يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمداً صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد:
فالحمد لله قد انتهينا من الجزء الأول من المواريث، أي: أصحاب الفروض، تطبيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائد بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر).
وقد بينا بفضل الله سبحانه وتعالى كل أصحاب الفرائض، فلابد من إتقانها؛ لأن العلم ليس بكثرة المسائل، ولكنه نور يقذفه الله في قلب من يشاء، فأتقنوا المسائل ولا تستكثروا لأن الذي يميز طالب العلم عن غيره هو الإتقان، ولماذا يقال: العلماء الراسخون في العلم؟ لأنهم المتقنون.
فالأنصبة التي مرت معنا هي: النصف، ثم اضرب الكسر في اثنين لو ضربته في اثنين لأتتك كثير من الأنصبة.
فالنصف مثلاً تضرب المقام منه في اثنين، فينتج الربع، ثم اضربه في اثنين فينتج الثمن، فهذه الطريقة سهلة وميسرة، أي: الضرب في اثنين.
ثم ننتقل إلى الثلث، بالطريقة الأولى نفسها، نضرب المقام من الثلث في اثنين، فينتج لنا السدس، يبقى لنا الثلثان، وهذا فقط لوحده.
وهناك تفسير ثان لصاحب العصبة: وهو الذي ليس له فرض مقدر في كتاب الله.
فأبو الأم إذا مات الابن لا يعد وارثاً أصالة، وأفضل ما نسميه: جداً رحمياً.
إذاً: فالعصبات هم أقارب الميت الذكور الذين ليس بينهم وبينه أنثى.
وتعريف صاحب العصبة كما يلي: هو الذي ليس له فرض مقدر في كتاب الله، وإنما يأخذ الباقي، فيأخذ كل التركة بعد ما تقسم الفرائض.
أما العصبة السببية فهي بالولاء لمن أعتق، ولا نتكلم فيها كثيراً؛ لأن الكلام الآن كله على العصبة النسبية.
فإذا كان الميت ليس بينه وبين العاصب أنثى، فتسمى: عصبة نسبية، وبهذا يتبين لك خطأ العامة وهو شائع بين الإخوة الملتزمين، وهو أنه يدعو زوج أخته أو زوج ابنة خالته نسيباً، وهذا خطأ في اللغة ولا يصح؛ لأن نسيبك هو عصبتك الذين هم الأصول والفروع، أما هذا فيسمى: صهراً، ولذلك غاير الله بينهما في آية فقال: فَجَعَلَهُ نَسَبًا [الفرقان:54]، ثم قال: وَصِهْرًا [الفرقان:54]، فالمصاهرة هي: مسألة الزواج والنكاح، والنسب هو العصبة وتكون بأصل أو فرع.
فهنا العصبة السببية أقسام ثلاثة:
الأول: عصبة بالنفس. والثاني: العصبة بالغير.
والثالث: العصبة مع الغير.
والعصبة بالنفس هي أصعب واحدة فيهن؛ لأنه سيكون فيها أصول وفروع وحواش.
أما الأصول فهم الآباء وإن علوا، والفروع الأبناء وإن نزلوا، والمرأة بينا لا تكون عصبة إلا إذا نزلناها منزلة الذكر.
فالعصبة بالنفس سوف يدخل فيها الأصول والفروع والحواشي، ويكون الترتيب فيها: بنوة، ثم أبوة، ثم أخوة، ثم عمومة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر