يعتقد أهل السنة والجماعة ويشهدون أن دخول المؤمنين الجنة برحمة الله وفضله، وأن أحداً لا تجب له الجنة، وإن كان عمله حسناً، وعبادته أخلص العبادات، وطاعته أزكى الطاعات، وطريقه مرتضى، إلا أن يتفضل الله عليه فيوجبها له بمنه وفضله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة)، فدخول الجنة برحمة الله حتى الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن هذه الرحمة لها سبب وهو العمل الصالح والتوحيد والإيمان، فمن جاء بالسبب نالته الرحمة، ومن لم يأت به لم تنله الرحمة، وهذا ما جاءت به النصوص قال الله تعالى: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32]، وقال: جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17]، فالله حرم الجنة على الكافرين؛ لأنهم ليسوا من أهل رحمته، فقد يئسوا منها، وأما المؤمنون فهم من أهل رحمته ويدخلهم الله الجنة بسبب أعمالهم، والله تعالى هو الذي من على الإنسان بالعمل، ولولا أن الله وفقه للعمل لما عمل، وهو الذي خلق الإنسان ورباه بنعمه، وأعطاه السمع والبصر والفؤاد، ومن عليه بالإسلام، وهداه، وهذا فضل من الله، قال سبحانه وتعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ [النور:21].
وقال مخبراً عن أهل الجنة: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ [الأعراف:43]، فالهداية من الله.
ويشهدون أن من مات أو قتل فقد انقضى أجله المسمى له، قال الله عز وجل: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ [آل عمران:154]، وقال تعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78] ].
ويعتقد أهل السنة وأهل الحديث ويشهدون أن الله عز وجل أجل لكل مخلوق أجلاً، وأن نفساً لن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً، فلن يموت أحد حتى ينقضي أجله، ويستوفي رزقه، ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن روح القدس نفث في روعي-أي: في قلبي- أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)، وثبت في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود في قصة خلق الإنسان في بطن أمه أنه يأتيه الملك بعد أن يكون أربعين يوماً نطفة، ثم أربعين يوماً علقة، ثم أربعين يوماً مضغة، وهي مائة وعشرون يوماً أي: (أربعة أشهر)، فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، وجاء في اللفظ الآخر: يا رب! ما الرزق؟ فيكتب، يا رب! ما الأجل؟ ما الشقاء؟ وما السعادة؟ وهكذا، فلن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها الذي قدره الله لها، وإذا انقضى أجل المرء فليس له إلا الموت، قال الله عز وجل: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34]، وقال عز وجل: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:11]، وقال سبحانه: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا [آل عمران:145]، وهذا عام لكل ميت، سواء مات بسبب أو بغير سبب مات مثلاً لأنه قتل، أو مات بالسم، أو لأنه تردى من جبل، أو صدم، أو مات بمرض، أو مات على فراشه، فلم يمت في هذه الأسباب إلا لأنه قد انقضى أجله، ولهذا قال المؤلف: (ويشهدون أن من مات أو قتل فقد انقضى أجله المسمى)، وهذا خلافاً للمعتزلة الذين يقولون: إن المقتول قطع عليه أجله، فلو لم يقتل لاستمر في الحياة، فالمقتول عند المعتزلة له أجلان، أجل طويل وأجل قصير، فإذا قتل قطع عليه أجله الطويل، فهذا الكلام من أبطل الباطل؛ لأن الله قدر له أن يموت بهذا السبب، ولهذا قال الله عز وجل عن المنافقين: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ [آل عمران:154]، وذلك لما قتل من قتل في غزوة أحد من المسلمين، قالوا: لو أنهم لم يذهبوا لما قتلوا، فقال الله عز وجل: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ [آل عمران:154] أي: لو كنتم في بيوتكم وجاء الأجل فلابد أن تخرجوا للقتال؛ حتى توافوا آجالكم.
وقال تعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78] أي: ولو كان الإنسان في بروج مشيدة، وأخذ بجميع الاحتياطات، فإذا جاءه فلابد أن يموت.
وقال: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ [النحل:99-100] الآية ].
يعتقد أهل السنة وأهل الحديث أن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء، خالق الشياطين وخالق الملائكة، وخالق الآدميين، وخالق الحيوانات والدواب، كما قال سبحانه: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد:16].
وخلق الشياطين لحكمة، والشيطان: هو من لم يؤمن، فكل كافر من الجن يسمى شيطاناً، ومن آمن من الجن لا يسمى شيطاناً، ومن حكمة خلق الشياطين أنهم يوسوسون لبني آدم، ابتلاءً وامتحاناً ليتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من الكافر، والمجاهد لنفسه من غير المجاهد لها، خلقهم ليغووا بني آدم، ويزينوا لهم المعاصي ويحسنونها، ويترصدوا لهم، كما قال الله تعالى عن أبيهم إبليس: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:82]، وقال في آية الأعراف: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف:17]، وقال في آية أخرى: قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [الحجر:39]، فقال الله عز وجل: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [الحجر:42].
فأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الشياطين خلقهم الله وسلطهم على بني آدم لحكمة بالغة؛ ليتبين الصادق من الكاذب، ولينقسم الناس إلى مؤمن وكافر، قال الله عز وجل: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام:121].
وأن الله يسلطهم على من يشاء ويعصم من كيدهم ومكرهم من يشاء، قال الله عز وجل خطاباً لإبليس: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا [الإسراء:64-65].
وقال في الآية الأخرى: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [النحل:99-100]، فهذا ابتلاء وامتحان من الله عز وجل لعباده في هذه الحياة قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2].
يشهد أهل السنة وأهل الحديث ويعتقدون أن في الدنيا سحراً وسحرة، إلا أنهم لا يضرون أحداً إلا بإذن الله، خلافاً للمعتزلة الذين أنكروا السحر والسحرة، وقالوا: لو كان هناك سحرة وتجري على أيديهم الخوارق لالتبس الأمر في الأنبياء، فأنكروا خوارق السحرة، وأنكروا كرامات الأولياء؛ لأنها تلتبس بمعجزات الأنبياء، وهذا باطل فالسحر والسحرة موجودون، والله تعالى أخبر في القرآن الكريم بوجودهم، فقال تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] إلى أن قال: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [البقرة:102]، فالسحر والسحرة موجودون لكنهم لا يضرون أحداً إلا بإذن الله الكوني القدري، ومن تعلم السحر أو علمه أو فعله فقد كفر.
والسحر في اللغة: عبارة عنما خفي سببه ولطف مأخذه.
وفي الشرع: عبارة عن عزائم ورقى وعقد وأدوية وتمائم تؤثر في القلوب والأبدان فتمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه.
والسحر نوعان:
النوع الأول: سحر يتصل صاحبه بالشياطين، وحكم صاحبه أنه كافر؛ لأن الساحر الذي يتصل بالشياطين يعقد معهم عقد، يلتزم الساحر بمقتضى هذا العقد أن يكفر بالله عز وجل بأن يتقرب إلى الشيطان بالشركيات التي يريدها، كأن يطلب منه أن يلطخ المصحف بالنجاسة، أو يسجد له أو يتقرب إليه بما يريد، وبمقتضى ذلك فإن الشيطان يستجيب لمطالب الساحر، فيخبره عن بعض المغيبات الموجودة في البلد، وإذا أمره أن يلطم شخصاً لطمه أو أن يقتل شخصاً قتله.
إذاً: هناك عقد بين الساحر وبين الشيطان الجني، بمقتضى هذا العقد تكون بينهما خدمة متبادلة، وهذا النوع من السحر كفر.
والنوع الثاني: سحر لا يتصل صاحبه بالشياطين، لكنه يستعمل الأدوية ويعالج الناس ويضرهم ويأكل أموالهم بالباطل، فتجده يتخذ العلاج مهنة وهو ليس من أهلها، فكل من جاءه يشكو يقول له: عندي علاجك، ويأتي بأنواع من الأعشاب والأدوية فيقول له: هذا تدهن به، وهذا اشربه، وهذا اغتسل به وهكذا، فيأكل أموال الناس بالباطل وقد يضرهم بهذه الأدوية، فهذا حكمه أنه إذا استحل أكل أموال الناس بالباطل فقد كفر، وإن لم يستحلها فإنه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، أما الساحر الذي يتصل بالشياطين فإنه كافر ويجب قتله، وإذا قتل فإنه يكون كافراً في أصح قولي العلماء، وعلى هذا فلا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن مع المسلمين في مقابرهم.
وقيل: إن قتله حد لمنع شره وفساده، والصواب: أنه يقتل كفراً؛ لأنه كافر بالله عز وجل، وفي الحديث: (حد الساحر ضربة بالسيف). روي موقوفاً ومقطوعاً.
وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عماله أن يقتلوا كل ساحر وساحرة قال الراوي: فقتلنا ثلاث سواحر.
وصح عن حفصة أم المؤمنين أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت.
أما الساحر الذي لا يتصل بالشياطين فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل؛ لأنه يؤذي الناس ويأكل أموالهم بالباطل ويضرهم.
ولا يجوز الإتيان إلى السحرة، ولا سؤالهم ولا العلاج عندهم؛ لأن الإتيان إليهم رفع لمعنوياتهم وفي الحديث: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء فلن تقبل له صلاة أربعين يوماً).
وفي الحديث الآخر: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).
وفي الحديث أيضاً: (ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له)، والمريض سواء كان مرضه بالسحر أو بغيره، فإنه يعالج مرضه بالطرق المشروعة لا الممنوعة، أما النشرة: وهي حل السحر عن المسحور، فإن لها حالتان:
الحالة الأولى: حلها بسحر مثله فهذا حرام لا يجوز، وفي الحديث: (لا يحل السحر إلا ساحر).
الحالة الثانية: حل السحر بأدوية وعقاقير طبية، أو برقية شرعية: كآيات من القرآن أو أحاديث نبوية أو أدعية شرعية أو أدعية.
فمثال النشرة الجائزة ما روي عن بعض السلف: أنه يُقرأ في إناءٍ فيه ماء سبع آيات في السحر منها خمس آيات في سورة الأعراف وهي: فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الأعراف:118-122].
وآية في سورة طه: إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:69].
وآيتان في سورة يونس: قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [يونس:81-82].
فتقرأ هذه الآيات في إناء فيه ماء وتصب على رأس المسحور فيشفى بإذن لله، ويسن أيضاً قراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، وكذلك التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ويدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم! رب الناس أذهب الباس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً)، وكذلك يعالج بالعقاقير والأدوية.
فالساحر إذا سحر أو استعمل السحر واعتقد أنه يضر أو ينفع فإنه يكفر، ولو لم يعتقد أنه يضر وينفع، هذا هو الصواب، قال الله تعالى: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102]، وكذلك إذا تعلم السحر أو علمه؛ لأن الساحر الذي يتصل بالشياطين لابد أن يفعل الشرك.
قوله: (وإذا وصف ما يكفر به استتيب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه) هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، هل يستتاب الساحر أو لا يستتاب؟!
لأهل العلم فيها قولان أصحهما: أنه لا يستتاب الساحر؛ بل يقتل دفعاً لشره وفساده.
وقوله: (وإن وصف ما ليس بكفر أو تكلم بما لا يفهم نهي عنه، فإن عاد عزر، وإن قال: السحر ليس بحرام وأنا أعتقد إباحته وجب قتله؛ لأنه استباح ما أجمع المسلمون على تحريمه)، فوجب قتله لأنه كافر، نسأل الله السلامة والعافية.
الجواب: الجن هم ذرية إبليس، لكن من أسلم منهم لا يسمى كافراً، والكافر يسمى شيطاناً، قال الشاعر:
وسل أبا الجن اللعين فقل له أتعرف الخلاق أم أنت ذا نكران؟!
فإبليس أبو الجن كفر ولم يسلم فهو شيطان.
الجواب: قدس الله روحه بمعنى طهر الله روحه بغفران ذنوبه فهذا دعاء له بالمغفرة. وهو جائز.
الجواب: لا أعرف لهم قولاً خاصاً في الصحابة، إنما المعروف عن الخوارج أنهم ينصبون العداوة لأهل البيت، والروافض يغلون في أهل البيت، ويعبدونهم من دون الله، ويكفرون الصحابة، والنواصب بالعكس فهم كالخوارج ينصبون العداوة لأهل البيت، ويكفرون من خالفهم في الرأي من الصحابة، ولهذا كفروا علياً وعثمان .
الجواب: هذه العبارة ليست صحيحة، والعبارة الصحيحة هي كما قال الله: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، فالله تعالى يخلق بالكلام، فإذا أراد أن يخلق شيئاً قال له: كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، فهو يخلق بكلمة (كن) وليس بين الكاف والنون.
الجواب: لا، الحسن بن علي رضي الله عنه بويع له بالخلافة ستة أشهر، ثم تنازل لـمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، حقناً لدماء المسلمين، وصدق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)، فكانت ولايته ستة أشهر مكملة لخلافة الخلفاء الراشدين وهي ثلاثون سنة.
الجواب: من سب الله أو سب الرسول عليه الصلاة والسلام أو سب دين الإسلام فإنه كافر بإجماع المسلمين، فيقتل من غير استتابة؛ وإن ادعى التوبة فلا تقبل توبته على الصحيح في أصح قولي العلماء وهذا هو الصواب، حتى لا يتجرأ الناس على مثل هذا الكفر الغليظ، وهذا في أحكام الدنيا، أما ما بينه وبين الله فإن تاب توبة نصوحاً فالله يقبل توبة الصادقين، وإن كان كاذباً فلا يقبلها الله.
أما سب الصحابة ففيه تفصيل، إن كفّرهم أو فسقهم، فهذا كفر وردة؛ لأنه مكذب لله، لأن الله زكاهم وأعد لهم ووعدهم بالجنة، ومن كذب الله كفر.
أما إذا كان السب ليس تكفيراً، كأن يصفهم بالبخل أو الجبن مثلاً أو يسب الواحد والاثنين غير الخلفاء الراشدين فهذا فسق وليس بكفر.
الجواب: لا أعلم لهذا نصاً، ومعناها استجارة، كأنه يستجير به، أي: أستجير بالله ثم بك، فإذا كان يستجيره بشيء يقدر عليه فهذا من الأسباب، كأن تقول للشخص: أعذني من شر أولادك أو من شر زوجتك، فالاستعاذة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه لا بأس به، كذلك الاستجارة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه، كقول القائل: أجرني من هذا العدو، فهذا لا بأس به.
أما الاستجارة بالميت أو بالغائب أو بالحي الحاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك، وكذلك إذا استعان بحي حاضر فيما يقدر عليه وأسبابه ظاهرة أو دعا حياً حاضراً كأن يقول: يا فلان! أقرضني أو أعني على مصلحتي، أو أعني في بناء مزرعتي ، أو أعني على إصلاح سيارتي، فهذا ليس بشرك، أما من دعا ميتاً أو غائباً أو حياً حاضراً فيما لا يقدر عليه إلا الله فإن دعاءه يكون شركاً.
وكذلك الاستعاذة فإذا استعاذ بحي حاضر فيما يقدر عليه فهذا لا بأس به.
وكذلك الاستغاثة فإذا استغاث الغريق بسباح فلا بأس، أما إذا استغاث أو دعا ميتاً أو غائباً أو حياً حاضراً فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك.
الجواب: لا ينبغي للمسلم أن يستعين بالجن المسلمين؛ لأنه لا يعلم أحوالهم ولا يراهم، فإنهم قد يقولون له بأنهم مسلمون وهم منافقون، والجن أضعف عقولاً من الإنس، فإذا كان الإنس يكذبون وينافقون، فالجن يكذبون وينافقون، ولا ينبغي للمسلم أن يتمادى مع الجن كما يحصل من بعض القراء الذين يقرءون على المصروع، فيتكلمون مع الجني ساعتين أو ثلاث ساعات، ويطلبون منهم كذا، ويسألونهم عن أخبار كذا، فهذا لا ينبغي التمادي معه؛ لأنه فاسق معتد، والفاسق لا يصدق ولا يقبل خبره.
فلا ينبغي للإنسان أن يستعين بالجن؛ لأنهم قد يجرونه إلى ما لا تحمد عقباه كالشرك بالله.
الجواب: الواجب تبليغ ولاة الأمور عنهم ولا يقرون على هذا، فإذا تستروا ولم يظهروا شعائرهم ولم يعترفوا بمذهب الرفض فإنهم يتركون؛ فإن حكمهم حكم من أظهر الإسلام، فيعاملون معاملة المسلمين، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل المنافقين معاملة المسلمين، مثل: عبد الله بن أبي وغيره.
أما إذا أظهروا فسقهم ورفضهم، فيبلغ عنهم إلى المسئول في الدائرة، ويرفع أمرهم إلى ولاة الأمور، ويمنعون من إظهار شعائر الرافضة.
الجواب: لا ينبغي للقارئ ولا للراقي ولا لغيره أن يعتمد على كلام الجن؛ لأن الجن لا نعلم أحوالهم ولا يصدقون في أقوالهم، ولا في أخبارهم؛ لأن هذا الجني فاسق؛ لأنه اعتدى على هذا المصروع، فكيف يصدقه في خبره؟!
ولا ينبغي للقارئ ولا لغيره التمادي مع الجن في مثل هذا، إنما يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، يقرأ عليه ويأمره بالخروج من الإنسان وعدم العدوان عليه، أما التمادي معه والجلوس ساعتين وثلاث وسؤاله عن المغيبات وعن كذا فهذا لا ينبغي؛ لأنه قد يجره إلى ما لا يحمد عقباه، وقد حصل هذا من بعض القراء ومن غيرهم فتغيرت أحوالهم وصاروا يصدقون الجن، وحصلت منهم أفعالاً منكرة، نسأل الله السلامة والعافية.
الجواب: هذا الحديث أخذ به بعض أهل العلم فقالوا: إنه إذا شهد للإنسان عدلان ثقتان من أهل الخير والصلاح بالجنة وجبت له أخذاً بهذا الحديث، والصواب الذي عليه الجماهير: أنه لا يشهد لأحد بالجنة إلا الأنبياء أو من شهدت له النصوص.
الجواب: من قدم علياً على عثمان في الخلافة فهو أضل من حمار أهله، لأنه احتقر المهاجرين والأنصار؛ فإنهم قد أجمعوا على تولية عثمان رضي الله عنه وعلى بيعته بالخلافة، أما تقديم علي على عثمان في الفضيلة فهذه مسألة خفيفة وسهلة، وقد روي عن الإمام أبي حنيفة هذا القول، وروي عنه أنه رجع إلى قول الجمهور.
الجواب: نعم بايعه، ولا إشكال في هذا، وقد أجمع الصحابة على خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
الجواب: الصحابي وحشي كغيره من الصحابة، وإنما قتل حمزة قبل الإسلام، والإسلام يجب ما قبله ومن تاب تاب الله عليه، ولا إشكال في هذا، وأهل السنة يترضون عنه ويوالونه كسائر الصحابة.
الجواب: توضع اليدين على الصدر قبل الركوع وتوضع بعده؛ لأن وضعهما على الصدر إنما يكون في حال القيام، وكما أنه يضعهما قبل الركوع فكذلك يضعها بعده، أما في التشهد والجلوس بين السجدتين فإنه يضعهما على الفخذين، وهذا هو الصواب.
الجواب: هذا مخالف للنصوص وللواقع وللحس، قال الله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا [البقرة:275]، وفي الحديث: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم).
قال الله عز وجل: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:4-6].
فهذه نصوص واضحة في أن الشيطان قد يتلبس بالإنسان ويسكنه.
ومذهب المعتزلة وأهل البدع أنهم ينكرون تلبس الجني بالإنسي ويقولون: لا يمكن أن تدخل ذات في ذات، وهذا من أبطل الباطل، ويرد عليهم بما يلي:
أولاً: أن النصوص واضحة في هذا.
ثانياً: أن الجني روح خفيفة، ولا يستغرب دخول الذات الخفيفة في الذات الإنسانية.
مثال ذلك: الماء يجري في العود فهو ذات يجري في ذات، والنار تسري في الفحم؛ فهي ذات تسري في ذات، فالماء والنار ذاتان خفيفتان، وكذلك ذات الجني فهي روح خفيفة تسري في البدن، وهذا واقع.
فإنكار المعتزلة لمثل هذا إنكار باطل لا وجه له.
الجواب: الأوراد الشرعية معروفة، منها قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وقراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] مرة بعد كل صلاة، وثلاث مرات بعد المغرب وبعد الفجر.
ومنها التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، والاستعاذة بالله والالتجاء إليه، والإكثار من ذكر الله عز وجل كـ (باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم).
وهناك أذكار كثيرة، وأوراد مذكورة في كتب الأذكار ككتاب الأذكار للنووي ، والكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وكذلك رسالة في الأدعية والأذكار كتبها شيخنا الشيخ ابن باز رحمة الله عليه، وهناك مؤلفات في الأذكار يمكن للسائل أن يراجعها.
الجواب: اختلف العلماء في خلافة الصديق ، هل ثبتت بالنص أو بالاختيار والانتخاب؟ والذين قالوا بالنص اختلفوا أيضاً هل ثبتت بالنص الجلي أم بالنص الخفي؟! والصواب: أنه ثبتت بالاختيار والانتخاب.
أما خلافة عمر وعثمان وعلي فلا إشكال فيها ولا خلاف؛ لأنها ليست ثابتة بالنص، فـعمر ثبتت له الخلافة باستخلاف أبي بكر له، واتفاق الأمة والصحابة عليه، وعثمان ثبتت له الخلافة ببيعة أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار، وثبتت لـعلي الخلافة ببيعة أكثر أهل الحل والعقد، سوى معاوية وأهل الشام، فالخلفاء الثلاثة إنما ثبتت خلافتهم باختيار المسلمين وانتخابهم.
الجواب: فضائل الصحابة والخلفاء الراشدين موجودة في كتب السنة: في الصحيحين والسنن والمسانيد، حيث إن هذه الكتب تذكر الأحاديث والآثار التي فيها فضل الصحابة ومنزلتهم ومكانتهم، وكذلك في كتب العقائد: كالطحاوية، وكتابنا هذا عقيدة أهل السنة وأهل الحديث، والإبانة لـابن بطة وعقيدة اللالكائي ، وكتب السنة والاعتقاد، السنة للإمام أحمد ، والسنة لابنه عبد الله ، والسنة لـابن أبي عاصم وغيرها، فكتب العقائد وكتب الحديث فيها بيان مكارم الصحابة ومنزلتهم وفضلهم.
الجواب: لا منافاة بين النصوص، ففي قول الله تعالى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا [المنافقون:11]، بيان أن الأجل مكتوب، وأما حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يؤخر له في أجله، وينسأ له في أثره، ويبسط له في رزقه؛ فليصل رحمه) فمعناه: أن الله تعالى جعل صلة الرحم سبباً في طول العمر، والسبب والمسبب مكتوبان، فالله تعالى قدر الأسباب والمسببات، وقدر أن هذا يطول عمره بصلة الرحم، وهذا يقصر عمره بقطيعتها.
الجواب: لا يشهد لأحد بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص، أما الرؤى والمنامات فلا يعتبر بها، لكنها قد تكون من المبشرات خاصة إذا جاءت من الرجل الصالح لقوله صلى الله عليه وسلم (الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له)، أما أن يفتتن المسلم بها فلا يعمل بالمنامات.
الجواب: تعلم السحر وتعليمه شرك وكفر وردة، إذا كان يتصل بالشياطين، كما قال الله تعالى: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102]، لأن الذي يتعلم السحر ويتصل بالشياطين لابد أن يشرك بالله؛ لأن الشيطان يشترط على الساحر أن يكفر بالله بأن يتقرب بالشركيات، مثل: الذبح لغير الله، أو البول على المصحف أو دوسه بقدميه أو تلطيخه بالنجاسة، فالساحر مشرك لقوله صلى الله عليه وسلم: (ومن سحر فقد أشرك).
الجواب: ننصح النساء بالحجاب والتحجب، فتستر جسمها عن الرجال بأن تلبس العباءة وهي: ثياب فضفاضة واسعة غير ضيقة ولا واسعة الأكمام ولا تلفت أنظار الرجال إليها كالمزركشة، ولا تكن على الكتفين كما يصنع الرجال، فتضعها المرأة على رأسها ولا تتشبه بالرجال.
وعلى المرأة أن تستر يديها ورجليها -إما بالقفازين وإما بثيابها- عن الرجال الأجانب وأن تكون محتشمة متسترة فلا تتطيب، هذا هو الواجب على المرأة، وعلى أولياء أمورهن أن ينصحوهن بهذا. نسأل الله للجميع السداد.
الجواب: القاعدة أنه إذا اجتمعت مفسدتان لا يمكن تركهما، فإنه ترتكب المفسدة الصغرى، لدفع المفسدة الكبرى، مثال ذلك: إذا فعل ولي الأمر معصية فهذه مفسدة، فإذا أراد شخص أو جماعة أن ينكروا على ولي الأمر بالخروج عليه بالقتال، فهذه مفسدة كبرى؛ لأنه ترتب عليها مفاسد أعظم من المفسدة السابقة، فعندنا مفسدتان: المفسدة الأولى: مفسدة كون ولي الأمر فعل معصية مثل شرب الخمر أو ظلم أحد أو قتل أحد بغير حق، والمفسدة الثانية: الخروج على ولي الأمر، فإذا خرج عليه فإنه سيقاتلهم بجيشه، فيصير المسلمون حزبين، فتراق الدماء، وتفسد أحوال الناس ويختل الأمن، وتدهور سبل المعيشة كالتجارة والزراعة والاقتصاد والدراسة، ويتدخل الأعداء ويتربصون بهم الدوائر وتذهب ريح الدولة، وتأتي فتن لا أول لها ولا آخر تقضي على الأخضر واليابس.
فنصبر على المعصية، والنصيحة لأولياء الأمور تكون مبذولة من قبل العلماء وأهل الحل والعقد، فإن قبل فالحمد لله وإلا فقد أدى الناس ما عليهم أما الخروج على ولي الأمر بالقتال فلا يجوز.
ومن أمثلة ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه خرج مرة -ومعه بعض تلاميذه- فوجد قوماً من التتار يشربون الخمر، فأراد بعض تلاميذ الشيخ أن ينكر عليهم شرب الخمر، فمنعه الشيخ وقال له: إن هؤلاء اشتغلوا عن قتل المسلمين بشرب الخمر، فلو أنكرت عليهم لتفرغوا لقتل المسلمين، فكونهم يشربون الخمر مفسدة، وكونهم يقطعون رقاب المسلمين مفسدة أعظم، فأي المفسدتين نرتكب؟! ولهذا قال الشيخ: اتركهم يشربون الخمر؛ حتى يشتغلوا بشرب الخمر عن قتل المسلمين، فلا ينكر المنكر إذا كان يترتب عليه منكر أشد منه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر