إسلام ويب

فتاوى منوعة [21]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم استعمال القلم المطلي بالذهب

    السؤال: ما حكم استعمال القلم المطلي بالذهب؟

    الجواب: لا يجوز للإنسان أن يستعمل الذهب، سواء أكان ذهباً خالصاً أم كان مما يطلى به، فلا يستعمل الرجل الساعة من الذهب ولا القلم، والقلم من الذهب لا يجوز استعماله حتى للأنثى، فالمرأة والرجل لا يستعملان قلم الذهب، ولا نظارة الذهب، ولا مكحلة الذهب، وإنما يجوز للمرأة أن تتحلى بالذهب والفضة في يديها ورقبتها وأذنيها وأنفها ونحو ذلك، وليس لها أن تستعمل الذهب في المكحلة، ولا في النظارة، ولا في القلم، وكذلك الرجل لا يستعمل ساعة الذهب ولا المطلية بالذهب، وكذلك أواني الأكل والشرب والملاعق لا يستعملها الرجال ولا النساء، فذلك حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة ولا تشربوا في صحافهما؛ فإنها لهم في الدنيا -يعني: الكفرة- ولكم في الآخرة).

    1.   

    حكم ترك سجود السهو

    السؤال: صليت مع الإمام وقد كنت مسبوقاً بركعة، فلما سلم الإمام سلمت ناسياً، ثم تذكرت بعد السلام مباشرة فأكملت الصلاة، ولكن لم أسجد للسهو، فهل علي شيء لذلك؟

    الجواب: إن كنت تركت سجود السهو عامداً فصلاتك باطلة، وإن كنت تركته ناسياً؛ فإنك تسجد متى تذكرت وصلاتك صحيحة، وعند بعض أهل العلم أنه إذا طال الفصل، أو انتقض وضوؤه سقط السجود.

    1.   

    حكم القنوت في النوازل

    السؤال: ما صحة القول بنفي القنوت في النوازل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقنت بعد قنوته على من قتل أصحابه في بئر معونة؟

    الجواب: القول بالنفي يحتاج إلى دليل، فالأصل عدم النفي إلا بدليل.

    1.   

    كفارة اليمين في التحريم

    السؤال: هل قول الرجل: يحرم علي كذا وكذا فيه كفارة يمين مطلقاً أم أنه خاص بالنساء؟

    الجواب: إذا قال المرء: يحرم علي هذا الطعام، أو يحرم علي كلام فلان؛ فعليه أن يكفر كفارة اليمين، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1-2]، فبين أن التحريم فيه تحلة، وتحلة اليمين تكون بالكفارة، وهذه الآية نزلت لما حرم النبي صلى الله عليه وسلم العسل وقال: (لا أشرب العسل)، أو حرم سريته مارية القبطية ، فأمره الله أن يُكفِّر.

    فإذا حرم الإنسان شيئاً فإنه يكفر، وأما إذا حرم زوجته وقال: هي عليّ حرام، أو قال: هي علي كظهر أمي، فالصواب أن ذلك ظهار، وعليه كفارة الظهار، وهذا خاص بتحريم الزوجة.

    وقال آخرون: فيه كفارة يمين، روي هذا عن ابن عباس وغيره، والصواب أن تحريم الزوجة خاصة يكون ظهاراً، وأما تحريم غير الزوجة ففيه كفارة يمين، لكني أنصح إخواني ألا يحرم الإنسان على نفسه شيئاً من الطيبات، وخاصة الزوجة، ولا يحلف بالطلاق، فبعض الناس إذا جاءه ضيف حلف بالطلاق على أن يأكل ذبيحته، فما علاقة الزوجة بالضيف؟! فإذا كان ولا بد فلتعزم عليه، فإن قَبِل فالحمد لله، وإلا فاتركه ولا تحرجه، وإذا كان ولا بد من أن تحلف فاحلف بالله، فإن لزمك شيء كفرت كفارة يمين، وأما أن تحلف بالطلاق أو أن تحرّم فلا.

    1.   

    حكم صلاة المرأة بمحضر من الرجال

    السؤال: امرأة حضرتها صلاة المغرب، فكانت في محضر من الرجال في مكان عام، ولم تستطع أن تختفي عنهم في صلاتها، ولكنها خافت من فتنتهم لها، فهل يحق لها الصلاة دون السجود؟

    الجواب: لا يحق لها ذلك، لكن تبحث عن مكان آخر ولو أخرت الصلاة ساعة أو نصف ساعة، فالوقت طويل إذا كان ظهراً أو عشاء، فتنتظر حتى ييسر الله لها مكاناً بعيداً عن الرجال لتخشع في صلاتها، فتحاول أن تكون خلف سيارة أو غيرها، وأما أن تصلي دون السجود فلا تصح تلك الصلاة.

    1.   

    حكم قول: (مع خالص تحياتي)

    السؤال: ما حكم قول الشخص: مع خالص التحية، أو: مع خالص تحياتي؟

    الجواب: هذه تحية تليق بالإنسان لا أعرف فيها محذوراً.

    1.   

    حكم الصلاة خلف القانت في صلاة الفجر

    السؤال: إذا صلى إنسان مع أناس يداومون على القنوات في صلاة الفجر وهو لا يرى صحة القنوت إلا في وقت النوازل، فهل له إذا قنتوا ألا يقنت معهم ولا يرفع يديه؟

    الجواب: الصواب أنه يتابع الإمام ولو كان لا يرى القنوت، فقد كان الإمام أحمد رحمه الله لا يرى القنوت في الفجر، وإذا صلى خلف من يقنت قنت معه، جمعاً للكلمة، ودرءاً للفتنة، فلا يشذ ولا يخالف، فالخلاف شر، ولما صلى أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه بالناس في منى فقد اجتهد وأتم الصلاة، وصلى معه الصحابة، ومنهم ابن مسعود ، وكان لا يرى إتمام الصلاة، فلما سلم حوقل فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، وصليت خلف أبي بكر ركعتين -وصليت خلف عمر ركعتين، وصلى أيضاً خلف عثمان في أول خلافته ركعتين- فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان. فقيل له: فلماذا صليت خلفه؟ قال: الخلاف شر، أي: لا أريد أن أخالف وأشذ.

    فلا ينبغي للإنسان أن يشذ إذا صلى خلف من يقنت، بل عليه أن يقنت معه، وكذلك دعاء الختم في رمضان، فإذا ختم الإمام فإنك تصلي خلفه وتؤمن ولو كنت لا ترى ذلك، فدعاء الختم مختلف فيه بين العلماء، فبعض العلماء يراه مشروعاً، وبعضهم يراه غير مشروع، فإذا دعا الإمام عند الختم صليت معه، ولا تشذ كما يفعل بعض الشباب في المسجد الحرام، فإنهم إذا ختم الإمام جلسوا، وصاروا يتحدثون ويشربون القهوة، وهذا غلط، بل هو مخالفة وشذوذ لا ينبغي، فعليك أن تصلي خلفه، واترك رأيك لرأي الإمام؛ لأن الخلاف شر.

    فعلى هذا الرجل أن يصلي خلف من يقنت وإن كان لا يرى القنوت؛ لأن هذا فيه جمع للكلمة، والواجب على المسلمين أن يتحدوا، وأن تكون كلمتهم واحدة، ولا ينكر بعضهم على بعض في المسائل الخلافية، وليترك المأموم رأيه لرأي الإمام ولا يشذ، وهذا كله في الاختلاف في الفروع، فلو كان الإمام لا يرى أن خروج الدم ينقض الوضوء والمأموم يرى أنه ينقض الوضوء فعلى المأموم أن يترك رأيه، وكذلك إذا كان الإمام يرى أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء.

    وقد صلى الخليفة هارون الرشيد بالناس وقد احتجم حين أفتاه مفت بأن الحجامة لا تنقض الوضوء، وصلى خلفه أبو يوسف وكان يرى أن الحجامة تنقض الوضوء، فسئل أبو يوسف وقيل له: أصليت خلفه وقد احتجم ولم يتوضأ؟! فقال: هو أمير المؤمنين، فيجب أن أترك رأيي لرأيه، فصلى خلفه وترك رأيه؛ لأنها مسألة اجتهادية.

    1.   

    حكم ستر وجه الميت في قبره

    السؤال: هل ستر وجه الميت في قبره واجب أو مستحب؟

    الجواب: يستر وجه الميت في القبر ولا يكشف، إلا وجه المحرم، فقد جاء في الحديث: (لا تغطوا رأسه ولا وجهه؛ فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً)، فنهى عن ستر رأس المحرم، وأما غير المحرم فينبغي أن يستر جميع جسمه بما فيه الوجه والرأس، وتحل الأربطة عن الميت وتبقى على مكانها.

    1.   

    كيفية بعث المحرم يوم القيامة

    السؤال: كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم عن المحرم: (فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً) أي أنه يبعث ملبياً، وبين حديث عائشة: (يبعث الناس حفاة عراة غرلاً

    الجواب: المحرم مستثنى من ذلك، فهو يبعث يوم القيامة ملبياً، وليس هناك منافاة بين أن يكونوا حفاة عراة غرلاً وهو يلبي، أي: يزيد عليهم بالتلبية، ولكنه يكون مثل الناس حافياً عارياً غير مختون.

    1.   

    توجيه دخول قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد

    السؤال: كيف تجوز الصلاة في المسجد النبوي والعلماء يقولون: إن قبر الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل في المسجد منذ عهد الوليد بن عبد الملك ؟

    الجواب: الإشكال في الصلاة في المساجد التي فيها قبور هو أن يدفن الميت في المسجد، أو أن يبنى المسجد على القبر، وهذا لم يحصل في المسجد النبوي، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد، ولم يُبن مسجده على قبره، وإنما دفن في بيته، وكان البيت خارج المسجد، فجاء الوليد بن عبد الملك فوسع المسجد وأدخل البيت الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، وهذا غلط من الوليد ، لكن لا يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم مدفون في المسجد، ولا يقال: إن مسجده مبني على قبره.

    1.   

    ضابط قيام الحجة على من فعل ناقضاً من نواقض الإيمان

    السؤال: ما ضابط قيام الحجة على من فعل ناقضاً من نواقض الإيمان؟ وهل هناك نواقض لا يعذر أحد بجهله بها؟ وما هو أفضل ما كتب في هذا الجانب؟

    الجواب: قيام الحجة معناه: أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك، أو يبلغه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله ثم يخالف، قال الله تعالى: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام:19]، فمن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، وقال الله عز وجل: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15]، فمن بلغه الدليل فقد قامت عليه الحجة، وأما إذا لم يبلغه الدليل، أو كانت المسألة التي فعلها مسألة دقيقة خفية ومثله يجهلها فيكون معذوراً، كما في قصة الرجل ممن كان قبلنا الذي كان مسرفاً على نفسه، فلما حضرته الوفاة جمع بنيه وقال: أي أب كنت لكم؟ فأثنوا عليه، فقال: إنه لم يبتئر خيراً -يعني أنه لم يفعل خيراً- وأخذ عليهم العهود والمواثيق إذا مات أن يحرقوه، ثم يسحقوه ويطحنوه، ثم يذروه في البر، وفي لفظ: أن يذروا نصفه في البر ونصفه في البحر، وظن أنه يفوت على الله، وقال: والله لئن قدر الله علي وبعثني ليعذبني عذاباً شديداً. فلما مات أحرقوه، ثم سحقوه وطحنوا عظامه ولحمه، ثم ذروه في البر وفي البحر، فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر الله البحر فجمع ما فيه، وقال له: قم، فإذا هو إنسان قائم، فقال له: ما حملك على ذلك؟ فقال: مخافتك. قال: فما تلافاه غيرها.

    قال العلماء: إن الذي حمله على هذا ليس الإنكار، فهو لم ينكر البعث، ولم ينكر قدرة الله، ولكنه ظن أنه إذا وصل إلى هذه الحالة وأحرق وسحق فإنه سيفوت على الله ولا يدخل تحت القدرة، وكان يعتقد أنه لو ترك ولم يحرق فإن الله يبعثه ويقدر عليه، فغفر الله له لجهله وخوفه العظيم، فالذي حمله على ذلك ليس الإنكار وليس العناد، وإنما حمله على ذلك الجهل والخوف العظيم، فغفر الله له.

    فهذه مسألة دقيقة خفية بالنسبة إليه، فإذا كان الأمر الذي أنكره الإنسان من الأمور الدقيقة الخفية فإنه يُعلّم، وأما إذا كان يعيش بين المسلمين، وكانت المسألة واضحة، كأن يعبد غير الله -مثلاً- أو يذبح لغير الله وهو بين أظهر المسلمين يسمع القرآن، ويسمع النصوص؛ فإنه لا يعذر، فلو أن إنساناً يعيش بين المسلمين ثم فعل الزنا، فقيل له: لماذا تفعل الزنا؟ فقال: أنا جاهل لا أدري، فإنه يعذر؛ لأن المسألة واضحة، أو تعامل بالربا وهو يعيش بين المسلمين ثم قال: أنا جاهل لا أعرف حكم الربا، فهذا ليس بصحيح، أو سجد للصنم وهو بين المسلمين ثم قال: أنا جاهل، فهذا لا يعذر، وإنما يعذر في المسائل الدقيقة الخفية التي مثلها يجهلها مثله.

    وأما ما كتب في ذلك فقد كتب العلماء في ذلك في كل مذهب من المذاهب الفقهية، فالحنابلة والشافعية والمالكية والأحناف كتبوا ذلك في مؤلفاتهم في الفقه، وبوبوا (باب: حكم المرتد)، وهو الذي يكفر بعد إسلامه، وذكروا أنواعاً كثيرة من نواقض الإسلام ومن المكفرات، ومن أكثر من كتب في هذا: (الأحناف)، فقد كتبوا شيئاً كثيراً، حتى قالوا: إنه لو صغّر المصحف أو المسجد وقال: مصيحف أو مسيجد على وجه التحقير فإنه يكفر، ويكون هذا من النواقض، نسأل الله العافية.

    1.   

    حكم قطع المرء صلاته لرائحة من بجواره

    السؤال: هل يعذر المرء في قطع صلاته لوجود رائحة كريهة من أحد المصلين بجانبه إذا كانت مفسدة لخشوعه؟

    الجواب: إذا كان لا يستطيع تحمل ذلك فإنه لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، فبعض الناس لا يستطيع أن يتحمل ذلك، وقد قال لي بعض الناس: إنه فعل هذا، فإذا كان لا يستطيع تحمل ذلك وذهب الخشوع فإنه يكون معذوراً في هذا، ويكون الإثم على هذا الذي بجواره.

    1.   

    حكم إمامة من أكل ثوماً

    السؤال: إذا كان الإمام قد أكل ثوماً، فهل يجوز له أن يصلي بالناس؟

    الجواب: الحكم هنا يشمل الإمام وغير الإمام، والإمام يكون شأنه أشد؛ لأن الإمام ينبغي له أن يكون قدوة للناس؛ فلا ينبغي له أن يفعل هذا، وهذا لا يجوز للإمام ولا للمأموم، فلا يجوز للمرء أن يأكل الثوم والبصل ثم يدخل المسجد، سواء أكان إماماً أم مأموماً، والإمام قدوة للناس، فكيف يفعل هذا؟!

    1.   

    حكم الصلاة على العشب الأخضر

    السؤال: ما حكم الصلاة على العشب الأخضر الذي يُزرع في الحدائق والاستراحات؟

    الجواب: لا بأس بذلك، فالأصل أن الأرض كلها طاهرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا)، فما دام أنه يُسقى بماء طاهر فلا إشكال في ذلك.

    1.   

    حكم رفع الوجه عند الأذان

    السؤال: قال صاحب (الزاد): ويسن رفع وجهه عند الأذان، فهل هناك دليل أو أثر على ذلك؟

    الجواب: جاء في بعض الآثار أنه يرفع بعد الوضوء ويذكر الدعاء، وأما أن يرفع رأسه عند الأذان فلا أعلم له أصلاً، وإنما يستقبل القبلة.

    1.   

    حكم معرفة مواسم الزراعة ونحوها عن طريق النجوم

    السؤال: بعض الناس -خاصة أهل الزراعة من كبار السن- يعرفون موسم الزراعة وموسم الحصاد، وكذلك وقت المطر، وكل ذلك عن طريق النجوم، فما الحكم في هذا؟

    الجواب: لا بأس بمعرفة فصول السنة، ومعرفة وقت البذر وما أشبه ذلك عن طريق مواقع النجوم.

    والتنجيم ثلاثة أنوع:

    النوع الأول: الاعتقاد أن للنجوم تأثيراً في الأرض، وهذا شرك في الربوبية، وهو الشرك الذي كان عليه قوم إبراهيم.

    النوع الثاني: ألا يعتقد أن للنجوم تأثيراً، لكن يدعي بها علم الغيب،ويدعي أن في اجتماعها أو افتراقها، أو غيبتها أو طلوعها معرفة للغيب، فيدعي -مثلاً- باجتماعها وطلوعها موت عظيم، أو ولادة عظيم، أو غلاء الأسعار، أو وجود الأمطار، فهذا من دعوى علم الغيب، وهو شرك، وهذان النوعان يسميان علم التأثير.

    النوع الثالث: علم التسيير، وهو أن يستدل بالنجوم والشمس والقمر على معرفة فصول السنة، ومعرفة زوال الشمس، ومعرفة أوقات الصلوات، ومعرفة أوقات البذر، فهذا لا بأس به على الصحيح عند جمهور العلماء، وبعض العلماء منع من ذلك، والصواب أنه جائز، وقد كره قتادة تعلم منازل القمر، ولم يرخص فيه ابن عيينة ، ذكره حرب عنهما، ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق ، وهو الصواب الذي عليه جمهور العلماء، فتعلم منازل القمر لأجل معرفة أوقات الفصول، أو أوقات البذر لا بأس به، وأما وقت المطر فلا يعلمه إلا الله، ولا يستدل بالنجوم على وقت المطر، لكن يقول: إن الله أجرى العادة بنزول المطر في وقت طلوع النجم الفلاني، وأما أن يجزم فلا، وأما التوقعات فهي شيء آخر.

    1.   

    حكم هدم المسجد وبنائه في مكان آخر

    السؤال: رجل بنى مسجداً صغيراً على أرضه، وبعد مدة أراد أن يبني له عمارة على نفس الأرض التي عليها المسجد، بحيث يهدم المسجد ويبني مسجداً آخر في مكان آخر، فما حكم هدمه للمسجد؟

    الجواب: إذا دعت الحاجة إلى نقله -كأن يوسع مثلاً- فلا بأس بذلك بعد مراجعة المحكمة في هذا.

    1.   

    ما يعمل عند الطاعون

    السؤال: هل المرض الذي ظهر في منطقة جازان يأخذ حكم الطاعون من حيث عدم الذهاب إليها وعدم الخروج منها؟

    الجواب: هذا الحكم خاص بالطاعون، كما هو ظاهر الحديث: (إذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها).

    1.   

    شمول المنع من أذية المسلمين

    السؤال: هل النهي عن أكل الثوم والبصل خاص بالمسجد، أم يدخل في ذلك حضور صلاة الجماعة لمن صلى في البر أو السفر؟

    الجواب: كل مجتمع للناس لا ينبغي للإنسان أن يؤذيهم فيه حتى ولو في غير مسجد، فإذا كان في جماعة فلا يؤذهم؛ لأن أذية المؤمنين حرام، لكن المسجد أشد؛ لأنه أذىً للملائكة والآدميين، وأما في غير المسجد؛ فإنه يؤذي الآدميين.

    1.   

    حكم التيمم لخشية البرد

    السؤال: تيممت في نافلة مع وجود الماء، وذلك لخشية البرد، فما الحكم؟

    الجواب: إذا كنت تخشى على نفسك المرض ولا تستطيع أن تسخن الماء، أو كنت في مكان ليس عندك فيه ماء فتيممت فلا بأس بذلك، وأما إذا كنت تستطيع أن تسخنه فلا يصح الوضوء، ولا تصح بذلك صلاة النافلة ولا الفريضة ولا الجنازة ولا الجمعة، ولو خشيت خروج الوقت، فيجب عليك أن تسخن الماء وتصبر؛ لأنك مشتغل بشرط الصلاة، فالوضوء شرط لصحة الصلاة، وأما إذا كنت في مكان ليس فيه ما تسخن به، وكنت تخشى على نفسك من أن يقتلك البرد أو يزيد المرض فلا بأس بذلك، وإذا كانت عليك جنابة وكنت في البرية وليس عندك ما تسخن به فإنك تتوضأ وتخفف الجنابة، فتغسل مواضع الوضوء ثم تتيمم للباقي، فإذا وجد الماء بعد ذلك أو طلعت الشمس فعليك أن تغتسل.

    1.   

    حكم منع المرأة من الصلاة في المسجد

    السؤال: ذُكر لي أن صلاة المرأة في المسجد جائزة إلا لسبب شرعي يمنعها، ولكني رجل غيور، ولا أريد أن تخرج زوجتي، وأرغب أن تصلي في بيتها، فهل غيرتي هذه أعاقب عليها ولا أعذر بها، أم أني أعذر بها؟

    الجواب: حصل هذا لـعمر رضي الله عنه، فقد كان رجلاً غيوراً رضي الله عنه، فكان لا يمنع زوجته تأدباً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى كل حال فإنه ينبغي للإنسان ألا يمنع زوجته إذا لم يكن هناك مانع، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، فليتأدب مع النص.

    1.   

    أحكام قصر الصلاة

    السؤال: رجل يسكن في الرياض، وله غنم تبعد عن مسكنه ما يقرب من ثلاثمائة كيلو متر، فيذهب إليها أحياناً ويجلس هناك مدة أسبوع، وفي بعض الأحيان مدة شهر، فهل يقصر الصلاة مدة جلوسه عند الغنم وإن طالت؟

    الجواب: الصواب الذي عليه جمهور العلماء أن الإنسان إذا نوى الإقامة في مكان أكثر من أربعة أيام؛ فإن أحكام السفر تنقطع في حقه، ويصلي الصلوات من أول فريضة تماماً، والقصر إنما يكون إذا نوى الإقامة يومين أو ثلاثة أو أربعة، وأما إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فتنقطع عنه أحكام السفر.

    وبعض العلماء -كشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة- يرون أنه لا يزال يقصر حتى يرجع إلى بلده، لكن الذي عليه الجمهور والذي عليه الفتوى الآن: أنه إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام فإن أحكام السفر تنقطع عنه.

    وأما إذا كان لا يدري متى تنتهي حاجته فله أن يقصر، فمثلاً: لو أن إنساناً جاء يطلب غريمه أو له معاملة، وفي نيته أنه إذا انتهت المهمة اليوم فسأسافر أو غداً فكذلك، ولا يدري هل تنتهي أو لا، فإذا جلس مدة شهر أو شهرين فإنه يقصر، لكن إذا كان في البلد أو صلى مع من يتم فإنه يتم الصلاة، وإذا صلى وحده أو مع المسافرين قصر.

    1.   

    حكم الاكتفاء بغسل الجمعة عن الوضوء

    السؤال: هل يكفي غسل الجمعة عن الوضوء؟

    الجواب: فيه خلاف، فبعض العلماء يقول: إذا نوى ارتفاع الحدثين اندرج الأصغر في الأكبر، وقال آخرون: لا بد من أن يتوضأ؛ فالأحوط أن يغتسل غسلاً كاملاً كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، فيستنجي، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يغسل رأسه، ثم شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر، فهذا هو الأصل، وإن مس ذكره أو خرج منه ريح فإنه يعيد الوضوء، وهذا هو الأحوط.

    1.   

    حكم إخراج الزكاة عن الأموال التي تجمع لعمل خيري

    السؤال: جمعنا مبلغاً من المال لبناء مسجد، فهل نخرج الزكاة إذا حال عليه الحول ولم نشرع في البناء؛ لعدم اكتمال المبلغ؟

    الجواب: ليس فيه زكاة؛ لأنه يشترط في الزكاة أن يكون لها مالك معين، والمسجد ليس له مالك معين، فهذا عمل خيري فيه تبرعات جمعت لمسجد، أو لتحفيظ القرآن ونحوهما، فهذه ليس فيها زكاة.

    وأما إذا كان يجمع المال من ماله لعمل خيري ولم يخرجه حتى الآن فإنه يزكيه حتى يخرجه، ولا يجوز له أن يعدل، كأن ينوي الآن أنه يخرجه ثم يعدل، فما دام أنه لم يخرجه،وأن النقود من عنده فإنه يزكيه حتى يخرجه.

    1.   

    حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي

    السؤال: هل صحيح ما يذكر من أن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله كان يرى أن ركوب المرأة وحدها في السيارة مع السائق لا يعتبر خلوة؟

    الجواب: هذا ليس بصحيح، ومن نقل عنه هذا فقد أخطأ، بل هو خلوة.

    1.   

    حكم مس المرأة للطيب عند خروجها

    السؤال: هل للمرأة أن تمس طيباً إذا كانت لا تمر على مجمع رجال، بل تذهب إلى مكان نساء مباشرة، سواء في مسجد أو غيره؟

    الجواب: ليس لها ذلك، بل عليها أن تخرج كما جاء في الحديث: (وليخرجن تفلات) يعني: غير متطلبات، فإن تطيبت فإنها تمنع من الخروج.

    1.   

    حكم قول الخطيب: وا إسلاماه، وا قدساه، وا معتصماه

    السؤال: ما حكم قول الخطيب: وا إسلاماه، وا قدساه، وا معتصماه؟

    الجواب: قوله: وا معتصماه يعتبر شركاً؛ لأنه دعاء غير الله، فـالمعتصم ميت، وهو يدعو ميتاً، ومن دعا غير الله فقد أشرك، وأما قوله: وا إسلاماه فهو توجع.

    1.   

    حكم التبسم والضحك في الصلاة

    السؤال: صليت مع صديقي وأنا الإمام، وكان هذا الصديق فكاهياً مرحاً، فمال علي وأنا في الصلاة فغلبني الضحك، وتصبرت ومع ذلك خرج مني صوت يوحي بالضحك، ثم أتممت الصلاة، فماذا علي؟

    الجواب: إذا كان فعلك تبسماً فالتبسم لا يبطل الصلاة، وأما إذا كان ضحكاً فيه قهقهة فهذا يبطل الصلاة، وعند الأحناف تبطل الصلاة والوضوء جميعاً، ويقولون: من قهقه في الصلاة بطلت صلاته ووضوؤه، والصواب أن الوضوء لا يبطل إلا إذا أحدث فخرج منه ريح، وأما القهقهة فتبطل الصلاة، وأما إذا كان مجرد تبسم فلا تبطل الصلاة.

    1.   

    الفرق بين طيب الرجل وطيب المرأة

    السؤال: ما الفرق بين طيب الرجل وبين طيب المرأة؟

    الجواب: طيب الرجل هو: ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب المرأة: ما ظهر لونه وخفي ريحه.

    1.   

    حكم الصلاة في الثوب النجس نسياناً

    السؤال: إذا وجد الإنسان في سراويله نجاسة فما حكم الصلاة التي صلاها وهو لا يعلم بالنجاسة؟

    الجواب: إذا صلى الإنسان ثم وجد نجاسة في ثوبه -سواء علمها ثم نسيها، أو جهلها- فالصلاة صحيحة، وأما إذا وجد في ثوبه نجاسة في الصلاة فإنه إن استطاع أن يلقي الثوب الذي عليه فليلقه وليستمر في صلاته، وذلك كأن يجد دماً في منديل، فإنه يلقيه، أو في غترة فليلقها، وأما إذا كان في ثوبه ولا يستطيع خلعه فإنه يقطع الصلاة ويغسله ثم يصلي، وإذا لم يعلم به إلا بعد الصلاة فالصلاة صحيحة، والدليل على هذا ما ثبت من (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه وصلى الصحابة في نعالهم، ثم خلعها في أثناء الصلاة فخلع الصحابة نعالهم، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال عليه الصلاة والسلام: إن جبريل أخبرني أن بها أذى)، ولم يعد أول صلاته حينما صلى وفي نعليه أذى؛ لأنه لم يعلم، فدل هذا على أن الإنسان إذا صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلمها فصلاته صحيحة.

    1.   

    تقديم الصف الأول على القرب من الخطيب

    السؤال: هل الأفضل هو الأقرب من الخطيب يوم الجمعة أم الذي في الصف الأول؟

    الجواب: الذي في الصف الأول.

    1.   

    استخدام نغمات الموسيقى في الجوالات

    السؤال: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصحب الملائكة رجل معه كلب أو جرس) هل يدخل فيه الآن من يحمل الجوال ويجعل نغمته من النغمات التي فيها الموسيقى والغناء؟

    الجواب: يخشى عليه من هذا، والموسيقى عموماً ممنوعة من جهة ما فيها من الطرب، ولا ينبغي للمسلم أن يختار هذه الأصوات، ولا سيما في المسجد، بل ينبغي للإنسان أن يغلق الجوال؛ كي لا يشغل الناس، حتى وإن كان صوته مباحاً، فكيف إذا كان صوتاً منكراً؟!

    1.   

    حكم احتجاب المرأة ممن قارب الاحتلام

    السؤال: لي أخ عمره اثنتا عشرة سنة وزوجتي تكشف وجهها أمامه، فما حكم ذلك؟

    الجواب: ينبغي أن تحتجب منه؛ لأن هذا مقارب، فقد يكون بالغاً محتلماً، وقد ينبت شعره ولو كان ابن اثنتي عشرة سنة، فقد يبلغ في هذا السن، ولهذا ينبغي أن تحتجب المرأة ممن قارب الاحتلام، فإذا كان ابن عشر سنوات يفهم فينبغي أن تحتجب منه.

    1.   

    حكم دعاء الرجل بهلاك أولاد من ظلمه

    السؤال: إذا دعا الرجل على من ظلمه، أو على من جاهر ببعض الكبائر بأن يهلك الله أولاده أو يمرضهم، فهل يستجاب مثل هذا الدعاء، مع أنه لم يقع منهم تعد أو ظلم عليه؟

    الجواب: ليس له ذلك، ولا ينبغي للإنسان أن يدعو عليه، بل ينبغي أن يدعو له بالهداية، ومن ظلمه ينبغي له أن يعفو عنه، فإذا عفا عنه فهو أفضل، قال تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237]، وقال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]، وقد يدعو على من ظلمه ثم يزيد في الدعاء، فيأخذ المدعو عليه الزيادة منه.

    1.   

    حكم جمع العصر مع الجمعة للمسافر

    السؤال: هل يجوز جمع العصر مع الجمعة للمسافر؟

    الجواب: لا يجوز، فالجمعة لا يجمع معها شيء آخر، فيصلي الجمعة لوحدها، ويصلي العصر في وقته ركعتين.

    1.   

    حكم اختلاط المرأة مع الرجل في ميادين العمل

    السؤال: ما توجيهكم حول ما يلقى في المجتمع من شبهات حول خروج المرأة واختلاطها بالرجال في أماكن العمل والأماكن الرياضية ونحوها؟

    الجواب: لا يجوز للمرأة أن تختلط بالرجال في أي مكان، لا في العمل، ولا في الأسواق، ولا في الرياضة، ولا في غيرها، وهذا منكر.

    والواجب على المرأة أن تكون بعيدة عن الرجال، وإذا كانت المرأة في الصلوات والعبادات تكون خلف الرجال، فكيف إذا كان الاختلاط في العمل وفي الميادين التي يجتمع فيها الرجال، فكل هذا من المنكر.

    والواجب على أولياء الأمور أن يراعوا هذا الشيء، وأن يقوموا بواجب الرعاية، وأن يمنعوا نساءهم من الاختلاط، سواء أكان ذلك في العمل أم في الميادين التي يجتمع فيها الرجال.

    1.   

    الأحكام المترتبة على إطلاق لفظة (التحريم) للامتناع عن شيء ما

    السؤال: كنت مبتلى بالتدخين، فأردت منع نفسي، فقلت: علي الحرام ألا أدخن، فسولت لي نفسي يوماً فشربت حبة واحدة، وكنت أسمع أن الذي يحرم وهو متزوج يكون مظاهراً لزوجته، فما الحكم؟

    الجواب: أولاً: عليك بالتوبة وترك الدخان، ولتعلم أنه من الخبائث ومن الأمور الضارة بالصحة والمال والبدن، وعليك أن تجاهد نفسك وتتوب إلى الله؛ لترضي ربك وتتسبب في حفظ صحتك وفي توفير مالك.

    أما قولك: علي الحرام؛ فإن قصدت أن الحرام شربه -أي: شربه علي حرام- فهذا فيه كفارة يمين مع التوبة والاستغفار.

    أما إذا قلت: علي الحرام وأطلقت، فالصواب أن هذا يكون ظهاراً.

    وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم من العلماء، فمنهم من قال: إن هذا طلاق ومنهم من قال: إنها يمين مكفرة. ومنهم من قال: إنه ظهار.

    والصواب: أن تحريم الزوجة يكون ظهاراً، فتكفر كفارة ظهار، وهو: أن تعتق رقبة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكيناً، كما قال الله في كتابه المبين: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا [المجادلة:3-4].

    أما إذا حرمت الطعام، أو حرمت الشراب، ونحو ذلك مما هو غير الزوجة، فالصواب أن كفارته كفارة يمين، فتطعم عشرة مساكين أو تكسوهم أو تعتق رقبة، فإن عجزت فصم ثلاثة أيام؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1]، ثم قال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:2]، فجعلها يميناً مكفرة، وذلك حين حرم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه العسل، وقيل: لما حرم سريته مارية القبطية ، والسرية ليست مثل الزوجة، فإذا حرم السرية أو حرم العسل أو غيره فإنه يكفر ويعود إلى ذلك الذي حرمه.

    1.   

    أحكام المسافر

    السؤال: إذا كان الإنسان مسافراً سفراً أقل من أربعة أيام، فهل تجب عليه صلاة الجماعة والجمعة؟ وما الحكم إذا كانت مدة إقامته أكثر من أربعة أيام؟

    الجواب: إذا نوى الإقامة في مكان أكثر من أربعة أيام فلا يقصر وإنما يتم، أما الجماعة فهي واجبة حتى على المسافر، فإذا وجد جماعة فإنه يجب عليه أن يصلي معهم، ولا يصل وحده، لكنه إذا صلى مع المسافرين وهو مسافر فإنه يقصر الرباعية، وإن صلى خلف المقيم أتم، والجماعة واجبة عليه.

    أما إذا نوى أن يقيم أكثر من أربعة أيام؛ فإنه تنقطع أحكام السفر في حقه من أول فريضة، فيتم الصلاة الرباعية ولا يقصر، ولا يجمع بين الصلاتين، ولا يفطر في رمضان، ولا يمسح على الخف أكثر من يوم وليلة، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء.

    وقال بعضهم: إذا نوى أكثر من ثلاثة أيام، تنقطع في حقه أحكام السفر.

    وقال بعضهم: إذا نوى سبعة عشر يوماً.

    وقال بعضهم: إذا نوى عشرين يوماً.

    لكن الصواب الذي عليه جمهور العلماء والذي عليه الفتوى الآن: أن المدة التي إذا نواها المسافر تنقطع أحكام السفر فيها هي التي تزيد على أربعة أيام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة في حجة الوداع قدمها في يوم الرابع من ذي الحجة، وأقام في الأبطح أربعة أيام، ثم ارتحل إلى منى في اليوم الثامن.

    قال العلماء: ما زاد عن هذه المدة يكون حكمه حكم المقيم.

    وقال العلماء: الأصل أن المسافر هو الذي يرحل ولا يقيم، لكن استثنينا هذه المدة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

    أما إقامته في مكة في غزوة الفتح فإنه أقام سبعة عشرة يوماً لم ينو فيها الإقامة؛ لأنه أقام لتثبيت قواعد التوحيد وهدم الشرك، وكذلك في تبوك أقام عشرين يوماً لم ينو فيها الإقامة، لكن السفرة التي نوى الإقامة فيها عزماً وجزماً هي في حجة الوداع، فنوى أربعة أيام.

    وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة إلى أنه ليس هناك مدة، وأن المسافر يترخص في السفر حتى يرجع إلى بلده، لكن هذا لا تطمئن إليه النفس؛ لأنه -على هذا القول- يكون العمال الذين جاءوا للعمل في غير بلادهم مسافرين ولو مكثوا عشر سنين، والطلاب الذين يدرسون حتى يتخرجوا من الجامعة هم مسافرون على هذا القول؛ لأنهم لم ينووا الاستيطان، وإنما ينوي الواحد منهم أنه يدرس في الجامعة ثم يرجع إلى بلده، وهو ليس مستوطن للبلد على هذا القول، والصلاة أمر عظيم ينبغي أن يحتاط له، فلا بد من أن يكون لها حد، وقول الجمهور فيه حد لها.

    وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم أقام أربعة أيام، لكن هذه مدة اتفاقية، فلو زادت المدة على خمسة أيام فإنه يقصر، وليس هناك دليل على أن ما زاد على أربعة أيام إقامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم اليوم الرابع وارتحل إلى منى في اليوم الثامن، ولو قدم في اليوم الأول سيكون قد أقام ثمانية أيام يقصر فيها الصلاة، وليس هناك دليل على تحديده بالأربعة.

    لكن الجمهور قالوا: عندنا دليلان:

    الأول: السفر، والمسافر هو الذي يرحل وليس المقيم.

    الثاني: أننا استثنينا هذه المدة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولو لم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لما استثنينا شيئاً؛ لأن الأصل في المسافر هو الذي يرحل، والمقيم ليس مسافراً.

    وشيخ الإسلام يقول: المقيم في مكانه ليس مسافراً وإنما هو مقيم، والذي ليس بمسافر هو المستوطن، فالعمال والطلاب -عند شيخ الإسلام ابن تيمية- مقيمون وليسوا بمستوطنين، والمقيم في البلد مستوطن ولس مقيماً، وفرق بين المقيم والمستوطن.

    وعلى كل حال فإن الصلاة أمرها عظيم، فينبغي أن يحتاط لها، وينبغي أن يكون هناك حد، وقول الجمهور هو الذي تطمئن إليه النفس، وهو الذي عليه الفتوى الآن، أما قول شيخ الإسلام ابن تيمية فليس عليه الفتوى الآن، وبه أفتى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين.

    1.   

    حكم صلاة الجمعة لمريد السفر

    السؤال: إذا أراد المسافر السفر والمؤذن يؤذن للجمعة، فهل يجب عليه أن يصلي معهم؟

    الجواب: إذا كان يؤذن الأذان الثاني بعد صعود الخطيب المنبر؛ فإنه يحرم عليه أن يمشي حتى يصلي الجمعة، أما إذا كان الأذان الأول فهو تنبيه، وإنما زاده عثمان لما كثر الناس من باب التنبيه، فأمر المؤذن أن يؤذن على الزوراء، فإذا كان الأذان الأول فإنه يجوز له أن يمضي.

    وأما الأذان الذي يكون بعد صعود الخطيب، فهو الذي يحرم عنده السفر، ويحرم عنده البيع والشراء، والنجارة والحدادة ونحو ذلك؛ لقول الله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9]، وهذا نداء للمقيمين، أما المسافر فليس عليه جماعة، والمقصود المسافر المار الذي سمع النداء وهو ماش في الطريق، فهذا ليس مخاطباً بهذا؛ لأنه ليس مقيماً، إنما هذا يقال للمقيمين، قال تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9]، فالذين تجب عليهم الجمعة هم المقيمون، أما من لم تجب عليه الجمعة فليس مخاطباً بهذا، ولهذا إذا سمعت المرأة النداء لا تجب عليها الإجابة، وإذا سمع المريض النداء لا يجب عليه أن يجيب، وكذلك إذا سمعه المسافر، وكلهم ليسوا مخاطبين بهذا.

    والمقصود أنه ما دام أنه مسافر فلا يجب عليه أن يشهد الجمعة، أما إذا كان نازلاً في البلد فإنه يجب عليه أن يصلي مع الناس.

    1.   

    حكم صلاة المرأة خلف الإمام في البيت التابع للمسجد

    السؤال: إذا كان البيت تابعاً للمسجد ملاصقاً له ولا يوجد بينه وبين مصلى النساء غير الرجال، وهو داخل سور المسجد، فهل يجوز للمرأة في هذه الحالة أن تصلي مع الإمام؟

    الجواب: ما كان داخل المسجد لا يسمى بيتاً، وإنما يسمى من المسجد، فكل ما كان داخل سور المسجد فهو من المسجد، وإذا جعل مصلى للنساء في خلف المسجد فهو داخل المسجد.

    أما إذا كان خارج المسجد فليس له حكم المسجد، ولهذا فإنه إذا كان البيت خارج المسجد يجوز للحائض والنفساء أن تجلس فيه وتسمع الخطبة أو الدرس، لكن إذا كان داخل سور المسجد فليس لها ذلك.

    1.   

    حكم الصلاة مع من شرع في خطبة الجمعة قبل الزوال

    السؤال: إذا صعد الخطيب المنبر قبل زوال الشمس، فهل أصلي معه أم أذهب إلى مسجد آخر؟

    الجواب: صل معه؛ لأن الصواب أن ذلك يصح، وهناك أحاديث على ذلك وهو مذهب الحنابلة والجماعة، ولكن الخطيب مخاطب بألا يتقدم، فعليه ألا يتقدم، ولا يخاطر بذلك.

    1.   

    الميت وشعوره بدعاء من يزوره

    السؤال: هل يشعر الميت بمن يزوره ويدعو له؟

    الجواب: الله أعلم، فهذا يحتاج إلى دليل، لكن جاء في السنة أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا دفنوه، وجاء أنه ترد عليه روحه.

    وجاء أيضاً أن قتلى بدر المشركين خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عمر: (ما تخاطب من أناس قد جيفوا؟ فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، إلا أنهم لا يجيبون).

    وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام).

    فالأصل أن الميت لا يسمع شيئاً، إلا ما دل عليه الدليل، قال الله تعالى: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى [النمل:80]، وقال: وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ [فاطر:22].

    فالأصل أن الميت لا يسمع، إلا إذا دلت النصوص على أنه يسمع، مثل سماعه قرع نعالهم، وكذلك ترد إليه روحه عند مجيء منكر ونكير ليسألانه.

    ولكن الإنسان مأمور بأن يسلم على الموتى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767081091