إسلام ويب

مقدمات في العلوم الشرعية [18]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من المراجع المهمة في الاعتقاد كتب السلف السابقين، وطريقتهم أن يجعلوا العلوم كلها في جامع واحد، ويعقدوا فيه كتباً للعلوم المختلفة، كما فعل مالك في الموطأ، والبخاري ومسلم، وهناك من أفردوا التأليف في الأصول العقدية كالإمام أحمد في السنة، وابنه عبد الله في السنة. ومن الكتب على طريقة المتكلمين كتب الرازي والأيجي، والتفتازاني، والسنوسي، ومن الكتب التي تعتني بأقوال السلف كتاب الشريعة للآجري، وشرح أصول السنة للالكائي، ومن الكتب المهمة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية.

    1.   

    مراجع في علم العقائد

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن من المراجع المهمة في مجال الاعتقاد بعض كتب السلف السابقين، وقد كانت طريقة السلف أن يجعلوا العلوم كلها في جامع واحد، ويعقدوا فيه كتباً للعلوم المختلفة، كما فعل مالك في الموطأ، والشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين.. وهكذا، ولكن منهم من أفرد الجانب العقدي بتأليف مستقل، ومن أقدم هؤلاء أبو بكر الحميدي عبد الله بن الزبير القرشي في كتابه أصول السنة، وهو أصول مركزة في صفحتين فقط، وقد طبعتا في الجزء الأخير من مسند الحميدي، وأدرجهما أيضاً اللالكائي في كتابه شرح أصول السنة.

    وكذلك من الذين أفردوا التأليف في الأصول العقدية الإمام أحمد في السنة، وابنه عبد الله في السنة كذلك، وتلميذه الخلال في السنة كذلك، وأبو داود في السنة، وكذلك ابن أبي شيبة أبو بكر في كتابه الإيمان، وكذلك البخاري في خلق أفعال العباد، وكذلك عبد الله بن وهب الجهني تلميذ مالك رحمه الله، وهو معاصر للحميدي، وقد ألف رسالةً في الاعتقاد، وألف الجامع أيضاً للاعتقاد، وألف كتاب القدر للاعتقاد، ومثل ذلك كتاب الإيمان لـأبي خيثمة الكبير زهير بن حرب شيخ البخاري ومسلم، وكذلك كتاب الإيمان لـابن منده وهو من أوسع هذه الكتب؛ لأنه جاء بعدها فجمع أكثر ما فيها، وكذلك كتاب التوحيد لـأبي بكر بن خزيمة، وكتاب الصفات وهو صغير الحجم للإمام الدارقطني، وكتاب الرؤية للدارقطني أيضاً، ثم كتاب الأسماء والصفات، وكتاب الاعتقاد كلاهما للإمام أبي بكر البيهقي، وغير هذا من الكتب القديمة المؤلفة في هذا الجانب، ومنها مقدمة الإمام أبي جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي التي اشتهرت بعقيدة الطحاوي، وكذلك كتاب السنة للبربهاري أو شرح السنة للبربهاري وهو الذي وضع القواعد لمذهب الحنابلة في هذا الكتاب، وفي عصره أبو الحسن الأشعري، ومن كتبه النافعة المهمة في هذا الباب كتاب مقالات الإسلاميين، وهو أهم كتاب ألف في كلام الفرق، وقد أدرج فيه عقائد الفرق وقسمه إلى قسمين، ذكر في القسم الأول المسائل الكبرى، وفي القسم الثاني دقيق المسائل، وله كتب في الاعتقاد أخرى مثل كتاب الإبانة عن أصول الديانة، ومثل كتاب رسالة الثغر، ومثل كتاب اللمع، وهذه كتبه الموجودة المتداولة، وله كتب في الاعتقاد سواها مثل الرد على المعتزلة، الرد على الجبائي وغيرها.

    وكذلك كتب تلامذته من أمثال القاضي حسين الشافعي، وأبي المعالي الجويني الذي له الإرشاد في الاعتقاد، والإمام الغزالي تلميذ الجويني وله عدد من الكتب في المجال العقدي على طريقة المتكلمين، ومن أهمها كتابه المنقذ من الضلال، وكذلك الفخر الرازي الذي ألف كتاب المحصل في علم الكلام، لكنه أغرق فيه في المسائل الفلسفية، وأتى فيه بنظريات جديدة لم تكن معروفةً من قبل، مثل نظرية الأحوال في إثبات الصفات المعنوية لله، مثل التفريق بين صفة العلم وصفة كونه عالماً، وصفة الإرادة وكونه مريداً، وصفة القدرة وكونه قادراً، وصفة الكلام وكونه متكلماً، وصفة السمع وكونه سميعاً، وصفة البصر وكونه بصيراً، وهذا الكتاب هو في الواقع الذي أصبح ينتسب إليه المتأخرون من المتكلمين من الأشاعرة، وأصبح كثير من الذين يريدون الرد على الأشاعرة، أو يتتبعون أخطاءهم يذهبون إلى اجتهادات الفخر الرازي، فأصبحوا يتداولون أخطاءه، ولذلك فإن الذين يتصدون للرد على الأشاعرة من أصحاب المذاهب الأخرى إذا أرادوا الرد عليهم يأخذون من كلام الفخر الرازي ويردون عليه لكن لا يرجعون إلى كتب أبي الحسن؛ لأن غالب كلامه مستقيم، وأخطاؤه قليلة، فلذلك يتركونه ويذهبون إلى الفخر الرازي الذي توفي سنة ستمائة وستة أي بعد أبي الحسن بقريب من ثلاثة قرون، والفخر الرازي بينه وبين الغزالي مائة سنة، فقد توفي الغزالي سنة خمسمائة وخمسة، والفخر الرازي سنة ستمائة وستة، وقد رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية بأبيات اشتهرت في وصف المحصل.

    ومن كتب المتكلمين على هذه الطريقة أيضاً التي اشتهرت كتاب العضد الأيجي الذي سماه المواقف في علم الكلام، وقد كثرت شروح هذا الكتاب وانتشرت وذاع صيته لتركيزه للأدلة العقلية، واطرادها على وفق مقتضى القواعد المنطقية، وقد اعتنى بمختلف المسائل العقدية وبالأخص مسألة الإمامة، وكتابه يحتاج من يدرسه إلى استيعاب كامل للقواعد المنطقية، فهو كتاب مركز جداً، وكذلك كتاب المقاصد لـسعد الدين التفتازاني، وقد شرحه هو، طبع شرحه في خمسة مجلدات ضخام، ثم كتب متأخري الأشاعرة وهي كثيرة جداً ومن أهمها وأشهرها كتب العقائد للإمام السنوسي محمد بن علي السنوسي، وهذه الكتب منها: أم البراهين، ومنها الكبرى، ومنها الوسطى، ومنها الصغرى، ومنها صغرى الصغرى، وقد جمع ملخصها المقري في منظومته التي سماها (إضاءة الدجنة في اعتقاد أهل السنة)، وهذه المنظومة عبارة عن خمسمائة بيت، نظمها من أحسن المنظومات وأتقنها، وقد ضمنها أهم كلام السنوسي.

    وكذلك من كتبهم نظم الحوض وشروح عقائد السنوسي وشروح إضاءة الدجنة والحواشي عليها، وهي كثيرة جداً وبالأخص في عصور المتأخرين، فمن كتبهم المستوعبة للفن أيضاً كتاب وسيلة السعادة للمختار بن بونى الشنقيطي وهو نظم طويل جمع فيه أكثر أبحاث علم الكلام.

    وكذلك من الكتب التي تعتني بأقوال السلف خصوصاً وبمدرسة الحنابلة عموماً كتاب الشريعة للإمام الآجري، وكتاب شرح أصول السنة للالكائي، وكتاب المختار بن البناء الحنبلي وهو تلخيص لكتاب الشريعة للآجري، ثم كتاب لمعة الاعتقاد للموفق ابن قدامة الحنبلي، وقد شرحت في كثير من الشروح، ثم كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وإن كان شيخ الإسلام لم يسر على طريقة السابقين من الحنابلة تماماً بل رد عليهم في كثير من الأمور رد على الموفق ابن قدامة في كثير من الأمور، بل قال: إن كلام الأشعري وتلامذته خير من كلام الموفق في بعض الجوانب.

    وكذلك في كتاب طبقات الحنابلة لـأبي يعلى ملخص عقيدة الحنابلة المذهب، فاجتزئ وأصبح كتاباً مستقلاً كذلك.

    ومن أهم كتب شيخ الإسلام في هذا الباب العقيدة التدمرية، والوصية الكبرى، وكذلك الواسطية التي يحفظها الصبيان لسهولتها ولكثرة النصوص من القرآن والسنة فيها، وكذلك المناورات والردود الكثيرة التي ألفها.

    ثم كتب ابن القيم، ومن أهمها: كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية، وكتاب الصواعق المرسلة، وكتاب مختصر الصواعق المرسلة كذلك.

    ثم كتب المتأخرين من الحنابلة، ومن أهمها: كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وإن كان لم يأت فيها بشيء من عند نفسه بل أغلبها نقول من كلام السابقين أو نصوص شرعية، مثل كتاب التوحيد كله نصوص شرعية ومسائله التي هي استنباطات من النصوص يذكرها نقلاً عمن سبق ويعتمد فيها كثيراً على كلام الحافظ ابن حجر، وكلام شروح صحيح البخاري، وكذلك كتبه الأخرى التي هي بمثابة الردود وأكثرها منقول من كلام ابن تيمية وابن القيم، وقد اعتنى الناس بكتابه كتاب التوحيد فكثرت شروحه والتعليقات عليه، وكذلك منظومة الشيخ حافظ الحكمي سلم الأصول، قد جمع فيها كثيراً من كلام من سبق، واعتمد فيها على بعض الكتب التي لم تذكر من قبل مثل كتاب ابن الوزير اليماني، وإن كان ابن الوزير لا يوافق الحنابلة في بعض الأبحاث المذهبية، وبالأخص متأخري الحنابلة من أتباع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فقد نحا بعضهم بعض المناحي الاجتهادية في المجال العقدي وبالأخص ما يتعلق بالتكفير المعين ونحوه وشروط التكفير ونحو ذلك، وكذلك تكفير الفرق المخالفة، وإن كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كان من ألزم الناس لهدي السلف في هذا الباب فلم يكن يتشدد فيه، لكن بعض أحفاده تشددوا في بعض الجوانب من هذا، ومن أشهر المتشددين منهم في باب التكفير: حفيد الشيخ إسحاق بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ حافظ لا يوافقه في ذلك التشدد بل ينتهج فيه نهج ابن الوزير اليماني، وكذلك ابن بطة في كتابه الإبانة.

    وقد سلك كثير من الفقهاء مدرسةً توفيقيةً في التأليف، فيضعون في مقدمات كتبهم أبواباً للاعتقاد، وقد اشتهر هذا في مؤلفات المالكية بالخصوص، ففي مقدمة ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله للرسالة (باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانة)، وقد جمع فيه كلام السلف دون أن يبرز له هو في نفسه رأي، ودون أن ينقل عن أحد أيضاً؛ لأنه على الطريقة الميسرة للحفظ يحفظه الصبيان، ومثل ذلك الأبواب التي عقدها أبو الوليد ابن رشد في مقدمة كتاب المقدمات، وكذلك الأبواب التي عقدها ابن جزي في مقدمة القوانين الفقهية وفي خاتمته أيضاً، ويندرج في هذا الباب منظومة خالي الشيخ محمد سالم في مقدمة كتابه في المذهب المالكي.

    أما مذهب الماتريدية فلم ينشر فيه كثير من المؤلفات، وإن كان أبو منصور رحمه الله قد ألف عدداً من المؤلفات، فرد كثيراً من الردود على المعتزلة، لكن لم تنتشر كتبهم إلا ما لخصه النسفي في كتابه، وقد كان كتاب النسفي عقائد النسفي هي أهم كتب الماتريدية إلى الآن في زماننا هذا، وكثرت شروح عقائد النسفي وانتشرت في البلدان التي ينتشر فيها المذهب الحنفي.

    وقد ألف بعض الرسائل التي تحاول بيان الفروق بين مذهب الأشاعرة ومذهب الحنابلة ومذهب الماتريدية، وحصروا ذلك في أربع وعشرين نقطة، وقد حصل بعض الالتباس لدى بعض المتأخرين من المتكلمين فجمعوا المذهبين المذهب الأشعري والمذهب الماتريدي في بعض المؤلفات مثل حاشية الباجوري، وكذلك حاشية الدمنهوري، وكذلك حاشية عليش على شرح أم البراهين، كلها مطبوعة، والواقع أنه في القديم كان المذهب الأشعري أقرب إلى المذهب الحنبلي منه إلى المذهب الماتريدي الصدر الأول، حتى حصلت مشكلة القشيري ببغداد، ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إنه لم يزل الحنابلة والأشاعرة يداً واحدةً حتى كانت مسألة القشيري ببغداد، فافترق فيها الناس، وأريقت فيها الدماء، وحصل فيها استباحة ما حرم الله، ويقول: والله يعلم إني لمن أشد الناس حرصاً على جمع الكلمة، وتقريب القلوب، قال هذا في مناظرة الواسطية التي أجريت له بين يدي السلطان عن العقيدة الواسطية، وقد طبعت المناظرة في الجزء الثالث من الفتاوي مع الواسطية.

    إذاً هذه أهم الكتب التي من خلالها يمكن أن يرجع الإنسان الذي يريد تدريس هذه العلوم فتكون مراجعه لديه، لكن مع هذا فإن في تدريسه لهذه العلوم ينبغي أن ينأى عن الدراسة في كتب مدرسة واحدة لئلا يصاب بالتعصب، حتى يعرف الأخطاء في كتب كل مدرسة، وأن يأتي بقلب واسع رحب للخلاف، وأن يعلم كذلك أن من أمور الاعتقاد ما هو أمور مسلمة لا يقع فيها الخلاف بين المسلمين، وما هو أمور اجتهادية يمكن أن يقع فيها الخلاف، فالأمور المسلمة المخالفة فيها نادرة جداً لو حصلت، الأمور المحسومة بالنصوص المخالفة فيها نادرة، وبالأخص لا يعرف فيها مخالفة بين أهل السنة في أغلب الأحيان إلا من عرف شذوذه وانحرافه في مسألة من هذه المسائل.

    أما الأمور الاجتهادية التي يقبل الشرع فيها الاجتهاد إما في تصحيح النصوص، وإما في فهمها، وإما في الجمع بينها، فهذه الأمر فيها متسع، لكن على الباحث أن يبين الصواب، وأن يعلم أن الآخرين الذين أخطئوا كانوا اجتهدوا في طلب الحق، فلم يوفقوا له، فلهم أجر في اجتهادهم، وليس عليهم وزر في خطئهم، وأن يعلم أنه هو كذلك لا بد أن يقع في صواب وخطأ في كل ما استبقه، فمن المستحيل أن تطلع أنت على أخطاء السابقين وتكون أنت بمنأى عن الخطأ كأنك معصوم منه، فتكون في برج عال تحكم على الآخرين، وهذا لا يمكن، لا بد أن تقول: إن الأمور الاجتهادية قابلة لأن يكون الأمر كذا وأن يكون كذا، وأن الرأي الذي تستصوبه أنت ويترجح لديك بالأدلة هو كذا، وأن الرأي الآخر إنما اجتهد فيه أقوام طلبوا الحق فأخطئوا، وأن ما تقوله أنت أيضاً يمكن أن يأتي بعدك من يخطئك فيه.. وهكذا.

    كذلك فإن على الذي يقدم على تدريس بعض هذه الكتب وبالأخص منها ما أغرق في علم الكلام أن يكون قد استعد لتدريس علم الكلام بدراسة المنطق والقواعد الكلامية التي هي محوجة إلى دراسة بعض الأبحاث الفلسفية، ولهذا يخطئ الإنسان كثيراً حين يريد شرح التدمرية مثلاً وهو لا علاقة له بعلم الكلام ولا بعلم المنطق، وقد شاهدنا لذلك أخطاء فاحشة جداً، وكذلك الذين يتصدرون مثلاً لشرح الكتب الكبرى مثل مقالات الإسلاميين، فتعترضهم بعض القواعد الكلامية التي هي من البديهيات من المسائل المعروفة في علم الكلام مثل مسألة الاستطاعة وغيرها من المسائل مدروسة في علم الكلام دراسة وافية، مثل الخمسة المطالب في الرسل، الخمسة المطالب في الألوهية.. إلى آخره، ومن لم يعرف هذه الأبحاث فينبغي أن لا يخوض فيها؛ لأن الله تعالى نهى عن التكلف قال: وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص:86]، قال: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36]، وقد سبق أن بينا أن هذا العلم ليس لكل الناس، وليس هو من العلوم التي ينبغي أن يتعلمها كل أحد، وأن ما يكفي منه هو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل حين سأله، وأن الزائد على ذلك لأهل التخصص الذين يتخصصون فيه، ولا ينبغي أن يشتغل به من لا يعد له العدة يتهيأ له بما يحتاج إليه، كذلك فإن الذي يريد تدريس هذا العلم عليه أن يفرق بين مستويين بين ما نسميه بعلم الرواية وما نسميه بعلم الدراية، فمثلاً في كتب الأقدمين التي سقنا بعض أسمائها يوردون المسائل كأنها آثار مروية مقطوعة عن بعض التابعين وأتباعهم، كطريقة البخاري في خلق أفعال العباد، وطريقة الدارمي في الرد على الجهمية، وكذلك كتب السنن التي سبقت وكتاب الإيمان، وغيرها من الكتب كلها تأتي في صورة نقول عن بعض السلف في تفسيرهم، وهذه التفاسير والآراء هي مثل اجتهاداتهم في تفسير القرآن، ولذلك ينبغي أن يعلم الإنسان أن بعضها يجري في باب التشدد في النكير على المبتدع ونحو ذلك ولا يقصد به تحرير القول وأن يكون هذا مذهباً للشخص، ولهذا قال الخطابي رحمه الله ونقل ذلك عنه شيخ الإسلام ابن تيمية مستحسناً: إن الذين يطلقون تكفير الجهمية والمعتزلة إنما أرادوا بذلك التغليظ في التحذير من بدعتهم، ولم يقصدوا به الكفر المخرج من الملة، ولهذا ينقل عن كثير من أئمة السلف أن من قال بخلق القرآن مثلاً فهو كافر، وبعضهم يقول: ومن لم يكفره فهو مثله، وهذا لا شك تشدد لا يقصد وليس هو المذهب المتكلم به، بل إنما يقصدون بذلك المبالغة في التنفير من هذا القول، فلهذا ينبغي أن لا ينساق الإنسان وراء مثل هذا الكلام ويعتبره قاعدةً، ويجعل منه أصلاً، كما يحصل للغلاة الذين يأخذون بكلمة رويت عن بعض أئمة السلف، ويجعلونها أصلاً، ويردون عليها ما سواها، ويكثر هذا في زماننا هذا، فيأتي الإنسان لاحتكار الحق في رأيه فينظر إلى موقف حصل لـأيوب بن أبي تميمة السختياني رحمه الله عندما قال: لا ولا نصف كلمة، فيقول هو ذلك ويجعله قاعدةً، وأنه لا يمكن أن يناقش أحداً فيما لديه، وأن من خالفه فإلى النار، وهذا المذهب المتطرف المتشدد ليس من منهج السلف ولا عرف عنهم، وإنما فعله بعضهم في بعض الأزمات التي فيها حروب ومشكلات، وقد عرفوا أنهم لم يكونوا ليردوا الذين يناظرونهم ويجادلونهم، وعرفوا باطلهم من قبل، وعرفوا أن هجرهم لهم وعدم دخولهم في المناقشة معهم مما يرد عليهم ويكفي في التنفير منه، وهذا غير حاصل في زماننا هذا.

    بهذا ننتهي من هذا العلم.

    1.   

    الأسئلة

    مصطلح أهل السنة والجماعة

    السؤال: عن مصطلح أهل السنة والجماعة؟

    الجواب: هذا المصطلح محدث، ما كان معروفاً قديماً، ولكنه مأخوذ من النصوص الشرعية، فأهل السنة أخذ هذا اللفظ من وصية النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة )، وأخذ لفظ الجماعة من الأحاديث التي فيها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة كقوله لـحذيفة: ( الزم جماعة المسلمين وإمامهم )، وكقوله: ( يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار )، وقوله: ( يد الله على الجماعة وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية )، وقوله: ( من فارق الجماعة شبراً مات ميتةً جاهلية )، وقوله: ( من فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ).

    وقد اعتنى الأمويون بهذه النصوص في مقابل الخوارج، فكانوا يسمون أنفسهم بالجماعة إذ ذاك، ولذلك يقول الراعي النميري:

    أزمان قومي والجماعة كالذي لزم الرحالة أن تميل مميلاً

    في قصيدته التي يخاطب فيها أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، ويرد على خصوم عبد الملك فيها:

    ما زرت قط نجيدة بن عويمر أبغي الهدى فيزيدني تضليلاً

    يقصد نجدة بن عامر أمير اليمامة من الخوارج النجدات من أتباعه، وقد جمع معه أيضاً عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، واستعمله العباسيون كذلك في الرد على الخوارج عليهم، والخوارج عليهم ليسوا درجةً واحدةً منهم من هم خوارج فعلاً كأتباع الوليد بن طريف ومن كان على شاكلته، ومنهم من هم من أهل السنة كـمحمد النفس الزكية، وكـعبد الرحمن بن معاوية بن هشام المشهور بـعبد الرحمن الداخل الأموي.

    ثم أطلق هذا الاصطلاح فيما بعد أئمة الحنابلة على مذهبهم، والواقع أنه بالإمكان ادعاؤه، فكل طائفة تدعيه، فالأشاعرة أطلقوا على أنفسهم مذهب أهل السنة، هذا الذي أطلقه أبو الحسن على مذهبه، وقد اشتهر إطلاق هذا المذهب من ذلك الوقت، فزاد الحنابلة معه والجماعة ليتميزوا عن الأشاعرة في ذلك الزمان، أهل السنة والجماعة.

    أما مصطلح السلفية أو السلفي فهو كذلك المقصود به الانتساب للسلف -أي السابقين- وقد سبق تحديدهم في مجال الاعتقاد أن المقصود بهم أتباع التابعين ومن دونهم من الأئمة، وهذا اللفظ لم يرد كذلك في النصوص الشرعية إلا وروداً واحداً ليس لخير، قد جاء في سورة الزخرف إطلاقه على فرعون وجنوده فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ [الزخرف:56]، ولم يرد في القرآن إطلاقه إلا في هذا الموضع، وكذلك لم يرد في السنة إطلاقه على الإطلاق الطيب، إنما يرد إطلاقه على السالفين من الذين قد أهلكهم الله من الأمم السابقة، ولكن مع هذا فإن للسلف إطلاقين: سلف صالح، وسلف فاسد، والسلف الطالح وهم الفاسدون المفسدون يطلق عليهم السلف الفاسد، وهذا الإطلاق الذي جاء في القرآن وفي السنة، ويطلق كذلك على السلف الطيب الصالح، ولم يرد ذلك في النصوص الشرعية لكن لا مانع منه شرعاً.

    من المنظومات كذلك المتعلقة بهذا العلم أرجوزة السفاريني وشروحها، وإن كان هو لم يلتزم فيها تماماً ما عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلامذته من الحنابلة، بل نحا فيها منحا السابقين لهم مثل أبي يعلى، وابن الجوزي، والموفق، والتميمي، وابن حامد، وابن عقيل، والمتكلمين من الحنابلة الذين يجمعون رأي الأشعري مع ما ينقل عن الإمام أحمد وتلامذته، فلذلك فيها أبحاث كلامية كثيرة فيما يتعلق بالجوهر والعرض وغيرها، هذه كلها ذكرها السفاريني في منظومته، ولم يذكرها ابن تيمية إلا في مقام الرد على المتكلمين.

    تقويم الشخص من خلال السؤال عن عقيدته

    السؤال: عن تقويم الأشخاص فيما يتعلق بالاعتقاد بأن يقال: كيف عقيدة فلان أو ما عقيدته؟

    الجواب: أنه قد سبق عن البخاري رحمه الله أنه قال: الامتحان في الاعتقاد ابتداع.

    وسؤال الناس عن عقائدهم، أو امتحانهم في الاعتقاد بدعة من عمل الخوارج وهم الذين ابتدعوه في الإسلام وأظهروه، وكانت لهم أسئلة يسمونها أسئلة الامتحان في الاعتقاد.

    ولا يجوز الامتحان في الاعتقاد إلا في مسألتين: إحداهما: إذا قدم إلى المسلمين كافر من دار الحرب فلهم الحق أن يمتحنوه؛ لئلا يكون جاسوساً إذا ادعى الإسلام؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ [الممتحنة:10].

    الثانية: إذا كان الإنسان مكلفاً شرعاً بعتق رقبة مؤمنة في كفارة يشترط فيها الإيمان فله الحق أن يمتحن الرقبة إذا كانت في الأصل كافرةً ثم دخلت الإسلام حتى يطمئن على إيمانها، ومن ذلك سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية حين سألها: ( أين الله؟ فأشارت بإصبعها إلى السماء، فقال: من أنا؟ فقالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اعتقها؛ فإنها مؤمنة )، أما فيما سوى ذلك فلا يجوز الامتحان في الاعتقاد، بل من ظهر أنه مؤمن من المؤمنين ترك على ذلك حتى لو جهل كثيراً من المسائل العقدية لا يضره ذلك.

    وقد بينت أن أم المؤمنين عائشة وهي ألصق الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وأقربهم إليه كانت تجهل عقيدة عذاب القبر، بل في الصحيحين: ( أنها عندما دخل عليها عجوزان من اليهود فذكرتها عذاب القبر، قالت: فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما، فلما خرجتا دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته، فقال: عائذاً بالله من عذاب القبر، ثم لم أزل أسمعه يستعيذ بالله من عذاب القبر ).

    فلا يلزم أن يكون المسلم محيطاً بهذه المسائل العقدية وإن كانت من الأمور التي يطلب الإيمان بها وهي معروفة، لكن جهلها تفصيلاً لا يضر، إذا آمن الإنسان إجمالاً بكل ما جاء من عند الله وصدق به ولو لم يعرفه فذلك كاف.

    الإقدام على شرح الكتب الكبرى في العقائد

    السؤال: هذا السؤال عن جسارة على الكتب الكبرى بتدريسها أو بشرحها أو نحو ذلك؟

    الجواب: أن هذا كان مجرحةً لدى أهل الحديث فكانوا يقولون: فلان يسرق الحديث، أو ينظر في كتب غيره فيكتب منها، وكان بذلك يعتبر من الضعفاء، كل من فعله يعتبر ضعيفاً، ويرد حديثه، وهذه قاعدة المحدثين دائماً، وبالأخص أن هذا كما ذكرناه فيه تجشم لما نهى الله عنه من التكلف، وما نهى عنه من اقتفاء ما ليس للإنسان به علم، على الإنسان أن يقف عندما قرأ وسمع، وألا يتعداه، وقد كان كثير من أئمتنا الذين تضرب إليهم آباط الإبل في طلب العلم ليس لديهم من الحديث إلا أجزاء قليلة، يكون إمام من الأئمة ما له من الحديث إلا مائة وثلاثون حديثاً، أو مائة وخمسون حديثاً وهو مقتصر عليها، ومن أتاه علمه هذا الذي يعرفه فقط، ولم يرو عنه سوى هذا، بل عدد من شيوخ البخاري الذين كانوا هكذا، وفي تراجمهم يقال: ما له إلا مائة وثلاثون حديثاً، أو ما له إلا مائة وخمسون حديثاً، يذكر ذلك البخاري نفسه عنه، والمكثرين منهم أيضاً يقتصرون على ما يروون، كـمكي بن إبراهيم وهو شيخ البخاري الذي روى عنه ثلاثياته يقول: كتبت في إصبعي هاتين عن ستين من التابعين، ولو علمت أنيَّ يحتاج إليَّ لكتبت عن أكثر، ولم يتعد حديثه، كان لا يحدث إلا من كتابه.

    ما يبتدئ به من كتب الاعتقاد

    السؤال: ما يبتدئ به الإنسان مع المبتدئين من كتب الاعتقاد التي ترسخ عرى الإيمان، وتزيد اليقين، ولا تدخل الطالب في المتاهات الكلامية والفلسفية، ولا تذهب به كذلك وراء المهاترات والمجادلات التي تجعله يتعصب؟

    الجواب: من الكتب السهلة في هذا الباب كتاب الإيمان لـنعيم ياسين، كتاب ملخص سهل جداً، وبالإمكان أن يبتدأ به دائماً لمثلاً دروس الإنسان في المنزل لأهله، وكذلك للذين يعلموهم من المبتدئين، فهو كتاب ميسر جداً وسهل، وتعابيره واضحة، وهو يهتم بالأمور الروحانية في الإيمان والآيات الكونية التي جاء التركيز عليها في آيات التوحيد في القرآن، وكذلك في الأحاديث النبوية إنما جاء التركيز على الآيات الكونية، كما قال العلامة محمد مولود بن أحمد فال رحمه الله قال:

    وخير الاستدلال نهج الصحب عجائب الخلق وأخبار النبي

    خير الاستدلال هو ما كان عليه نهج الصحابة، عجائب الخلق وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم وما أخبر به، هذا يكفي في ترسيخ عرى الإيمان، ويجعل الإنسان ليناً، لين القلب غير قاس، ويحول بينه وبين الغلو والتشدد والتطرف في أمور الدين ما هو مذموم، ولا يدخله أيضاً في المراء الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان على شاكلة هذا الكتاب من الكتب التي قصد بها مثل هذا، وإذا أراد الإنسان ترقية مستوى الطالب فيأخذ له مثلاً كتاب المختار لـابن البناء، كتاب ملخص الشريعة للآجري، لكن تلخيص جيد ومتناسب وفيه أقوال السلف مبسوطة، فهو كتاب مختصر، وهكذا كتاب الإبانة لـأبي الحسن الأشعري أيضاً.

    ومن الكتب أرجوزة الشيخ محمد سالم، وكذلك كتاب المعارج، لكن فيه كما ذكرنا بعض الأبحاث التي لا يمكن أن يتجاسر عليها إلا من يعرف بعض القواعد الكلامية؛ لأن الشيخ حافظاً يدرج مع الأبحاث العقدية ردوداً على الأقوال أيضاً.

    ضابط الحد الواجب تعلمه من العقيدة

    السؤال: ما ضابط الحد الواجب تعلمه من العقيدة؟

    الجواب: الحد الواجب تعلمه من العقيدة، الذي لا يعذر مسلم بجهله هو ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لـجبريل حين سأله: ( أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره )، هذه ستة أمور هي التي لا يعذر أحد من المؤمنين بجهلها، لا بد أن يؤمن بها الإنسان، وإن آمن بها إجمالاً ومات دخل الجنة، لا يمكن أن يقال بأكثر من هذا، ولذلك فإن المتكلمين كثير منهم رجعوا لمثل هذا النوع، فمثلاً أبو المعالي الجويني يقول: لم تبق مقالة إلا درستها ودرّستها وها أنا أموت على عقائد عجائز نيسابور اللواتي لسن من أهل العربية، لكن يعرفن فقط الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.

    وكذلك قال الخوارزمي:

    فلم أر إلا واضعاً كف حائر على ذقن أو قارعاً سن نادم

    وقال الفخر الرازي:

    نهاية إقدام العقول عقال وغاية سعي العالمين ضلال

    وأرواحنا في وحشة من جسومنا وغاية دنيانا أذىً ووبال

    ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

    فكثير من هذه الأبحاث تؤدي إلى القسوة فعلاً، ولا تؤدي إلى الحكم التي ذكرناها في المقدمة أنها يطلب تحصيلها من حب الله ورسوله، والاتصال بالله سبحانه وتعالى، والتوكل عليه، فإذا كان الإنسان هذه المعاني لا تثير عنده محبةً لله ولا تعلقاً به فلا فائدة من دارسته لها.

    ومن الكتب السهلة: كتاب أعلام السنة المنشورة للشيخ حافظ الحكمي.

    وأما في مجال عجائب الكون فمن كتب الإيمان النافعة فيه كتاب الشيخ الزنداني حفظه الله، وإن كان هذا الكتاب لم ينته بعد فهو يزيد فيه دائماً، ويحتاج إلى التخصص في كثير من العلوم؛ لأن فيه كثير من القوانين الفيزيائية والأمور الكونية، ولذلك فهذا النوع من العجائب الذين ألفوا فيه من السلف كثير منهم أدرجوا كثيراً من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، مثل كتاب العظمة لـأبي الشيخ، ومثل بعض كتب ابن أبي الدنيا التي ورد فيها كثيراً من الأمور من هذا القبيل.

    وبالنسبة لتركيز الربط بين الآيات المسطورة والآيات المنظورة من الذين اهتموا به من المؤلفين في زماننا هذا الشيخ عمر سليمان الأشقر في كتبه في الإيمان، فقد خصص لكل ركن من أركان الإيمان كتاباً مستقلاً كتاب الإيمان بالله، كتاب الإيمان بالرسل، كتاب الإيمان بالملائكة، كتاب الإيمان بالكتب المنزلة، كتاب الإيمان باليوم الآخر، كتاب الإيمان بالقدر خيره وشره، فهي كتب مفيدة جداً وسهلة التناول، ومع ذلك إذا قرأت أنت في كتاب اليوم الآخر تشعر فعلاً بالرقة والخشية، وأنا متأكد أنه ما يمكن أن تقرأ منه صفحة إلا بكى الناس، فهو مربوط بالنصوص، ففعلاً هذا النوع من الكتب يزيد في الإيمان وترسيخ عقده، والعناية بهذا النوع بحيث لا تدخله الفلسفات الموغلة فالتأمل والكلام المكرر الكثير هذا مما يركزه ويزيد فيه، لذلك فبعض كتب الشيخ محمد قطب حفظه الله المتعلقة بـ (لا إله إلا الله) هي كثيرة، الكتب التي حول كلمة (لا إله إلا الله) تقريباً سبعة كتب مشهورة ومطبوعة، لكن فيها كثير من الفلسفات والكلام المكرر الذي قد لا يصلح لكثير من الناشئة وكثير من الطلاب الصغار.

    وبالنسبة لكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب كتاب أساساً لا يتعلق بتوحيد الربوبية ولا بتوحيد الأسماء والصفات، وإنما يتعلق أساساً بتوحيد الألوهية، وبعض ما يتعلق بالقدر، وهو أتى به على طريقة البخاري في الصحيح، باب ما جاء في قول الله تعالى كذا، باب ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم كذا، ولم يأت فيه بشيء من عنده، بل ما فيه من النصوص هو من الآيات والأحاديث، وأكثر أحاديثه صحيحة وإن كان فيه بعض الأحاديث الضعيفة، وأيضاً فالمسائل التي يوردها بعد الأبواب يأخذها من كلام الحافظ ابن حجر، والخطابي، والنووي في شرح صحيح مسلم، لكن جل اعتماده على الحافظ ابن حجر، والحافظ هو الذي ينقل عن النووي والخطابي، وقد كان الشيخ رحمه الله فيما يروى عنه معتمداً كثيراً على فتح الباري، كان يقرأ في مجلسه دائماً، كانت عندهم مخطوطات منه، كانت تقرأ في مجلسه دائماً، ومرة من المرات كان بحضرته أحد طلابه فقرئ كلام الحافظ ابن حجر فيه تأويل بعض الصفات، فشغب به الشخص هذا فقال له الشيخ: اسكت، ما أنت إلا كالذبابة لا تنزل إلا على القذر، قرئ عليك الكلام من أوله فسمعت الكلام المفيد جيداً فما تحركت له حتى جاء الخطأ فشغبت به.

    وكذلك كتاب الأصول، وكتاب كشف الشبهات ونحوها من كتبه اللطيفة التي أساسها نقول من كلام ابن القيم، الأصول الثلاثة، والقواعد الأربع، هذه كلها من كلام ابن القيم في بدائع الفوائد، وفي الفوائد نفسها، وفي زاد المعاد، وقد لخص الشيخ بعض كلام ابن القيم، قد كان اعتماده على كتب ابن القيم واضحاً، وقد لخص كثيراً من كلامه.

    وبالنسبة لقول الإمام البخاري رحمه الله: الامتحان في الاعتقاد ابتداع، نقل ذلك عنه الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري هدي الساري في القصة التي جرت بين البخاري والذهلي، بالإمكان الرجوع إليها هنالك قصة البخاري مع الذهلي.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718711

    عدد مرات الحفظ

    765054386