إسلام ويب

شرح المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه [7]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الترقيق صفة عارضة يتصف بها الراء في حالة الكسر، أو كانت ساكنة بعد مكسور أو ياء أو إمالة لمن يميل، والراء إما أن تكون ساكنة أو متحركة، فإذا كانت متحركة فلها حكمان: التفخيم إذا كانت مفتوحة أو مضمومة، والترقيق إذا كانت مكسورة، وإذا كانت ساكنة فالسكون إما أن يكون أصليا وإما عارضاً، ولكل حال صور وأحكام.

    1.   

    باب الراءات

    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    يقول المؤلف رحمه الله: (باب الراءات) عقد هذا الباب لصفة عارضة وهي الترقيق الذي تتصف به الراء، فقد سبق أن التغليظ صفة لكل الحروف المستعلية، وأن الترقيق صفة لكل الحروف المستفلة، وأن التغليظ يعرض في ثلاثة من الحروف المستفلة، وهي: الراء، واللام، والألف، فهذه الحروف الثلاثة مستفلة، ومع ذلك يعرض فيها التغليظ، وهذا التغليظ لما كان صفة عارضة لم نذكره، والمؤلف رحمه الله تعالى ذكر ما يتعلق بالراءات، ثم ذكر ما يتعلق باللامات والألفات التي معها، فبدأ بالراءات، فقال:

    ورقق الراء إذا ما كسرت

    هذه قاعدة، وهي أول قواعد الراء، وهي أن الراء المكسورة مرققة دائمًا، (إذا ما كسرت).

    كذاك بعد الكسر حيث سكنت

    كذاك القاعدة الثانية: أن الراء الساكنة إذا كانت بعد الكسر، أو بعد الياء، أو بعد الإمالة، فهي مرققة أيضًا، إذا جاءت بعد كسر، أو ياء، أو إمالة، فهي مرققة، فبعد الكسر والياء محل اتفاق بين جميع القراء، وبعد الإمالة لمن يميل، هي مرققة لمن يميل أما من لا يميل فلا إمالة لديه أصلًا، وهذا الذي أشار إليه الشاطبي في الشاطبية رحمه الله، بقوله:

    ولا خلف في ترقيقها بعد كسرة إذا سكنت يا صاح للسبعة الملا

    والواقع أن هذا لا خلاف فيه في لغة العرب أصلًا، فالراء إذا سكنت بعد كسر أو ياء مرققة لدى جميع العرب.

    قال: (كذلك بعد الكسر حيث سكنت)، ويستثنى من هذه القاعدة ما بينه بقوله: (إن لم تكن من قبل حرف استعلا) إلا إذا كانت الراء الساكنة من قبل حرف استعلاء، (أو كانت الكسرة ليست أصلا)، كذلك إذا كانت الكسرة التي قبلها عارضة ليست أصلية، ويعرف العروض بزوالها في بعض الأحيان، ككسرة همزة الوصل؛ لأنك إذا وصلتها بما قبلها سقطت همزة الوصل، وإذا سقطت سقطت الكسرة التي عليها؛ لأن الكسرة تابعة للحرف، فإذا سقط الحرف سقطت، (أو كانت الكسرة ليس أصلًا)؛ أي: ليست أصلية، (والخلف في فرق لكسر يوجد) اختلف في كلمة واحدة من هذه القاعدة، وهي لفظ (فرق) كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء:63] في سورة الشعراء، موضع واحد في المصحف، الراء فيه ساكنة بعد كسرة، ولكن بعدها حرف مستعل وهو القاف، لكن لما كسر القاف ضعف، فهو وإن كان مستعليًا، إلا أنه ضعف بسبب الكسرة.

    خلاف النحاة في سبق الشكل للحرف

    وقد اختلف أهل النحو هل الشكل سابق للحرف أو معه أو بعده، فإذا كان الشكل سابقًا لحرفه فقد حيل بين الراء وبين المستعلي بالكسر، فتبقى على ترقيقها، وإذا كان معه فهو يضعفه، وإذا كان بعده فلا داعي للترقيق، فتغلظ حينئذ؛ لأن الشكل لاحق للحرف، وهذا الخلاف أشار ابن مالك إلى بعضه في الألفية في قوله:

    نونًا تلي الإعراب أو تنوينا مما تضيف احذف كطور سينا

    فقال: (نونًا تلي الإعراب)؛ أي: تلي علامة الإعراب، وعلامة الإعراب قد تكون حركة، وقد تكون سكونًا، وقد تكون حرفًا، وقد تكون حذفًا، والمقصود بذلك: أنها تأتي بعد الحرف الذي عليه حركة الإعراب، (نونًا تلي الإعراب)؛ ولذلك تجدون في الشروح: (نونًا تلي الإعراب)، أو تلي علامة الإعراب، وقد ذكر ابن مالك هذا الخلاف في بيت مستقل، فقال:

    الشكل سابق حرفه أو بعده قولان والتحقيق مقترنان

    وهذا الخلاف يترتب عليه بعض الأمور في اللغة، منها ما يتعلق بالترقيق، ومنها ما يتعلق بالفك والإدغام، وقد كنت في زمن الصبا نظمت ما يترتب عليه، فقلت:

    للأل حذف الواو من يعد اذكرن والفك في طلل دليل الثاني

    وللثالث الإعلال في قال الذي كتبت به أقلام كل بنان

    فالأول- الذي هو أن الشكل سابق على حرفه- دليله حذف الواو في (يعد)، فهي مضارع (وعد)، فأصلها (يوعد)، فسكنت الواو، وكانت قبلها الفتحة فلزم حذفها، فلو كانت الفتحة قبل الياء فحذفت الواو؛ لأنها وقعت بين عدوتيها، وهما: الكسرة التي بعدها، والياء التي قبلها، فلو كان الشكل لاحقًا لحرفه لحالت الفتحة بين الواو والياء؛ فدل هذا على أن الشكل سابق لحرفه؛ فلذلك يقولون: (وقعت بين عدوتيها؛ فلزم حذفها).

    للأل حذف الواو من يعد اذكرن والفك في طلل دليل الثاني

    القول الثاني وهو: أن الشكل بعد حرفه، ودليله الفك في (طلل)، فـ(طلل) اجتمع فيه مثلان، ولم يقع فيه إدغام؛ لأن المثلين حيل بينهما بالحركة، بحركة الأول منهما، فالفتحة حالت بين اللامين؛ فلذلك لم يدغم اللام في اللام.

    والقول الثالث دليله الإعلال في (قال) و(قام)، فأصلها (قَوَلَ) و(قَوَمَ)، فتحرك حرف العلة وانفتح ما قبله، فوجب قلبه ألفًا، فالتقى ألفان، فلابد أن يحذف أحدهما، وهذا دليل على أن الشكل على الحرف مباشرة لا قبله ولا بعده، لو كانت الفتحة قبل القاف لم تحل أصلًا، فلو قيل: إن الفتحة سابقة على القاف في (قام)، لكانت الفتحة التي على الواو كذلك سابقة، فهي أصلها (قوم) لكانت سابقة عليها فلم يقع سبب للإعلال؛ لأن الفتحة التي على الواو ستكون سابقة عليها؛ وعلى هذا لو كانت أيضًا متأخرة عنها، لو كانت الفتحة التي على الواو بعدها لسكنت ونقلت الواو عن مكانها، ولم يقع الإعلال أيضًا في الألف الثانية للحيلولة بينهما؛ لأن الحركة ستنقل إلى الألف الثانية فتتحرك، وحينئذ ستعل إلى حرف آخر؛ فدل هذا على أن الشكل على الحرف نفسه لا قبله ولا بعده، وهذا هو الذي اختاره ابن مالك في قوله: (والتحقيق مقترنان).

    وعلى هذا؛ فحركة القاف في (فرق): كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء:63]، وهي كسرة، إذا كانت قبل القاف فستحول بينها وبين الراء؛ فتبقى الراء على ترقيقها، وإذا كانت بعد القاف، فتفخم الراء، فيقال: (كل فرق كالطود العظيم) وبهما قرئ، فهما محل خلاف، وهذا الخلاف الذي أشار إليه بقوله: (والخلف في فرق لكسر يوجد)؛ أي: للكسرة التي على القاف، (وأخف تكريرًا إذا تشدد)، يقول: إن الراء متصفة بصفة التكرير كما سبق، وهذه الصفة لا ينبغي المبالغة فيها؛ لأنها تقتضي زيادة الحرف بحروف أخرى، فإذا قال الإنسان: الله أكبرررررر، فسيأتي بكثير من الراءات السواكن؛ لأن التكرير هو ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالحرف، وهذا الارتعاد يتألف منه حرف الراء؛ لأنه ارتعاد في المخرج، فهو ضغط متكرر؛ فلذلك لابد من إخفائه عند تشديد الراء، (فر) و(كر) ونحوها، سواء كان تشديد الراء في آخر الكلمة، أو كان في وسطها، أو كان في أولها أيضًا، ولا يكون إلا بعد همزة الوصل، الذي في الأول لا يكون إلا بعد همزة الوصل؛ لأن التشديد معناه أن الحرف الأول ساكن، وقد أدغم في الذي بعده وهو محرك؛ فيقتضي ذلك اجتلاب ما يتوصل به إلى الساكن، وهو إما همزة الوصل، أو نحوها، فاجتلاب همزة الوصل للنطق بالراء الساكنة، مثل: (ارجع)، (ارجعوا)، واجتلاب حرف آخر للاتصال بالراء الساكنة، مثل: (ترمس)، فهي أصلها (رمس)، فالراء هي فاء الكلمة، ولكنها سكنت، فاحتيج إلى حرف يتوصل به إلى النطق بالساكن، فاختيرت التاء لسهولتها، فقيل: (ترمس)، وهي الحرف الوحيد الذي يتوصل به للنطق بالساكن ما عدا همزة الوصل ولذلك يقول الددو في لغز له:

    أيا من حوى علم اللغات بأسره وترمس كتب النحو طرًا بصدره

    أبن حرف وصل غير همز لسائل وإن لم تكن تدري جوابي فادره

    فهو في البيت الذي قبل هذا؛ لأنه قال: (وترمس كتب النحو طرًا بصدره):

    أبن حرف وصل غير همز لسائل وإن لم تكن تدري جوابي فادره

    أحوال الراء من حيث السكون والحركة

    الراء لها حالان: إما أن تكون متحركة، وإما أن تكون ساكنة، فالمتحركة أمرها بسيط؛ لأن لها حكمين فقط: التفخيم والترقيق، فالتفخيم إذا كانت مفتوحة أو مضمومة: (رَبنا)، (رُزقنا)، فهذه محركة بفتح أو ضم، فهي مفخمة، والحكم الثاني هو الترقيق، وذلك إذا كانت مكسورة (رجال): رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ [النور:37]، (رحلة): رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ [قريش:2]، فهذه الراء مكسورة، وهي مرققة هنا.

    أما الصورة الثانية، فهي السكون، فإذا سكنت الراء فلها حينئذ حالان؛ لأن السكون إما أن يكون أصليًّا وإما أن يكون عارضًا، فإن كان السكون أصليًّا فلها حالان أيضًا، الحال الأولى: إذا كان قبلها فتحة أو ضمة، وحينئذ حكمها التفخيم كـ(العرش) (انظر)، فالراء هنا ساكنة وقبلها فتحة أو ضمة؛ فإنها تفخم.

    والحالة الثانية: إن كان قبلها كسرة، وحينئذ لها ثلاثة أحكام: الحكم الأول: الترقيق، وذلك إذا كانت الكسرة التي قبلها أصلية لازمة متصلة بها في كلمتها، وكان بعد الراء حرف استفال أو حرف استعلاء وهو منفصل، وذلك مثل: (شرعة): لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا [المائدة:48]، فالراء هنا ساكنة مكسور ما قبلها، وبعدها حرف استفال وهو العين، وهو متصل بها في كلمتها، والكسرة التي قبلها أصلية؛ فحكمها الترقيق، وكذلك: فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا [المعارج:5]، فالراء هنا ساكنة، مكسور ما قبلها كسرة أصلية، وبعدها حرف استعلاء وإطباق وهو الصاد، وهو متصل بها، لكن في غير كلمتها؛ لأنه من كلمة أخرى، (اصبر)، (صبرًا)؛ فترقق الراء هنا الساكنة: (اصبِر).

    صور تفخيم الراء

    والحال الثاني: التفخيم، وذلك في أربعة صور:

    الصورة الأولى: إذا كانت الكسرة التي قبلها عارضة، وكانت متصلة بها (ارجعوا) مثلًا، فهذه الكسرة على همزة الوصل، وهي عارضة؛ ولذلك إذا وصلتها بما قبلها قلت: رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99]، فإنها ستسقط؛ لأن الحرف الذي عليه الكسرة قد سقط وهو همزة الوصل، فهذه الكسرة العارضة قبلها لا اعتبار لها؛ فتفخم الراء، فيقال: (ارجعون) إذا ابتدأت، وتقول: (ارجعوا).

    الصورة الثانية: إذا كانت عارضة وكانت منفصلة؛ أي: في كلمة أخرى: (إن ارتبتم) فالكسرة هنا على النون، وهي عارضة بسبب التقاء الساكنين، فالنون ساكنة في الأصل، (إنْ) والراء ساكنة بعدها، وإنما يتوصل إلى النطق بها بهمزة الوصل، وإذا كان ذلك في درج الكلام فستسقط الهمزة؛ وحينئذ يلتقي ساكنان، وهما: النون، والراء، فتكسر النون كسرة عارضة لالتقاء الساكنين، وهذه الكسرة العارضة منفصلة؛ لأنها في كلمة أخرى وهي (إن) فتفخم الراء في هذا الموضع، فيقال: إِنِ ارْتَبْتُمْ [المائدة:106].

    الصورة الثالثة: إذا كانت الكسرة أصلية وكانت منفصلة: رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100]، (رب) الباء مكسورة كسرة أصلية، وهي منفصلة؛ لأنها في كلمة أخرى؛ فلذلك تفخم الراء هنا، فيقال: رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99]، ولا يقال: (رب ارجعون)، وكذلك الصورة الرابعة: إذا كانت الكسرة أصلية وكانت متصلة، لكن كان بعد الراء حرف استعلاء وهو متصل بها، كـ(قرطاس)، فالكسرة التي قبل الراء أصلية التي هي على القاف، وهي متصلة بها في كلمتها، وبعد الراء حرف استعلاء وهو الطاء، فإن الراء تفخم لمكان حرف الاستعلاء الذي بعدها، فيقال: (قرطاس)، وكذلك: (مرصاد): إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ [الفجر:14]، والحكم الثالث هو: جواز الأمرين، أو الرواية بهما معًا، وذلك في راء: كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء:63] في موضع واحد وهو في سورة الشعراء، والمأخوذ به الترقيق فهو أرجح؛ لتغليب الكسرة على الاستعلاء.

    حال سكون الراء

    أما الحال الثاني من أحوال سكون الراء، فهو إذا كان سكونها عارضًا بسبب الوقف، إذا وقف عليها، فحينئذ لها ثلاثة أحكام، الحكم الأول: التفخيم، وذلك في خمسة مواضع:

    الموضع الأول: إذا كان قبلها فتحة، (صَبَرْ) فإنك تقف على الراء بالسكون، فيجب تفخيمها، وكذلك (البصر)، (الكبر)، كلها تفخم الراء فيها، في حال السكون بالوقف، وكذلك إذا كان قبلها ضمة (العمر)، (اليسر)، (النذر)، فإنك تقف عليها بالسكون وتفخمها، وكذلك إذا كان قبلها ألف غير ممال، فتقول: (الأبصار)، (الأبرار)، (النار)، ونحوها، فتقف عليها بالتفخيم إذا كانت الألف التي قبلها غير ممالة، وإذا أميلت الألف فلا يمكن إلا الترقيق: (النار)، (الأبرار)، (الفجار)، فترقق حينئذ في حال الإمالة، الحالة الرابعة: إذا كان قبلها واو مدية، فإنها تفخم كــ(الأمور)، و(الذكور)، و(القبور)، والصورة الخامسة: إذا كان قبلها ساكن صحيح، وقبل الساكن فتح أو ضم، فإنها تفخم، فتقول: (اليسر)، (الفجر)، فتفخم الراء.

    والحكم الثاني هو: الترقيق، وذلك في ثلاث صور: الصورة الأولى، إذا كان قبلها كسرة: (ناصر)، (قدِر)، (يقدِر)، فلا خلاف بين القراء في ترقيقها في هذا الموضع، والصورة الثانية: إذا كان قبلها ياء ساكنة من: (خير)، (ضير)، (قدير)، (بصير)؛ فإنها أيضًا مرققة بالاتفاق، الصورة الثالثة: إذا كان قبلها حرف ساكن مستفل وقبله كسر؛ فترقق أيضًا بالاتفاق (الذكر)، (الشعر): وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ [يس:69]، لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ [البقرة:68]؛ فإنها ترقق باتفاق جميع القراء لمكان الكسرة التي قبلها، فالساكن حاجز غير حصين، الساكن الذي يفصلها عن الكسرة التي قبلها حاجز غير حصين، والصورة الثالثة: هي جواز الأمرين، وذلك في كلمتين فقط، في لفظ: (مصر)، وفي لفظ: (القطر)، وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ [سبأ:12]، فلفظ (مصر) بغير التنوين؛ أي: اسم البلد، بخلاف المنونة، فهي (مصرٌ) اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ [البقرة:61]، فهذه المنونة لا يقصد بها مصر التي هي البلد، بل يقصد أي: مصر من الأمصار، فمصر التي هي بلد من البلدان هذا علمه، وهي غير مصروفة، فالوقف عليها يقال: لِي مُلْكُ مِصْرَ [الزخرف:51]، يجوز فيها الترقيق والتفخيم، يجوز أن تقول: (ولي ملك مِصرْ)، ويجوز أن تقول: (ولي ملك مِصِرْ)، يجوز فيها الوجهان، وكذلك: وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ [سبأ:12]، يجوز فيها الترقيق (القطر)، ويجوز التفخيم (القِطرْ)، والراجح في مصر التفخيم، وفي (القطر) الترقيق، فبهذا نكون قد أتينا على أحكام الراء، ولا يبقى منها إلا ما يتعلق بترقيقها للإمالة لسبب عارض وهو الإمالة، وكذلك ترقيقها لـورش في المواضع التي يرققها فيها.

    وأشير إلى نقاط:

    الأولى: الطاء أشد من الصاد؛ فالصاد ليس فيها من الصفات المنفردة إلا الصفير، والطاء كل صفاتها قوية.

    الثانية: بالنسبة لغير ورش فعلى ما سبق، فالراء محركة وقبلها ساكن؛ فهي على التفخيم دائمًا.

    الثالثة: في (ارجعون) الكسرة التي على همزة الوصل هي العارضة، أما إذا وصلتها، فقلت: رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99] فالكسرة أصلية، وهي التي على الباء، الباء هنا هي آخر الاسم، وهو مضاف إلى ياء المتكلم، والمضاف إلى ياء المتكلم يكسر آخره دائمًا.

    آخر ما يضاف لليا كسر إذا لم يك معتلا كرام وقذى

    أو يك كابنين وزيدين فذي جميعها اليا بعد فتحها احتذي

    فلذلك لابد أن يكسر ما قبل ياء المتكلم إن نطق بها ياءً، إلا إذا قلبت ألفًا، وإذا قلبت ألفًا فللاسم معها خمس حالات: إما أن يقال: (يا رب)، أو (يا ربي)، أو (يا ربَّ)، أو (يا ربا)، أو (يا ربيَ)، فهذه خمسات لغات للعرب في المضاف إلى ياء المتكلم، وهي التي ذكرها ابن مالك في قوله:

    اجعل مضافًا صح إن يضف ليا كعبد عبدي عبدِ عبدا عبديا

    1.   

    باب التفخيم

    بعد هذا يقول المؤلف رحمه الله: (باب التفخيم)؛ أي: ذكر الترقيق في الراء، ويذكر أيضًا التفخيم في اللام، فكان اللازم أن يعقد الباب الأول في الراء للتفخيم، وكذلك يجعل نظيره في اللام؛ لأن الصفة العارضة فيهما هي التغليظ، وقد سبق أن التغليظ هو: تسمين الحرف في المخرج، وهو يسمى تغليظًا وتفخيمًا، لكن الأكثر أن يطلق، على الراءات التفخيم وعلى اللامات التغليظ، هذا الأكثر في الاستعمال، وإلا فيجوز أن يقال: التغليظ في اللام والتفخيم وهكذا.

    قال:

    وفخم اللام من اسم الله عن فتح او ضم كعبد الله

    كــ(عبدُ الله): محكية، يقول: (وفخم اللام من اسم الله) اللام تفخم في موضعين، الموضع الأول: لام اسم الله عز وجل اسم الجلالة، إذا كان بعد فتح: وَقَالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ [النحل:51]، اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [البقرة:255]، فاسم الجلالة هنا بعد فتح، سواء كان متصلًا كفتح الهمزة همزة (أل)، أو كان منفصلًا: (وقال الله) فهي مفخمة، وكذلك إذا كانت بعد ضم: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ [مريم:30]، وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ [الجن:19]، (عبد الله) في الموضعين مرفوعة، مضمومة الدال، فاسم الجلالة جاء بعد ضم ففخمت اللام فيه، وهنا لابد من ضم الدال، فهي حكاية للوارد في القرآن وهو: وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ [الجن:19]، قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ [مريم:30]، وهذا الذي يزول به الإيطاء عن البيت؛ لأن الشطر الأول فيه: (وفخم اللام من اسم الله) (عن فتح أو ضم كعبد الله) فإذا حصل التفخيم زال الإيطاء، وإذا لم يحصل التفخيم كانت الكلمة مكررة في القافيتين فيقع الإيطاء؛ وهو عيب، من عيوب القوافي.

    الحال الثاني الذي تفخم فيه اللام مختص بـورش وهو: إذا كانت بعد الصاد أو الطاء أو الظاء مفتوحات، أو مسكنات، وكانت هي مفتوحة أو ساكنة؛ فإنها تفخم، وفتحتها محل اتفاق لـورش بين أبي يعقوب الأزرق والأصفهاني، وتسكينها محل خلاف، فتقول: (الصلاة)، (ظلم)، وهكذا، مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:5]، فهذا موضع للتفخيم، وهو مختص برواية ورش عن نافع فقط، قال:

    وحرف الاستعلاء فخم واخصصا الاطباق أقوى نحو قال والعصا

    أحرف الاستعلاء، وهي التي سبق أن جمعها المؤلف في قوله: (خص ضغط قظ)، فهذه الحروف كلها مفخمة في الأصل، فالتفخيم صفة لازمة فيها، كما أن حروف الاستفال- وهي باقي الحروف- كلها مرققة، ويعرض فيها التفخيم في ثلاثة أحرف فقط وهي: الراء كما سبق، واللام كما سبق، والألف، وذلك إذا كان ما قبلها مفخمًا، فالألف تفخيمها باعتبار ما قبلها، فإن كان قبلها مستعلياً، أو كانت قبلها اللام لام الجلالة مفخمة: لام اسم الله، أو كانت قبلها لام مفخمة (الصلاة)؛ فتفخم الألف تبعًا لما قبلها؛ فلذلك قال: (وحرف الاستعلاء فخم واخصصا الاطباق) أحرف الإطباق الأربعة وهي: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء، هذه الأحرف كلها من أحرف الاستعلاء؛ لأن الإطباق والاستعلاء بينهما نسبة العموم والخصوص المطلقين، فكل مطبق مستعل من غير عكس، حروف الإطباق كلها من أحرف الاستعلاء من غير عكس؛ فلذلك أحرف الإطباق منها من أحرف الاستعلاء التفخيم فيها أشد منه في غيرها؛ فلذلك قال:

    (واخصصا الاطباق أقوى) حال كونه أقوى؛ أي: حال كون التفخيم فيه أقوى، نحو (قال)، فهذا من أحرف الاستعلاء من غير إطباق، و(العصا) هذا من أحرف الاستعلاء مع الإطباق، فالقاف والصاد كلاهما مفخم، فكلاهما حرف استعلاء لكن التفخيم في الصاد أكبر منه في القاف؛ لأن الصاد حرف استعلاء وحرف إطباق، والقاف حرف استعلاء وليست حرف إطباق.

    وبين الإطباق من أحطت مع بسطت والخلف بنخلقكم وقع

    يقول: إن الإطباق في حال إدغام الحرف المطبق في حرف غير مطبق، إذا أدغم حرف مطبق في حرف مستفل، فإن صفة الإطباق لابد من إظهارها وإبانتها، وذلك في مثل: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] في سورة النمل، فيبقى من صفة الطاء هذا الإطباق، فالطاء هنا ستبدل تاء؛ لأنها ستدغم فيها والإدغام يقتضي إبدالًا مطلقًا، الحرف إذا أريد إدغامه لابد أن يبدل مماثلًا للحرف الذي يدغم فيه، لكن مع ذلك تبقى رائحة الطاء لتغلب على التاء قبل النطق بها، فيقال: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22]، فيبقى منها الاستعلاء يرتفع اللسان عندها.

    كذلك: لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي [المائدة:28]، (بسطت)، يبقى معنا الطاء وهو ما يحصل من استعلاء اللسان عند النطق بها، فتقول: (( بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي )).

    (والخلف بنخلقكم وقع) اختلف أهل الأداء في قوله تعالى في سورة المرسلات: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [المرسلات:20] فقيل: يلحق حرف الاستعلاء غير المطبق بحرف الإطباق، فالقاف حرف استعلاء، وستدغم في حرف مستفل وهو الكاف، وقيل: يلحق حرف الاستعلاء بالإطباق، فيبقى ذلك الاستعلاء معه، وقيل: يذهب ذلك؛ لأن أحرف الاستعلاء الأخرى غير أحرف الإطباق، التفخيم فيها أضعف كما سبق؛ فلذلك اختلف أهل الأداء هل يقال: (ألم نخلقكم) أو يقال: (ألم نخلقكم) هذا محل خلاف، فإذا راعيت الاستعلاء، فإنك تقول: (ألم نخلقكم)، فتُبقي معنى القاف، تُبقي الاستعلاء الذي فيها، وإذا لم تراعها وخصصت ذلك بأحرف الإطباق، قلت: (ألم نخلقكم) ككل إدغام، والفك لم يرد، لكن اختلف هل يبقى الاستعلاء أو لا، هل يستعلي اللسان عند النطق بها أم لا، وإذا استعلى اللسان لابد أن يسمع شيء من صوت القاف؛ لأن الكاف والقاف من آخر اللسان، مخرجهما متقارب جدًا، فالقاف مستعلية والكاف مستفلة.

    1.   

    باب استعمال الحروف

    بعد هذا قال: (باب استعمال الحروف) وقصده بذلك باب الفك، وهو ضد الإدغام؛ أي: ما يفك من الحروف، وما يدغم.

    فك الحروف في (جعلنا)

    قال:

    واحرص على السكون في جعلنا أنعمت والمغضوب مع ضللنا

    نبهك على الفك في (جعلنا)، فاللام هنا ساكنة وبعدها النون، وهي مجانسة لها، فاللام والنون مخرجاهما متواليان في طرف اللسان، لكن لا إدغام هنا فلابد أن تفك سكون اللام، فتقول: (جعلْنا)، وهنا لابد من التنبيه على نوعين من أنواع الغلط، أحدهما: القلقلة في اللام، بعض الناس يبالغ فيقول: (جعلْنا)، وهذا لحن؛ لأن اللام ليست من أحرف القلقلة، وبعضهم يدغمها أيضًا، فيقول: (جعنّا)، وهذا أيضًا لحن، فلابد أن يتوسط الإنسان بين الأمرين، فيقول: (جعلنا)، وهكذا كل موضع يفك فيه سكون اللام قبل النون مثل: (أنزلنا)، و(قلنا)، ونحو ذلك، ومن المواضع ما يقع فيه إدغام، وهو قليل جدًا، وهو للسوسي عن أبي عمرو فقط.

    وكذلك (أنعمت)، فالنون هنا ساكنة، وقبلها حرف حلق، وبعدها حرف حلق، فنظرًا لخفائها هي فهي في آخر الحروف في طرف اللسان، وحروف الحلق من أولها، فتنطق أولًا بالهمزة من الحلق، ثم تذهب إلى طرف اللسان فتنطق بالنون، ثم ترجع إلى الحلق لتنطق بالعين؛ فلابد من التنبيه على إظهار النون الساكنة من غير قلقلة أيضًا، فتقول: (أنعمت) ولابد من التنبيه على الخطأين السابقين، بعض الناس يقول: (أنَعمت)، فيقلقل النون، والنون ليست من أحرف القلقلة، وبعضهم يقول: (أنعمت) يخفيها إخفاء مطلقًا، فيكون كأنه نطق بالهمزة والعين فقط.

    و(المغضوب)، كذلك الغين فإنها سكنت وبعدها الضاد، ونظرًا لصعوبة النطق بالضاد، فإن كثيرًا من الناس يخفي الغين الساكنة قبل الضاد، وهنا لابد من فكها؛ أي: إظهارها إظهارًا ليس فيه قلقلة، فيقول الإنسان: (غير المغضوب)، فالذي يقول: (المغْـضوب) هذا بالغ فقلقل الغين، وليست من أحرف القلقلة، والذي يقول: (المضوب) أسقط الغين وأخفاها، وهذا ما تسمعونه لدى بعض الأئمة المتفاصحين، الذين يريدون النطق بالضاد نطقًا صحيحًا، يخفون الغين قبلها في (المغضوب).

    وكذلك (ضللنا) فاللام ساكنة قبل النون، وهما متقاربان في المخرج، فلابد من فكها حتى لا يقع الإدغام، وهذا الفك دون قلقلة، فتقول: (ضللنا)، ولا تقول: (ضللنا)، ولا تقول أيضًا: (ضللنّا)، فلابد من التوسط بين الأمرين.

    وخلص انفتاح محذورًا عسى خوف اشتباهه بمحظور عصى

    هذا البيت قافيته على الألف، فهو مقصور مثل مقصورة ابن دريد، يقول فيه: (وخلص انفتاح محذورًا) فالذال حرف منفتح، ولابد من الحذر من إطباقه، فإذا نطقت به وكان مسبوقًا بحرف حلق مثل: (محذورًا)، فلابد من فكه بتخليص انفتاحه خشية انقلابه إلى ظاء، فتقول: محذورًا: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا [الإسراء:57]، (محذورًا) لابد من بيان الانفتاح في الذال؛ لئلا يظن أنها ظاء، وأهل شرق آسيا تلتبس عليهم الذال بالظاء كثيرًا في مثل هذه المواضع؛ ولذلك في أعلامهم (نذير)، (نظير) تسمعون بنظير أو بنذير، وكذلك نحو هذا كثير في أعلامهم، (عسى) كذلك إذا جاءت السين بعد حرف الحلق فكثيرًا ما تستعلي فتقارب الصاد وهي منفتحة والصاد مطبقة، فلابد من تخليص انفتاحها؛ لئلا يقع الإطباق فيها فتلتبس بعصى، وهذا ما يشق على كثير من إخواننا الأفارقة، فالأفارقة يشق عليهم تخليص الانفتاح في السين؛ فكثيرًا ما ينطقونها صادًا.

    وراع شدة بكاف وبتا نعم خوف اشتباهه بمحظور عصى

    تخليص الانفتاح في الذال والسين؛ خشية التباسهما بالظاء والصاد، وهما من الحروف المطبقة، والذال والسين من الحروف المنفتحة، فهذا القصد، (وراع شدة بكاف وبتا)، هذا البيت فيه خلل في قوله: (فتنتا) كما سيأتي، يقول: (وراع شدة بكاف وبتا)، لابد من مراعاة الشدة في الكاف والتاء عند حصول التكرر، فإن التكرر سبب لطلب التخفيف، والشدة من الصفات القوية، فإذا تكررت الكاف أو التاء في كلمة واحدة كان لابد من الحفاظ على الشدة فيها؛ لئلا يتساهل اللسان، وذلك كقوله: (كشرككم)، فالكاف هنا المكسورة وبعدها مضمومة لابد من النطق بها بشدتها؛ لئلا تنقلب إلى حرف آخر، إلى التاء مثلًا، وكذلك التاء إذا تكررت فلابد من الحفاظ على شدتها أيضًا: (تتوفى): الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ [النحل:28] (تتوفاهم) فلابد من الحفاظ على شدتها؛ لئلا يزلق اللسان؛ لأن من لغات العرب ما يحذف إحدى التاءين أصلًا، كما قال ابن مالك:

    وما بتاءين ابتدي قد يقتصر فيه على تاكتبين العبر

    الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ [النحل:28].

    وللسوسي في الإدغام الكبير عن أبي عمرو، إدغام الكاف في الكاف في الكلمة الواحدة في موضعين في القرآن: (مناسكُّم)، وفي موضع آخر وهو: (ما سلكُّم في سقر)، موضعان للسوسي الإدغام فيهما إدغام الكاف، لكن من سوى السوسي جميعًا ليس لديهم الإدغام الكبير، كذلك (فتنة): وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35]، (فتنة)، لابد أيضًا من الحفاظ على شدة التاء، فهنا قوله: (فتنتا) وقف على تاء التأنيث التي يوقف عليها بالهاء وقف عليها هو بالألف، وهذه لغية ردية من لغات العرب؛ فلذلك لا نعدل البيت بسبب كونها لغية من لغات العرب، وإلا فالأصل أن يوقف عليها بالهاء كما هو في القرآن، ولا يجوز الوقف عليها بالألف في القرآن، وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء:35]، لا يجوز أن تقولوا: (فتنتا) مثلًا، لا يجوز هذا في القرآن ذلك، نعم تجوز في لغات العرب، فللعرب فيها ثلاث لغات، إحداها: الوقف عليها بالهاء، وهذه الفصيحة المعروفة، والثانية: الوقف عليها بالتاء:

    الله أنجاك بكفي مسلمت

    من بعدما وبعدما وبعد مَتْ

    قد كادت الحرة أن تدعى أَمَتْ

    وكذلك الوقف عليها بالألف، وهو لغية رديئة أيضًا، فالتاء الأولى التي بين الفاء والنون (فتنة) لابد من الحفاظ على شدتها؛ لأن قبلها الفاء، وبعدها النون، فيحافط على شدتها في السكون، فيقال: فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35].

    1.   

    باب إدغام المتماثلين والمتجانسين

    بعد هذا ذكر ما يدغم، بعد أن ذكر ما يفك ذكر ما يدغم، فبين أن الإدغام يكون في المثلين، وفي المتجانسين، وفي المتقاربين، ولم يذكر المتقاربين هنا، فالإدغام معناه: الإدخال، فأدغم سنان اللجام في فم الفرس إذا أدخله، ومعنى الإدغام: إدخال حرف في حرف، والإدغام له اثنتا عشرة صورة؛ لأن الحرفين إما أن يكون الأول منهما ساكنًا، والثاني محركًا، هذه الصورة الأولى، أو أن يكونا محركين معًا، هذه الصورة الثانية، وكلتا الصورتين إما أن يكون ذلك في كلمة واحدة، أو في كلمتين، تلك أربع صور، وهذه الأربع مضروبة في ثلاث، وهي: إما أن يكونا متجانسين، أو متقاربين، أو متماثلين؛ فتلك اثنتا عشرة صورة، فالمتماثلان الكاف والكاف، والتاء والتاء، والباء والباء، والمتجانسان كما ترون هنا هما الحرفان المتحدان في المخرج، المختلفان في الصفات، وكذلك المتقاربان هما المتقاربان في المخرج أو الصفات؛ أي: اتفقا في المخرج وتقاربا في الصفات، فاللذان اتفقا في المخرج واختلفا في الصفات كذلك متقاربان، فاللذان اتفقا في المخرج ولو اختلفا في الصفات متقاربان، وقد يتفقان في المخرج، ويتفقان في أغلب الصفات، ويختلفان في بعض الصفات، وقد يختلفان في المخرج، ويتفقان في الصفات كلها أو في أغلبها، وذلك مشار إليه هنا ترونه في هذه الصفات المثبتة هنا، فالميم والنون مثلًا مختلفتان في المخرج، ولكنهما متفقتان في الصفات، فكل صفاتهما متفقة كما ترون في هذين الخطين، وقد يكون الفرق في صفة واحدة كالظاء والضاد، فالظاء والضاد متفقان في كل الصفات، إلا أن الضاد تزيد بصفة الاستطالة.

    المتماثلان كالباء في الباء، والمتباعدان لا حاجة بنا إلى ذكرهما؛ لأنهما ما حال مخرج بين مخرجيهما، ما كان بين مخرجيهما مخرج آخر هذان متباعدان، لا يدغم أحدهما في الآخر، نحن نتكلم فيما يمكن فيه الإدغام، والذي يمكن فيه الإدغام إما المتماثلان، وإما المتجانسان، وإما المتقاربان، أما المتباعدان- وهما اللذان اختلفا في المخرج والصفة، وتباعد مخرجاهما- فلا فائدة لذكرهما هنا؛ لأنهما لا يقع بينهما الإدغام أصلًا.

    قال:

    وأولي مثل وجنس إن سكن أدغم

    فالإدغام إذا كان الأول ساكنًا هو الذي يسمى بالإدغام الصغير، وإن كان محركًا هو الذي يسمى بالإدغام الكبير، والإدغام الصغير لكل القراء، والإدغام الكبير مختص بقراءة أبي عمرو بن العلاء، وبرواية السوسي منها، دون رواية الدوري على الراجح، وقيل: بل يتفق السوسي والدوري في بعض الإدغام الكبير.

    قال: (وأولي مثل) وهما إذا تكرر الحرف نفسه، (وجنس) إذا جاء بعد الحرف مجانس له، وكذلك المقارب، (إن سكن أدغم)؛ أي: أدخله في الذي بعده وهو المحرك، فيكون المحرك مشددًا، كــ(قل رَّب)، و(بل لَّا)، (قل رب)، هذا بين المتجانسين، فاللام والراء، اللام ساكنة والراء محركة، وهما متجانسان، فحصل الإدغام، فيقال: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ [المؤمنون:93]، وكذلك المثلان (بل لَّا)، كَلَّا بَلْ لا [المدثر:53]، (كلا) هذا في كلمة واحدة، و(بل لا) هذا في كلمتين، فكل تشديد هو إدغام، كل تشديد من هذا القبيل هو إدغام؛ فلذلك قال: (وبل لا) انتهى من هذه القاعدة وبين محترزاتها، فقال: (وأبن في يوم)، لابد من الإبانة إذا كان أولهما حرف مد، أو كان حرف لين، فحروف المد واللين لا تدغم، فإذا قلت: فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4]، (في يوم) الياء هنا في (في) ساكنة، والياء التي بعدها محركة (يوم)، لكن لا إدغام؛ لأن هذا من حروف المد واللين، وأيضًا حرف العلة، فلا إدغام فيها، وليس هذا في جميع الحالات أنما في مثل هذا النوع فقط، لكن قد تشدد الياء في مواضع أخرى، وكذلك الواو في مواضع أخرى تدغم الياء في الياء، أو الواو في الواو، لكن في مثل هذا النوع، إذا كان الأول منهما حرف مد، والثاني معتلًّا، فلا إدغام كما هنا.

    وفي هذا المثال مثالان، فالمثال الأول ياء (في) مع ياء (يوم)، والمثال الآخر الواو والميم، فالواو ساكنة والميم حرف مجانس لها، فقد تقارب مخرجاهما، وكلتاهما شفوية، وسكنت الواو وتحرك ما بعدها وهو الميم، ولم يقع الإدغام؛ لأن الواو هنا حرف لين، فلا إدغام، هذا المثال وحده في (يوم) فيه مثالان، بين الياءين، وبين الواو والميم، ولا إدغام في واحد منهما.

    كذلك: قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ [الشعراء:96]، فالواو هنا حرف مد، وجاءت بعدها الواو الأخرى العاطفة، وهي محركة ولا إدغام بينهما.

    (قالوا وهم) كذلك الواو هنا الأولى، وهي واو الجمع - ضمير الجمع - حرف مد، والواو العاطفة التي بعدها مفتوحة، ومع ذلك لا إدغام، (قل نعم)، كذلك من أمثلة هذا (قل نعم) فاللام ساكنة والنون بعدها محركة وهي مجانسة لها، لكن لا إدغام، لا يجوز أن تقول: (قنَّعم)، بل تقول: (قل نعم).

    كذلك (سَبِّحْهُ) فالحاء والهاء كلتاهما حلقية من أحرف الحلق، فهما متقاربان، فسكنت الحاء، وتحرك ما بعدها وهو الهاء، ومع ذلك لا إدغام.

    كذلك لا تُزِغْ قُلُوبَنَا [آل عمران:8]، فالغين ساكنة وبعدها القاف محركة، وهما متقاربان، لكن لا إدغام بينهما، لا يجوز أن تقول: (لا تزقُّلوبنا)، لكن قل: (( (لا تُزِغْ قُلُوبَنَا )).

    كذلك فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ [الصافات:142]، اللام ساكنة وبعدها التاء، وهما لسانيتان، ومع ذلك لا إدغام هنا، لا يجوز أن تقول (فاتَّقمه) لابد أن تقول: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ [الصافات:142].

    ثم بعد هذا عقد بابًا لبيان الفرق بين الضاد والظاء؛ نظرًا لاتفاقهما في أغلب الصفات، ولصعوبة الضاد فإن كثيرًا من الناس لا يستطيع النطق بها لصعوبتها، وهي أصعب الحروف العربية؛ ولذلك قال فيها الشيخ باب بن الشيخ سيدي رحمهما الله:

    الضاد حرف عسير يشبه الظاء لا الدال يشبه في نطق ولا الطاء

    لحن فشا منذ أزمان قد اتبعت أبناؤها فيه أجدادا وآباء

    والحق أبلج لا يخفى على أحد إن استضاء بما في الكتب قد جاء

    هذا هو الحق نصًا لا مرد له من شاء بالحق فليومن ومن شاء.

    1.   

    باب الضاد والظاء

    قال: (باب الضاد والظاء)، ولابد أن نعلم أنهما أولًا حرفان، المنطلق الأول: أن الضاد حرف، وأن الظاء حرف، وهذا يدل على التفريق بينهما لكن لابد أولًا أن نفرق بين هذين الحرفين، بين الضاد والظاء، وإذا فرقنا بينهما في الأصل حينئذ سنبحث عن مخرجيهما، وعن صفاتهما، فنجد أن الضاد تخرج من حافة اللسان مما يلي الأضراس، وتمتد مستطيلة إلى مخرج اللام، وأن الظاء تخرج من رأس اللسان عند رءوس الثنايا العليا.

    وكذلك الفرق بينهما في الصفات فقط في الاستطالة، وما عدا ذلك من الصفات مشترك، قال:

    والضاد باستطالة ومخرج ميز من الظاء

    يقول: إن التمييز بين الظاء والضاد، أن الضاد مخرجها يختلف عن مخرج الظاء، فمخرجها من حافة اللسان، سواء كان ذلك من اليمنى، أو من اليسرى، أو منهما معًا، وهي مستطيلة إلى قرب مخرج اللام.

    ثم بدأ يعد الكلمات التي يوجد فيها الظاء في المصحف، فقال: (وكلها تجي)، (وكلها)؛ أي: الظاء التي في القرآن هي التي في هذه الكلمات، وكلها تجي (في الظعن) فظعن هذا الفعل الحرف الأول منه ظاء، وليست ضادًا، ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ [النحل:80]، سواء بالتحريك أو بالإسكان، (ظعْنكم) أو (ظعَنكم) كذلك (الظل): أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ [الفرقان:45]، فهذه الظاء وليست الضاد، كذلك الظهر والظهيرة: وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ [النور:58]، فهذه الظاء وليست الضاد، وكذلك (العُظْمُ)؛ أي: العظمة، في أي: موضع جاءت، (العظيم)، (عظيمًا)، سواء كان منكرًا أو معرفًا، كلها بالظاء، (الحفظ) كذلك بالظاء، سواء كان اسمًا أو فعلًا وكل مشتقاته كذلك، كذلك (أيقظ): وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ [الكهف:18]، فهي بالظاء، وكذلك (أنظر): مِنَ المُنظَرِينَ [الأعراف:15]، وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، هذه بالظاء، وكذلك (العَظْمُ): وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي [مريم:4]، فهي بالظاء، وكذلك (الظهر): عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ [فاطر:45]، إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا [الأنعام:146]، فهي بالظاء.

    كذلك: ظَهَرَ الْفَسَادُ [الروم:41]؛ لأن هذه من ظهر بمعنى (اتضح) هي ليست من الظهر الذي هو الظهر.

    كذلك اللفظ (لَفَظَ) هذا الفعل لامه ظاء، فكل مشتقاته كذلك: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]، كذلك (ظاهر) كما قلت أنت الآن: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ [المجادلة:2] وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [المجادلة:3]، (يَظَّهَّرُونَ) كذلك، كلها من (ظاهر) فهي بالظاء، وهي كلها من الظهر، معناها: إذا قال الرجل لامرأته: (أنت علي كظهر أمي)؟

    كذلك (لظى) وهي اسم من أسماء النار، كَلَّا إِنَّهَا لَظَى [المعارج:15]، فعينها ظاء، وكذلك (شواظ) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ [الرحمن:35]، فلامها ظاء، وكذلك مادة (كظم الغيظ) وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ [آل عمران:134]، وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58]، كلها من الظاء، كلها عينها ظاء، كذلك (ظلم)، (الظالمون)، (ظلام): وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]، وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل:118]، وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ [الزخرف:76]، كلها بالظاء، كذلك (الظُّفر): وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ [الأنعام:146]، فهي بالظاء، فاؤها ظاء.

    كذلك (اغلظ)، فالغلظ والغلظة كلها لامها ظاء: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ [آل عمران:159]، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التوبة:73]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التوبة:123]، كلها بالظاء، كذلك (الظلام)، فــ(أظلم الليل) وما يتعلق بهذه المادة كلها فاؤها ظاء، (الظلمة) و(الظلمات) كلها بالظاء: ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ [النور:40].

    كذلك (انتظر)، سواء أثبتت فيها التاء أو لا، انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ [الحديد:13]، وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنتَظِرُونَ [السجدة:30]، فهذه عينها ظاء.

    كذلك (الظمأ) وهو العطش، يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً [النور:39]، إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى [طه:118-119]، فهذه فاؤها ظاء، كذلك (أظفر)، فالظفر كله فاؤه ظاء، وكذلك (الظن)، ففاؤه ظاء كذلك، سواء كان اسمًا أو فعلًا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12]، إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ [الجاثية:32]، الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح:6]، وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [البقرة:78]، وبأي صورة جاء هذا اللفظ في المصحف، سواء كان بالفعل، أو بالاسم، بالمفرد، أو بالجمع؛ ففاؤه ظاء.

    كذلك (وعظ)، لفظ (الوعظ) في القرآن أيضًا كله بالظاء: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ [الشعراء:136]، فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة:275]، (وعظهم)، (وعظوهن)، كلها بالظاء، إلا لفظ (عضين)، وهذا الاستثناء هو لغير الناطقين بالعربية، فليست من هذه المادة أصلًا، ولكن نظرًا للمشابهة فقط استثناها، فقال: (سوى عضين): الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [الحجر:91]، فهذه بالضاد ليست بالظاء، وهي في سورة الحجر، وقد اختلف فيها: هل هي من العِضَةِ وهي السحر، أو من العضو وهو الجزء؟ فقيل: معناها: الذين جعلوا القرآن سحرًا، (عضين)؛ أي: سحرًا، وقيل معناها: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [الحجر:91]؛ أي: أعضاء، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعض، أي جزءوه، وهي كلها بالضاد الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [الحجر:91]، كلها بالضاد، وهي في موضع واحد.

    وعلى أنها من العضه قول رؤبة بن العجاج: (ليس كلام الله بالمعضه).

    ألا إلا ده فلا ده ليس كلام الله بالمعضّه

    (بالمعضه) من العضه في الأصل وهو: السحر، ويقال فيه: العضة أيضًا، فلامها مختلف فيه، هل هو هاء أو واو، فإذا كانت هائية يقال: (عضه)، وإذا كانت واوية، يقال: (عضاه) عضاه يعضيه: إذا جعله أعضاءً.

    والعين إذا جاء بعدها هذا الحرف فهو ظاء في (الوعظ)، وهو ضاد في (عضين)، ما فاؤه عين من هذه الكلمات هذا المقصود به، فهو استثناء فقط في الجنس، وإلا فليس هذا من مادة واحدة.

    والاستثناء في الرسم تبعًا له هو، وهو أيضًا تبع الداني في ذلك، هو هنا يتبع أبا عمرو الداني، فنفس الكلمات ذكرها أبو عمرو، (ظل): ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58]، التي في النحل، والتي في الزخرف، وكلتاهما: ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58]، في النحل وفي الزخرف، فكلها بالظاء، وكلتاهما سواء، سواء؛ أي: لفظاهما واحد، وكذلك (ظلت): ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا [طه:97]؛ أي: إن اللفظ جاء متحدًا في السورتين: في سورة النحل، وفي سورة الزخرف وهو: ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا [النحل:58]، وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [الزخرف:17]، هذه في سورة الزخرف: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58]، في سورة النحل؛ فلذلك قال: (سواء)؛ أي: يستويان في ذلك.

    قال: (وظلت): وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ [طه:97]، فهي بالظاء، وكذلك (ظلتم): فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [الواقعة:65-67] (ظلتم)، هذه بالظاء، (وبروم ظلوا)، كذلك (ظلوا) التي في سورة الروم، لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ [الروم:51]، فهي بالظاء، كالحجر، كذلك التي في سورة الحجر، وهي: وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ [الحجر:14]، فهي بالظاء أيضًا، (ظلت شعرا) معناه (ظلت) التي في سورة الشعراء، وهي: فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ [الشعراء:4]، فهي بالظاء، كذلك (نظل) في سورة الشعراء أيضًا: فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ [الشعراء:71]، (يظللن): إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ [الشورى:33] (يظللن) فهي بالظاء، وما سوى ذلك هو من فروع الضلال، هو هنا يريد أن يفرق بين (ظل) و(ضل)، فذكر فروع (ظل) جميعًا.

    (محظورًا)، كذلك: وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا [الإسراء:20]، فهي بالظاء لا بالضاد، (مع المحتظر) كذلك: كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ [القمر:31]، فهي بالظاء: وهو متخذ الحظيرة، و(كنت فظًّا)، كذلك: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ [آل عمران:159]، (فظًّا) فهي بالظاء، (وجميع النظر) كذلك جميع مادة النظر، سواء كان من نظر البصر، أو من نظر الرأي، أو من (النظر) بمعنى: الانتظار، فكلها بالظاء، فنظر من الانتظار: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ [الحديد:13]، ونظر بمعنى: التفكر: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ [الصافات:88]، ونظر بمعنى: البصر: لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا [البقرة:104]، فكلها بالظاء، (إلا بويل) استثنى من ذلك كلمتين، وهما: نَضْرَةَ النَّعِيمِ [المطففين:24]، و نَضْرَةً وَسُرُورًا [الإنسان:11]، فـ(نضرة النعيم) في سورة (ويل) وهي سورة المطففين، وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ [المطففين:1-2]، فيها: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ [المطففين:24]، فهي بالضاد، وكذلك في (هل) وهل يشير بها إلى سورة الإنسان: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [الإنسان:1]، ففيها: نَضْرَةً وَسُرُورًا [الإنسان:11]؛ فلذلك قال: (إلا بويل هل) معناه: إلا بـ(ويل) و(هل) التي هي سورة الإنسان، هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ [الإنسان:1]، نَضْرَةً وَسُرُورًا [الإنسان:11].

    كذلك (وأولى ناضره)، الأولى من هاتين الكلمتين: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]، فالأولى بالضاد، والثانية بالظاء، ناضرة، فلأن الصوت متقارب أراد أن يبين ذلك.

    وفي هاتين الآيتين جناس، لكن هذا الجناس يقع أيضًا في غير هذا، فالجناس التام ذكره سيبويه في هذه الآية في: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]، وذكره في آية سورة الأنعام، وهي قوله: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ [الأنعام:26]، هذا جناس تام، والفرق بين الهمزة والهاء واضح لك، فكذلك يقاس عليه الفرق بين الضاد والظاء.

    بعد هذا قال: (والغيظ)، كذلك (الغيظ) وجميع مشتقاته في القرآن، فهو بالظاء لا بالضاد: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ [آل عمران:134]، إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا [الفرقان:12]، فكلها بالظاء، (لا الرعد) أما هذا اللفظ في سورة الرعد وهو: اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ [الرعد:8]، فهو بالضاد لا بالظاء.

    (لا الرعد وهود) كذلك في سورة هود: وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ [هود:44]، (غيض الماء) فالذي فيها هو الضاد لا الظاء، (لا الرعد وهود قاصره) فهذه قصرت؛ أي: استثنيت بخصوصها، فالقصر هو الاستثناء، فقصرت الضاد على هذين الموضعين على التي في الرعد والتي في هود، و(الحظ) كذلك الحظ، حيث جاء في القرآن فهو بالظاء، إلا الحض على الطعام، قال: (والحظ لا الحض على الطعام)، فالحظ حيث جاء في القرآن فهو بالظاء، إلا قوله تعالى: وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ [الفجر:18]، فهذه بالضاد، (وفي ظنين الخلاف سامي) هذه كلمة اختلف فيها: هل هي بالظاء أو بالضاد، وهي: وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [التكوير:24]؟ فقيل: بضنين بالضاد، وقيل: بظنين بالظاء، فالظنين: المتهم، ومنه قول عمر رضي الله عنه في كتابه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودًا في حد أو ظنينًا في ولاء أو قرابة) عدول بعضهم على بعض، إلا مجلودًا في حد، أو ظنينًا في ولاء أو قرابة، والظنين: هو المتهم، والضنين: من الضنة، وهي: البخل، فالضنة:

    إذا ما كتمت السر عمن أوده توهم أن الود غير حقيق

    وما صنت عنه السر عن ضنة به ولكنني أخشى صديق صديقي

    أتاركة تدللها قطام وضِنًا بالتحية والكلام

    فهي من الضنة، وقد كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ عليهم القرآن يقولون: هلا اجتبيت لنا سورة أخرى غير هذه، يقولون: اجتب لنا سورة غيرها، فإذا لم يقرأ عليهم سورة أخرى، قالوا: ضن علينا بقرآنه؛ فلذلك أنزل الله تعالى: وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [التكوير:24]، فليس ذلك إليه، إنما ينزل الله ما شاء، ولا يستطيع تقول شيء عليه، وقد قال الله تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقة:44-46].

    وبالنسبة للتفريق بين هذين الحرفين فإنها يشترك في بيان الفرق بينهما جميع المؤلفين في علم الأداء، فمنذ تأليف أبي عمرو الداني وقبله أيضًا مكي بن أبي طالب كثر اللحن في عدم التمييز بين الضاد والظاء، والناس الآن لا يميزون في ذلك في كثير من المناطق، كثير من الناس يقولون: (الضهر)، يقصدون (الظهر)، ويكتبونها بالضاد، وكذلك يقولون: ضفر فلان بكذا، وهي من الضفر، والضفر هو ضفر الشعر، وهم يقصدونها من (الظفر)؛ فيلتبس هذا، ويقع هذا كثيرًا في المشرق العربي، وفي كثير من البلدان.

    لزوم البيان عند تلاقي الضاد والظاء

    قال: (وإن تلاقيا البيان لازم) إذا التقى الضاد والظاء، خشية أن تظن أنهما حرف واحد، فلابد من البيان، لابد أن تبين الفرق بينهما، وذلك في موضعين في المصحف:

    الموضع الأول: في سورة ألم نشرح: أَنقَضَ ظَهْرَكَ [الشرح:3]، لابد أن تبين الضاد باستطالتها ومخرجها، فتقول: الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ [الشرح:3]، فتميز الفرق بينهما؛ فيكون واضحًا للسماع، السامع إذا سمع: أَنقَضَ ظَهْرَكَ [الشرح:3]، عرف الفرق بين الحرفين، وكذلك في سورة الفرقان: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ [الفرقان:27]، (يعض الظالم) لابد من الفرق بينهما، فالسامع إذا سمع الآن: يَعَضُّ الظَّالِمُ [الفرقان:27] عرف الفرق بين الضاد والظاء، (يعض الظالم).

    قال: (أنقض ظهرك)، (يعض الظالم)، فهذان الموضعان التقى فيهما الضاد والظاء، ومن العجيب- من لطف الله تعالى- أن الضاد تأتي سابقة على الظاء فيهما معًا؛ لأنها قبلها في المخرج، فالضاد لسانية من حافة اللسان، والظاء من رأس اللسان، ورءوس الثنايا العليا، فبدئ بالأصعب، وكان هذا من إعجاز القرآن.

    كذلك قال:

    واضطر مع وعظتم مع أفضتم وصف ها جباههم عليهم

    كذلك من الأمور التي لابد منها: أن تظهر الضاد قبل الطاء إذا سكنت، فإن كثيرًا من الناس يدغمها فيها، فلابد من الفك حتى تظهر، وذلك في مثل (من اضطر)، لابد أن تميز الضاد هنا، فتقول: فَمَنِ اضْطُرَّ [البقرة:173]؛ لأن كثيرًا من الناس يقول: (من اطُّر)، فيدغمها فيها، وهذا لحن، فلابد من التمييز: فَمَنِ اضْطُرَّ [البقرة:173]، كذلك (وعظت) إظهار الظاء أيضًا قبل التاء في (وعظت): سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ [الشعراء:136]، لابد من إظهار الظاء الساكنة هنا لئلا تدغم؛ لأن كثيرًا من الناس يدغمها، فيقول: (وعتّ)، (مع أفضتمُ): فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة:198]، فالضاد ساكنة قبل التاء؛ فلابد من إظهارها؛ لئلا تدغم فيها؛ لأن كثيرًا من الناس يقول: (أفتّم) فيدغمها فيها.

    كذلك قال: (وصف ها جباههم) كذلك الهاء إذا تكررت في الكلمة لابد من تصفيتها، أن تصفى، أن يصفى النطق بها، فتأتي بها مهموسة على هيئتها، فإن بعض الناس يبالغ في إظهارها، حتى يذهب بها عن الهمس، فيجعلها مجهورة، وهذا لحن؛ فلذلك تقول: (جباهُهُم)، لا تقل: (جباهُّم)، هذا لحن؛ لأن فيه جهرًا بالهاء وهي مهموسة، فتقول: (جباههم)، ولابد من الحذر من الشدة فيها، أن تقول: (جباههم) لابد من الحذر من هذا؛ فلذلك قال: (وصف ها جباههم) الهاءان في (جباههم) لابد من تصفية الهاء، فتخرجها من مخرجها، وهو آخر الحلق، ومع ذلك تنطق بها مهموسة، فلا تجهر بها، كذلك (عليهم)، فالهاء هنا لابد أن تحذر من الجهر بها، فصفها؛ أي: أخرجها مهموسة، فقل: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، بعض الناس يقول: (أنعمت عليهِّم)، وهذا لحن لما فيه من الجهر بالهاء، فلابد من تصفيتها، فتقول: (( أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ))، وهذه الهاء قبلها ياء وبعدها ميم الجمع، وللقراء فيها خلاف بالنسبة لحركتها، فمنهم من يضمها، ومنهم من يكسرها، ومنهم من يضم الميم، ومنهم من يسكنها، ومنهم من يكسرها، وكلها قراءات مأخوذ بها معروفة: (صراط الذين أنعمت عليهُم)، (صراط الذين أنعمت عليهِم)، (صراط الذين أنعمت عليهِمُ)، (صراط الذين أنعمت عليهِمِ)، كلها قراءات.

    وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وأسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل ما نقوله ونسمعه حجة لنا لا علينا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا.

    1.   

    الأسئلة

    معرفة العرب لأسماء الحروف

    السؤال: هل هذه التسميات كانت معروفة عند العرب وهي: ألف، وباء، وتاء، بهذه التسميات، أم أنها اجتهاد لأهل اللغات؟

    الجواب: أن أسماء الحروف من لغة العرب، وقد ورد بها القرآن، فقد قال الله تعالى: الــم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:1-2]، الــم [البقرة:1]، الر [يوسف:1]، المص [الأعراف:1].. هذه كلها في القرآن.

    وهل ما يعلم به الصبيان كذلك؟

    بالنسبة للهجات، ينطق فيها بهذه الحروف على الوجه الذي يتعارف الناس به في اللهجة، فبعض الناس يقول: (الليف) للألف، هذا لهجة ليست من لغات العرب، وهكذا.

    شرح قوله: (ورد كل واحد لأصله...)

    السؤال: أريد إعادة شرح البيت:

    ورد كل واحد لأصله واللفظ في نظيره كمثله

    الجواب: قد سبق بيان أن من تمام التجويد أن يرد الإنسان كل حرف إلى مخرجه وهو أصله، وأن يتعود على النطق به؛ حتى يكون لفظه في كل حرف نظير لفظه بذلك الحرف في موضع آخر، وهذا معنى قوله: (واللفظ في نظيره كمثله)، وفيها معنى آخر إذا قلت: (واللفظ في نظيره)؛ أي: ورد اللفظ في نظيره كمثله، (ورد اللفظِ) إذا قلت: (واللفظ في نظيره كمثله) معناه: في حال الإدغام الذي تكلمنا فيه الليلة.

    الفرق بين الإدغام واللين

    السؤال: ما الفرق بين الإدغام واللين ومتى تكون الواو والياء حرفي لين؟

    الجواب: أن الإدغام واللين لا يمكن أن يقع التباس بينهما؛ لأن اللين معناه: لين الحرف في المخرج في حال النطق به؛ لأنه يذهب في هواء الفم، ولا يرتبط بمخرج معين، والإدغام هو: إدخال الحرف في الآخر، وهو التشديد، فهو عكس هذا تمامًا، وليس بينهما اشتباه ولا التباس، أما الواو والياء، فيكونان حرف لين إذا سكنا وانفتح ما قبلهما.

    (محضرة) بالضاد

    السؤال: هل (المحضرة) بالضاد أو بالظاء؟

    الجواب: الراجح أنها بالضاد لا بالظاء، وهي المحاضر كما قال لبيد بن ربيعة العامري:

    فالواديان وكل مغنى منهمُ وعلى المياه محاضر وخيام

    الاستطالة صفة للحرف

    السؤال: هل الاستطالة صفة للضاد أم للمخرج؟

    الجواب: أن الاستطالة صفة للحرف، وأن الصفات كلها للحروف، فالاستطالة صفة للضاد في مخرجها، فمخرجها تستطيل فيه، وهو- أصلًا في ذاته أيضًا- مستطيل، لكن المخارج نفسها نحن لا نتكلم في التشريح، نحن نتكلم في النطق بالحروف؛ ولذلك كل ما نذكره من الصفات ليس صفات للمخارج والأماكن التي تخرج منها، بل هو صفات للحروف.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767035167