعمال الحميدة، وإلى كل خير، وحذَّرهم فيه من كل شر.
ونبينا صلى الله عليه وسلم هو أعظم داعٍ، وأفضل وأعظم وأفضل رسول عليه الصلاة والسلام، كمل الله به المرسلين، وختم به عِقْد النبوة، فصار هو خاتم النبيين والمرسلين عليه الصلاة والسلام، وليس بعده نبي، ومن ادَّعى النبوة بعده فهو كافر ضال مضل.
فمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وهو رسول رب العالمين، ورسالته خاتمة الرسالات، وشريعته أكرم الشرائع عليه الصلاة والسلام.. شريعته أفضل الشرائع وأهداها، وأحكمها وأعمها، وجعل الله فيها حل كل مشكل، وبيَّن فيها جميع ما يحتاجه العباد، وجعل شريعته بحمد الله سمحة ميسرة، ليس فيها أغلال ولا آصار: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78].. يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185].
ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته على الهدى المستقيم، وعلى الصراط القويم، بعدما أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة عليه الصلاة والسلام، أنزل الله عليه في حجة الوداع يوم عرفة : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة:3]، هذه الآية بيَّن الله فيها أنه أكمل الدين للأمة، وأتم عليهم النعمة، ورضي لهم الإسلام ديناً، فلما أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة؛ أخذه إليه وتوفاه، ونقله إلى الرفيق الأعلى إلى دار النعيم والكرامة، فجسدُه في الأرض، وروحه في أعلى عليين، في دار النعيم عليه الصلاة والسلام.
ثم مضى على ذلك القرن الثاني والقرن الثالث.. مضوا على الهدى والدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، ونبغت فيهم نوابغ من أهل البدع؛ ولكن أهل السنة وأهل الحق جاهدوا أهل البدع، وحذَّروا منهم، وبيَّنوا بدعهم وضلالاتهم، وسفَّهوا أحلامهم، وظهر أمر الله بين العباد بسبب أهل العلم والإيمان من أئمة السنة والحديث والفقه الإسلامي، فقد نشروا دين الله، وأنذروا الناس ما ابتدعه المبتدعون في العقيدة وفي غيرها.
فعند هذا التغيُّر وعند هذا الاختلاف وظهور أهل البدع من أئمة الكلام وغيرهم، نبغت نابغة يُقال لهم: الفاطميون، واعتدوا على ولاية المسلمين، وتملكوا بلاد المغرب ، ثم امتد ملكهم إلى مصر ، وصارت لهم دولة في مصر ، ثم ابتدعوا بدعاً كثيرة، منها: بدعة الموالد، قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد في ربيع الأول، فلابد أن نبتدع احتفالاً بمولده، ومولد فاطمة ، ومولد الحسين ، ومولد علي رضي الله عنه، فابتدعوا بدعاً ما أنزل الله بها من سلطان، وهم من الشيعة الرافضة، يدَّعون الإسلام وهم في الباطن من الروافض، من المؤيدين للغلو في أهل البيت، وعبادتهم من دون الله عزَّ وجلَّ، فصاروا يحتفلون بهذه الموالد بخمسة موالد: للنبي صلى الله عليه وسلم، ولـعلي ، والحسين ، والحسن ، وفاطمة ، ولحاكمهم الموجود في ذلك الوقت ورئيسهم وخليفتهم.
ثم بعد ذلك ابتدع من ابتدع الموالد، وصار هؤلاء هم الأئمة لهؤلاء المبتدعين في هذه الموالد التي ابتدعوها، وصاروا هم القادة لهم في هذه البدع، فصار كثير من الناس يبتدعون لكل من يزعمون أنه ولي أو شيخ كبير، فإذا مات جعلوا له عيداً كل سنة لمولده، يجمعون فيه الناس، ويذبحون فيه الإبل والبقر والغنم على حسب ما يتيسر لهم، ويطعمون الطعام، ويقرءون في ذلك ما شاءوا من قصائد أو رسائل أو تراجم لهذا الرجل.. أو غير ذلك.
ومن ذلك: بدعة مولد النبي عليه الصلاة والسلام، فإن الفاطميين الذين هم ملوك المغرب و مصر ابتدعوا هذه البدعة في القرن الرابع، وتابعهم أناس بعد ذلك، ثم انتشرت هذه البدعة في كثير من بلدان المسلمين، في أفريقيا ، وفي آسيا .. وفي غيرها، وصارت عندهم هذه البدعة عيداً إسلامياً، مثل عيد الفطر والأضحى، يعظِّمونه، ويشرعون له، ويجمعون فيه الناس، ويوجد فيه الأطعمة والموائد الكثيرة، والقصائد التي بعضها فيه شرك أكبر، وبعضها فيه شرك أصغر، وبعضها فيه المنكرات الكثيرة، وقلَّ احتفال من احتفالاتهم أن يسلم من شرك وبدعة ومعصية إلا ما عصم الله، فنفس المولد ونفس الاحتفال بدعة، ثم ينضم إليه بدع كثيرة، مثل: الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، والغلو في أناس آخرين، وإيجاد منكرات أخرى، من اختلاط النساء بالرجال، وربما وجد في بعض موالدهم شرب الخمور، وأنواع الفسوق، نسأل الله العافية والسلامة.
ولقد رأيت التنبيه على هذا، وكان الناس في هذه البلاد لا يعرفون هذه الأمور؛ لأنهم -بحمد الله- نشئوا على الطريقة المحمدية، والسيرة التي سار عليها النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه؛ بسبب دعوة الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في القرن الثاني عشر، فإنه دعا إلى السنة، ونَشَر دين الله، وعلَّم الناس ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهكذا أولاده وأتباعه وأنصاره من آل سعود ساروا على هذا النهج، يعلِّمون الناس سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته، وأحكام الشريعة، ولا يعرفون هذه الموالد، ولا يقيمونها؛ لأنهم عرفوا من دين الله وعرفوا من أئمة الهدى الذين دعوا إلى الله في هذه البلاد أن هذه بدع ما أنزل الله بها من سلطان، فما كان يحتفلون بذلك، وما كانوا يعرفون ذلك.
لكن لما وُجدت الإذاعات والصحف، وانتشرت بين الناس هذه الأمور؛ صار الناس يتبعون هذه الاحتفالات في الإذاعات، ويقرءونها في الصحف، ووُجد بيننا في غرب المملكة مَن قد يحبذ هذا الشيء ويظن أنه قُربة وطاعة.
فوجب حينئذٍ على أهل العلم أن يبينوا شرع الله في هذه المسائل، وأن يوضحوا للناس الحقيقة التي سار عليها نبينا صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم، وأئمة الإسلام بعدهم، وأن يوضحوا البدع التي ابتدعها الناس، بلاغاً عن الله وعن رسوله، وأداءً للأمانة، وتحذيراً الأمة من البدع التي ما حدثت في قوم إلا حلَّ بهم الدمار، وانتشرت بينهم الشرور والفساد.
البدع مفاتيح الشر، وهي أعظم وأكبر من المعاصي، فإن أعظم المنكرات: الشرك، ثم بعده البدعة، ثم بعده كبائر الذنوب.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي: فهو مردود عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
وكان يخطب صلى الله عليه وسلم في الجمع، فيقول في خطبته: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
وقال عليه الصلاة والسلام لما خطب الناس ذات يوم: (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).
فوجب على أهل العلم والإيمان أن يبينوا هذه البدع، ويرشدوا الناس إلى ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، وأن الواجب الحذر منها وإنكارها، وعدم الموافقة عليها، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعلها ولا أصحابه، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة.
فلو كان الاحتفال بالمولد النبوي أو بموالد الأولياء وأفضل الأولياء وأعظمهم: الصدِّيق رضي الله عنه، ثم عمر، ثم عثمان ، ثم علي، ثم بقية العشرة المُبَشَّر لهم بالجنة، هؤلاء أفضل أولياء الله بعد الرسل والأنبياء، ومع ذلك لم يحتفلوا بموالدهم، ولم يحتفل بموالدهم بقية الصحابة، ولا التابعون، ولا أتباعهم بإحسان، فكيف يجوز لنا أن نحدث في دين الله ما لم يأذن به الله؟ فلو كان خيراً لسبقونا إليه.
والرسول صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين، وما بقي شيء يقرب من الله إلا دعا إليه، وعلَّم الناس إياه عليه الصلاة والسلام، كما أنه ما بقي شيء يضرنا إلا نهانا عنه عليه الصلاة والسلام، فقد نهانا عن البدع، وحذَّرنا من البدع، وقال: (إياكم ومحدثات الأمور)، وقال: (شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)، ولَمْ يُقِمْ مولداً له عليه الصلاة والسلام في حياته، ولا أرشد الناس إلى ذلك، ولا أقامه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولا عمر ، ولا عثمان ، ولا علي .. ولا غيرهم، ولا معاوية بعدهم، ولا الأئمة بعدهم في القرن الأول، والقرن الثاني، والقرن الثالث، ولا أئمة الهدى بعد ذلك، فكيف يسوغ للمسلمين أن يتابعوا الرافضة وغير الرافضة من أهل البدع أو جهلة الأمراء أو غيرهم ممن أحدثوا البدع؟!
بل الواجب على أهل الإسلام والإيمان أن يتقيدوا بالسنة، وأن يستقيموا ويسيروا عليها، وأن يحذروا ما خالفها.
والله جلَّ وعَلا بعث رسوله صلى الله عليه وسلم معلماً للناس ومرشداً لهم، وأمره أن يبلغهم ما بعثه به، فلم يمت عليه الصلاة والسلام إلا وقد بلغ كل شيء، ولم يكتم شيئاً عليه الصلاة والسلام، بل بلَّغ البلاغ المبين، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده عليه الصلاة والسلام.
فلو كان الاحتفال بالمولد في الثاني عشر من ربيع الأول أو قبله أو بعده، أو في غير ذلك لبينه للأمة، ولنقله الصحابة رضي الله عنهم، فقد نقلوا كل شيء رضي الله عنهم وأرضاهم، ولفعلوه في أنفسهم؛ لأنه لا يوجد بعده نبي يبلغ عنه، فهو خاتم الأنبياء، فالشيء الذي ما بلغنا إياه ولا علَّمنا إياه فليس لنا أن نحدثه.
فالدين كامل بحمد الله، قد أكمله الله، فليس لأحدٍ من الناس أن يحدث في الدين أو يشرع فيه ما لم يأذن به الله، والعبادة توقيفية، ليست بالآراء والاختراعات، ولكنها بالتوقيف.. قال الله وقال رسوله، فما لم يأت عن الله ولا عن رسوله من العبادات فليس لنا أن نتعبد به فيكون بدعة.
قال تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21]، وقال سبحانه: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [الجاثية:18-19].
ولهذا فإن أهل العلم بينوا أن بدعة الموالد ما أنزل الله بها من سلطان، وما انتشرت بين الناس، كل جماعة لهم شيخ أو كبير يجعلون له مولداً، ويجتمعون له، ويحتفلون بالطعام وغير ذلك في أيامٍ وليالٍ معلومة، وجعلوا من ذلك مولد النبي عليه الصلاة والسلام، فصاروا يحتفلون به في ربيع الأول؛ لأنه مات عليه الصلاة والسلام في الثاني عشر من ربيع الأول، فيوم ربيع الأول مولد ومأتم عند أهل البدع، والله ما شرع لنا لا الاحتفال بالمولد ولا بمأتم وحزن على الأموات، فلا نقيم مولداً ولا مأتماً، وقد جمعت الرافضة بين هذا وهذا، فجعلوا مآتم بموت عظمائهم، وجعلوا موالد لعظمائهم، وتابعهم كثير من الناس على هذه البدع، فجعلوا عاشوراء مأتماً للحسين، وجعلوا في رمضان مأتماً لـعلي، وتابعهم كثير من أهل البدع، فجعلوا المآتم والموالد التي ما أنزل الله بها من سلطان.
وأهل السنة والجماعة وقولهم الحق لا يرون أن فعل هؤلاء وهؤلاء حق، ويقولون: يجب التوقف عن كل بدعة، وترك كل بدعة، والسير على منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي سار عليه في حياته، وسار عليه أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وسار عليه أئمة الهدى من بعدهم، وقالوا: يجب أن نعمل بقوله عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: فهو مردود عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا -أي: في ديننا- هذا ما ليس منه فهو رد) أي: فهو مردود، وقوله: (وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) .
وهذه ثمرات الغلو والبدع: تنتهي بالناس إلى الشرك بالله، وإلى عبادة غيره، فإنهم عند المديح لا يدعهم الشيطان يقفون عند حد، إذا جاء المديح جرهم الشيطان إلى الشرك بالله عزَّ وجلَّ، حتى يمدحوا الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من الناس بالشرك بالله الشرك الأكبر.
ويقولون: إنه يُستغاث به وإنه يكشف الكربات، ويعلم الغيوب.. إلى غير هذا من الشرك بالله العظيم، نعوذ بالله من ذلك.
هذا من المدح، يجرهم الشيطان في مدحه حتى يقعوا في الشرك الأكبر.
وحتى يقولوا في الرسول صلى الله عليه وسلم: إنه يعلم الغيب، والله هو الذي يعلم الغيب سبحانه وتعالى كما قال عزَّ وجلَّ: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] .
وقال سبحانه: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [الأنعام:59] سبحانه وتعالى.
ويقولون فيه: إنه يغيث الملهوفين، وينصر المسلمين على عدوهم بعد موته عليه الصلاة والسلام، ويفعل ويفعل، حتى قالوا: إنه يعطي الجنة من يشاء ويمنعها عمن يشاء.
وقالوا: إنه يعلم اللوح المحفوظ وما فيه، وأن مِن جوده الدنيا وضرتها.
هذا كله من الجهل بالله.
حتى قال البوصيري في قصيدته المعروفة والمشهورة التي يحفظها كثير من الناس، ويتخذها ورداً في الصباح، وهي الشرك الأكبر، ويقرءونها في الموالد، يقول فيها:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك ...................... |
يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم، يخاطبه يقول:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم |
أي: يوم القيامة.
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدمِ |
فإن من جودك الدنيا وضرتهـا |
أي: الآخرة.
ومن علومك علم اللوح والقلمِ |
أهذا يقوله إنسان يؤمن بالله واليوم الآخر؟!
إلى آخر ما يقول، نعوذ بالله، كل شيء جعله للنبي صلى الله عليه وسلم، ما جعل لله شيئاً.
فإن من جودك الدنيا وضرتها |
الدنيا والآخرة.
فالمعنى: فإن من جودك الدنيا والآخرة، والله يقول: فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى [النجم:25] وهؤلاء يقولون: لا. لمحمد الآخرة والأولى.
أهذا يقوله عاقل؟! أهذا يقوله من يفهم الدين؟!
ومن علومك علم اللوح والقلمِ |
أي: كل العلوم عنده يعلمها، وهو صلى الله عليه وسلم نفى ذلك، وأخبر أنه لا يعلم الغيب عليه الصلاة والسلام.
ولما وقع ما وقع على عائشة ورماها المنافقون وبعض الجهلة وبعض من اغتر بالمنافقين، رموها بالفاحشة، توقف عليه الصلاة والسلام، ولم يعلم الحقيقة حتى أنزل الله براءتها في القرآن، في قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور:11].. الآية.
فالله جلَّ وعَلا أعلمه بذلك، وقد سألها وسأل غيرها، ليس عنده علم بالواقعة حتى أخبره الله سبحانه وتعالى.
ولما ضاع عقدها في غزوة من الغزوات، فبعث ليلتمسوه -يبحثون عنه في مكانه- فالتمسوه ولم يجدوه، ولم يعلمه صلى الله عليه وسلم حتى قام البعير، فوجدوه تحت البعير، قام البعير ولا علمه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا علمه الصحابة وقد صاروا سادات الأولياء وأفضل الأولياء بعد الأنبياء، فالرسول والصحابة والأولياء لا يعلمون الغيب، علم الغيب لله جلَّ وعَلا، لا يعلمه أحد.
فهذا محمد عليه الصلاة والسلام أفضل الخلق وأفضل الأنبياء لم يعلم ما جرى على عائشة ، ولم يعلم عقدها الذي ضاع أين هو حتى قام البعير فوجدوه، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم أولياء الله بعد الأنبياء، وهم أفضل الناس لم يعلموه حتى قام البعير فوجدوه. فالغيب إلى الله سبحانه وتعالى.
فهؤلاء الذين ابتدعوا هذه الموالد يقع عندهم من الشرك الأكبر، ويقع عندهم من الشرور والبدع والخرافات الكثيرة ما يقع.
ثم هذه البدعة جرَّتهم إلى بدعٍ كثيرة، فصاروا يبتدعون احتفالات كثيرة لمن يسمونهم بالأولياء في كل مكان، حتى إن في أفريقيا مئات أو آلاف الموالد وفي غيرها من البلدان، كلها بأسباب هؤلاء الضالين الذين أحدثوا هذه البدع، وصاروا أئمة في الشرك والبدع، وهم بنو عبيد القدَّاح، الفاطميون الذين أحدثوا البدعة في مصر في القرن الرابع، ثم تابعهم بعض الناس على ذلك حتى انتشرت هذه البدعة.
فوجب علينا وعلى غيرنا من طلبة العلم أن يبينوا للناس ما وقع فيه بعض الجهلة، وما غلا فيه بعض الناس من المنتسبين للعلم اغتراراً بهذه البدعة، واغتراراً بغيرهم، واقتداءً بمن جهل الحق، وراج عليه الباطل، واشتبهت عليه الأمور.
وبعضهم يتعلق بأن النصارى واليهود يعظمون أنبياءهم بالأعياد، ويقولون كيف لا نعظم نبينا؟!
وهذا من الجهل الكبير، نبينا صلى الله عليه وسلم حذَّرنا أن نتشبه بأعداء الله اليهود والنصارى، ونهانا أن نقلد اليهود والنصارى في أعيادهم وفيما هم عليه من الباطل، وقال: (لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه -يحذرنا- قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فَمَنْ؟!) وفي لفظ (قالوا: يا رسول الله، فارس والروم؟ قال: فَمَنْ؟!) أي: هم أولئك الذين أحذركم من اتباعهم وتقليدهم.
فالرسول صلى الله عليه وسلم حذَّرنا من تقليد اليهود والنصارى، والتشبه بهم في عوائدهم وأعيادهم، فإذا أوجدوا أعياداً لعظمائهم أو لأنبيائهم أو لعيسى عليه الصلاة والسلام، فليس لنا أن نقلدهم في باطلهم، وليس لنا أن نتشبه بهم، ولا نعمل أعمالهم، بل نتبرأ من ذلك وننتهي عن ذلك، ونعلم أنهم قد ابتدعوا في دين الله ما لم يأذن به الله، وأن رسولنا صلى الله عليه وسلم نهانا أن نقلدهم أو نتشبه بهم.
فالدعوة إلى أن نوجد عيداً للمولد مثل ما للنصارى معناه دعوة للتشبه بالنصارى، ومعناه دعوة إلى تقليد النصارى وأشباههم من اليهود بما أحييتم من البدع. هذه حجة داحضة، وحجة فاسدة، ما لها مصادمة فيما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، والمعارضة لما حذَّر منه عليه الصلاة والسلام، فهو حذرنا أن نتشبه بأعدائنا، وحذرنا أن نقلد أعداءنا، فكيف نتشبه بهم في الأعياد؟!
ثم هذه الأعياد مهما كانت فهي محل الشر والفتن، ومحل البدع، ومحل الغلو والإفراط والزيادة في دين الله، فوجب منعها لكونها بدعة، ولما يترتب عليها في كثير من الأحيان وفي كثير من البلدان من شرور كثيرة، والغلو، والإفراط، والرأي الباطل.
ورسولنا عليه الصلاة والسلام بحمد الله لم يزل يُذكر عليه الصلاة والسلام، ولم يزل يُدعى إلى سنته عليه الصلاة والسلام، ليس في حاجة إلى الاحتفال بالمولد، فهو لم يُنْسَ حتى يُذكَّر بمولده عليه الصلاة والسلام، مولده يُدرَّس في المدارس، والسيرة تُدرَّس في المدارس والمعاهد والجامعات والمساجد، لم يُنْسَ عليه الصلاة والسلام، فسيرته وشريعته وأحكامه ودينه كله يُدرَّس في المدارس وفي المعاهد وفي الكليات وفي المساجد، يُعلَّم ويُدرَّس بين الناس، وذكره لم يزل في اليوم والليلة، في الأذان والإقامة، والصلوات؛ أشهد أن محمداً رسول الله في الأذان خمس مرات في اليوم، وفي الإقامة خمس مرات كل يوم على رءوس الأشهاد أشهد أن محمداً رسول الله، لم يُنْسَ بحمد الله، بل يُذكر على المنابر وفي المساجد وفي الدروس وفي التحيات، في الصلاة مرتين؛ الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفي الفجر مرة واحدة، وهو: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله.
فالرسول لن ننساه بحمد الله، وليس بحاجة إلى إحداث موالد، إنما يأتي بالموالد من نسي أصحابه، ونسي من يجعل له مولداً فيخلد فيه ذكره، في مولده الذي فعل، وبدعته التي أحدث، أما نبينا صلى الله عليه وسلم فلا يُنسى بحمد الله، فالمسلمون يذكرونه، ويشهدون له بالرسالة، ويصلون عليه دائماً عليه الصلاة والسلام، ويتبعون سنته، بل يعظمون أمره ونهيه، ويدرِّسون سيرته وشريعته في مساجدهم ومدارسهم ومعاهدهم وحلقات العلم في كل مكان بحمد الله يوجد فيها مسلمون.
هذه نبذة بما يتعلق بالمولد وبدعة المولد، وليس هذا خاصاً بمولده صلى الله عليه وسلم، بل جميع الموالد كلها بدعة، من البداية بدعة، ومما أحدثه الناس أيضاً تقليداً لأعداء الله: أن بعض الناس يجعلون مولداً لبنته، ولأمه، ولأبيه، ولنفسه، ويقول: هذا مولد فلان. ويجعل وليمة، وعزيمة، هذا من التأسِّي بالنصارى واليهود، وهذا لا أصل له، هذه من البدع المنكرة، فليس لدينا موالد، نحتفل بها ولا تعظَّم، لا للأولياء، ولا للأنبياء، ولا لغيرهم، بل هي مما قلد فيه الناس الأعاجم من النصارى واليهود وأتباعهم.
وعلينا أن نتبع ولا نبتدع، والله جلَّ وعَلا يقول: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100] هذا جزاء من اتبع الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بإحسان، وسار على نهجهم، جزاؤه أن الله يرضى عنه، ويدخله الجنة سبحانه وتعالى.
فعلينا أن نتأسى بهم، ونسير على نهجهم.
وقال جلَّ وعَلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] فنتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم وبأتباعه بإحسان من أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن سار على نهجهم، وليس لنا أن نحدث في الدين ما لم يأذن به الله، وليس لنا أن نقلد أعداء الله فيما أحدثوا في دين الله، بل علينا أن نعظم أمر الله ونهيه، وعلينا أن نبادر بأمر الله، وأن ننتهي عن نهي الله، وندعو الناس إلى دين الله وشريعة الله، وأن نحذرهم فيما ابتدعه الناس في دين الله من الموالد وغير الموالد، هذا واجب على أهل العلم والإيمان في كل مكان وزمان.
ولا بد أن منكم من يسمع في الإذاعات بدعاً كثيرة، نسمع المولد في هذا الشهر، والاحتفال في أماكن كثيرة، وتسمعون أيضاً في أوقات أخرى بدعة رجب؛ الإسراء والمعراج، وبدعاً أخرى في أوقات أخرى يبتدعها الناس، فالناس عندهم بدع كثيرة.
فينبغي أن يعلم المؤمن أنَّه ليس لنا إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى، هذه أعياد المسلمين: فيها الاجتماع على صلاة وذكر، وعبادة لله عزَّ وجلَّ.
عيد الفطر بعدما يسر الله لنا صيام رمضان ومنَّ علينا بصيامه وقيامه جاءت صلاة العيد، والفطر في عيد الفطر شكراً لله عزَّ وجلَّ على ما أنعم به سبحانه وتعالى من نعمة الصيام والقيام.
ولنا عيد الأضحى بعدما منَّ الله على المسلمين بحج بيته الحرام، وما شرع لهم في أيام العيد من الذكر والتكبير، وما حصل في أيام الحج من إكمال الدين، وتمام الدين، حيث أنزل سبحانه في يوم عرفة : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة:3] فجائزة النحر شكراً لله عزَّ وجلَّ على ما أنعم به من نعمة الإسلام ونعمة إكمال الدين، وما شرعه الله لنا في أيام الحج من العبادات، وفي عشر ذي الحجة من الذكر والتكبير والتعظيم لله عزَّ وجلَّ، هو عيد مثل الأيام، وهي أيام الحج كلها أعياد، كلها أيام ذكر ودعاء، وأيام تقرب إلى الله سبحانه وتعالى، يوم عرفة ، وأيام التشريق كلها عيد للمسلمين، فيها الاجتماع على طاعة الله، من الوقوف بـعرفة ، ومزدلفة ، ومن رمي الجمار، ومن ذبح الهدايا، ومن ذكر وتكبير، كلها قربات لله سبحانه وتعالى، وكلها فضل من الله علينا جلَّ وعَلا، أما أعياد جديدة تستحدث وتبتدع فليس لها أصل في دين الله عزَّ وجلَّ، ولا يجوز إقرارها، ولا الدعوة إليها، ولا الرضا بها والله المستعان. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ونسأل الله عزَّ وجلَّ أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين والثبات عليه، وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأن يعيذنا من البدع جميعاً، وأن يهدي المسلمين لاتباع سنة نبيه، والاستقامة على دينه، والحذر مما أحدثه المحدثون، والله جلَّ وعَلا أمرنا بالاستقامة على دينه، وحذرنا من البدع والمخالفات، فعلينا أن نستقيم على دينه، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31].
ويقول سبحانه: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].
إنه تعالى جواد كريم.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الجواب: علماء نجد وعلماء السلف إنما قالوا ما بلغهم عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، ومعهم في هذا علماء القرون الثلاثة، كلهم على هذا المنهج العظيم، وهو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ونبذ البدع، وعدم الإحداث لا في مولد ولا في غيره، ثم تابعهم أهل العلم والإيمان بعد ذلك، تابعوا أهل السنة والجماعة وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، تابعهم أهل الإيمان في القرون كلها من أهل البصيرة، وعلى رأسهم في القرن الثامن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإنه بين في كتابه: اقتضاء الصراط المستقم أن الاحتفال بالموالد من البدع المنكرة، كما بين بدعة الاحتفال بليلة الرغائب في رجب وغير ذلك، وهكذا الإمام الشاطبي رحمه الله بيَّن بدعة المولد، وهكذا غيرهم من أئمة الإسلام الذين عرفوا هذه المسألة وسمعوا بها، ووُفِّقوا لمعرفة الحقيقة، بينوا أنها بدعة؛ ولا يجوز فعلها ولا إقرارها، والذين تساهلوا في ذلك إنما تساهلوا ظناً منهم أن ذلك لا بأس به، ولم يتفطنوا للأصول المتبعة، والأدلة الصحيحة الصريحة في تحريم البدع، بل غلب عليهم تقليد غيرهم من آبائهم وأسلافهم، والناس إذا عاشوا في شيء ظنوه طيباً، وظنوه سنة؛ لأنهم عاشوا عليه ودرجوا عليه مع أسلافهم، فيصعب عليهم بعد ذلك إنكاره وقد عاشوا عليه ولو كان بدعة منكرة، حتى إن الذين عاشوا على الشرك أقروا الشرك ورضوا به؛ لأنهم عاشوا عليه وعرفوه، فتجدهم عند القبور يستغيثون بأهل القبور، ويقول: يا سيدي فلان انصرني، واشفِ مريضي، وأنا في جوارك، ويرى أن هذا هو الدين، وهو الشرك الأكبر، نعوذ بالله؛ لأنه عاش عليه، وعاش عليه آباؤه وأسلافَه.
وفي هذا الزمان، في السنين الأخيرة، منذ سنتين أو ثلاث، ألَّف المدعو/ محمد علوي المالكي كان شاباً وكان يرجى فيه قبل ذلك العلم والخير؛ ولكنه أخيراً أظهر شيئاً ما كنا نظن أنه يظهره، أظهر أنواعاً من الشرك، وأنواعاً من البدع، وألف كتاباً سماه: الذخائر المحمدية ، فأوجد فيه أشياء تدل على جهله بالتوحيد، وجهله بالسنة، ولذلك رد عليه أهل العلم، وردت عليه هيئة كبار العلماء، ورد عليه غيرهم من إخواننا في مصر وغير مصر من أهل العلم والإيمان، وذلك أنه ذكر في كتابه هذا قصائد مضمونها الشكوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والفزع إليه، وطلبه الغوث والإجارة مما وقع فيه الناس، فهذا يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا إلى الله عزَّ وجلَّ، يفتقرون إليه ويسألونه الغوث والنصر ويلجئون إليه، ويفزعون إليه، ويقولون: مَنْ يجيرنا ومَنْ ينصرنا إذا لم تنصرنا يا محمد، وإذا لم تجرنا؟ فنسوا الله عزَّ وجلَّ ولم يلتفتوا إليه، والتفتوا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، ورفعوا إليه شكواهم، وطلبوا منه النصر والتأييد، وهذا هو الشرك الأكبر، وهذا في كتابه: الذخائر المحمدية قصائد موجودة، ذكرناها وبيَّناها للناس.
ورد عليه أخونا الشيخ: عبد الله بن سالم المنيع ، وبيَّن هذه القصائد.
وقد ذكر المالكي في كتابه أيضاً أن محمداً صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، وهذا كفر أكبر آخر، وقال: إنه يدخل الجنة من يشاء، وهذا كفر آخر، فالجنة بيد الله، هو الذي يعطيها من يشاء سبحانه وتعالى، وجعل هذه الموالد من السنن، وجعل من جهله ليلة المولد أفضل من ليلة القدر، أهذا يقوله عاقل؟ قال: ليلة المولد، ليلة (12) من ربيع أول أفضل من ليلة القدر التي قال فيها الرب عزَّ وجلَّ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3] فجعل الليلة التي أنزل الله فيها القرآن وجعلها أفضل ليلة جعل ليلة المولد أفضل منها، وسبقه إلى هذا بعض الجهَّال من بعض المغاربة، هذا كله يدل على جهل عظيم ومطبق، والبعد عن معرفة الدين على الحقيقة، فلهذا رددنا عليه ورد عليه غيرنا من أهل العلم؛ لأجل إيضاح الحق، وبيان الهدى، وطالبنا من الدولة وفقها الله أن تمنعه من الحديث في المسجد الحرام، وفي الإذاعة، وفي غير ذلك، حتى يعلن توبته، وحتى يبين رجوعه عن هذا الباطل، لئلا يتأثر به الناس، ولئلا يعلم الطلَبَة الشرك الأكبر بالله، والبدع والمنكرات.
فهذا الذي جرى في هذا الرجل، وألفت فيه المؤلفات في بيان هذا الباطل، وهو رد عليه وعلى غيره من أشباهه، ليس رداً عليه وحده، بل رد عليه وعلى أشباهه، ولا نزال نطلب من ولاة الأمور أن يمنعوه من التدريس في المسجد الحرام، وفي الإذاعة، وفي التلفاز، وفي الصحف، حتى يعلن توبته إلى الله من هذا الشرك الذي وقع فيه، فإذا أعلن توبته من هذا الشرك والبدع فلا بأس، إن أعلن ذلك فهو أخونا في الله، ومتى لم يعلن لنا ذلك فإننا نبرأ إلى الله منه، ونشهد الله على أنه ضل عن السبيل، وكفر بالله بعد الإيمان على ما أحدث من الضلال في كتابه العظيم، ونسأل الله العافية.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من بدَّل دينه فاقتلوه) هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد جاء معاذ ذات يوم إلى أبي موسى في اليمن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى إلى اليمن داعياً ومعلماً ومرشداً، وبعث معاذاً أيضاً إلى اليمن ، فقدِّر أن أبا موسى بلغ عن يهودي أسلم ثم ارتد، فدعاه أبو موسى واستتابه أن يرجع إلى الإسلام، فأبى، وإذا جيء به مقيداً يُقتل، إن لم يتب يُقتل، فجاء معاذ فقال: من هذا المقيَّد؟
قالوا: هذا رجل أسلم ثم ارتد إلى دينه الباطل اليهودية .
فقال معاذ : لا أنزل من دابتي حتى يُقتل، قضاء الله ورسوله.
فقال أبو موسى : إنما جئنا به ليقتل إن لم يتب.
قال: ما أنزل حتى يُقتل، ما دام ما أراد التوبة، فلا أنزل حتى يُقتل، قضاء الله ورسوله.
فالردة عن الإسلام بين المسلمين شأنها خطير، وشأنها عظيم، ونشر الكفر بين الناس في الكتب شأنه خطير، وبلاؤه عظيم.
فالعلوي هو العلوي من الناس زيد أو عمرو إذا أظهر الكفر بالله وجب أن يؤخذ على يديه، ووجب أن يُنهى، ولو كان من أولاد الأنبياء، ولو كان من أولاد الحكومة، ولو كان من أولاد علماء البلاد، ولو كان من أعيانهم، إذا ارتد عن دينه وأظهر كفره وجب أن يؤخذ على يديه كائناً من كان، سواءً كان زيداً أو عمراً والله المستعان.
نسأل الله أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يهدي ضال المسلمين جميعاً.
الجواب: اليوم الوطني بدعة، أما أسبوع العلماء من الذي قال: إنه بدعة؟! هذا أسبوع تعرض فيه كتبهم، ما هو باحتفال، هذا أسبوع تُعرض فيه الكتب، إذا قيل: أسبوع لكتاب كذا، وأسبوع لكتاب كذا، وهذا الأسبوع يباع فيه كذا، وأسبوع يباع فيه كذا، ليس هذا احتفالاً، هذا معرض للكتب، وبيان ما ألفه فلان، وما طُبع من كتبه، فإذا قيل: أسبوع لـمحمد ، وأسبوع لـشيخ الإسلام ، وأسبوع لـابن عبد السلام ، وأسبوع للقرطبي، وأسبوع لكذا، تنشر كتبهم، وتباع بين الناس، ليس هذا من البدع، هذا إظهار للكتب وبيع لها ونشر لها بين الناس.
أما اليوم الوطني، والاحتفال باليوم الوطني، أو بأي يوم، أو بليلة الرغائب كل هذا بدعة، كلها من البدع، وهو تشبه بأعداء الله.
الجواب: من وجد هذا فليكتب وجزاه الله خيراً، وليبين المسلسل هذا عنوانه، وفي أي ليلة، وفي أي وقت سمع هذا الشيء، حتى نسأل عنه، ونطلب الشريط الذي فيه هذا الشيء حتى نكون على بينة، ينبغي لإخواننا الذين يسمعون هذه الأشياء إذا سمع شيئاً من ذلك أن يبين الوقت والساعة، وعنوان الشريط، إذا كان معه عنوان الشريط، أو عنوان المسلسل، ويعطي ويكتب لنا في ذلك، أو إلى رئيس الهيئات، أو إلى غيره من أهل العلم، أو إلى وزير الداخلية، أو إلى الملك.
يجب أن يفعل ما يستطيع من إنكار المنكر.
الجواب: سمعت شبهتهم التأسي بأعداء الله؛ من اليهود والنصارى، وهؤلاء يفعلون، ونحن نفعل مثلهم! لماذا لا ما نعظم نبينا مثل تعظيمهم للموالد؟!
ديننا معظم بحمد الله، بما شرع لنا ربنا على يديه عليه الصلاة والسلام، فنحن نعظمه بالصلاة عليه، واتباع سنته، والشهادة له بالرسالة عليه الصلاة والسلام، والدعوة إلى دينه، وتحذير من خالفه عليه الصلاة والسلام، لا بالبدع وإحياء الموالد.
الجواب: هذا مما يفعل، وليس له أصل، لأنه من عمل المشركين، وهو شيء جديد، ومحدث لنا.
لكن ولي الأمر إذا رأى فيه المصلحة، وصد أهل الفتن، فقد نص أهل العلم أنه يجوز لولي الأمر أن يهنئ الكفار إذا رأى المصلحة الإسلامية في ذلك، وأن يدرأ بها شراً، أو يثبت بها خيراً، من باب درء المفاسد، وجلب المصالح.
الجواب: إذا لم يتهيئوا.. إذا تكرر في مناسبة.. إذا كان لنعمة حدثت فيجمع الناس لأنه قدم من سفر، أو شُفي من مرض، فيدعو أقاربه هذا لا بأس به، العيد لا يتكرر، مثل العادة تتكرر كل سنة أو كل شهر هذا هو العيد، أما إذا أولم وليمة بمناسبة قدومه من سفر، أو مناسبة وليد له يذبح فيه العقيقة يوم السابع، ويدعو بعض مَن شاء مِن أقاربه، أو مناسبة شفاه الله من مرض فيجمعهم ويقيم وليمة، أو ما أشبه ذلك، ليس هذا من البدع ؛ هذا من باب شكر الله على نعمه، العيد لا يتكرر، يدور بدور الشهر، أو بدور الأسبوع، أو بدور العام، يُسمى عيداً.
السائل: يعني: من هذا إذاً أعياد الجلاء، والأعياد الوطنية!
الشيخ: هذه الأعياد تكرر وتسمى أعياداً.
صرَّح معالي وزير المعارف بمنع المدرسين المتعاقدين من السفر إلى بلادهم في إجازة الربيع، ونحن نود أن نسافر إلى أهلنا وزوجاتنا وأولادنا، وذلك على نفقاتنا الخاصة، مع استعدادنا لتقديم كافة الضمانات اللازمة للعودة، نأمل التزكية لدى وزير المعارف وإدارة التعليم بـالرياض ، وجزاكم الله خيراً، حتى نستطيع أن نصل أهلنا وزوجاتنا وأبناءنا.
الجواب: قد كلمناه في هذا في العام الماضي لا في هذا العام، وقال لنا: إنه لا يستطيع؛ لأنه جرب إخواننا المصريين وغيرهم يراهم يتأخرون عن الدروس، ويضيع بعضهم الدروس، فلم نجد حيلة إلا أن نمنعهم من السفر في العطلة؛ لأن العطلة قصيرة، فلن ينفعنا إلا منعهم من السفر؛ لأنهم إذا سافروا يتأخر كثير منهم، هذا يقول: مرضتُ، وهذا يقول: جرى لزوجتي كذا، وهذا يقول: جرى لي كذا، فيتأخرون عن مواعيد رجوعهم، هذه علتهم في هذا الأمر.
وهذا شيء إليهم، نسأل الله أن يوفقهم، وليس لنا فيه دخل، ونسأل الله لهم التوفيق للجميع.
الجواب: ليس في البدع شيء حسن، كلها ضلالة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة) وهو الإمام العادل عليه الصلاة والسلام، وهو المعلم المرشد عليه الصلاة والسلام، قال: (كل بدعة ضلالة) .
فلا يجوز لأحد أن يقول: إن بعض البدع ليس بضلالة، فإن هذا معناه الرد على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعناه مخالفة له عليه الصلاة والسلام، فالذين قالوا: إن البدع أقسام قولهم ليس بصحيح.
فالبدعة كلها ضلالة، ومما زعموا أن من البدع ما يجب، كجمع المصحف الكريم، فليس هذا من البدع، بل هذا من ضبط القرآن، والعناية بالقرآن، ومما شرعه الله عزَّ وجلَّ.
فالحاصل أنه ليس في البدعة شيء حسن، فكلها ضلالة، كما قاله المصطفى عليه الصلاة والسلام: (كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) والتقسيم غير جائز وغير وارد.
وأما ما يروى عن عمر أنه قال في التراويح: [نعمت البدعة هذه] فالعلماء قالوا فيها: إن المراد أنها بدعة من جهة اللغة؛ لأن أهل العربية كل شيء على غير مثال سابق يُسمونه بدعة، فليس مقصوده أنها بدعة في الدين، ولكن جمعه للناس على إمام واحد بعدما كانوا متفرقين، إنه بدعة من جهة اللغة، وإلا فليست بدعة، بل هو سنة، فالتراويح فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فهي سنة مؤكدة وليست بدعة.
الجواب: هذا رجل ضال مضل، محمود محمد طه ضال مضل، وكافر ضال لا إشكال في أمره، وقد كتبنا لنفس الرئيس، النميري ، وإلى مجلس تأسيس الرابطة، والمجلس الأعلى الإسلامي، وكتبنا أن هذا يجب أن يُستتاب وإلا قُتل؛ ولكن لم يفعلوا شيئاً؛ ولكن بلغنا الآن أنه مسجون، ولعله يأخذه في السجن إن شاء الله، فهو ضال مضل، ولو هدى الله النميري لَقَتَلَه؛ ولكن إن شاء الله بعدما حكم الشريعة النميري ، وبعدما أظهر تحكيم الشريعة نسأل الله له التوفيق، لعله إن شاء الله يقتله إن لم يتب، فهو ضال مضل، يقول: يُعمل بما كان عليه النبي في مكة ، ولا يرى الشرائع التي جاءت في المدينة ، ولا يرى جلد الزاني، ولا قطع السارق، ولا رجم الزاني، ولا ولا ولا، كل الشرائع يأتي بها وراء ظهره ، كل الشرائع التي جاءت في المدينة ينسفها، فهو ضال مضل.
ومن جهله إذا كان يقول: إن الخروف مسلم، هذا من جهله الكبير، ومن ضلاله العظيم، الرسول ذبح صلى الله عليه وسلم، وضحى بكبشين أقرنين، فهل يقول هذا عاقل يعلم ما يقول؟! هذا رجل جاهل ومن السفهاء.
الجواب: لا شك أني من المسئولين، وقد بذلتُ في هذا ما يعلمه الله من الكتابة والمباشرة، مع الملك، ومع غير الملك، وبينا لهم أن هذا منكر، وأنه لا يجوز استخدامهم، ونشرناه في الصحف، وبينا في المجالس هذه مع الملك وفقه الله، ومع ولي العهد، ومع وزير الداخلية، مشافهةً وكتابةً، ونسأل الله لهم التوفيق، وقد صدر تعميم من وزير الداخلية بمنع استخدام السائقين وغير السائقين من الكفرة، من الخدم والسائقين، وأسأل الله أن يمن بمنع حتى العمال، أسأل الله أن يكفينا شرهم.
فالجهود مبذولة، وليس في أيدينا إلا البلاغ، ما في أيدينا المنع، نحن في أيدينا البلاغ فقط، أما المنع فبيد ولاة الأمور، أسأل الله أن يوفقهم ويهديهم.
الجواب: على العموم: إما جاهل وإلاَّ لعَّاب، يريد الناس يضحكون عليه.
هذا غلط ومنكر، ما يقال للحق: قبل أن يَدْهَمَك الناس، فهذا جاهل جهداً مركباً، أو لاعب مستهتر.
الجواب: هذا الحديث ضعيف الإسناد؛ ولكن معناه صحيح، من تعلم العلم للمباهاة؛ مباهاة العلماء، أو مجاراة السفهاء، أو لأجل أن يثني عليه الناس، ويقولوا: إنه كذا، وإنه كذا، فهذا مراءٍ، ما قصد وجه الله، فيكون مع المرائين، تُسَعَّر بهم النار، نعوذ بالله، ولهذا قال: فالنار النار، نسأل الله العافية.
فمعناه صحيح، ويحذر من الرياء، وأن الواجب إذا تعلم العلم لا لمباهاة العلماء، ولا لمماراة السفهاء، ولا لأجل صرف نظر الناس إليه، وثنائهم عليه، وتحيتهم له، لا، ولكن يجب أن يتعلمه ليعرف به دينه، وليعبد الله به، وليعلمه الناس، ويدعو إلى شريعة الله وأحكامه، هكذا يجب التعلم، أما من أجل الرياء والسمعة والمباهاة ومماراة السفهاء، أو لأجل حطام الدنيا، فهذا من الرياء الذي حرمه الله، وتوعَّد عليه بالنار، نعوذ بالله من النار.
الجواب: هذا حديث صحيح، رواه مسلم وغيره: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً عليه الصلاة والسلام، يُقصد به التكلف والتعمق في الشيء والابتداع، هذا من حجة أهل السنة على أهل البدع، لأن هذا تنطُّع وتكلُّف، فالمتنطع والمتكلف والمتعمق الذي يسأل عن أشياء ويأتي بأشياء ما شرعها الله سبحانه وتعالى.
الجواب: إذا طلق الإنسان لا يقعد عند فلان، أو لا يكلم فلاناً، فله حالات:
- إحداهما: أن يقصد منع نفسه ولا يقصد إيقاع الطلاق، إنما قصده منع نفسه من الشيء وشدد على نفسه بالطلاق، ولم يرد إيقاع الطلاق على أهله، وإنما أراد منع نفسه من القعود عنده أو الكلام، فهذا حكمه حكم اليمين على الصحيح، وعليه كفارة اليمين، ولا يقع الطلاق.
- أما إذا أراد وقوع الطلاق، نوى أنه إذا قعد عنده فزوجته طالق، فإنه متى كلمه أو قعد عنده تقع طلقة؛ لأنه طلاق معلق على الشرط، مثلما لو قال: إذا دخل رمضان فزوجته طالق، فإنها تَطْلُق، أو قال: إذا نزل المطر فزوجته طالق، أو قال: إذا حاضت فهي طالق.. وهكذا.
الجواب: السيارة كلها واحدة مقدمتها أو مؤخرتها، إذا كان عقله معه وقع الطلاق إذا قصد الطلاق، وإن كان عقله ليس معه، تكلم وهو غير عاقل؛ زائل العقل، فهو مثل المجنون، لا يقع طلاقه.
إذا تكلم وهو غير عاقل مثل المجنون فلا يقع طلاقه، أما إذا كان يعقل، فيُسْتَفْسَر، فإن كان أراد منع نفسه من الركوب، مثلما تقدم فيمن طلَّق ألا يكلم فلاناً ولا يقعد عنده، وإن كان حلف بالطلاق، وليس قصده فراق زوجته، وإنما قصده منع نفسه من الركوب والتشديد على نفسه، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليه الكفارة، فإن كان أراد إيقاع الطلاق وركب وقع الطلاق على زوجته، يقع عليها طلقة في ذلك إذا كان عقله معه، سواءً ركب في مقدمها أو في مؤخرها؛ إلا إذا قال: لا أركب في مقدمها أو مؤخرها فعَيَّنَ، فهو على ما عَيَّنَ، وهذا نوع.
الجواب: يصلي صلاة مقيم، لأنه مِن توابع الرياض ، مِن تَبَعِها، مِن تَبَعِ البلد، والبناء حوله.
الجواب: يُعَلَّم ويُنْصَح، ويُبَيَّن له أنه لا يجوز الحركات الكثيرة المتوالية، وأن الواجب علينا الخشوع والطمأنينة، فإذا كثرت الحركات وتوالت من دون ضرورة بطلت الصلاة.
فالواجب أن يُنْصَح ويُوَجَّه إلى الخير ويُنَبَّه، لأن بعض الناس، قد لا ينتبه فيجب أن يُنَبَّه ويُحَذَّر.
الجواب: إذا كان الثقب خفيفاً قليلاً لا يضر فصلاتُه صحيحة، وإن كان الثقب واسعاً كثيراً تعيد الصلاة الأخيرة فقط، يتوضأ ويصلي.
الجواب: إذا كنتَ من أهل جدة يكفي، أما إذا كنت جئت من مكان آخر من الرياض أو من الطائف ، وأنت تقصد العمرة، ولكن ما أحرمت إلا من جدة ، فقد تجاوزت الميقات، فعليك دم لأنك تجاوزت الميقات، إذا كنت جئت من مكان بعيد عن جدة ، كأن جئت من الطائف ، أو جئت من رابغ ، وأنت من أهل رابغ ، ولا أحرمت من رابغ ، ونويت العمرة وأنت في رابغ ، ولا أحرمتَ منه، يكون عليك ذبيحة، تكفيراً لعمرتك وجبراً لها.
أما إذا كنت من أهل جدة فلا بأس، أو كنت جئت جدة ما نويت شيئاً، سافرت من الرياض أو من المدينة أو من غيرها إلى جدة ، وما عندك نية عمرة، فلما كنت في جدة طرأ وبدا لك أخيراً أن تعتمر فلا بأس، تحرم من جدة ولا شيء عليك، لأنك ما نويت العمرة إلا منها، فلا بأس.
الجواب: لا نعرف شيئاً في وداعة الله، وكل الناس وداعة الله، نعم.
السائل: وغلام الله يا شيخ؟
الشيخ: غلام الله لا يجوز، ونور الله مثل أي مخلوق، لو غُيِّر يكون أحسن، المقصود كلها من الله، هو الذي خلقها.
السائل: هناك جار الله!
الشيخ: جار الله كذلك.
السائل: وجاب الله؟
الشيخ: وجاب كذلك.
السائل: بعض الناس يسمون غلام الرسول من الباكستانية!
الشيخ: غلام الرسول لا يجوز، غلام الرسول وعبد الرسول لا يجوز، أما عبد الله وغلام الله، فهذا لا بأس به.
السائل: وعبد النبي؟
الشيخ: وعبد النبي لا يجوز، عبد النبي وعبد الحسين، كل هذا لا يجوز، هذا من عمل الرافضة ، التعبد بغير الله لا يجوز، أما نور الله فهو تعبير ليس بطيب، ينبغي أن يغيَّر.
السائل: نور الدائم؟
الشيخ: نور الدائم إذا كان أراد به الله، الدائم الله، فنور الله ينبغي أن يغيَّر، لئلا يُظَن أنه نور الله الذي هو صفة الله سبحانه وتعالى، فإن النور نورين:
- نور هو صفة الله عز وجل، وهذا يختص به سبحانه.
- ونور مخلوق، من جنس الأنوار، مثل: الشمس، والقمر، وغير ذلك، هذه أنوار مخلوقة.
ونور الإسلام مثل الأنوار المخلوقة، فينبغي له أن يغير هذا الاسم، حتى لا يوهم.
السائل: جار الله يا شيخ ليس فيه شيء؟
الشيخ: ليس فيه شيء.
الجواب: ينبهون إن شاء الله، والأولى والأحسن أن يُقطع الرأس، إذا قُطع الرأس بحبر أو غيره انتهى الموضوع.
السائل: أو يُطمس.
الشيخ: إذا طُمس الرأس كفى، أو طُمس بالحبر كفى.
الجواب: إذا كان المقصود يحصل بالطبيبة الطبيبة الكتابية فتختار المرأة؛ لأنها أسهل وأسلم، وتحذر من شرها إن كان هناك شر، وإن ذهبت لطبيب مسلم من باب الاحتياط فالأمر في هذا واسع.. متقارب؛ لأن هذه كتابية وفيها شر، وهذا رجل والمرأة عورة، فالأمر متقارب؛ ولكن إذا كانت الطبيبة معروفة بالأمانة، ولها معرفة بالطب جيدة، فلا بأس في ذلك.
الجواب: ليس لزوج الأخت ولا لزوجة الأخ ونحو ذلك الجلوس مع أخي زوجها، وليس للمرأة مع زوج أختها أن تبدي له شيئاً من محاسنها، لا الوجه ولا غيره، بل عليها التستر في ذلك، فإن جلست معهم مع الحجاب والتستر وعدم التبرج فلا بأس، إذا جلست وسلمت عليهم باللسان مع الحجاب الشرعي في وجهها وسائر بدنها فلا بأس ولا حرج، أما أن تجلس وهي تبدي لهم محاسنها فلا يجوز، حتى ولو كانت غير جالسه معهم، ولو كانت في مكان آخر، ليس لها أن تبدي محاسنها، فعليها أن تحتجب عن زوج أختها، وعن أخي زوجها، وعن عم زوجها، وعن سائر أقاربها غير المحارم مطلقاً.
الجواب: لا حرج، فالسنة عند المقابلة المصافحة، كان الصحابة يصافحون النبي صلى الله عليه وسلم، يقول أنس رضي الله عنه: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا) فإذا لقي أخاه في الصف صافحه قبل الصلاة أو بعدما يصلي الراتبة أو تحية المسجد، فهذا سنة.
السائل: وإذا كان يقرأ يا شيخ؟
الشيخ: ولو يقرأ، فليصافح أخاه.
السائل: لا يا شيخ، إذا تسننتُ أنا ووجدتُ الذي بجانبي يقرأ.
الشيخ: تصافحه ولو كان يقرأ، من السنة عند اللقاء أن تسلم على أخيك.
الجواب: إذا كانت الأرض عرضتها للبيع، ونيتك البيع، فزكِّها كل سنة بحسب قيمتها عند أهل المعرفة، سواءً ألفاً أو ألفين أو ثلاثة، على حسب ما يقوله أهل الخبرة في الأراضي التي تجانسها وتشابهها، كل سنة لها حسابها ولها قدرها، وأما أن تزكي عن جميع السنوات فلا، كل سنة لها حكمها، ولها قيمتها، إذا كنت عرضتها للبيع.
أما إن كنت شاكاً ما عندك نية للبيع ومتردداً هل تبيعها؟! هل تعْمُرها؟! هل تفعل كذا؟! ما عندك جزم فليس عليك زكاة، أما إذا كنت جازماً لبيعها والتجارة بها، فهذا عليك الزكاة كل سنة حسب قيمة الأرض، رخيصة أو غالية.
الجواب: حديث: (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد) ليس صحيحاً، موضوع عند أهل العلم، الذي في المهد لا يطلب العلم، ولا يعرف العلم، (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد) ليس بصحيح؛ ولكن المعنى: يزيد في طلب العلم، والحث على طلب العلم، وكذلك الحديث الآخر: (اطلبوا العلم ولو في الصين) ليس بصحيح.
أما حديث: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن ظنه بالله) فهو حديث صحيح، رواه مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن ظنه بالله).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عزَّ وجلَّ: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني).
فالظن بالله حسن طيب، هذا من أهم المهمات؛ ولكن إنما يحصل له ذلك إذا أحسن العمل، فإذا أحسن العمل حسُن ظنه، وأما إذا أساء العمل فلا يستقيم حسن ظنه وقد أساء العمل، فإن سوء العمل يدعوه إلى سوء الظن، كما في قول الشاعر:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه |
فالمقصود أن من أسباب حسن الظن بالله: الاجتهاد في طاعته، والحذر من معصيته سبحانه وتعالى.
فمن أحسن طاعته لله، واستقام على أمر الله، وتباعد عن محارم الله حسُن ظنه بالله، ومن ساءت أعماله ساءت ظنونه، نسأل الله السلامة.
الجواب: لقد كتبنا عن هذا كله، كتبنا إلى الجهات المسئولة، ونسأل الله الإعانة.
وصلَّى الله وسلَّم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر