أخبرنا محمد بن بشار أخبرنا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي أخبرنا شعبة عن عبد الله بن عبد الله بن جبر بن عتيك قال: سمعت أنساً بن مالك رضي الله عنه يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمكوك ويغتسل بخمسة مكاكي) قال أبو بكر : المكوك في هذا الخبر: المد نفسه ].
المكوك هو المد، وخمسة مكاكي، يعني: خمسة أمداد، يعني: ربما اغتسل بأكثر من خمسة أمداد، كما في حديث عائشة: (اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم و
حدثنا هارون بن إسحاق الهمذاني من كتابه حدثنا ابن فضيل عن حصين ويزيد بن أبي زياد عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجزئ من الوضوء المد، ومن الجنابة الصاع. فقال له رجل: لا يكفينا ذلك يا
قال أبو بكر في قوله صلى الله عليه وسلم: (يجزئ من الوضوء المد) دلالة على أن توقيت المد من الماء للوضوء أن ذلك يجزئ، لا أنه يجوز النقصان منه، ولا الزيادة فيه ].
أخبرنا محمد بن العلاء بن كريب الهمداني أخبرنا يحيى بن أبي زائدة عن شعبة عن ابن زيد - وهو حبيب بن زيد - عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بثلثي مد فجعل يدلك ذراعه) ].
أخبرنا محمد بن الوليد أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتوضأ من إناء واحد).
حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني أخبرنا أبو خالد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: (كنا نتوضأ رجالاً ونساءً، ونغسل أيدينا في إناء واحد، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].
يعني: أن هذا قبل الحجاب، أو أن النساء مع محارمهن من الرجال، واستدل بهذا المؤلف رحمه الله على أنه لا توقيت للماء، فكون الرجال يتوضئون مع النساء جميعاً فإن أحدهم سيصرف أكثر من الآخر، كذلك اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم مع عائشة يدل على أنه ليس هناك توقيت، ومن قال: إنه لا يجوز بأكثر من المد، ولا ينقص من المد، فهذا غير صحيح.
قال: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني أخبرنا المعتمر قال: سمعت عبيد الله عن نافع عن عبد الله : (أنه أبصر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون، والنساء معهم)، الرجال والنساء من إناء واحد كلهم يتطهر منه ].
هذا يدل على أنه لا توقيت، ولو كان هناك توقيت لكان بعضهم يقترف إثماً إن زاد أو نقص.
أخبرنا محمد بن بشار أخبرنا أبو داود أخبرنا خارجة بن مصعب عن يونس عن الحسن عن عتي بن ضمرة السعدي عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن للوضوء شيطاناً يقال له: ولهان، فاتقوا وسواس الماء) ].
قال المحقق: إسناده ضعيف ينفرد به خارجة بن مصعب وهو متروك، وكان يدلس عن الكذابين.
يعني: ضعيف جداً، فكيف يأتي به المصنف في صحيحه؟! أما عتي بن ضمرة فثقة من الثالثة كما في التقريب.
باب إباحة الوضوء والغسل في أواني النحاس.
أخبرنا محمد بن يحيى ومحمد بن رافع ، قال محمد بن يحيى : سمعت عبد الرزاق ، وقال ابن رافع : أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: صبوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن؛ لعلي أستريح فأعهد إلى الناس، قالت
هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه.
وفيه: بيان ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من المرض والشدة؛ لأنه قال: (صبوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن) والوكاء: هو الرباط يكون على فم القربة.
وفيه: دليل على أن الحمى تبرد بالماء كما في الحديث الآخر: (إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء).
وفيه: دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر يصيبه ما يصيب الناس من الأمراض، وأنه يأكل ويشرب ويمرض.
وفيه: دليل على أنه ليس إلهاً، وإنما هو عبد لله سبحانه، وأن الرب والإله هو الله سبحانه وتعالى، وهو منزه لا يلحقه مرض ولا يلحقه نقص ولا عيب سبحانه، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو عبد ضعيف يمرض ويموت، ويأكل ويشرب ويمشي في الأسواق، ولكنه عبد ورسول عليه الصلاة والسلام يطاع ويتبع، ولا يكذب عليه الصلاة والسلام.
وفيه: دليل على أن أواني النحاس والمعادن والخشب من أي نوع كان فهي طاهرة مباحة، وإذا توضأ من النحاس أو من معدن، أو من خشب، أو من الزجاج، أو من الحصى فهو جائز، إلا الذهب والفضة فلا يجوز للمسلم أن يتوضأ بأواني الذهب والفضة.
وفيه: أن السبع القرب لها مزية ولها شأن، فعدد آيات الفاتحة سبع، والسموات سبع، والأراضين سبع.
قال: [ حدثنا به محمد بن يحيى مرة قال: أخبرنا عبد الرزاق ، مرة قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة بمثله غير أنه لم يقل: (من نحاس) ولم يقل: (ثم خرج) ].
أخبرنا أحمد بن عبدة الضبي أخبرنا حماد -يعني ابن زيد - عن ثابت عن أنس : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بوضوء، فجيء بقدح فيه ماء أحسبه قال: قدح زجاج، فوضع أصابعه فيه، فجعل القوم يتوضئون الأول فالأول، فحزرتهم ما بين السبعين إلى الثمانين، فجعلت أنظر إلى الماء كأنه ينبع من بين أصابعه) قال أبو بكر : روى هذا الخبر غير واحد عن حماد بن زيد فقالوا: (رحراح) مكان الزجاج بلا شك ].
هذا من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما.
وفيه: علم من أعلام النبوة، حيث نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وتوضئوا وشربوا، وكانوا يقاربون السبعين والثمانين رجلاً، وملئوا كل إناء معهم.
وفيه: دليل على قدرة الله العظيمة، وأن الله لا يعجزه شيء، إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82].
وفيه: دليل على أنه لا بأس بالوضوء من إناء الزجاج، وأنه لا إسراف فيه كما توهمت الصوفية.
قال: [ أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا أبو النعمان أخبرنا حماد بهذا الحديث.
وقال في حديث سليمان بن الحارث : (أتي بقدح زجاج)، وقال في حديث أبي النعمان : (بإناء زجاج).
قال أبو بكر : والرحراح: إنما يكون الواسع من أواني الزجاج لا العميق منه ].
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي أخبرنا هشيم أخبرنا حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: (عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة يتوضأ منها، إذ جهش الناس نحوه، قال: فقال: ما لكم؟ قالوا: ما لنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، قال: فوضع يديه في الركوة ودعا بما شاء الله أن يدعو، قال: فجعل الماء يفور من بين أصابعه أمثال العيون، قال: فشربنا وتوضأنا، قال: قلت لـ
الله أكبر من أعلام النبوة، وأنه رسول الله حقاً، حيث نبع الماء من بين أصابعه، والركوة: هي شيء يصنع من الجلد.
وفيه: أنهم في غزوة الحديبية كانوا ألفاً وخمسمائة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ فجهش الناس إليه، يعني: جاءوا كأنهم يشكون من الحالة التي هم عليها، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما لكم؟ قالوا: ما عندنا ماء إلا ما بين يديك، فوضع يديه في الماء فجعل يفور الماء بين أصابعه أمثال العيون حتى توضئوا وشربوا) هذا من دلائل النبوة، ومن دلائل قدرة الله العظيمة.
وفيه: دليل على جواز الوضوء من الركوة المصنوعة من الجلد، وأن الأصل فيها الطهارة، كذلك المصنوعة من الخشب أو من الحجر أو من الزجاج أو من الخزف، إلا الذهب والفضة فلا يجوز.
قال: [ أخبرنا محمد بن رافع أخبرنا وهب بن جرير أخبرنا شعبة عن عمرو بن عامر عن أنس بن مالك قال: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقعب صغير، فتوضأ منه، فقلت لـ
القعب: كأنه إناء من خشب، ففيه: أنه لا بأس بالوضوء من إناء سواء كان من خشب أو من زجاج أو حجر أو حديد أو نحاس أو رصاص، إلا الذهب والفضة فلا يجوز.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ عند كل صلاة، لكن ثبت (عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح أنه صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد، فسأله
هذا الحديث أخرجه البخاري .
أخبرنا يحيى بن حكيم أخبرنا ابن أبي عدي عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس قال: (بت في بيت خالتي
قوله: (فبقيت رسول الله) يعني: راقبت.
هذا فيه جواز الوضوء من الجفان أو القصاع، والجفنة: هي القصعة، وقد تكون من الخشب أو من غيره، وهناك الجفان الكبار، مثل الجفان التي كانت الشياطين تصنعها لسليمان عليه الصلاة والسلام، والجفنة قد تكون صغيرة وقد تكون واسعة، وكذلك القصعة، فلا بأس بالوضوء بالجفان.
وفيه: أنه عليه الصلاة والسلام كان ينام على وضوء، وكان إذا استيقظ في أثناء الليل وبال كان يغسل وجهه ويديه ولا يتوضأ.
فقوله: (فتوضأ وضوءاً بين الوضوءين) يعني: هذا يدل على أنه قد توضأ من قبل، والوضوء بين الوضوءين هو الخفيف بينهما.
حدثنا أبو يونس الواسطي حدثنا خالد - يعني ابن عبد الله - عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغطية الوضوء، وإيكاء السقاء، وإكفاء الإناء)].
قوله: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغطية الوضوء) يعني: تغطية الإناء الذي فيه ماء الوضوء، وفي الحديث: (أمر صلى الله عليه وسلم بتخمير الإناء، وإيكاء السقاء، وإطفاء النار) .
[ قال أبو بكر : قد أوقع النبي صلى الله عليه وسلم اسم الوضوء على الماء الذي يتوضأ به. (وهذا من الجنس الذي أعلمت في غير موضع من كتبنا أن العرب يوقع الاسم على الشيء في الابتداء على ما يئول إليه الأمر في المتعقب؛ إذ الماء قبل أن يتوضأ به إنما وقع عليه اسم الوضوء؛ لأنه يئول إلى أن يتوضأ به ].
حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير ، وحدثنا أحمد بن سعيد الدارمي حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابراً يقول: حدثني أبو حميد قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن من النقيع غير مخمر، فقال: ألا خمرته، ولو تعرض عليه بعود قال
قال المحقق: أخرجه مسلم في الأشربة.
هذا الحديث فيه مشروعية تغطية الأواني لاسيما في الليل، فإن لم يجد شيئاً يعرض عليها عوداً، بإطفاء النار في الليل وإغلاق الأبواب.
أما ما ورد في الباب قبل هذا: (وإكفاء الإناء) فالظاهر أنه إذا لم يكن فيها ماء فيقلبها.
قوله: (وبالأوعية أن توكأ ليلاً). يعني: تربط.
قال: [ حدثنا أحمد بن منصور الرمادي أخبرنا حجاج -يعني ابن محمد - قال: قال ابن جريج : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال: قال أبو حميد : (إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأسقية أن توكأ ليلاً، وبالأبواب أن تغلق ليلاً) ].
يعني: المعنى يقتضي أنها توكأ حتى في النهار؛ لأنها إذا لم توكأ فمها ينزل الماء، وكذلك يدخل فيها هوام وحشرات.
والحديث أخرجه مسلم في الأشربة.
حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج أخبرني عطاء عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أغلق بابك، واذكر اسم الله؛ فإن الشيطان لا يفتح مغلقاً، وأطفئ مصباحك، واذكر اسم الله، وأوكئ سقاءك، واذكر اسم الله، وخمر إناءك، واذكر الله، ولو بعود تعرضه عليه) ].
هذا الحديث فيه مشروعية ذكر الله عند هذه الأشياء، عند إيكاء السقاء، وإطفاء المصباح، وغلق الأبواب، وتخمير الإناء.
قال: [ أخبرنا يوسف بن موسى أخبرنا جرير عن فطر بن خليفة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أغلقوا أبوابكم، وأوكئوا أسقيتكم، وخمروا آنيتكم، وأطفئوا سرجكم؛ فإن الشيطان لا يفتح مغلقاً، ولا يحل وكاءً، ولا يكشف غطاءً، وإن الفويسقة ربما أضرمت على أهل البيت بيتهم ناراً، وكفوا فواشيكم وأهليكم عند غروب الشمس إلى أن تذهب فجوة العشاء) ].
جاء في الحديث الآخر: (أنه احترق بيت على أهله في المدينة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وإن هذه النار عدو لكم فأطفئوها) فالفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم.
قوله: (وكفوا فواشيكم وأهليكم عند غروب الشمس إلى أن تذهب فجوة العشاء).
قال: (فجوة) وفي اللفظ الآخر: (كفوا صبيانكم حتى عند الغروب حتى تذهب فحمة العشاء).
قوله: (فواشيكم) لعلها صبيانكم، كما في اللفظ الآخر: (كفوا صبيانكم حتى تذهب فحمة العشاء).
قال: [ قال يوسف : فحوة العشاء، وهذا تصحيف، وإنما هو فجوة العشاء، وهي اشتداد الظلام.
قال أبو بكر : ففي الخبر دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بتغطية الأواني وإيكاء الأسقية؛ إذ الشيطان لا يحل وكاء السقاء، ولا يكشف غطاء الإناء، لا أن ترك تغطية الإناء معصية لله عز وجل، ولا أن الماء ينجس بترك تغطية الإناء؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلم أن الشيطان إذا وجد السقاء غير موكأ شرب منه، فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإيكاء السقاء، وتغطية الإناء، وأعلم أن الشيطان إذا وجد السقاء غير موكأ شرب منه، كان في هذا ما دل على أنه إذا وجد الإناء غير مغطى شرب منه ].
يعني: أن الحكمة من تغطية الإناء: هي منع الشيطان من أن يشرب من الإناء، وغير ذلك.
قال: [ حدثنا بالخبر الذي ذكرت من إعلام النبي صلى الله عليه وسلم إذا وجد السقاء غير موكأ شرب منه ].
قال: [ أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني أبو هشام أخبرنا إبراهيم بن عقيل بن معقل بن منبه عن أبيه عقيل عن وهب بن منبه قال: هذا ما سألت عنه جابراً بن عبد الله الأنصاري، وأخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (أوكوا الأسقية، وغلقوا الأبواب إذا رقدتم بالليل، وخمروا الشراب والطعام، فإن الشيطان يأتي، فإن لم يجد الباب مغلقاً دخله، وإن لم يجد السقاء موكأً شرب منه، وإن وجد الباب مغلقاً والسقاء موكأ لم يحل وكأ ولم يفتح مغلقاً، وإن لم يجد أحدكم لإنائه ما يخمر به، فليعرض عليه عوداً) ].
يعني: أن الحكمة من ذلك: أن الشيطان يشرب من الماء الذي لم يوكأ، أو لم يغط، ويدخل من الباب الذي لم يغلق.
باب بدء النبي صلى الله عليه وسلم بالسواك عند دخوله منزله.
حدثنا محمد بن بشار أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي ، وأخبرنا يوسف بن موسى حدثنا وكيع قالا: حدثنا سفيان ، وحدثنا محمد بن بشار حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا مسعر ، وحدثنا علي بن خشرم أخبرنا علي -يعني ابن يونس - عن مسعر كلاهما عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: قلت لـعائشة : (بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ إذا دخل البيت؟ قالت: بالسواك. وقال
قال المحقق: قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم .
هذا الحديث فيه استحباب البدء بالسواك عند دخول البيت، فإن من المواضع التي يستحب فيها السواك: عند دخول البيت، وعند الوضوء، وعند الصلاة، وهناك مواضع أخرى يستحب فيها السواك ويتأكد، والسواك في كل وقت مشروع، لكن في هذه المواضع يتأكد.
أخبرنا الحسن بن قزعة بن عبيد الهاشمي أخبرنا سفيان بن حبيب عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) ].
هذا في فضل السواك، وأن من فوائده: أنه يطهر الفم، ويرضي الرب؛ لأن الله تعالى أمر به على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو حصين بن أحمد بن يونس أخبرنا عنز -يعني ابن القاسم -أخبرنا حصين ، وحدثنا علي بن المنذر وهارون بن إسحاق قالا: حدثنا ابن فضيل ، قال علي : حدثنا حصين بن عبد الرحمن وقال هارون : عن حصين ، وحدثنا بندار أخبرنا ابن أبي عدي عن شعبة عن حصين ، وحدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي أخبرنا سفيان -يعني ابن عيينة - عن منصور ، وحدثنا أبو موسى حدثنا عبد الرحمن أخبرنا سفيان عن منصور وحصين والأعمش ، وأخبرنا يوسف بن موسى أخبرنا وكيع أخبرنا سفيان عن منصور وحصين كلهم عن أبي وائل عن حذيفة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل للتهجد يشوص فاه بالسواك)، هذا لفظ حديث هارون بن إسحاق .
لم يقل أبو موسى وسعيد بن عبد الرحمن : (للتهجد) ].
هذا الحديث صحيح، وفيه مشروعية السواك عند القيام من الليل، قوله: (يشوص) يعني: يدلك ويتسوك.
فالسواك مشروع عند القيام للصلاة، وعند القيام للتهجد.
أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد أخبرنا أبي عن محمد بن إسحاق قال: فذكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فضل الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضعفاً).
قال أبو بكر : أنا استثنيت صحة هذا الخبر؛ لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم ، وإنما دلسه عنه ].
يعني: المؤلف احتاط لنفسه فقال: إن صح الخبر، من أجل كون محمد بن إسحاق مدلساً، والأصح إنه مدلس، فيكون الحديث ضعيفاً، إلا إن صح سماعه وصرح به.
قال الألباني : قلت: إن ابن إسحاق مدلس، ولم يصرح بالتحديث، ولذلك خرجته في الضعيفة برقم (1503).
قوله: (فذكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري )، فـابن إسحاق لم يصرح بالتحديث عن الزهري، ولم يقل: سمعت الزهري أو غير ذلك من صيغ التحديث التي تدل على السماع الصريح بالتحديث.
أخبرنا محمد بن يحيى ، أخبرنا أحمد بن خالد الواهبي ، أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الله بن عبد الله بن عمر قال: (قلت: توضؤ
قال الألباني رحمه الله: [ رجال إسناده ثقات، وابن إسحاق مدلس كما ذكرت آنفا، ولكن قد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد والحاكم فالسند حسن، ولذلك خرجته في صحيح أبي داود ].
إنما فعل ابن عمر ذلك اجتهاداً منه واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد، وقال له عمر : فعلت شيئاً لم تكن تفعله! فقال: عمداً فعلته يا عمر. يعني: لبيان الجواز.
يعني: يشير إلى الحديث: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، يعني: أمرتهم أمر إيجاب؛ لأنه أمرهم أمر استحباب، لكن الذي نفاه هو أمر الإيجاب: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)، يعني: أمر إيجاب؛ لأن أمر الاستحباب هذا جاء في أحاديث.
قال: [ وقد أعلم صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر به أمته عند كل صلاة، لولا أن ذلك يشق عليهم، فدل هذا القول منه صلى الله عليه وسلم أن أمره بالسواك أمر فضيلة، وأنه إنما أمر به من يخف ذلك عليه دون من يشق ذلك عليه.
قال: أخبرنا علي بن خشرم ، أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزناد - وهو عبد الله بن ذكوان - عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثنا عبد الجبار بن العلاء وسعيد بن عبد الرحمن قالا: حدثنا سفيان - وهو ابن عيينة - بهذا الإسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن يشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء، والسواك عند كل صلاة)، لم يؤكد المخزومي تأخير العشاء ].
قال في تخريجه: [ أخرجه أبو داود وأحمد ومسلم ].
قوله: (تأخير العشاء) هذه ليست معروفة في الأحاديث، إنما جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تأخر في صلاة العشاء وناداه عمر نام النساء والصبيان خرج يقطر رأسه ماء قال: (إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) هذا المعروف في الحديث، يعني: لوقتها الأفضل؛ ولهذا قال العلماء: وتأخير العشاء إلى ثلث الليل أفضل من تقديمها، أما هذا الحديث فيه تأخير السواك والعشاء، لم يؤكد المخزومي ذلك، وهو راوي السند.
قال: [ أخبرنا علي بن معبد ، أخبرنا روح بن عبادة ، أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء).
قال أبو بكر : هذا الخبر في الموطأ عن أبي هريرة : لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك عند كل وضوء، ورواه الشافعي وبشر بن عمر كراوية روح ].
قال في تخريجه: [ قال مالك في الموطأ: إسناده صحيح وهو مخرج في الإرواء ].
والحديث ثابت، والمقصود: أن السواك مستحب، وفيه فوائد عظيمة، حتى إن بعض العلماء ذكر له أكثر من مائة فائدة، ومنها: أنه يذكر الشهادة عند الموت، ويطهر الفم، ويرضي الرب، وهو متأكد في أحوال: عند الصلاة، وعند الوضوء، وعند دخول البيت، وعند تغير الفم.
أخبرنا أحمد بن عبدة الضبي أخبرنا حماد - يعني ابن زيد - عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستن وطرف السواك على لسانه وهو يقول: عا عا) ].
المعروف في الحديث: (أع.. أع) المعروف في الحديث يتهوع، كأنه ذهب شيء من فتات السواك غلى حلقه فهو يتهوع.
قال في تخريجه: [ أخرجه البخاري من طريق أبي نعمان الحماد ].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر