إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الطهارة [36]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كتب الله الحيض على المرأة، فإذا انقطع عنها الدم فلا يباح لها الصلاة والصيام ولا يطؤها زوجها حتى تغتسل، والمبتدأة تدع الصلاة والصيام بمجرد رؤية الدم، وقال بعض الفقهاء أنها تغتسل بعد يوم وليلة؛ لأن الزيادة مشكوك فيها، وخالفهم آخرون.

    1.   

    ما يباح للحائض إذا طهرت ولم تغتسل

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    قال المؤلف رحمه الله: [وإذا انقطع الدم -أي دم الحيض أو النفاس- ولم تغتسل لم يبح غير الصيام والصلاة، فإن عدمت الماء تيممت، وحل وطؤها، وتغسل المسلمة الممتنعة قهراً، ولا نية هنا كالكافرة للعذر، ولا تصلي به، وينوي عن مجنونة غسلت كميت ].

    يقول المؤلف: (وإذا انقطع الدم)، أي دم الحيض والنفاس (ولم تغتسل)، فإنه لا يجوز للزوج أن يطأها حتى تغتسل؛ لقوله تعالى: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]، ومعنى (حتى يطهرن) أي: حتى ينقطع الدم، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [البقرة:222] يعني اغتسلن، فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222]، وهذا يدل على أنه لا يجوز للرجل أن يطأ زوجته حتى تغتسل.

    ويكون حالها بعد انقطاع الدم كحال الجنب، فيجوز لها أن تصوم، فلو طهرت قبل الفجر بلحظة قلائل، ونوت ثم أذن الفجر جاز لها أن تصوم، أما لو لم ينقطع الدم إلا بعد الفجر ولو قليلاً، فإنه ليس لها صوم، لكن لو انقطع الدم قبيل الفجر، وحصل الجفاف أو القصة البيضاء ولم تغتسل، فإن صومها صحيح.

    وكذلك الطلاق؛ لأن طلاق الحائض بدعة، فلو طلقها بعد انقطاع الدم، وقبل أن تغتسل جاز ذلك.

    فإن عدمت الماء، فإن ( الصعيد الطيب طهور المؤمن وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته )، فالمقصود هو الطهارة، والبدل -وهو التراب-، يأخذ حكم المبدل وهو الماء.

    يقول المؤلف: لو أن المرأة المسلمة طهرت، وأرادها زوجها، لكنها تمتنع، ومعلوم أن الزوج له حق في ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( أيما امرأة دعاها زوجها إلى فراشه فأبت، فبات غضباناً عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح )، كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري و مسلم .

    فإذا أكرهها الزوج على الاغتسال، فأدخلها الحمام وأنزل عليه الماء، فهنا تكون قد تطهرت، لكن هذا التطهر العلماء يقولون: لا تصلي به؛ لأنها لم تنوي، فإن نوت وهي كارهة صح، لكنها إذا لم تنوي فإنه لا يصح أن تصلي به، هكذا قالوا، وجعلوا حكمها كحكم المرأة النصرانية أو اليهودية إذا تزوجها الرجل، فإنه يكرهها على الاغتسال، ولو اغتسلت لا تصح الصلاة بعد ذلك لو أسلمت؛ لأنها كانت كافرة.

    ويقول: (وينوى عن مجنونة غسلت كميت) إذا كانت زوجته مجنونة فينوي عنها، فلو أفاقت بعد ذلك، صح ذلك منها كما يقول الفقهاء.

    1.   

    أحكام المبتدئة في الحيض

    الآن المؤلف سوف يشرع في المبتدئة، وهي التي جاءها الحيض بعد تسع سنين، ولم يكن قد أتاها قبل ذلك، والحنابلة لهم تفاصيل في المبتدئة، قسموها إلى ثلاثة أحوال، ومذهب جمهور أهل العلم خلاف ذلك كما سيأتي.

    قال المؤلف رحمه الله: [ والمبتدئة، أي في زمن يمكن أن يكون حيضاً، وهي التي رأت الدم، ولم تكن حاضت، تجلس، أي تدع الصلاة والصيام ونحوهما بمجرد رؤيته، ولو أحمر، أو صفرة، أو كدرة، أقله، أي أقل الحيض يوم وليلة، ثم تغتسل؛ لأنه آخر حيضها حكما وتصلي ].

    يقول: البنت التي في سن التاسعة أو أكثر إذا وجدت دماً -سواء كان هذا الدم أسود أم أحمر، صفرة أم كدرة- فإنها تجلس، وهذه من المسائل التي يعلق الحنابلة على الصفرة والكدرة أنها حيض، يقولون: مجرد أن يأتيها دم يصلح أن يكون حيضاً، يعني في سن يمكن أن تحيض مثلها، يقولون: تجلس على أنه حيض، فتدع الصلاة وتدع الصوم، وتمنع مما تمنع منه الحائض من الأحكام، لكن جلوسها هنا على أنه حيض.

    أقل حد للحيض عند الحنابلة يوم وليلة، لأن هذا الأقل مقطوع بأنه حيض، وما زاد، قالوا: وما زاد فهو مشكوك فيه.

    وما نقص عن يوم وليلة مشكوك فيه أيضاً عند الحنابلة، ويقطعون بأنه دم فساد، هذه هي الحالة الأولى، مبتدئة نزل عليها دم، أو صفرة أو كدرة أو حمرة، فإنها تجلس أقل مدة للحيض، وهو يوم وليلة.

    ثم بعد ذلك تغتسل وتصلي وتصوم، وتهتم بحالها ووقته، فإن انقطع الحيض لأقل من خمسة عشر، فإنها تغتسل وتصلي وتصوم، فإن جاء الشهر الثاني، قلنا لها: اجلسي أقل مدة الحيض -وهو يوم وليلة- ثم اغتسلي وصلي وصومي، فإن انقطع لأقل من خمسة عشر يوماً اغتسلي أيضاً واستمري على صومك، ثم إذا جاء الشهر الثالث وصار نفس الذي جاءك في الأول والثاني، فاجلسي أيضاً يوم وليلة، ثم اغتسلي وصلي، وإن انقطع الدم لأقل من خمسة عشر فاغتسلي وصلي، والآن علمنا أن الدم الذي كان يأتيك في الشهر الأول والثاني والثالث وينقطع لستة أيام، أو سبعة أيام، أو ثمانية أيام، أو تسعة أيام، المهم أقل من خمسة عشر يوماً فهذا الدم يكون حيضاً.

    قالوا: فكل يوم صامته بعد يوم وليلة، يجب عليها أن تقضيه، ولا تقضي الصلاة، كما في حديث معاذة العدوية ، أن عائشة قالت: (كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة). لماذا يا حنابلة؟ قالوا: لأن ذلك مشكوك فيه، والأصل أن المسلم يجب أن يبرئ ذمته في صلاته وصيامه، ولابد لإبراء الذمة من يقين، وليس ثمة يقين، هكذا قالوا.

    وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية -وهو اختيار ابن تيمية رحمه الله، وابن قدامة أيضاً-: إلى أن المبتدئة متى ما رأت الدم فإنه حيض ما لم يتعد أكثر الحيض، وهو خمسة عشر يوماً، فإن تعد أكثر الحيض فإنها تغتسل وتتوضأ لكل صلاة.

    فإن استمر الدم معها إلى الشهر الثاني، فإنها مثلما تحيض النساء ستاً أو سبعاً على الذي ذكرناه وليس للتشهي، ولكن تنظر إلى حال نسائها وأقربائها كم يجلسن، فإن كن يجلسن ستاً، جلست ستاً، وإن كن يجلسن سبعاً جلست سبعاً، والله أعلم.

    وأحب أن أبين أن القول بأن حالها مشكوك يرد عليه من وجهين:

    الوجه الأول: أنكم أمرتموها بأداء العبادة مرتين، ومن المعلوم كما عند أبي داود من حديث ابن عمر : ( إن الله لم يأمرنا أن نصلي الصلاة مرتين )، وليس ثمة شرع في دين الله، ولا في سنة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، أنه يأمر العبد أن يؤدي العبادة مرتين، فالقاعدة: أن العبد إذا فعل ما أمره الله به فلا يعيد، إلا أن يكون ثمة بطلان في العبادة نفسها.

    الوجه الثاني: المعروف في الشرع أن الشك طارئ على العبد وليس على الحكم، ففرق بينهما، فالشك يطرأ على العبد، لكن أن يكون الشك في الحكم نفسه ويؤمر العبد به مع يقينه أحياناً فهذا لم يرد في الشرع، بل قال ابن تيمية رحمه الله: إن هذا باطل لم يرد في شرع الله.

    فكيف تأمرونها أن تتعبد الله سبحانه وتعالى بالشك؟! هكذا قال بعض العلماء، ولهذا فالراجح مذهب جمهور الفقهاء رحمة الله تعالى عليهم، أن ما تراه البنت الصغيرة من الدم فهو حيض، ما لم يتعد أكثر الحيض وهو خمسة عشر يوماً.

    الرد الثاني قالوا: إن الشك وارد في الشرع على العبد نفسه، فالعبد يشك هل فعل كذا، أو فعل كذا؟ أما أن يكون الشك في أصل التشريع فيؤمر العبد -ولو تيقن- أن يصنع بهذا الشك، بأن يقال لها: هذا يوم وليلة وما زاد فهو مشكوك به، وإذا تكرر علمنا أن هذا الشك ليس بشك بل هو يقين، هذا تشريع بالشك وليس حكماً، ولا يدخل الحكم شك في شرعنا كما قال ابن تيمية رحمه الله.

    ما يلزم المبتدئة بالحيض إذا رأت الدم

    قال المؤلف رحمه الله: (أي تدع الصلاة والصيام ونحوهما بمجرد رؤيته ولو أحمر أو صفرة أو كدرة، أقله، أي: أقل الحيض يوم وليلة، ثم تغتسل؛ لأنه آخر حيضها حكماً).

    يعني هذا آخر حيضها حكماً، تجلس فيه أقله أي: يوم وليلة، ثم تغتسل، لماذا؟ قالوا: لأن هذا آخر حيضها حكماً، ما يمكن أن يمدد، ويمكن أن يزيد لكنه مشكوك فيه، هذا مراد كلامه.

    قال المؤلف رحمه الله: [وتصلي وتصوم ولا توطأ].

    يقول: إنها تصلي وتصوم ولكنها لا توطأ، لماذا؟ قالوا: لأن أمرنا لها بالصلاة والصوم إبراء للذمة، وأما أن توطأ فلا؛ لأنه يمكن أن يكون هذا الدم حيضاً، قلنا: لا يوجد في الشرع حكم تختلف أحكامه، فالشرع لا يفرق بين متماثلين، فإذا حكمتم عليها بالطهارة ظناً فتوطأ، وإذا حكمتم عليها بعدم الطهارة ظناً فلا توطأ، فالشرع لا يفرق بين متماثلين، والله أعلم، بل إن ابن عباس سئل عن المرأة المستحاضة أتوطأ؟ قال: أي شيء أعظم من الصلاة! يعني إذا جاز لها أن تصلي، جاز أن توطأ.

    قال المؤلف رحمه الله: [ حكماً وتصلي وتصوم ولا توطأ فإن انقطع دمها لأكثره -أي أكثر الحيض خمسة عشر يوماً- فما دون بضم النون لقطعه عن الإضافة].

    يقول: إذا انقطع لأكثر الحيض خمسة عشر يوماً، أو دونه فإنها تغتسل عند انقطاعه وجوباً؛ لإمكانية أن يكون الدم الزائد عن يوم وليلة حيضاً.

    كيفية معرفة عادة المرأة المبتدئة في حيضها

    قال المؤلف رحمه الله: [ وتفعل كذلك في الشهر الثاني والثالث، فإن تكرر الدم ثلاثاً -أي في ثلاثة أشهر- ولم يختلف فهو كله حيض وتثبت عادتها ].

    أول ما يطرأ الحيض على الصغيرة ما نعلم لها عادة، ولا يمكن أن نعول على تمييزها؛ لأنها ليس لها تمييز، فماذا نقول؟ نقول: بعد تكرار ثلاثة أشهر، علمنا أن الذي كان يأتيها وينقطع بعد ثمانية أيام، أو بعد سبعة أيام، أو بعد تسعة أيام، أو بعد خمسة عشر يوماً، علمنا أنه حيض، فهذا هو عادتها.

    قال المؤلف رحمه الله: [ فتجلسه في الشهر الرابع، ولا تثبت بدون ثلاث ].

    يعني: العادة لا تثبت بدون ثلاث، هذا مذهب الحنابلة، والراجح أن العادة تثبت بيوم واحد من أول أتاها فيه الدم، لكنه لو كان لها عادة وهي غير مبتدئة، ثم زاد أو نقص فإننا نقول: تجلسه ولو زاد عن عادتها، كما هو الراجح خلافاً -أيضاً- للحنابلة.

    والحنابلة عندهم قاعدة: أن من لم يسبق لها الحيض ثم أتاها، فلا نجعله حيضاً حتى يتكرر ثلاثة، ومن كان لها عادة خمسة أيام، فزاد يوم، فلا نعول على هذا اليوم حتى يتكرر ثلاث مرات، هذه قاعدة الحنابلة، ولهذا قالوا: (ولا تثبت) أي العادة (بدون ثلاث).

    قال المؤلف رحمه الله: [ وتقضي ما وجب فيه -أي: ما صامت فيه من واجب- وكذا ما طافته، أو اعتكفته فيه، وإن ارتفع حيضها ولم يعد، أو أيست قبل التكرار لم تقض. وإن عبر -أي جاوز الدم- أكثره -أي: أكثر الحيض- فهي مستحاضة، الاستحاضة سيلان الدم في غير وقته من العرق العاذل من أدنى الرحم دون قعره].

    الآن المؤلف عندما قال في حق المبتدئة: إن زاد عن خمسة عشر يوماً فهي مستحاضة، (وإن عبر أي جاوز الدم أكثره) وهو على الراجح خمسة عشر يوماً، ولكن هل هو حد؟

    نقول: هو الغالب من حيث الكثرة، ولكن لو أن امرأةً كان يأتيها الحيض ستة عشر يوماً أو سبعة عشر يوماً ويستمر، سنقول: هذه عادتها، ولكن أول ما أتاها تجلس خمسة عشر يوماً، فإن جاء الشهر الثاني وانقطع لستة عشر يوماً علمنا أن عادتها ستة عشر يوماً، ولهذا لسنا بحاجة إلى تكرار ثلاث، فلو تكرر الشهر الثاني علمنا أن عادتها خمسة عشر، أو ستة عشر، أو سبعة عشر يوماً.

    أما الاستحاضة فهي (سيلان الدم في غير وقته)، يعني ليس له وقت، (من العرق العاذل)، والعرق الذي أدنى الرحم يسميه الأطباء والعلماء: العاذل، أما من قعر الرحم فيسمى حيضاً وليس بعرق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما ذلك عرق وليس بحيض ).

    قال المؤلف رحمه الله: [ أي الأسود حيضها ].

    المؤلف أجل أحكام الاستحاضة بعد الانتهاء من أحكام المبتدئة، لكنه شرع في بعض أحكام المستحاضة أو بعض صور المستحاضة.

    قال المؤلف رحمه الله: [ وكذا إذا كان بعضه ثخيناً أو منتناً وصلح حيضاً تجلسه في الشهر الثاني ولو لم يتكرر أو يتوالى، والأحمر والرقيق وغير المنتن استحاضة، تصوم فيه وتصلي ].

    الآن المؤلف حينما ذكر المبتدئة -البنت الصغيرة- التي جاءها الدم، وقلنا: إنها تجلس يوم وليلة ثم تغتسل ما لم يعبر أكثره، هذه حالة أولى، فإن جاوز أكثر من خمسة عشر يوماً، صار الزائد حكمه استحاضة، الحالة الثانية قال: [فإن كان لها تمييز]، يعني البنت جاءها دم واستمر معها لكهنا تميز بأن عرفت أن أول ما جاءها دم أسود ثخين له رائحة، ثم بعد خمسة أيام أو ستة أيام تغير لونه، فصار دماً رقيقاً خفيفاً ليس له رائحة، هنا ميزت هذه البنت الصغيرة، فإذا تميز الدم للبنت المبتدئة، فإن الحنابلة يقولون: إن الذي له لون وصفة الحيض فإنه يكون حيضاً، وما كان لم يأخذ صفة الحيض فإنه يكون استحاضة، ولا حاجة لأن تكرر ثلاث مرات.

    إذاً الحنابلة يوجبون التكرار عندما أرادوا أن يعرفوا مدة العادة، أما إذا كان لها تمييز فإنه ليس ثمة حاجة إلى أن يتكرر مرتين أو ثلاثة، فإن كانت تميز أن بعض دمها أحمر، وبعضه أسود، ولم يعبر -أي السواد- أكثر الحيض، ولم ينقص عن أقله الذي هو يوم وليلة، فهذا الأسود يكون حيضاً، (وكذا إذا كان بعضه ثخيناً أو ممتناً وصلح حيضاً) يعني جاءها في وقت تسع سنين (تجلسه في الشهر الثاني ولو لم يتكرر أو يتوالى).

    أما الأحمر الرقيق غير المنتن، الذي ليس له رائحة فإنه يكون بعد ذلك استحاضة، فإن كان الدم جاء خمسة أو ستة أيام أسود ثخين له رائحة، ثم بعد الست جاء دم أحمر خفيف نقول: اغتسلي وصلي بعد ذلك؛ لأنك حينئذ صرت مميزة.

    ما يجب على المبتدئة في الحيض إن لم يكن دمها متميزاً

    قال المؤلف رحمه الله: [ وتصلي. وإن لم يكن دمها متميزاً قعدت عن الصلاة ونحوها أقل الحيض من كل شهر حتى يتكرر ثلاثاً، فتجلس غالب الحيض ستاً أو سبعاً، بتحر من كل شهر من أول وقت ابتدائها إن علمته، وإلا فمن أول كل هلال ].

    هذه الحالة الثالثة، وهي مبتدئة جاءها الحيض ولم ينقطع، حتى جاء الشهر الثاني والشهر الثالث، وليس عندها تمييز، فيقول الحنابلة: إنها تجلس يوماً وليلة على أنه حيض، وما زاد فهو مشكوك فيه، فتصوم وتصلي وتتوضأ لكل صلاة، فإن استمر الدم معها إلى الشهر الثاني فإنها تجلس يوماً وليلة من أول ما جاءها الحيض، مثل أول الشهر، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة، ثم اليوم الثالث إن استمر معها الدم تجلس أول ما جاءها الحيض يوم وليلة، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة، فإن جاء اليوم الرابع علمنا أنه ليس لها عادة ولا تمييز، فنقول لها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم حمنة بنت جحش : ( تحيضي ستاً أو سبعاً في علم الله ).

    فنقول: اسألي أهلك وأقرباءك كم يحضن، فإن قلن: نجلس سبعاً، جلست سبعة أيام، وهذا على مذهب الإمام أحمد، ولكن الراجح: أنها لو جاءها الدم أول يوم، أو أن الدم مستمر معها فإنها تجلسه حتى يكون خمسة عشر يوماً، فإن انقطع الدم في خمسة عشر يوماً فالحمد لله، ونكون قد علمنا أن عادتها خمسة عشر يوماً فتغتسل وتصلي، وإن زاد عن خمسة عشر يوماً فإننا نقول: ما زاد فهو استحاضة.

    فإن استمر الدم معها إلى الشهر الثاني ولم ينقطع ولم تميز، فنقول: تحيضي في علم الله ستاً أو سبعاً،كم عادة أهلك، كم عادة أقربائك؟ ولسنا بحاجة إلى تكرار؛ لأنه استمر الدم معها وليس لها عادة ولا تمييز، فتجلس مثل حيض نسائها، والله أعلم.

    يقول المؤلف: (من أول وقت ابتدائها إن علمت).

    يعني تقول: أنا أول ما جاءني يوم اثنين من أول شهر، نقول: إذا جاء اليوم الثاني من الشهر الثاني تجلسينه، أما من لم تعلم فإنها تجلس في أول كل شهر هلالي.

    ولهذا قال المؤلف: وإلا فمن أول هلال، هكذا أراد المؤلف، ولكن الراجح والله أعلم -كما مر معنا- أن المبتدئة إذا جاءها الدم فإنها تجلسه على أنه حيض، ما لم يعبر أكثر الحيض وهو خمسة عشر يوماً، فإن عبر وجب عليها أن تغتسل، وما زاد فهو استحاضة، فإن استمر الدم معها إلى الشهر الثاني، علمنا أن ليس لها عادة ولا تمييز، فتجلس في علم الله ستاً أو سبعاً، كحال نسائها وأقربائها.

    فإن كان لها تمييز أول يوم، وكانت تري أمها، أو تري عالماً أو قريباً لها يميز بين الثخين وغيره، فإنها تتربصه، وتكون مميزةً في أول ما أتاها.

    نسأل الله تعالى الفقه في الدين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756588105