السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسأل الله جل وعلا أن يجمعنا بكم في دار كرامته، أسأله سبحانه وتعالى أن يهيئ لنا ذاك المقام الكريم، الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن أبواب الجنة، بقوله: (إن من أبواب الجنة باباً ما بين مصراعيه مسيرة ستمائة عام، وليأتين عليه يومٌ وهو كظيظٌ بالزحام) نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة.
والحديث -أيها الأحبة- مرتبطٌ غاية الارتباط بهذه المقدمة المباركة الموفقة التي توفق بها الشيخ/ عبد الرحمن سدده الله، ذاك أن الجنة هي جزاء عباد الله المتقين، جزاء عباده المتمسكين المهتدين بكلام رب العالمين، وسنة سيد الأنبياء والمرسلين، وإن أي عمل مهما بلغ ضجيج صوته، وكثرة الزحام حوله، وكثرة أتباعه، ما لم يكن مقيداً بعلم الكتاب والسنة فعلى خطرٍ أن يكون أصحابه كما قال جل وعلا: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً [الغاشية:3-4] فلا أمان من الزلل، ولا نجاة من الهلكة إلا بتقييد وضبط هذا الحماس، وتوجيه هذه الصحوة بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أيها الأحبة في الله! خلق الله الدنيا وجعلها وما عليها إلى الفناء والزوال، أما الدنيا فلن يخلد فيها أحد، ولن يبقى فيها أحدٌ أبداً كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26-27] قال صلى الله عليه وسلم: (جاءني جبريل وقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه الليل، وعزه استغناؤه عن الناس).
أيها الأحبة! هذه الدنيا مهما تزخرفت! ومهما تزينت! ومهما تعطرت وتطيبت لأصحابها فإنهم يعلمون لا محالة أنهم يفارقونها من النور إلى القبور، ومن السعة إلى الضيق، ومن الاجتماع إلى الفرقة، ومن الأنس إلى الوحشة، ومن اللذة إلى الكدر.
طبعت على كدرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدارِ |
ومكلفُ الأيام ضد طباعهـا متطلبٌ في الماء جذوة نارِ |
يقول القائل:
أحب ليالي الهجر لا فرحاً بها عسى الله يأتي بعدها بوصالِ |
وأكره أيام الوصال لأنني أرى كل وصلٍ معقبٍ بزوالِ |
أيها الأحبة في الله! نحنُ في دنيا أشغلتنا وألهتنا، ولعبت بأهوائنا، وأخذت منا جهدنا، حتى أصبحنا نضع لديننا فاضل أوقاتنا، ونضع لدعوتنا آخر اهتماماتنا، ونجعل لعقيدتنا آخر ما يبقى من فكرنا وذهننا واشتغالنا يقول ابن القيم في نونيته التي سنسير هذه الليلة معها شوطاً طويلاً:
لا يلهينك منـزلٌ لعبت به أيدي البلى من سالف الأزمانِ |
فلقد ترحل عنه كل مسرة وتبدلت بالهم والأحزانِ |
سجنٌ يضيق بصاحب الإيمـان لكن جنة المأوى لذي الكفرانِ |
وصدق، ومصداق قوله قول النبي صلى الله عليه وسلم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر).
أيها الأحبة في الله! إننا ما عرفنا الدنيا حق المعرفة، وما عرفنا الآخرة حق المعرفة، وما عبدنا الله حق عبادته، وما قدرناه حق قدره، وما شكرناه حق شكره، ولو قمنا بذلك لادخرنا ساعة بل لحظة بل ثانية في طاعة الله وجهاد أعداء الله والدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، من أجل الحصول على مرضات الله جل وعلا، إن كلمة الله لعباده في الجنة يوم يتجلى الجبار جلَّ وعلا، ويتجلى لعباده في الجنة، ويكشف لهم الستر، ويقول: يا عبادي قد رضيت عنكم، قد رضيت عليكم، أي بشارة هذه: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [المائدة:119].
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها |
فإن بناها بخيرٍ طـاب مسكنه وإن بناها بشرٍ خاب بانيها |
اعمل لدار غداً رضوان خازنها الجار أحمد والرحمن بانيها |
أرضٌ لها ذهبٌ والمسك طينتها والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها |
هذه الدار هي: الجنة
نعمت جزاء المتقين الجنة دار الأماني والمنى والمنة |
هذه الجنة:
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردٌ شرابها |
هذه الجنة، حي على طريقها، حي على سنة قائدها والهادي إليها:
فحي على جنات عدنٍ فإنـها منازلك الأولى وفيها المخيم |
ولكننا سبي العدو فهل تـرى نعود إلى أوطاننا ونسلم |
ولما لقي الأنصار نبي الله صلى الله عليه وسلم في البيعة المشهودة قالوا: بايعناك على ماذا؟ على أن نمنعك مما نمنع عنه أنفسنا ونساءنا فما لنا يا رسول الله؟ نحن بايعناك على أن نقتل دونك، وبايعناك على أن نمنعك مما نمنع عنه نساءنا، وأبناءنا، وأنفسنا، ومحارمنا فما الذي لنا، ماذا تعطينا؟ هل تعطينا ولاية؟ هل تعطينا حكماً؟ هل تعطينا منصباً؟ هل تعطينا وزارة؟ هل تعطينا رئاسة الوزراء؟ فقال: (لكم الجنة).
أحبتنا في الله! إن الجنة التي أعدها الله جل وعلا وهي الآن موجودة، هي جنة فيها من عباد الله من ينعم، هذه الجنة ليست ثمناً لأعمالنا، ليست ثمناً لسعينا، ولا لكدنا، أو تعبنا أو صلاتنا أو قيامنا أو صيامنا؛ إنما هي فضلٌ ومنةٌ ورحمةٌ وكرامةٌ من الله جل وعلا.
ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنه لن يدخل أحدٌ منكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟) أنت -أيها النبي- الذي جاهدت في الله حق جهاده، الذي بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، البر الرءوف الرحيم بهذه الأمة!
أنت -أيها النبي- الذي قمت حتى تفطرت قدماك!
أنت -أيها النبي- الذي ربطت على بطنك حجرين من الجوع في سبيل الله!
أنت -أيها النبي- الذي صبرت على ما جاءك وأصابك في سبيل الله وفي ذات الله!
قالوا: (حتى أنت يا رسول الله؟ قال: حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته).
وقال صلى الله عليه وسلم: (دخلت الجنة فاستقبلتني جارية فقلت: لمن أنت أيتها الجارية؟ فقالت: أنا لـ
وروى الترمذي والحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة فقلت: من هذا؟ قالوا:
يا خاطب الحور الحسان وطالباً لوصالهن بجنة الحيوانِ |
لو كنت تدري مـن خطبت ومن طلبت بذلت ما تحوي من الأثمانِ |
أو كنت تدري أين مسكنها جعلـت السعي منك لها على الأجفانِ |
ولقد وصفتُ طريق مسكنها فإن رُمْت الوصال فلا تكن بالوان |
أسرع وحث السير جهدك إنما مسراك هذا ساعة لزمانِ |
فاعشق وحدث بالوصال النفس وابذل مهرها ما دمت ذا إمكانِ |
واجعل صيامك قبل لقياها ويوم الوصل يوم الفطر من رمضانِ |
واجعل نعوت جمالها الحادي وسر تلق المخاوف وهي ذات أمانِ |
بعد معاناة طويلة، بعد النفخ في الصور.. بعد الخروج من الأجداث.. بعد الحشر.. بعد النشر.. بعد الهول.. بعد تطاير الصحف.. بعد رجحان الموازين إما بحسناتٍ أو بغيرها.. بعد أن تدنو الشمس من الخلائق فتكون على رءوسهم قدر ميل.. بعد أن يشتد الكرب بأهل الموقف حتى يقول أهل الموقف: من يشفع لنا؟ من يعيننا؟ من يخلصنا؟ من يدفعنا عن موقفنا هذا؟ فيلتفتون إلى آدم لا يريدونه أن يخلص بل يريدون منه شفاعة، فيقول: لست لها، فيذهبون بعد ذلك إلى إبراهيم فيقول: لا. لست لها، فيذهبون إلى نوح فيقول: لا. لست لها.
ويمرون بعددٍ من أولي العزم من الرسل حتى يأتون نبينا وحبيبنا وشفيعنا وقائدنا وإمامنا، وهادينا، وقدوتنا رسولنا صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا محمد! اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه من شدة هولٍ وحال؟ فيقول: (أنا لها) يقول صلى الله عليه وسلم: (فيفتح الله علي بمحامد لم أكن أعرفها قبل ذلك الحين، ثم أخر ساجداً لربي أسبحه وأدعوه، وأحمده وأدعوه، وأحمده وأناجيه؛ حتى يقول الجبار جل وعلا: يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع) فيشفع صلى الله عليه وسلم الشفاعة العظمى لأهل الموقف أي: يخفف عنهم ما هم فيه من الهول العظيم، ثم يشفع لأقوامٍ من المؤمنين فيدخلون الجنة بغير حساب، ويشفع لأقوامٍ قد استحقوا النار فيعافيهم الله ويسلمهم من النار، ويشفع لأقوامٍ تخفف درجاتهم في النار أو يخرجون من النار بعد أن يمكثوا منها قليلاً، ويشفع شفاعة خاصة لعمه أبي طالب ذاك الذي كان كثيراً ما يحنوا عليه، ويحدب عليه، ويصونه، ويحوطه، ويعيله، ويقف معه، ويجاهد قريشاً دونه، ولكن ما نفعه ذلك؛ لأنه ما قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أبو طالب الذي يقول:
ولقد علمت بأن دين محمـدٍ من خير أديان البرية دينا |
لولا الملامة أو حذارِ مسبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا |
والله لن يصلوا إليك بجمعـهم حتى أوسد في التراب دفينا |
أبو طالب الذي وقف وقفة الجبل مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك ما نفعه ذلك؛ لأن الجنة لا يدخلها إلا الموحدون؛ لأن الجنة لا يدخلها إلا من سلم من الشرك، من سلم من نواقض التوحيد، من سلم مما يشوب توحيده وإيمانه.
ونبني القصور المشمخرات في السمـا وفي علمنا أنا نموت وتخربُ |
أموالنا لذوي الميراث نجمعهـا ودورنا لخراب الدهر نبنيها |
أي قصرٍ! تفتح قصور الجنة، أبواب الجنة يوم أن تفتح والملائكة هم الذين يستقبلون ويهنئون ويقولون: سلامٌ عليكم طبتم حياكم الله! طبتم بياكم الله! طبتم أكرمكم الله! نجاكم الله! هداكم الله! وفقكم الله! التحايا من الملائكة في البشارة والتهنئة لهذه الأقدام التي جازت على الصراط، والصراط الذي نصب على جسر جهنم، والكلاليب تخطف الناس عن يمينه وشماله، أليس حرياً أن يهنأ عابرٌ بعد أن جاوز هذا الصراط؟!
بلى والله، هذا المشهد العظيم، يقول فيه ربنا جل وعلا: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر:73] طابت أعمالكم، طابت أقوالكم، طابت عقيدتكم، أصبحت نفوسكم زكية، وقلوبكم طاهرة، فبرحمة الله ثم بهذا استحققتم أن تكونوا من أهل الجنة.
ثم يأتي أقوامٌ من المؤمنين يدنون قبيل دخولهم من الجنة، لكن تهذب نفوسهم، وتنقى أبدانهم، روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعضٍ مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمدٍ بيده لأحدهم أهدى بمنـزله في الجنة منه بمنـزله كان في الدنيا) أي كرامة! أي عزة! أي نعيم يوم أن تُصَفَّى يوم أن تُنَقَّى يوم أن تُطَهَّر ثم تدخل الجنة! أنت تعرف مكانك في الجنة كما تعرف بيتك لا تتعداه إلى بيت جارك ولا تقصر عنه إلى بيت جارٍ آخر، بل أنت أهدى لمنزلك في الجنة من هدايتك لمنزلك في الدنيا.
أيها الأحبة! إن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم :
هذا وأول زمرة فوجوههم كالبدر ليل الست بعد ثمانِ |
السابقون همُ وقد كانوا هنـا أيضاً أُلِي سبقٍ إلى الإحسانِ |
وقال في الزمرة الأخرى:
والزمرة الأخرى كأضوء كوكبٍ في الأفق تنظره به العينانِ |
أمشاطهم ذهبٌ ورشحهم فمسكٌ خالصٌ يا ذلة الحرمانِ |
أيها الأحبة! هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب، من هم؟ وكم عددهم؟
قال صلى الله عليه وسلم: (أعطيت سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجلٍ واحد) انظروا إلى هذا النبي البر الرحيم الحبيب بالأمة صلى الله عليه وسلم قال: (فاستزدت ربي) طلبت الزيادة، أريد أن يدخل أكثر من سبعين ألفاً من أمتي الجنة بلا حساب قال: (فاستزدت ربي عز وجل فزادني مع كل واحدٍ سبعين ألفا) صححه الألباني في صحيح الجامع، وفي مسند أحمد وسنن الترمذي وصحيح ابن حبان عن أبي أمامة بإسنادٍ صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً بلا حسابٍ عليهم ولا عذاب، مع كل ألفٍ سبعون وثلاث حثيات من حثيات ربي) صححه الألباني في صحيح الجامع وذكر في هذه الرواية زيادة (وثلاث حثياتٍ من حثيات ربي).
إن من معتقد أهل السنة والجماعة أن من كان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، ولم يأت بما ينقض التوحيد أو يوجب الشرك والكفر، فإنه لو دخل النار لا يخلد فيها بل يخرج منها ويدخل الجنة ولكن الله أعلم كم يمكث في هذه النار؟
روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناسٌ أصابتهم النار بذنوبهم أو قال: بخطاياهم فأماتتهم إماتة حتى إذا كانوا فحماً -حتى إذا كانوا بسبب لهيب النار وحرها ونارها وسمومها وعذابها- حتى إذا كانوا فحماً أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل: يا أهل الجنة! أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل) رواه مسلم ، ولـمسلم من حديث جابر بن عبد الله يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن قوماً يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارات وجوههم حتى يدخلون الجنة) رواه الإمام مسلم وهؤلاء الذين يخرجون من النار ويدخلون الجنة يسميهم أهل الجنة بالجهنميين، كما في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يخرج قومٌ من النار بشفاعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم فيدخلون الجنة يسمون الجهنميون) وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة الطويل في وصف الآخرة: (.. حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئاً ممن أراد الله أن يرحمه ممن يقول: لا إله إلا الله) والشرط تذكروا (من لا يشرك بالله شيئاً) قال: (فيعرفونهم في النار بأثر السجود، تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود، حرم الله على النار أن تأكله، فيخرجون من النار وقد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة؛ فينبتون منه كما تنبت الحبة في حميل السيل).
ما بال آخرهم خروجاً من هذا العذاب ودخولاً في بداية النعيم؟!
أتراه يظن أنه بقي له من النعيم شيء؟!
انظروا إلى حال عبدٍ من عباد الله في هذا الحديث الصحيح الطويل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (آخر من يدخل الجنة رجل يمشي مرة ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها -ذلك العبد الذي خرج من النار يمشي ويكبو ويسقط ويقوم- يلتفت إلى النار بعد أن جاوزها ويقول: تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين) يظن أن أنعم النعيم هو نجاته وسلامته من النار قال: (فترفع له شجرة فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها؟ فيقول: لا يا رب ويعاهد العبد ربه ألا يسأل الله غير البلوغ إلى هذه الشجرة، قال: وربه عز وجل يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه الله من هذه الشجرة، فيستظل ذلك العبد بظلها، ويشرب من مائها. فإذا استقر فيها رفعت له شجرة هي أحسن من الأولى فيقول العبد: أي رب أدنني من هذه الشجرة لأشرب من مائها ولأستظل بظلها لا أسألك غيرها فيقول الله جل وعلا: يا ابن آدم! ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها؟! فيقول الجبار جل وعلا: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيقوم العبد يعاهد ربه ألا يسأله غيرها، وربه تعالى يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه الله منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها. ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة -كل هذه الأماني كل هذه الطيبات قبل وصول باب الجنة- وهي أحسن من الأوليين فيقول العبد: أي رب! أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها يا رب! فيقول الله: يا ابن آدم! ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب لا أسألك غيرها وربنا عز وجل يعذره؛ لأن ذلك العبد يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه الله منها؛ فإذا أدناه الله من هذه الشجرة سمع أصوات أهل الجنة فيقول العبد: يا رب! أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم! وما الذي يرضيك أو يقطع مسألتك يا عبد! أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال العبد: يا رب! أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟! فضحك قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ فقال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟! فيقول: إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر
أيها الأحبة! الجنة نعيمٌ وخلودٌ وبقاءٌ لا فناء بعده: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً [الكهف:107-108].
وفي الحديث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس، ولا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه) رواه الإمام مسلم في صحيحه.
من هؤلاء الذين يبيعون الجنة بنعيم أعد الله فيه لأهل الجنة ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر؟!
جلس الصحابة رضوان الله عليهم ذات يوم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن بناء الجنة؟
فقال صلى الله عليه وسلم عليه وسلم في وصف الجنة قولاً لذيذاً جميلاً طيباً يقول صلى الله عليه وسلم: (الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها المسك الإذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه) رواه أحمد والترمذي وهو صحيح، وصدق الله حيث يقول: وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً [الإنسان:20] أما ما أخفاه الله عن أهل الجنة من نعيمها فشيءٌ عظيم لا تدركه العقول، ولا تصل إلى كنهه الأفكار، قال تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17].
وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، اقرءوا إن شئتم: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17]).
هل يستوي أولئك الذين يصومون النهار ويقومون الليل مع أولئك الذين ضيعوا صيامهم وناموا عن صلاة الفجر؟!
هل يستوي أولئك الذين يتعففون عن الحرام، وينتبهون كيف يدخلون الحلال مع الذين يجمعون المال بالرشوة وبكل سبيلٍ لا يبالون أمن حلال أم من حرام؟!
لا. ولأجل ذلك فإن من دخل الجنة ولو بعد خروجه من النار فإنه في درجاتٍ متفاوتة بينه وبين أهل الجنة السابقين، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (من آمن بالله وبرسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقاً على الله أن يدخله الجنة، جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا: يا رسول الله! أفلا نبشر الناس؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة) الجنة درجات، الجنة منازل، الجنة غرفٌ من فوقها غرفٌ منبية، ثبت في الصحيح عن أنس أن أم حارثة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتل ولدها حارثة في معركة بدر أصابه سهمٌ طائش فقالت: (يا رسول الله! قد علمت موقع
غرفاتها في الجو ينظر بطنها من ظهرها والظهر من بطنان |
سكانها أهل القيام مع الصيـام وطيب الكلمات والإحسانِ |
إن في الجنة عينان يشرب المقربون ماءهما صرفاً غير مخلوطٍ، ويشرب منها الأبرار الشراب مخلوطاً ممزوجاً بغيره، العين الأولى عين الكافور قال تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً [الإنسان:5-6].
والعين الثانية عين التسنيم قال تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ [المطففين:22-28].
ومن عيون الجنة عينٌ اسمها السلسبيل قال تعالى: وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً [الإنسان:17-18].
أيها الأحبة! وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26] اسألوا أنفسكم، ولنسأل أنفسنا في ماذا تنافسنا؟
في الأسهم! في العقارات! في المسابقات الوظيفية! في السيارات الفارهة! في متاع الدنيا! في حطامها الفاني! أموالٌ نجمعها لورثتنا، ودورٌ نبنيها لخراب دهرنا، والله إننا نضيع حظنا من الآخرة بحطامٍ فانٍ في الدنيا.
أما قصور الجنة، أما مساكن الجنة يقول تعالى: وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ [الصف:12] ويقول تعالى: لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ [الزمر:20].
أتحبون أن تعمروا دوراً في الجنة؟
أتحبون أن تشيِّدوا قصوراً في الجنة؟
(من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له به بيتاً في الجنة) بناؤك لمسجد ولو بقدر ما تقع فيه قطاة أو حمامة أو طير تجعله وقفاً لله يصلي فيه المسلمون سواءً في هذه البلاد أو في أي بلاد، تحرص أن يكون هذا المسجد يعبد الله فيه وحده ولا يشرك به شيئاً، أبشر بأن هذا من أسباب بناء الدور لك في الجنة.
في مسند أحمد عن ابن عباس بإسنادٍ صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة) وفي صحيح مسلم ومسند أحمد وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجة عن أم حبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعاً بنى الله له بيتاً في الجنة) يعني: الفقير الذي ما عنده ريالات أو دنانير أو دولارات أو دراهم يبني بها مسجداً يداوم على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة تطوعاً مع محافظته على الفرائض والواجبات فإنه بذلك يبنى له بيتٌ في الجنة.
قال ابن القيم:
للعبد فيها خيمة من لؤلؤٍ قد جوفت هي صنعة الرحمن |
ستون ميلاً طولها في الجـو في كل الزوايا أجمل النسوانِ |
يغشى الجميع فلا يشاهد بعضهم بعضاً وهذا لاتساع مكانِ |
فيها مقاصيرٌ بها الأبـواب من ذهبٍ ودرٍ زين بالمرجان |
وخيامها منصوبة برياضها وشواطئ الأنهار بالجريانِ |
ما في الخيام سوى التي لو قابلت للنيرين لقلت منكسفانِ |
يعني: ما في الخيمة إلا حورية لو قابلت الشمس والقمر لسطع نورها أمام الشمس والقمر وقلت: إن الشمس والقمر منكسفان منخسفان:
لله هاتيك الخيام فكم بها للقلب من عُلقٍ ومن أشجانِ |
فيهن حورٌ قاصرات الطـرف خيراتٌ حسانٌ هن خير حسانِ |
خيرات أخلاقٍ حسانٌ أوجهاً فالحسن والإحسان متفقانِ |
قال العلماء: ليس في الجنة ليلٌ ولا نهار، وإنما هم في نورٍ دائماً وأبداً، ويقول الله جل وعلا: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً [مريم:62] فهل يدل ذلك على أن في الجنة ليلٌ ونهار؟
قال العلماء: إنما هو نورٌ دائم وإنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب، ذكره ابن الجوزي .
ويقول ابن تيمية في هذه المسألة: الجنة ليس فيها شمسٌ ولا قمر، أين الشمس والقمر؟ يكونان ثورين يكوران في النار، الله أكبر هذه المخلوقات العجيبة أين تكون؟ هذه الجبال والشمس والقمر والسماء، الله أكبر! وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً [طه:105] تنتهي قبل بلوغ هذه المرحلة: وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل:88].. وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ [المرسلات:10] هذه الجبال العظيمة الرواسي لو جمعت جيوش الأرض منذ أن قامت الساعة إلى يومنا هذا ليزيلوا جبال بقعة من بقاع الأرض ما أزالوها، لكن الله جل وعلا: وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ [القارعة:5] ترى الجبال متطايرة كأنها الصوف المتطاير من شدة الهول: إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ [الانفطار:1-4] ، إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ [التكوير:1-2].
كل هذه الكواكب وكل هذه الأفلاك، وكل هذه المخلوقات العظيمة التي هي أعظم من خلق الأرض ومن عليها وما فيها تتطاير وتنتهي وتزول حتى البحار تتفجر وتشتعل ناراً: وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير:6] أي: تشتعل بالنار.
أيها الأحبة! قلنا: إن الشمس والقمر غير موجودين في الجنة أو لا يوجد ليلٌ ولا نهار وإنما هو نورٌ -كما يقول ابن تيمية- والجنة ليس فيها شمسٌ ولا قمرٌ ولا ليلٌ ولا نهار، ولكن يعرف البكور والعشي بنورٍ يظهر من قبل العرش.
طعامنا إذا لم نجده نموت من الجوع، وإذا شبعنا أمرضنا وأتخمنا، ثم نخرجه عذرة وغائطاً وبرازاً في الخلاء والمراحيض، مشقة في كل الأحوال، مشقة في طلبه، مشقة في أكله، مشقة في هضمه، مشقة في إخراجه، ولو بقي الطعام لرضي الواحد أن يجز بطنه وأن يشق جوفه من أجل إخراج لقمٍ أكلها وكان يشتهيها، والشراب الذي نشربه نشربه ثم لو انحصرنا فلم نستطع أن نخرجه لرضينا أن تشق منا الأجواف لإخراجه، طلب الماء مشقة ولو فقدناه لهلكنا، ولو أودعناه أجوافنا مللنا منه حتى نخرجه هذا مثال الدنيا، أيها الأحبة! لكن طعام أهل الجنة، يقول ابن القيم فيه بنظمه الجميل في النونية : الكافية الشافية :
وطعامهم ما تشتهيه نفوسهـم ولحوم طيرٍ ناعمٍ وسمانِ |
وفواكه شتى بحسبِ مناهم يا شبعة كملت لذي الإيمانِ |
لحمٌ وخمرٌ والنسا وفواكهٌ والطيب مع روحٍ ومع ريحان |
وصحافهم ذهبٌ تطوف عليهم بأكف خدامٍ من الولدانِ |
وانظر إلى جعل اللذاذة للعيون وشهوة للنفس في القرآن |
للعين منها لذة تدعو إلى شهواتها بالنفس والأمران |
سبب التناول وهو يوجب لذة أخرى سوى ما نالت العينانِ |
أيها الأحبة! قد يقول قائل: أليس أهل الجنة لا يجوعون فلماذا يأكلون؟!
وقد يقول قائل: أليس أهل الجنة لا يظمئون فلماذا يشربون؟!
قد أورد القرطبي هذا وأورده كثيرٌ من السلف رضوان الله عليهم فقالوا: إن طعام وأكل أهل الجنة ليس عن جوع، وإن شرابهم ليس عن ظمأ، ولكنها لذات الأكل ولذات الشراب، فإذا شبعوا وأكلوا كان الأكل لذة، وكان تصريف هذا الطعام والشراب لذة قال ابن القيم في هذا :
هذا وتصريف المآكل منهـم عرقٌ يفيض لهم من الأبدانِ |
كروائح المسك الذي ما فيـه خلطٌ غيره من سائر الألوانِ |
فتعود هاتيك البطون ظوامـراً تبغي الطعام على مدى الأزمانِ |
لا غائطٌ فيها ولا بولٌ ولا مخطٌ ولا بصقٌ من الإنسانِ |
ولهم جشاءٌ ريحه مسكٌ يكون به تمام الهضم بالإحسانِ |
هذا وهذا صح عنه فواحدٌ في مسلم ولـأحمد الأثرانِ |
الله أكبر! أي هذا الخير! أي هذا النعيم! أي تلك النعم وتلك البركات وتلك الرحمات!!
قبل أن أجيب على ذلك نكمل شيئاً مما بقي من وصفها فأما أشجار الجنة الحدائق والنخيل ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها) هذه شجرة واحدة، وسدرة المنتهى في الصحيحين أيضاً قال صلى الله عليه وسلم (ثم انطلق بي حتى انتهيت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وورقها مثل آذان الفيلة، تكاد الورقة تغطي هذه الأمة -يشير إلى أمة كانت عنده صلى الله عليه وسلم- فغشيها ألواناً لا أدري ما هي، ثم أدخلت الجنة فإذا فيها حبايل اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك) وأما شجرة طوبى فشجرة عظيمة كبيرة تخرج منها ثياب أهل الجنة، ففي مسند أحمد وتفسير ابن جرير وصحيح ابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (طوبى: شجرة في الجنة مسيرة مائة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها) وقد دل على أن ثياب أهل الجنة تشقق عنها ثمار الجنة حديثٌ رواه أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر قال (جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أخبرنا عن ثياب أهل الجنة خلقاً تخلق أم نسجاً تنسج؟) صحابي يفكر في الثياب في الجنة فجاء يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل هي خلقٌ يخلق أم نسجٌ ينسج؟ فضحك بعض القوم الجالسين فقال صلى الله عليه وسلم: (ومم تضحكون من جاهلٍ سأل عالماً؟! ثم أكب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أين السائل؟ فقال: هو ذا أنا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: لا. بل تشقق عنها ثمرة الجنة).
وهذا رجلٌ آخر من أهل الجنة يتمنى أمنية، يتمنى الولد فيحقق الله له أمنيته في ساعة واحدة، حيث يتم الحمل والوضع في ساعة، روى الترمذي في سننه وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه بإسنادٍ صحيح عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه في ساعة واحدة كما يشتهي).
قال ابن عباسٍ ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصانِ |
فتثيرُ أصواتاً تلذ لمسمع الإنسان بالنغمات بالأوزان |
يا لذة الأسماع لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان |
أو ما سمعت سماعهم فيها غناء الحور بالأصوات والألحانِ |
واهً لذياك السماع فإنه ملئت به الأذنان بالإحسانِ |
واهً لذياك السماع وطيبه من مثل أقمارٍ على أغصانِ |
واهً لذياك السماع فكم به للقلب من طربٍ ومن أشجانِ |
واهً لذياك السماع ولم أقل ذياك تصغيراً له بلسانِ |
ما ظن سامعه بصـوتٍ أطيب الأصوات من حور الجنان حسانِ |
نحن النواعم والخوالد خيـرات كاملات الحسن والإحسانِ |
لسنا نموت ولا نخاف وما لنـا سخطٌ ولا ظغنٌ من الأضغانِ |
طوبى لمن كنا له وكذاك طوبى للذي هو حظنا لفظانِ |
ثم يقول ابن القيم ينادي أولئك الذين أشغلوا أو ضيعوا وفوتوا نعمة ذلك السماع والغناء اللذيذ في الجنة بأغاني المطربين والتافهين والساقطين والمهرجين والممثلين الماجنين وغيرهم يقول:
نزه سماعك إن أردت سماع ذياك الغنى عن هذه الألحانِ |
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحرم ذا وذا يا ذلة الحرمانِ |
إن اختيارك للسمـاع النازل الأدنى على الأعلى من النقصانِ |
والله إن سماعهم في القلب والإ يمان مثل السم في الأبدانِ |
والله ما انفك الذي هو دأبـه أبداً من الإشراك بالرحمنِ |
فالقلب بيتُ الرب جل جلاله حباً وإخلاصاً مع الإحسانِ |
فإذا تعلق بالسماع أصاره عبداً لكل فلانة وفلانِ |
وهذا والله صحيح الذين يسمعون الأغاني وهي ذكرهم -والعياذ بالله- بكرة وعشياً بعضهم يسمع الكلام عن الجنة فلا تدمع عينه شوقاً، ويسمع الآيات عن النار فلا يضطرب قلبه وجلاً وخوفاً، ثم يسمع صوتاً كأنه صوت البوم كأنه صوت الغربان، كأنه صوت الشياطين ولو صدر من بشر، ثم تجده يطرق ويبكي ويتكسر من هذا الغناء الدنيوي الساقط ويبيع حظه من الأخروي قال:
فإذا تعلق بالسماع أصاره عبداً لكل فلانة وفلانِ |
حب الكتاب وحب ألحان الغنا في قلب عبدٍ ليس يجتمعانِ |
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا تقييده بشرائع الإيمانِ |
واللهو خف عليهم لما رأوا ما فيه من طربٍ ومن ألحانِ |
قوت النفوس وإنما القرآن قوت القلب أنى يستوي القوتانِ |
ولذا تراه يحظ في النقصان كالجهال والصبيان والنسوانِ |
يقول: هذه الأغاني التي يسمعها أهل الدنيا هي حظ أهل النقصان
وألذهم فيه أقلهم من العقـل الصحيح فسل أخا العرفانِ |
يا لذة الفساق لست كلذة الأبرار في عقلٍ ولا قرآنِ |
فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اختر لنفسك يا أخا الفرقان |
