إسلام ويب

أفغانستان جراح وآمالللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد أبرز الجهاد الأفغاني ضد روسيا حقائق عظيمة، ومصالح عديدة، ظهرت وتجسدت جلية في واقع الأمة الإسلامية، ومن ذلك: أنه انكسر في قلوب المسلمين رهبة الدول العظمى، وتبين لهم تحقق قوله سبحانه: (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز).

    1.   

    جراح المسلمين في أفغانستان

    الحمد لله ذي الملك والملكوت، الحمد لله ذي العزة والجبروت، الحمد لله الذي بنصره وبتمام قدرته وكمال عظمته أنهى على أرض أفغانستان آمال الروس القياصرة، الحمد لله الذي أذل بالموت رقاب الروس الجبابرة، فنقلهم بالموت من القصور في الكرملن إلى القبور في أرضه وتحت طيات التراب، نقلهم من القصور إلى القبور، ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود، ومن ملاعبة النساء والبغايا والغلمان إلى مقاساة الهوام والديدان، ومن التنعم بالطعام والشراب إلى التمرغ في العذاب والوحل والتراب. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي العزيز، الفعال لما يشاء إذا شاء كيف يشاء في الوقت الذي يشاء، قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:26] لا راد لحكمه، ولا معقب لأمره، ولا مانع ولا حائل لنصره جل وعلا، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [الأنعام:17-18] سبحانه وتعالى جل عن الشبيه وعن المثيل والنظير، لا كفء له ولا ند له، ولا شبيه له ولا مثيل له: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]. (إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل، وعمل الليل قبل عمل النهار، حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه). وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وقف في ميدان الوغى وساحة الشرف في ميادين الرجولة والبطولة يوم خرست الألسنة، ونطقت السيوف، وخطبت الرماح على منابر الرقاب، وقف ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم يقول بأبي هو وأمي: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب). اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، فهو الذي علم الأمة الكرامة والشهامة، والرجولة، ويوم أن غابت الأمة عن تعاليمه أذلها الله جل وعلا! اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، وسار على طريقه، واتبع سنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام! لقد كان من المنتظر أن يكون لقاؤنا اليوم هو اللقاء السابع من دروس سورة النور، ولكن يجب علينا أن نكون على مستوى أحداث أمتنا المكلومة المجروحة، فآثرت أن نطير سوياً على جناح السرعة لأمر الله جل وعلا إلى أرض أفغانستان الطاهرة.. إلى جبال أفغانستان وروابيها التي رويت بدماء الأبرار الأطهار.. إلى أرض المليون شهيد التي روت بدمائهم جبالها وصحاريها لإعلاء كلمة الله جل وعلا. أيها الأحباب! لقاؤنا اليوم بعنوان: أفغانستان جراح وآمال. بأي الجراح أبدأ؟ وعن أي الجراح سأتكلم؟ عن جراح المليون شهيد أم عن جراح المرأة التي غاب عنها زوجها أم عن جراح الأم التي كلم قلبها بموت شهيدها أم عن جراح الطفل الذي رأى أمه تقتل وتذبح ذبح الخراف أمام عينيه وبين يديه فراح يلتقم ثديها وقد فارقت الحياة، عن أي الجراح سأتكلم؟ هل سأتكلم عن جراح أفغانستان أم سأتكلم عن جراح أمة المسلمين التي تعتبر أفغانستان جزءاً مشلولاً من هذا الجسد الكبير الذي نزف وطال نزيفه، ومرض وغاب مرضه، وخدر وغاب تخديره ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؟! عن أي الجراح سأتكلم؟ هل أتكلم عن جراح المسلمين في يوغوسلافيا على أيدي الصرب الفجرة الكفرة الذين انقضوا على المسلمين والمسلمات بالسلاح الأبيض، يقطعون أثدية النساء، ويذبحون الرجال على مرأى ومسمع من الدنيا؟ أين مجلس الأمن؟ وأين هيئة الأمم؟ هل هذا حرام على المسلمين حلال للفجرة الكفرة؟! لا حول ولا قوة إلا بالله. لا إله إلا الله! المسلمون يذبحون ذبح الخراف على كل بقعة من أرض الله جل وعلا، في يوغسلافيا .. في كشمير .. في الفلبين، حتى في كثير من الدول العربية المسلمة -إنا لله وإنا إليه راجعون- امتلأت السجون والمعتقلات، ولا حول ولا قوة إلا برب الأرض والسماوات. ما الذي جرى وما الذي حدث؟ أيها الأحباب! عم البلاء، واشتد الابتلاء، واشتد سواد الليل، وهذه بشائر النصر بإذن الله، فإن أشد ساعات الليل سواداً هي الساعة التي يليها ضوء الفجر، وفجر الإسلام قادم لا محالة، يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8] .. هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة:33] ، ووالله لن تستطيع جميع الأفواه ولو اجتمعت على أن تطفئ نور الله جل وعلا فهل يضر السماء نبح الكلاب؟! سقطت ذبابة حقيرة على نخلة تمر عملاقة، وهمت الذبابة بالانصراف، فقالت الذبابة الحقيرة للنخلة العملاقة: أيتها النخلة! تماسكي فإني راحلة عنك، فقالت لها النخلة العملاقة: انصرفي أيتها الذبابة الحقيرة، وهل أحسست بك حينما سقطت علي لأستعد لك وأنت راحلة عني؟! إن جميع الأفواه لن تستطيع إطفاء نور الله ولو اجتمعت: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8].

    1.   

    الجهاد الأفغاني ميلاد جديد لهذه الأمة

    أيها الأحباب! لقد كان الجهاد الأفغاني ميلاداً جديداً لهذه الأمة التي نامت وغطت في نومها .. لقد كان الجهاد الأفغاني ميلاداً جديداً لهذه الأمة التي مرضت وطال مرضها .. لقد كان الجهاد الأفغاني ميلاداً جديداً لهذه الأمة التي مسخت وخدرت وغاب تخديرها. لقد كان صمود المجاهدين الأفغان ثلاثة عشر عاماً أمام هؤلاء الروس شرفاً تاريخياً ضخماً لا شك في ذلك، ولقد كان انهزام الدب الروسي الأحمر الغبي الوقح أمام هؤلاء الأطهار الأبرار حدثاً تاريخياً ضخماً، أضخم وأعظم من سابقه، ولكن -بالله عليكم- هل عرف المسلمون على ظهر الأرض حقيقة هذا الجهاد؟ لا إلا من رحم الله جل وعلا. كم من المسلمين لا يعرفون عن القضية الأفغانية شيئاً! كم من المسلمين لا يعرف قادة المجاهدين ولا يعرف عنهم شيئاً، في الوقت الذي لا يهدأ للإعلام بال ولا يقر له قرار على أتفه الأسباب، وأحقر الأخطار والمعلومات والأنباء، فيضج الإعلام كله على سباح أو لاعب كرة أو فاسق أو فاسقة، أو داعر أو داعرة، ويصك آذان المؤمنين الصادقين في الليل والنهار بأخبار الفاسقين والفاسقات، والساقطين والساقطات، والداعرين والداعرات، وكأن أحداث أفغانستان على كوكب آخر، وكأنها لا تعني المسلمين في شيء من الأشياء. ما هذا التساهل؟! ما هذا التجاهل لمن يقولون: لا إله إلا الله؟! لماذا كل هذا؟! هل وصل غياب المسلمين عن دينهم وعن واقعهم إلى هذا الحد؟! أسأل الله جل وعلا أن يبارك في لقاءاتنا هذه حتى تصل إلى المجاهدين في أرض أفغانستان، وقد وعدت بذلك إن شاء الله جل وعلا، لعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيها الشفاء، ونسأل الله أن يرزقنا الإخلاص، وأن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.

    الجهاد الأفغاني نموذج لإحياء روح الجهاد في سبيل الله

    أيها الأحباب! لقد أبرز الجهاد الأفغاني مجموعة من الحقائق الضخمة الكبيرة التي كانت في واقع هذه الأمة أفكاراً باهتة باردة لا تتعدى الكتب والصحف، فحولها الجهاد الأفغاني إلى واقع.. إلى حياة.. إلى منهج، ومن أعظم هذه الحقائق التي جسدها وأحياها الجهاد الأفغاني: روح الجهاد في سبيل الله. ماذا يعرف المسلمون اليوم عن الجهاد في سبيل الله الذي أصبحت الدعوة إليه تقابل بشيء من التعجب، بل لا أكون مبالغاً إن قلت: بل أصبحت الدعوة إليه تقابل بشيء من الإنكار الشديد؟ لقد حرص أعداء هذه الأمة على أن يحولوا بينه وبين هذه الأمة، وعلى أن يضعوا في طريقه العقبات والحواجز والسدود. وعلى ألا يربى جيل المسلمين على مائدة الجهاد، خشية أن يخرج من جديد خالد بن الوليد أو صلاح الدين أو مسلمة بن عبد الملك . أمر الله جل وعلا بالجهاد بعد الإيمان بالله في آية واحدة، فقال سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا) هل قرع النداء قلبك؟، هل قرع النداء سمعك يا من آمنت بالله جل وعلا؟! يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ [الصف:10] ما نوع هذه التجارة وما ربحها؟ وما راتبها؟ عباد الله! أستحلفكم بالله لو نودي علينا بتجارة نربح فيها الدولار والريال، هل سنتقاعس؟ لا والله. ما هي التجارة، وما هي نوعية هذه الصفقة التي يعرضها علينا ربنا جل وعلا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الصف:10]. تجارة تنجينا من عذاب أليم؟! ما هي يا رب؟ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:11] تجاهدون في سبيل الله لا في سبيل القوميات، ولا الوطنيات، ولا الأرض، ولا كل هذه النعرات الجاهلية، بل لتكون كلمة الله هي العليا، لرفع راية لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:11]. أيها الأحباب! إن الجهاد ذروة سنام الإسلام، كما في حديث معاذ الذي رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، أنه صلى الله عليه وسلم قال لـمعاذ : (ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قال: بلى يا رسول الله -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم- قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد). أيها الإخوة! إن مفهوم الجهاد في سبيل الله جل وعلا، لتكون كلمة الله هي العليا! الجهاد بدأ يتضاءل في حس المسلمين يوماً بعد يوم، حتى حولت الدعوة إلى الجهاد إلى كثير من الدعوات الفاجرة الباهتة كالدعوة إلى القومية.. إلى الوطنية.. إلى الديمقراطية.. إلى هيئة الأمم.. إلى مجلس الأمن.. إلى الطرق الدبلوماسية.. إلى المحافل الدولية، وهم يعلمون أن هذا كله يصرف المسلمين عن الحقيقة والوظيفة التي من أجلها أوجدهم الله، وأخرجهم الله جل وعلا، الوظيفة التي جسدها ربعي بن عامر رضي الله عنه رضي الله عنه أمام رستم قائد الفرس يوم أن قال له: من أنتم؟ وما الذي جاء بكم إلى أرضنا وبلادنا؟ فقال ربعي الذي اعتز بإسلامه وبدينه وعرف وظيفته وغايته التي من أجلها ابتعثه الله، فقال: (نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة)، هذه هي الوظيفة التي من أجلها أخرجت هذه الأمة، قال الله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110] لماذا؟ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]. وقال الله: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104]، وقال جل شأنه: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143] هذه هي وظيفة الأمة، ولن تنتصر الأمة بالشعارات البراقة، والدعوات بالدبلوماسية، ما فالجهاد هو الدواء الوحيد، هو العلاج الناجح الذي سيعيد للأمة مجدها، وسيضمد جراحها، وسيعيد للأمة ذاتها وكرامتها وهويتها التي مسخت منذ زمن طويل. إنه الجهاد في سبيل الله وحده، لا في سبيل الطاغوت، ولا في سبيل الأرض، ولا في سبيل النعرات الجاهلية الفاجرة، بل الجهاد في سبيل الله جل وعلا. وإن الكفار ليعلمون علم اليقين أن الإسلام هو المارد العملاق الذي بدأ يتململ من جديد، ولو هب من مرقده لأباد مدنية الشرق الملحدة الفاجرة، وحضارة الغرب الكافرة.

    ويمكرون ويمكر الله

    عباد الله! لقد سمعنا أن أمريكا مدت المجاهدين بالسلاح وبالمعونات وغيرها، فهل أمدتهم لسواد عيونهم؟ هل أمدتهم لحبها لهم؟ لا والله، ومن فهم ذلك فهو بعيد كل البعد عن واقع الأمة وحياتها، وعن المخططات التي تدبر للأمة في الليل والنهار، وما مدت أمريكا المجاهدين بالسلاح أو بغيره إلا لسببين اثنين: السبب الأول: هو إطالة مدة القتال لإجهاض روسيا التي هي في هذا الوقت القوة الوحيدة المجابهة لقوة هؤلاء الغربيين، فأرادت هذه القوة الغربية، إجهاض روسيا من الناحية العسكرية، ومن الناحية الاقتصادية، وهذا ما أقر به الكافر قبل المسلم من المحللين وغيرهم، والحرب الأفغانية هي السبب الرئيسي لإجهاض روسيا من الناحية الاقتصادية. السبب الآخر: لتطول مدة الحرب، فيقتل أكبر عدد من المجاهدين, وبذلك تكون أمريكا قد ضربت عصفورين بحجر واحد: إجهاض الروس، وقتل أكبر عدد من المجاهدين لطول زمن الحرب، وهذا هو ما صرحت عليه أمريكا نفسها، حيث أعلن مسئول كبير -نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط- فقال: لقد فوجئنا بانتصار الأفغان، وصدق الله إذا يقول: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120] هذا كلام الله جل وعلا.. كلام العليم الخبير وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120] يودون أن نكون معهم على الكفر والإلحاد حتى نكون سواء في بحر الزندقة والكفر والعياذ بالله! ولكن يأبى الله جل وعلا إلا أن يتم نوره، وأن يظهر نوره، قال الله: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف:182]، وقال: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30]، وقال: وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:21]، وقال: فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36] هذه حقيقة كبيرة جسدها الجهاد الأفغاني.. جسدها هؤلاء الذين عشقوا الجهاد في سبيل الله، وعشقوا الكرامة والسيادة والعزة والأنفة، ما وضعوا أنوفهم في التراب إلا لله جل وعلا، وعظمته وجلاله. ما هي قوة هؤلاء إلى قوة الدب الروسي الظالم الغاشم؟! نصرهم الله جل وعلا بأقل العدد، وأقل العتاد والعدد؛ لأنهم رفعوا أكف الضراعة إلى الله، واصطلحوا مع الله، ورفعوا لا إله إلا الله، ولا عيب أبداً أن يكون في الصف من اختلت عقيدته، ومن فسد دينه، ومن ابتدع، وهذه موجودة في كل بقعة من بقاع الأرض، وفي كل بلد من بلاد المسلمين، وهذا لا يمنع أن نحكم على هؤلاء بأنهم رفعوا راية لا إله إلا الله، وجاهدوا لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، فكان النصر من الله وإن طالت مدته لغربلة الصف، ولتمحيص القلوب، ورأب هذا الصدع، ولإلغاء هذه الخلافات التي تدب من حين لآخر بفعل شياطين الإنس والجن، ولكن وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:21].

    عشق الجهاد في سبيل الله

    أيها الأحباب! هؤلاء عشقوا الجهاد بكل قلوبهم، شيوخاً ورجالاً وشباباً ونساءً وأطفالاً، اسمعوا معي: فتاة أفغانية جميلة عشقت الجهاد وأحبته، يتقدم لخطبتها شاب أفغاني مترف غني موسر متنعم، لبس أنعم الثياب وترك الجهاد، وترك إخوانه على قمم الجبال بين القنابل والصواريخ المحرمة دولياً التي استعملها الدب الروسي الوقح لحرب أفغانستان، ولقتل رجالها وشيوخها ونسائها، ولإفساد أرضها وزرعها. يتقدم إليها هذا الشاب، ويجتمع أهل الأسرتين، وإذا بهم يفاجئون مفاجأة عجيبة، ما هي؟ تخرج هذه الفتاة المؤمنة بكامل حجابها، بنقابها وبغطاء وجهها، تخرج لتصفع الجميع صفعة قوية مؤلمة بهذه العبارة التي يشع من بين ثناياها حب الجهاد في سبيل الله، خرجت لتقول: لقد عاهدت الله ألا أتزوج إلا رجلاً بعضه في جنة الله، قد كسرت ذراعه أو كسرت ساقه في ميدان الجهاد في ميدان الشرف والبطولة والرجولة. وهذا طفل صغير عشق الجهاد وأحبه وهو في الثالثة من عمره، يأتي قائد روسي بمجموعة من الدبابات ليقتحم قرية من القرى، ويقتل أهل بيت بكامله، وينجي الله طفلاً من هذا البيت، فيرى أمه قد ماتت، ويرى أباه قد مات، ويرى إخوانه قد ماتوا، وينجي الله هذا الطفل صاحب الثلاث سنوات. أتدرون ماذا صنع هذا الطفل؟ خرج الطفل لا يهاب الموت، وكأنه لا يعرف شيئاً عن الموت، خرج هذا الطفل لينظر إلى هذا الدب الوقح الذي قتل أمه وأباه وإخوانه، ودمر وهدم بيته وعاد مرة أخرى إلى البيت، وأحضر علبة من الكبريت، وأقبل على أول دبابة ليحرقها بهذا الكبريت! ما هذا؟! من الذي علمه ورباه وأودع في قلبه حب الجهاد وحب الانتقام من الكفرة الفجرة؟! إنه الله جل وعلا: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].. وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى [الأنفال:17] . عباد الله! هذا بإيجاز الحقيقة الأولى، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل منا وإياكم صالح الأعمال، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.

    كسر الجهاد الأفغاني لحاجز الخوف والرهبة من القوى العظمى

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصابرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المجاهدين، وقائد الغر المحجلين والغر الميامين، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: فيا أيها الأحبة في الله! إن من الحقائق الضخمة التي أبرزها الجهاد الأفغاني: كسر حاجز الخوف والرهبة مما يسمى بالقوى العظمى، فقد كسر حاجز الخوف والرهبة من هاتين الدولتين المسميتين بالقوى العظمى، كسر الجهاد الأفغاني أنف الدب الروسي ووضعه في التراب، ووضع عليه أقدم النعال، لماذا؟ ليتعلم الناس -ويا ليت المسلمين يتعلمون- أن القوي العظيم هو الله جل جلاله. والله إن هذه القوى من أحقر وأضعف وأهون الخلق على الله، والله جل وعلا وحده هو القوي العزيز، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [الرعد:11] أين قوة هؤلاء إلى قوة الله؟! عباد الله! أنسيتم زلزال أرمينيا في أرض الروس؟ في سبع ثوان معدودات جعل الله عاليها سافلها، ودمرها على أهلها، بزلزال! وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31]. إن كل هذه القوى العظمى، وكل هذه الدول العظمى التي تعلقت بها قلوب المسلمين، وتوسدت إليها، ووثقت بها، ولجأت إليها وتوكلت عليها أكثر من توكلها على الله لا تساوي عند الله جناح بعوضة. (يا أيها الناس) نداء عام لكل الناس في كل زمان وكل مكان يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الحج:73] من أفراد.. من طواغيت.. من أمم.. من مجالس.. من هيئات.. من طرق دبلوماسية وغيرها. إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:73-74]، إن الله وحده هو القوي! ماذا فعل النمرود بن كنعان ؟ ماذا فعل فرعون؟ ماذا فعل أبرهة ؟ ماذا فعل أصحاب الأخدود؟ إن الله هو القوي العزيز، لا راد لحكمه، ولا معقب لأمره، ولا مانع لقضائه، ولا حائل بينه وبين نصره جل وعلا، هو الضار النافع، الخافض الرافع، المعطي المانع، المعز المذل، فلا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا خافض لمن رفع، ولا رافع لمن خفض، ولا ضار لمن نفع، ولا نافع لمن ضر، ولا معز لمن أذل، ولا مذل لمن أعز، فمن نصره الله فهو المنصور، ومن خذله الله فهو المخذول، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [الرعد:11] سبحانه وتعالى. لقد كسر الجهاد الأفغاني هذا الحاجز وهذه الرهبة، في القلوب الحية، وإلا فإن أصحاب القلوب الميتة ما زالوا كُثراً ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولا عزة إلا بالله، ولا نصر إلا من عند الله: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47] فينبغي أن يتبرأ المسلمون من كل حول طول إلا من حول الله وطوله، وأن يعودوا إلى الله، وأن يعلنوا الصلح مع الله، وأن يقولوا لله جل وعلا: اللهم إنا نبرأ من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التسليم إلا لك، ومن التفويض إلا إليك، ومن التوكل إلا عليك، ومن الصبر إلا على بابك، ومن الذل إلا في طاعتك، ومن الرجاء إلا لما في يديك الكريمتين، ومن الرهبة إلا لجلالك العظيم!

    1.   

    الحث على الجهاد في سبيل الله

    أيها الأحباب! لنا -إن شاء الله جل وعلا- عودة إلى أفغانستان جراح وآمال، وبإذن الله جل وعلا -إن قدر الله لنا البقاء، وإن قدر الله لنا اللقاء- سوف نعيش مع بعض أمجاد المسلمين.. مع حطين.. مع اليرموك، مع بعض تلك الأمجاد التي تناساها كثير من المسلمين، وأعتذر لكم أنني سأتوقف طويلاً عن دروس سورة النور، لنكون على مستوى أحداث أمتنا، ورحم الله جل وعلا من قال: يا قوم إن الأمر جد قد مضى زمن المزاح سموا الحقائق باسمها فالقوم أمرهم صراح سقط القناع عن الوجوه وفعلهم بالسر باح أرأيت لبناناً وما يجري به في كل ساح أرأيت شاتلا وصبرا والبراجن والطواح لم يخجلوا من ذبح شيخ لو مشى في الريح طاح أو كصبية كالزهر لم ينبت لها ريش الجناح ذبحوا الصبي وأمه وفتاتها ذات الوشاح عبثوا بأجساد الضحا يا انتشاء وانشراح وعدوا على الأعراض يخشوا قصاصاً أو جناح ما ثم معتصم يغيـ ث من استغاث به وصاح أرأيت كيف يكاد للـ إسلام في وضح الصباح أرأيت أقصانا وما هدم العدو وما استباح أرأيت أرض الأنبياء ما تعاني من جراح أرأيت كيف غدا اليهو د وكيف أحسنا الصياح غصبوا فلسطيناً وقا لوا ما لنا عنها براح لم يعبئوا بقرار أمن دانهم أو باقتراح عادت جيوشهم تهـ دد بالخراب والاجتياح لولا صلابة فتية غر بدينهم شحاح في أرض أفغان العريـ قة في البطولة والكفاح غنموا السلاح من العد ووقاتلوه بذا السلاح بسيوف سياف وحكمـ تيار أبطال للكفاح قد بيضوا وجه الحنيـ فة ليس ذلك بامتداح يا أمة الإسلام هبوا واعملوا فالوقت راح الكفر جمع شمله فلم والتفرق والصراخ فتجمعوا وتجهزوا بالمستطاع وبالمتاح يا ألف مليون وأيـ ن هم إذا دعت الجراح لا بد من صنع الرجا ل ومثله صنع السلاح لا يصنع الأبطال إلا في مساجدنا الفساح في روضة القرآن في ظل الأحاديث الصحاح من لم يعش لله عا ش وما استراح ولا أراح لا يستوي في منطق الـ إيمان سكران وصاح شعب بغير عقيدة ورق تذريه الرياح من خان حي على الصلا ة يخون حي على الكفاح يا إخوتي صبراً فالليل كاد يسفر عن صباح والليل إن تشتد ظلمـ ته نقول الفجر لاح والفجر إن يبزغ فلا نوم وحي على الفلاح يا ألله! يا ألله! يا ألله! يا أحد يا فرد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، لا إله لنا سواك فندعوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه، يا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى، ويا سامع كل نجوى، يا سامع الدعوات، ويا سامع الأصوات، ويا عالماً بما هو آت، ويا عالم الخفيات؛ انصر المجاهدين الأفغان، اللهم انصر المجاهدين الأفغان، اللهم اربط على قلوبهم، اللهم اربط على قلوبهم، اللهم اربط على قلوبهم. اللهم نجهم من الخلاف والفرقة! اللهم نجهم من الخلاف والفرقة! اللهم نجهم من الخلاف والفرقة! اللهم نجهم من شياطين الإنس والجن يا رب العالمين! اللهم أقر أعيننا بنصرك الذي وعدتنا! اللهم أقر أعيننا بنصرك الذي وعدتنا! اللهم أقر أعيننا بنصرك الذي وعدتنا! اللهم طمئن قلوبنا، واشرح صدورنا بنصرك يا رب العالمين! اللهم إنا قد دعوناك ومنك الإجابة، اللهم إنا قد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم انصر المسلمين في كل مكان، وردهم إلى الإسلام رداً جميلاً، أنت ولي ذلك ومولاه! اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756715187