إسلام ويب

احذر قبل أن تزل القدمللشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ما من شخص إلا وهو يعلم أنه قد قضي عليه بالموت، وهذا يستدعي من المؤمن تزكية نفسه بالبحث والسؤال عما يطهرها فيعمل به، والبحث عما يدسيها فيجتنبه، لكي ينال الأجر الكامل يوم القيامة، وإن النفس لتزكو بالإيمان والعمل الصالح وهو التمسك بما في القرآن والسنة مع عدم نسياننا حظنا من الدنيا.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فيا معشر الأبناء والإخوان، أحييكم جميعاً بتحية الإسلام: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    هذا العنوان لهذه الكلمة الطيبة، جعلنا الله تعالى وإياكم من الممتثلين لخير الكلام، وضع لنا الأستاذ الابن جزاه الله خيراً، هذا العنوان: (احذر قبل أن تزل القدم).

    فماذا يفهم الأبناء والإخوان من هذا العنوان؟

    اعلموا أن حكماً بالإعدام قد قضي علينا، ولا ندري متى ينفذ هذا الحكم؟ والله العظيم لقد قضي علينا حكم بالإعدام، ولا ندري متى نستدعى أو نؤخذ لينفذ هذا الحكم بنا، أفلا نخاف؟ أفلا نكرب؟ أفلا نحزن؟ أفلا نغتم؟ أفلا نرهب؟ والذي أصدر هذا الحكم هو الجبار، الذي بيده ملكوت كل شيء، يحيي ويميت، يعز ويذل، يرفع ويضع، إذا أراد شيئاً حسبه أن يقول له: كن فيكون.

    وإليكم نص هذا الحكم بالإعدام في عدة كلمات إلهية، هاهو سبحانه يواجه رسوله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم فيقول له: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30]، إنك يا رسولنا ميت وإنهم ميتون، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر:31].

    ومنها: قوله جل ذكره: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:26-27].

    ومنها: قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].

    لا أشك في كل من وعى هذا الكلام الإلهي أنه قد أيقن بأن حكم الله قد صدر، وأنه لا مرد له، فلنتهيأ لليوم الذي نستدعى فيه، أو نؤخذ من بين أفراد أسرتنا ونموت، وبذلك تنتهي حياتنا، ولا ندري ما مصيرنا بعد موتنا، هل نحن من سكان الملكوت الأعلى؟ هل نحن من أهل دار السلام.. الجنة دار الأبرار، أم نحن من سكان العالم السفلي حيث سجين؟ هذا لا نعلمه، وهو واقع لا محالة إما جنة وإما نار.

    أليست هذه حال تستدعي منا الخوف والرهبة والهم والحزن، كيف نضحك؟ كيف نلهو؟ كيف نلعب؟ ونحن لا ندري مصيرنا أفي عالم السعادة أم في عالم الشقاء؟

    إذاً: فلنحذر كل الحذر أن تزل القدم؛ أن نستدعى إلى الله ونحن دنسون ملوثون مخبثون، الروح الملوثة المدساة الخبيثة، أعلمنا الرب تبارك وتعالى أنها لا تفتح لها أبواب السماء ولا تدخل الجنة أبداً، إذ قال عز من قائل: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]، ومتى يدخل البعير الأورق في فتحة الإبرة؟

    تخيل ذلك، إنه مستحيل، إيه والله مستحيل، فكذلك الروح الخبيثة التي تعفنت بأوضار الجريمة، وتعفنت بأوضار الذنوب والآثام، هذه الروح تطرد من السماء ولا تفتح لها أبوابها، هذا الحكم قد صدر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531172

    عدد مرات الحفظ

    777163382