حورٌ حسانٌ قد كملن خلائقاً ومحاسناً من أجمل النسوانِ |
هذه لكل من آذته زوجه، لكل من أشغلته زوجه، لكل من أراد جمالاً، لكل من أراد لذة، لكل .. ولكل .. ولكل من أراد .. مهما جمعت من الجمال فإنها فترة ثم تزول، ولذة ثم تنقضي، وبرهة ثم تفنى، ولكن اجعل أملك في رضا الله ثم في هذا النعيم المقيم، اجعل أملك فيما عند الله من الحور:
حورٌ حسانٌ قد كملن خلائقاً ومحاسناً من أجمل النسوانِ |
حتى يحار الطرف في الحسن الذي قد ألبست فالطرف كالحيرانِ |
ويقول: أي العبد الذي في الجنة:
ويقول لما شاهد حسنها سبحان معطي الحسن والإحسانِ |
والطرف يشرب من كئوس جمالها فتراه مثل الشارب النشوانِ |
كملت خلائقها وأكمل حسنها كالبدر بعد الست ليل الست بعد ثمانِ |
والشمس تجري في محاسن وجهها والليل تحت ذوائب الأغصانِ |
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من ليلٍ وشمسٍ كيف يجتمعانِ |
فيقول سبحان الذي ذا صنعـه سبحان متقن صنعة الإنسانِ |
لا الليل يدرك شمسهـا فتغيب عند مجيئه حتى الصباح الثاني |
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل يتصاحبان كلاهما أخوان |
وكلاهما أي: أنت وحوريتك في الجنة:
وكلاهما مرآة صاحبه إذا ما شاء يبصر وجهه يرياني |
فيرى محاسن وجهه في وجهها وترى محاسنها به بعيانِ |
حمر الخدود ثغورهن لآلئ سود العيون فواتر الأجفانِ |
والبرق يبدوا حين يبسم ثغرها فيضيء سقف القصر بالجدرانِ |
ولقد روينا أن برقاً ساطعاً يبدو فيسأل عنه من بجنان |
فيقال هذا ضوء ثغرٍ ضاحـكٍ في الجنة العليا كما تريانِ |
يسطع في الجنة نور فيعجب أهل الجنة ويقولون: ما هذا الذي سطع؟ فيقال: أهل المنازل العليا في الجنة، أحدٌ عنده حورية ابتسمت له فسطع نور ثغرها، الله أكبر! هذا ينبغي أن نعتقده عين اليقين، وحق اليقين، وعلم اليقين، ومن شك فيه أو تردد فيه ففي عقيدته خلل، في إيمانه شائبة، في إيمانه نقص، من الناس من تجده يتذبذب ويتردد حينما يأتي الكلام عن الأمور الغيبية، لا: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:1-3]، كلما صح من الغيب فيجب وجوباً لا تعذر بتركه أن تؤمن به إيماناً كاملاً حقاً:
ولقد روينا أن برقاً ساطعاً يبدو فيسأل عنه من بجنان |
فيقال هذا ضوء ثغرٍ ضاحـكٍ في الجنة العليا كما تريانِ |
لله لاثم ذلك الثغر الذي في لثمه إدراك كل أماني |
ريانة الأعطاف من ما ء الشباب فغصنها في الماء ذو جريانِ |
لما جرى ماء النعيم بغصنها حمل الثمار كثيرة الألوانِ |
أيها الأحبة! لا أستطيع أن أقرأ بقية ما وصفه ابن القيم في الحور العين، والله لقد وصف وصفاً عجيباً، ووصف وأنصحكم بشراء الكتاب ويباع بالمكتبات نونية ابن القيم المسماة: بـالكافية الشافية، كلام عن الحور العين من أول رأسها إلى أخمص قدمها ولكن ابن القيم يستحي رحمه الله رحمة واسعة إذ أنه لما بلغ بعض مواطن الجمال في النساء قال:
وإذا انحدرت رأيت أمراً هائلاً ما للصفات عليه من سلطانِ |
ما تكلم رحمه الله ابن القيم ! ولولا أننا في مسجد والمسجد مكتظٌ بالشباب لقرأت وأسمعتكم بقية هذه الأوصاف الجميلة، ولكن -أيها الأحبة- ماذا أقول وماذا أقرأ وكلنا وإياكم ننظر شيئاً ولا نستطيع قراءته ولكن أختم بأبياته التي قال فيها:
فاجمع قواك لما هناك وغمـض العينين واصبر ساعة لزمانِ |
يعني: هذا النعيم الذي ذكرناه، أتريده؟ اجمع! شمر! اجتهد! اعمل! اصبر على طاعة الله، واصبر عن معصية الله، واصبر على أقدار الله:
فاجمع قواك لما هناك وغمـض العينين واصبر ساعة لزمانِ |
ما ها هنا والله ما يسوى قلامة ظفر واحدة ترى بجنانِ |
ما ها هنا إلا النقار وسيئ الأخلاق مع عيب ومع نقصانِ |
همٌ وغمٌ دائمٌ لا ينتهي حتى الطلاق أو الفراق الثاني |
طبعاً هذا ليس لكل النساء؛ بل لبعضهن أصلحهن وهداهن الله!
والله قد جعل النساء عوانياً شرعاً فأضحى البعث وهو العاني |
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فإن تفعل رجعت بذلة وهوانِ |
أيها الأحبة في الله!
يا غافلاً عما خلقت له انتبـه جَدَّ الرحيلُ فلست باليقظانِ |
سار الرفاق وخلفوك مع الألى قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني |
ورأيت أكثر من ترى متخلفـاً فتبعتهم ورضيت بالحرمانِ |
لكن أتيت بخطتي عجزٍ وجهلٍ بعد ذا وصحبت كل أماني |
مَنَّتك نفسك باللحاق مع القعود عن المسير وراحة الأبدانِ |
ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا ماذا صنعت وكنت ذا إمكان |
ستعلم يوم ينكشف الغطاء الحقيقي في الآخرة، ماذا فرطت وماذا تساهلت؟ وماذا جنيت وماذا خسرت؟
وختاماً: أيها الأحبة! هل يعطى أهل الجنة أفضل من هذا؟ نعم.
هناك فضلٌ أعظم من هذا كله اسمعوه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير كله بين يديك، فيقول الله جل وعلا: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب! وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟! فيقول جل وعلا: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب! وأي شيء أفضل من ذلك؟! فيقول تعالى: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً) متفقٌ عليه.
أيها الأحبة! نعيم الجنة باعه شبابٌ بالمعاكسات، نعيم الجنة باعه شبابٌ بالمباريات! نعيم الجنة باعه الطماعون بالربا! والأسهم الربوية! نعيم الجنة باعه الجشعون بالأموال الحرام! نعيم الجنة باعه الكذابون بالغيبة والنميمة والوشاية والنقل السيئ، نعيم الجنة باعه الذين لا شغل لهم إلا أعراض الخلق والوشاية بالخلق! نعيم الجنة قد باعه مجانين! باعه مساكين! باعه حمقى! باعه غافلون! وما علموا أنهم يبيعون نعيماً عظيماً بلذة عاجلة حقيرة!
أرأيتم شاباً يضيع الجنة في لذة لحظة؟! جاء إلي في هذا الأسبوع شابٌ يقول: إني أريد أن أتوب إلى الله فقلت: ومم تتوب؟ قال يتسلط علي شيطاني ونفسي وهواي وجلساء السوء فلا يزالون بي حتى نسافر فنـزني -والعياذ بالله- ولا زال هذا الأمر أتردد فيه إلى الساعة فهل لي من توبة؟ وهل إلى خروجٍ من سبيل؟
فقلت: أيها الشاب! إن نعم الله عليك عظيمة والله لو كنت مشلولاً لما وجدت آلة تزني بها! لو كنت مقعداً لما وجدت قوة وصحة تزني بها! لو أخذ سمعك أو بصرك أو طرفك أو كلاك أو عرقٌ من عروقك أو شريانٌ من شرايينك أو شيء من بدنك لتمنيت ثلث العافية! ربع العافية! خمس العافية! عشر العافية! لا أن تزني في هذا الصحة التي أنت تتقلب فيها، ثم إن نعمة الله عليك عظيمة فإن الله قادرٌ أن يرسل إليك ملك الموت فيقبض روحك وأنت على تلك الباغية الزانية، كما حصل لبعض الشباب الذين حملوا جنائز من أحضان الباغيات، حملوا وجيء بهم في التوابيت إلى صالات المطارات، من ذا الذي يبيع هذا النعيم يا إخوان؟! من ذا الذي يضيع حظه من الجنة؟!
قال صلى الله عليه وسلم: (والله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يضع أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع) أنت تجلس في شاطئ محيط من المحيطات ثم تدخل أصبعك فيه فانظر ماذا يعلق! لا يعلق في الأصبع إلا القطرة التي نزلت، قطرة واحدة، معناه: أن هذه الدنيا، والآخرة هي البحر، فمن ذا يبيع الآخرة بقطرة؟! من ذا يبيع النعيم بلذة لحظة؟! ثم لذة زالت وبقي وثبت وما يزال وزرها مكتوبٌ محسوبٌ وشؤمها ينتظرك في نفسك أو في مالك أو عند فراق روحك واللذة ذهبت:
إن أهنى عيشة قضيتها ذهبت لذاتها والإثم حل |
فاتق الله فتقوى الله ما جاورت قلب امرئ إلا وصل |
ليس من يقطع طرقاً بطلا إنما من يتق الله البطل |
اعتزل ذكر الأغاني والغزل وقل الفصل وجانب من هزل |
ودع الذكر لأيام الصبا فلأيام الصبا نجمٌ أفل |
أما كفى ما مضى من العمر؟! أما كفى ما مضى من الغفلة؟! أما كفى ما مضى من الليالي الشخير والنخير من النوم ما قمنا نتهجد فيه لله لحظة؟
أما كفى من تلك الأيام بساعاتها وما فيها ضاعت ما أودعناها أعمالاً صالحة؟!
والله إننا مغبونون غبناً عظيماً، فأسأل الله جل وعلا أن يوقظ قلوبنا من رقدة الغافلين، اللهم خذ بأيدينا إلى طاعتك، اللهم خذ بأيدينا إلى مرضاتك، اللهم حبب إلينا طاعتك، وبغض إلى نفوسنا معصيتك.
إلهنا ربنا ومولانا وخالقنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى ألا تدع لهذه الوجوه الطيبة في هذا المقام رجالاً ونساءً ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حاجة هي لك رضاً ولنا فيها صلاحٌ إلا قضيتها.
اللهم لا تدع شاباً أيماً أو أنثى إلا زوجته، اللهم لا تدع أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا رزقته ذرية صالحة، بمنك وكرمك يا رب العالمين!
اللهم ثبتنا واسترنا، واهدنا وكن لنا وأعنا، اللهم توفنا وأنت راضٍ عنا، اللهم لا تكشف سترك عنا، اللهم لا تهتك أستارنا، اللهم آمن روعاتنا، واستر عوراتنا، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر المسلمين في البوسنة والهرسك، وفي الجزائر وفي تونس، وفي أثيوبيا، وفي إريتريا، وفي أرومو وفي فلسطين، وفي الهند، وكشمير، والفلبين وبورما وفي سائر البقاع يا رب العالمين!
اللهم اجعل لهم من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلوىً عافية.
اللهم انصرهم على أعدائهم، اللهم احفظ ذرياتهم، وأقم على الحق والكتاب والسنة دولتهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسلم تسليماً كثيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر