وبعد:
فإن نبأ البعث والقيام من القبور للجزاء والحساب والمؤاخذة نبأٌ أزعج الكفرة، وزلزل كيان قلوبهم؛ لأنهم لا يريدون أن يسمعوا بهذا الخبر، يريدونها حياةً متفلتةً من الضوابط والقيود، والمؤاخذة والمسئولية، يريدون أن يعيشوا في هذه الدنيا عيشة البهائم والحيوانات ويتنافسون في الشهوات، ويستغرقون في الملذات، ثم يموتون كما تموت الحمير والبقر ولا يبعثون ولا يسألون ولا يؤاخذون، هذه إرادتهم وهذا منتهى آمالهم، ولكن إرادة الله عز وجل وحكمته في الخلق اقتضت غير ذلك.
فالإنسان ليس حيواناً ولا بهيمة، الإنسان مخلوقٌ مكرم خلقه الله عز وجل لغاية ولحكمة أكبر من حكمة الأكل والشرب، والشهوات والملذات؛ خلقه الله عز وجل لأرفع عمل وأقدس رسالة ألا وهي العبادة: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] وهذا معنى التكريم الذي يقول الله عز وجل فيه: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ [الإسراء:70] والذي يقول عز وجل فيه: وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [الحج:18].
إرادة الله عز وجل اقتضت إعطاء هذا الإنسان نوعية خاصة من بين سائر المخلوقات ألا وهي الإرادة، لم يجعله الله إنساناً آلياً يعبد الله بغير إرادة ولا اختيار، بل منحه القدرة وأعطاه الاختيار على أن يسلك طريق الإيمان، أو أن يسلك طريق الجحيم والكفر والنيران -والعياذ بالله- ووعده إن أطاعه بالجنة، وتوعده إن عصاه بالنار، وجعل لهذا الفصل ولهذا الامتحان موعداً، وضرب له أجلاً، ألا وهو يوم القيامة، ويوم القيامة هو اليوم الذي حدده الله عز وجل ليكون موعداً لفصل القضاء بين الناس، ومحاسبتهم على ضوء أعمالهم، ومجازاتهم على سلوكهم.
لكن لو علم موعد الموت لأمكن للإنسان أن يتفلت وأن يكفر وأن يشرد عن الله، وقبل الموت بأسبوع أو أسبوعين يتوب، وبالتالي ما تحققت الحكمة من العبادة، وسيبقى الناس كلهم كفرة وقبل شهر أو شهرين يتوبون وهل تعمر الأرض بالطاعة إذا عُلم الموت؟ لا.
إذاً: غيب علم الموت وقيل للناس اعبدوا ربكم: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] وقال لهم: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] أي: حتى يأتيك الموت.
وهذه الساعة ظل الكفار يتساءلون عن خبرها، وقال فيهم ربنا عز وجل: عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ [النبأ:1] أي: عن أي شيء يتساءلون ويخوضون؟ عن الحقيقة الكبرى التي يتجاهلونها ويعرضون عنها، ويسفهون حلم من قال بها رغم أدلتها القاطعة، وبياناتها الساطعة، ورغم آثار الله وقدرته في الأرض، فخلق الإنسان دليل على البعث فالله يقول: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر:57].. مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ [لقمان:28].
فيقول ربنا جل وعلا: عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ [النبأ:1] عن أي شيء يسألون ويتساءلون وهم ما بين مكذب ومصدق وظان وشاك؟: عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ [النبأ:2] الذي يستوجب منهم التصديق لعظمته؛ ولأن أمر البعث عظيم جداً، إذ بدون البعث لا يستقيم سلوك الناس في هذه الحياة: عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [النبأ:2-4] (كلا) أداة زجر وردع وتوبيخ: ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [النبأ:5] والتكرار للتأكيد.
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً [النبأ:17] وكأن قائلاً يقول: يا ربِّ متى هذا اليوم؟: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً [النبأ:18] لا يستطيع أن يتخلف أحد عن هذا المجيء؛ لأن الله يقول: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة:18] لا يخفى من الناس أحد على الله عز وجل، يحضرون كلهم من آدم إلى آخر واحد يموت: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً [النبأ:18-19] لنزول الملائكة: وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً * إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِلطَّاغِينَ مَآباً [النبأ:20-22] الطاغين: أهل الطغيان الذين طغوا وبغوا وتجاوزا الحدود، طغوا على أوامر الله، وطغوا على عباد الله، وطغوا على أنفسهم؛ لأن الطغيان ضلال وهلاك في الدنيا والآخرة، لِلطَّاغِينَ مَآباً ومصيراً: لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً * لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً * إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً [النبأ:23-25] وانظرا إلى التعبير بالحميم بعد البرد، قال الله لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً [النبأ:24] يقول العلماء: (برداً) يحمل معنيين: نوماً، وقيل شراباً بارداً؛ ولكن ليس شراباً ولا برداً إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً [النبأ:25] والحميم هو الماء الذي بلغت درجة غليانه أقصى درجة، وتصور أنك عندما تكون وعطشان في مدينة من المدن الحارة ثم قدم لك ماء يفور فتشربه فيزيدك ناراً، لكن لو قدم لك ماء بارداً يبرد جوفك لكان ذلك حسناً، ولهذا يطلب أهل النار من أهل الجنة: أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ [الأعراف:50].
أمر البعث أيها الإخوة! شيء لا محالة من وقوعه، وله علامات، وقد ذكرنا في الماضي بعض العلامات وسوف نختم هذه الليلة ذكرها، وذكرنا في الأسبوع الماضي في خميس مشيط اثنتين من علامات الساعة الكبرى التي تأتي قبل حدوث الساعة مباشرةً، يسمونها الآيات العشر العظام، التي إذا وقعت فلن يكون هناك شيء إلا الساعة بعدها، وإذا وقعت الأولى تتابعت كنظام، أي: كمسبحة أو عقد انقطع فتتابعت خرزاته.
صاحب هذه القوة هل يحتاج إلى ولد يساعده؟! صفة الولد هذه صفة كمال في البشر، فالرجل من صفات الكمال فيه أن يكون له ولد أليس كذلك؟ لأنه ضعيف يحتاج إلى مساعد، فيقول: (الولد للحورة والبورة والكبر والحاجة) لكن الله عز وجل صفة الولد له صفة نقص في كماله تبارك وتعالى، فلا يجوز أن ينسب له الولد؛ لأننا إذا نسبنا له الولد نبسنا له الحاجة وهو منزه عن ذلك، ولهذا قال الله لما سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينسب ربه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:1-2] أي: الذي تصمد وتحتاج وترجع إليه كل الكائنات ولا يحتاج إلى أحد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:3-4].
والناس مخلوقون على أربعة أشكال:
الأول: شكل من أم بلا أب وهو عيسى.
الثاني: شكل من أب بلا أم وهي حواء، فمن هي أمها؟ ليس لها أم، خلقها الله من ضلع آدم الأيسر، ولهذا خلقت من ضلع أعوج وليس من ضلع سمح -أي مستقيم- ولهذا ليس هناك في الدنيا امرأة سمحة، لا بد أن يكون فيها عوج، وأعوج ما في الضلع أعلاه -أي لسان المرأة- ولهذا يقولون في المثل: أول ما يموت في المرأة عقلها، وآخر ما يموت لسانها.
المرأة هكذا، ولذا أنت إذا تعاملت مع المرأة على هذه القاعدة استمتعت بها ونجحت معها دون مشاكل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إن النساء خلقن من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فاستمتعوا بهن على عوجهن) إذا كنت تريد امرأة ليس فيها عوج فلا توجد إلا في الجنة لماذا؟ لأن الله قال: إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً [الواقعة:35] أنشأهن الله كرامة لك يا عبد الله في الجنة: فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً [الواقعة:36]* عُرُباً أَتْرَاباً [الواقعة:37] عُرُباً: يعني متحببات، المرأة العروب التي لا يكرهها الشخص، عروب يعني تتبعل لزوجها بشكل يجعلها ملكة جمال في عينه، تتبعل له في كلامها، وفي رائحتها، وفي ملابسها، في كل حياتها عروب: عُرُباً أَتْرَاباً [الواقعة:37] يعني في سن واحدة.
فحواء خلقت من أبٍ بلا أم، أي: عكس عيسى، وآدم خلق من غير أم ولا أب قبضة من الطين، نفخ الله فيه من روحه ثم أسجد له الملائكة وأنزله بعد المعصية والمخالفة إلى هذه الأرض.
وسائر الخلق كلهم مخلوقون من أبٍ وأم، فخلق عيسى في الأصل إعجاز وآية، لماذا خلقه الله عز وجل من أم بلا أب؟ قال الله عز وجل: قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً [مريم:21] نجعل خلق عيسى دلالة على قدرة الله وعظمته، آية من آيات الله أن يوجد مخلوق من أمٍ بلا أب، قد تقولون: كيف يوجد رجل هكذا؟ مستحيل الآن في العلم وفي الطب، لابد من حيوان منوي يخرج من رجل ويأتي إلى بويضة في المرأة ويحصل التلقيح والاختلاط ثم يعيش.. هكذا في عرفنا، لكنّ رب العالمين لا يعجزه شيء: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل:40] .. إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [فصلت:39] تبارك وتعالى، ليس في حسابات الله شيء معجز أبداً، المعجز والصعب علينا نحن؛ لأننا بشر لا نملك من أنفسنا ولا لأنفسنا نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، أما الله فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء سبحانه تبارك وتعالى.
فعيسى عليه السلام حينما خلق كان خلقه آية، وحينما رفع كان رفعه آية، ما مات ولا قتلوه، قال الله عز وجل: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء:157-158] وأشار الله عز وجل في القرآن الكريم إلى أن عيسى عليه السلام سينزل في آخر الزمان، وأن النزول سيكون علامة من علامات قرب قيام الساعة: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [الزخرف:61].
كما أخبر أن أهل الكتاب (اليهود والنصارى) في ذلك الزمان سيؤمنون به وهو يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، قال عز وجل: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء:159] يؤمنون به في آخر الأمر وهو يحكم بالإسلام، ينزل عيسى ليحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد جاء تفصيل هذا في السنة المطهرة، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم خبراً صحيحاً وهو عندما تشتد فتنة الدجال، وفتنة الدجال تحدثنا عنها بإسهاب في الأسبوع الماضي في الخميس، والذين تابعوها وحضروا الجلسة حصل لهم فهم كامل فيها، والذين ما حضروها فأوصيهم أن يشتروا هذا الشريط، ليكونوا على علم؛ لأن فتنة الدجال فتنة من أشد الفتن التي ستمر بالبشر، ولم يعرفوا فتنة أعظم منها منذ خلق الله آدم إلى يوم القيامة، ليس هناك أعظم من تلك الفتنة، فإنه يأتي بأشياء لا يأتي بها أحد من الناس، فيحيي الأموات، ويأمر الأرض فتنبت، ويأمر السماء فتمطر، ويدخل الخربات فتخرج الكنوز معه، عنده جنة وعنده نار، يقتل الشخص ويرمي بكل شق في أرض ثم يجمعها ويحيه، ويدعي أنه الله، فينطلي هذا الكلام على كثير من البشر فيتبعونه بالملايين، والذي لا يتبعه يشق رأسه -ومن الذي يصبر على شق الرأس؟!- الذي لا يتبعه يضع المنشار على رأسه وينشره إلى أن يصبح شقين.
والآن تجد الناس يخرجون من الدين بغير دجال، يخرجون من الدين بأغنية، أو بشبهة، أو بلعبة، أو بفلوس، بل بعضهم بدون أي شيء، فكيف إذا رأوا الدجال؟!
ولكن الله عز وجل قد بين لنا أمر الدجال، وبينه صلى الله عليه وسلم في السنة بحيث أنه من يسمع ذلك الشريط كأنما يرى الدجال واقفاً أمامه، أعور والله ليس بأعور، والعور في عينه اليمنى، كأنها عنبة طافية مفقوعة، ثم أفجح، وهو رجل كبير ضخم طويل، يأكل ويشرب وينام ويبول ويتغوط، يجري عليه ما يجري على البشر، والله عز وجل ليست هذه من صفاته كلها، ولذا أهل الإيمان إذا رأوه علموا أنه الدجال؛ حتى ذلك الرجل الشاب المؤمن الذي يأتي إليه فيقسمه ثم يرجم به في الشرق والغرب ثم يرده مرة أخرى، فيقول: والله ما ازددت إلا إيماناً بأنك الدجال، فلا يسلط عليه ولا على أحدٍ من بعده من المسلمين، وعندما تشتد فتنة الدجال على الأمة ويضيق الأمر بأهل الإيمان في ذلك الزمن ينزل الله عز وجل عبده عيسى عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق في الشام.
روى الطبراني في معجمه عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينزل عيسى عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ) وهذا الحديث صحيح ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير.
هذا الحديث ذكره الإمام السيوطي وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
وفي صحيح مسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رآه عدو الله -يعني الدجال- ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته) هو يذوب وعندما يراه يذوب لكنه لا يذوب حتى ينتهي إنما يتضاءل ويدركه ويقتله، والسر في قتله ولم يتركه حتى ينتهي ليزيل شبهة تبقى في قلوب الناس أنه ربما يرجع.
وإن الله عز وجل أعطى لعيسى عليه السلام رائحة خاصة لنفسه إذا وجدها الكافر مات منها على بعد، والحديث في صحيح مسلم ، عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: (فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق واضعاً كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمام كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريحه أو ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه) أينما يبلغ مدى عينه، نفسه يذهب على مدى عينه، فيطلبه -يعني يطلب الدجال- فيدركه في باب لد فيقتله، ثم يأتي عيسى بن مريم قوماً قد عصمهم الله من الدجال فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم من الجنة.
يقضي عيسى على الدجال أولاً، ويخرج يأجوج ومأجوج في زمانه كما سيأتي، ويفسدون في الأرض فساداً عظيماً لا يعلمه إلا الله لكثرتهم، ويدعو عيسى عليه السلام ربه عز وجل، فيصبحون موتى لا يبقى منهم أحد، وعند ذلك يتفرغ عيسى بعد هلاك الدجال وهلاك يأجوج ومأجوج للمهمة التي أنزله الله من أجلها، ألا وهي تحكيم شريعة الله عز وجل، والقضاء على المبادئ والدعوات والأديان المنحرفة، فلا يبقى في الأرض دين ولا مبدأ، ولا دعوة إلا دعوة: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ففي صحيح البخاري وصحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب -الصليب شعار النصارى- ويقتل الخنزير، ويضع الحرث، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها) يعني من تسابق الناس ورغبتهم في فعل الخير، يعملون الأعمال الصالحة، ويتفاضلون ويتنافسون في عملها، حتى تكون السجدة الواحدة عند أحدهم أفضل من الدنيا وما عليها، سباق في العمل الصالح، لماذا؟ لأن الأرض كلها عمرت بدين الله عز وجل.
وفي رواية لـمسلم قال: (والذي نفسي بيده لينزلن ابن مريم حكماً عدلاً وليكسرن الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية -لا يوجد إلا الإسلام أو السيف، إما دخول في دين الله أو القتل- ولتذهبن الشحناء من الناس، ولينقضين التباغض والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد) تقول: خذ فلوساً، يقول: لا أريد، لأنه مشغول بما هو أهم من ذلك، الخير موجود وهو مشغول بطاعة الله تبارك وتعالى.
وفي صحيح مسلم أيضاً، عن النواس بن سمعان حين ذكر حديثاً طويلاً فيه الدجال ونزول عيسى بن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج، وفي آخر الحديث ذكر صلى الله عليه وسلم دعاء عيسى ربه فقال: (فيستجيب الله ويهلك يأجوج ومأجوج، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم -زهم يأجوج ومأجوج؛ لأنه يأتيهم مرض في حلوقهم، مثل النغفة، تطلع له مصيبة في رقبته حتى تضيق عليه مجرى النفس فلا يستطيع أن يتنفس فيموتون كلهم، ثم ينزل عيسى وقد ملأ الأرض زهمهم يعني رائحتهم ونتنهم- فيرغب إلى الله عز وجل، فيرسل الله طيراً كأعناق البخت فتحملهم وتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطراً فيغسل الله الأرض حتى يتركها كالزلقة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتكِ، وردي بركتك، فيأكل العصابة من الرمانة...) العصابة: يعني مجموعة من الرجال، يأكلون رمانة ويشبعون منها ويستظلون بقحفها، يعني: المكان الذي كان فيه الرمان وهم عصابة من الرجال يأكلون من الرمانة، ثم ينصبونها خيمة ينامون تحتها من كبر الثمرة، هذه الثمرة مثل الخيمة فكيف الشجرة؟ لماذا؟ لأن الله عز وجل قد غسل الأرض من أدران العباد، إن الفساد الذي ترونه الآن في الثمار كله بأسباب ذنوب الناس ومعاصيهم، والله ما تغير شيء في الأرض من مطر، ولا من ثمر، ولا من مرض، ولا من وباء إلا بأسباب ذنوب العباد، يقول الله عز وجل: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ [الروم:41] فإذا غسل الله الذنوب ولم يبق في الأرض شيء قال الله للأرض: أخرجي البركة التي كانت فيكِ، والتي كان يجب أن تكون موجودة فيك بكل زمان لو أن الناس استقاموا على دين الله: وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً [الجن:16] لكن كيف ينتظر الناس أن يسقيهم الله الماء والمطر وهم على المعاصي والذنوب، كيف؟ لا يمكن أبداًً، ولو سقاهم الله لسقاهم بدون بركة، ولو دعوا الله فلن يستجيب لهم؛ لأنهم لم يتوبوا من المعاص والذنوب، ادع الله وأنت نظيف طاهر من الذنوب والمعاصي ليستجيب الله لك، أما أن تدعو الله وأنت غافل، فلا يستجيب الله للغافل ولا للعاصي غير المضطر: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62]. (فتأكل العصابة من الرمانة ثم يستظلون بقحفها، ويبارك الله في الرسل -الرسل: اللبن- حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس) يعني الواحدة تكفي القبائل، الفئام: يعني: القبائل من الناس، قبيلة عسير وقحطان وشهران تكفيهم لقحة واحدة، من البركات التي أنزلها الله عز وجل: (وإن اللقحة من البقر لتكفي القبيلة الواحدة، وإن اللقحة الواحدة من الشاة لتكفي الفخذ من الناس) يعني المجموعة الذين هم (مائة مائتين ثلاثمائة أربعمائة نفر) تكفيهم واحدة من الغنم، وهذا كله بسبب البركة التي تنزل على الناس حين يحكمون بشريعة الله، ويلتزمون بمنهج الله، ولا يبقى في الأرض كفر، ولا معصية، ولا دين إلا دين الإسلام حتى لا يوجد شخص يعصي الله عز وجل، فهناك تنزل عليهم البركة.
ومما يؤخذ من النصوص في موضوع عيسى عليه السلام أنه نازل لا محالة في آخر الزمان، والتكذيب بنزوله تكذيبٌ بالقرآن وبما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أشار الله إلى ذلك في قوله عز وجل: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً [النساء:159].
ثانياً: أن عيسى عليه السلام يحكم بشريعة الإسلام.
ثالثاً: أنه يقضي على جميع الأديان ولا يقبل من أحدٍ إلا الإسلام، ولهذا فإنه يكسر الصليب وهو رمز النصارى، ويقتل الخنزير الذي حرمه الله عز وجل، ويضع الجزية فلا يقبل من اليهود والنصارى إلا الإسلام، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (يقاتل الناس على الإسلام ويدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله بزمانه الملل كلها إلا ملة الإسلام).
الرابع: أن الرخاء يعم، وأن سيادة السلام والأمن في ذلك الزمان تنتشر ولا يبقى في الناس حرب ولا قتل ولا شحناء، وإنما أمن وأمان وإسلام ورخاء لم تعرفه البشرية عبر حياتها الطويلة.
أما مكثه في الأرض ومدة بقائه: فإنه يمكث في الأرض أربعين سنة، وهذا ورد في حديث صحيح في سنن أبي داود قال: (فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون) وهو في أثناء إقامته أربعين عاماً يحكم بالإسلام، ويصلي إلى قبلة المسلمين، كما ثبت أنه يحج البيت العتيق عليه صلاة الله وسلامه، ففي صحيح مسلم ، وفي مسند أحمد قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بـفج الروحاء حاجاً ومعتمراً) والروحاء مكان على طريق مكة والمدينة يبعد عن المدينة حوالي أربعين ميلاً، والرسول يقسم أنه سوف يهل، أي سيأتي من بيت المقدس على طريق المدينة ، ويهل من طريق الروحاء بين مكة والمدينة على بعد أربعين ميلاً حاجاً ومعتمراً، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.
المهم أنك تأتي بالذي عندك من عبادة وعقيدة وسلوك ومعاملة وإخلاص وأخلاق إذا أتيت بها فلا تخف لأن الله لا يظلمك: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا [النساء:40] ويقول: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النمل:89-90] :مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الأنعام:160] إذا أتيت بحسنة واحدة آتاك الله عشر حسنات.
وقد أخبر الله تبارك وتعالى أن السد الذي أقامه ذو القرنين مانع لهم من الخروج، هم الآن موجودون في علم الله ولا نعلم مكانهم حتى لا يأتينا أحد ويقول: أنا رأيت الكرة الأرضية وطلعت إلى القمر ورأيناهم، نقول: إنهم موجودون أو إنهم سيأتون، يعني إذا أذن الله عز وجل بخروجهم خرجوا، وبعض العلماء يقول: إن العدد الذي يتكاثر منه الآن شعب الصين عدد غير معقول أبداً فقد بلغوا الآن ألف مليون، يعني ربع سكان الأرض من الصين ، وهم يتكاثرون مثل الجراد، وبعض الصينيات تلد ستة في المرة الواحدة، بطنها صغير لكنها تلد ستة أو سبعة أو ثلاثة أو أربعة، بينما المرأة هنا لا تلد إلا واحداً.
ومدينة بكين عاصمة الصين عدد سكانها عشرة مليون نسمة، يعني بقدر سكان المملكة العربية السعودية ، هذا في مدينة واحدة ومدنهم كثيرة جداً.
فلا نستطيع أن نجزم أنهم هؤلاء؛ لكن قد يكونون من ذريتهم، يعني هؤلاء الألف مليون الآن أليسوا يتزوجون؟ يتزوجون ويتناكحون ويتناسلون، بمعنى أنهم يتكاثرون فلا تمر فترة من الزمن إلا وقد صاروا مثل عددهم الآن عشرات المرات.
يقول الله عز وجل: فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً [الكهف:97].
وهنا تعبير جميل وإشارة لطيفة في قول الله عز وجل: (اسطاعوا)، (واستطاعوا) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ [الكهف:97] لا يقدرون على الظهور، ثم قال: وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً [الكهف:97] ما قال (اسطاعوا) لأنهم ما داموا عاجزين عن الظهور فهم أعجز من أن ينقبوه؛ فزاد في بناء الكلمة، هناك (اسطاعوا) رباعي، وهنا (استطاعوا) سداسي، والزيادة في المبنى تدل على العمق والأصالة والقوة في المعنى، فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً، لكن إذا جاء وعد الله وأمر الله قال الله: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ [الكهف:98] ولا يمنعهم سد في ذلك الوقت، ويخرجون مثل الجراد: وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً [الكهف:98] ثم يخرجون كموج البحر.. مثل البحر إذا فاض على الناس، يقول الله عز وجل: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ [الكهف:99] وذلك قرب قيام الساعة: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً [الكهف:99].
وقد أخبر الله عز وجل في موضع آخر عن نقبهم السد وخروجهم منه، قال عز وجل: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ * إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ [الأنبياء:96-98] -نعوذ بالله جمعياً من ذلك- لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ * لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ [الأنبياء:99-100].
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه فتح من ردم يأجوج ومأجوج في عصره فتحة بسيطة، وهذا إنذار أنه إذا فتح من شيء شيء فبداية الفتح الكبير، والحديث في صحيح البخاري تقول زينب بنت جحش رضي الله عنها: (دخل صلى الله عليه وسلم يوماً عليَّ فزعاً مرعباً وهو يصيح، لا إله إلا الله، ويل للعرب من شرٍ قد اقترب، فتح من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت
وقد ذكرت جملة أحاديث؛ منها ما رواه الإمام البخاري والإمام أحمد وذكرها البغوي في حديث علي بن الجعد ، وأخرجه أبو نعيم بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ثم يعمرون -يعني يعش الناس وعليهم هذه العلامة- حتى يشتري الرجل البعير فيقول: ممن اشتريته، فيقول: اشتريته من أحد المخطمين) أي الذي فيه العلامة كافر أو مؤمن -نسأل الله تبارك وتعالى أن يحمينا وإياكم- وهي تخرج من صدعٍ تحت الصفا من جبل في مكة -وهو غار تخرج منه- فتحشر الناس وتسوقهم وتتركهم لا يفوتها هارب، ولا يدركها طالب، وتأتي به وتضع في جبينه ذلك الأمر، ونعوذ بالله من أن يكتب في جبين أحدنا كافر.
كذلك رب العالمين يحشر الناس كلهم يخرج ناراً تحشر الناس حشراً، تبيت معهم حيث باتوا، إذا ناموا نامت، وإذا قاموا قامت، وتقيم معهم حيث قاموا، وتحشرهم إلى أن تذهب بهم إلى أرض المحشر، هذه النار تخرج في آخر الزمان من قعر عدن ، وقد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية حشر الناس بالنار، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين، وعلى بعير وعلى بعيرين، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الناس لا يستطيعون الخلاص منها، وأنها تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا) هذه سبع علامات من علامات الساعة العظام.
الجواب: إذا حلف الإنسان على شيء معين ثم رأى أنه حنث في يمينه فإنه عليه كفارة يمين، وهي على التخيير بثلاثة أشياء: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، لا ينتقل إلى الصيام إلا بعد العجز عن هذه الثلاث، وإذا كانت يمينين، حلف مرة في مناسبة ثم حلف أخرى في مناسبة، ثم حلف في مناسبة على هذا الشيء المعين، كأن يكون حلف أنه لا يدخل على جاره، ثم ذكر في موضع آخر وقال: والله لا أدخل عليه مرة أخرى، ثم في مجلس آخر قال: والله لا أدخل عليه، حلف أكثر من مرة ثم أراد أن يكفر فإنه يكفيه لجميع هذه الأيمان كفارة واحدة.
أما إذا حلف على أشياء متعددة حلف أن لا يدخل على جاره فعليه كفارة، ثم حلف أن لا يذهب إلى زميل له مثلاً وحنث في يمينه فعليه كفارة أخرى، وهذا الأخ عنده أيمان متعددة ولا يعرف كم عددها، يسأل نفسه هل هذه الأيمان على شيء واحد أو على أشياء متعددة؟ إن كان على شيء واحد وهي أيمانٌ متعددة فيكفي كفارة واحدة، وإن كانت هذه الأيمان على أشياء متعددة فيحصر هذه الأشياء ويعدها، ويكفر على كل نوع من هذه الأيمان كفارة لكل واحدة.
الجواب: هناك طرق علمية ذكرها العلماء والأطباء، ولكنها أثبتت فشلها، إنما الطريقة الصحيحة استشعار عظمة الله، والخوف من عذاب الله، ويقينك أيها المدخن أنك مسئولٌ بين يدي الله عن كل ريال تنفقه في هذا الدخان، وأنك مؤاخذ بين يدي الله عن كل تصرف منك في السبيل؛ لأن الحديث: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: منها: عن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه) فهل يستطيع شارب الدخان أن يقف بوجه قوي أمام الله ويقول: كنت أشتري بهذا الريال دخاناً؟ لا يستطيع، لا يستطيع أن يشرب في المسجد، ولا بين يدي العلماء، ولا في المحاكم، ولا مع أهل الفضل، فكيف يستطيع أن يعترف به يوم القيامة؟ فاستشعر هذا.
ثم اعرف ضرره المالي عليك، وضرره الجسمي، وضرره الخلقي، وضرره الديني، وضرره العقلي، واعرف أنه لا خير فيه من طريق من الطرق، ليس فيه خير أبداً ولا أي مصلحة، والعالم كله يعترف بأنه مضر، والمسلم أولى الناس بأن يتركه، فاستعن بالله واطلب من الله أن يعصم قلبك، وصمم بتصميم الرجال، وعزيمة الأبطال، واستشعر أن بينك وبين هذه السيجارة معركة وانظر هل أنت أقوى أم هي؟ فإن كنت أقوى من السيجارة انتصرت عليها وصممت على تركها، وإن كنت أضعف من السيجارة تقول: والله ما أقدر عليها، إذاً: الذي ينهزم أمام سيجارة من سجائره هذا مسكين مهزوم في كل شيء، ولن يستطيع أن ينجح لا في الدنيا ولا في الآخرة والعياذ بالله.
ثم وسائل عملية منها:
أولاً: أن تبتعد عن المدخنين، ومجالس المدخنين؛ لأنك كلما ذكرت وشممت رائحتهم تذكرت الدخان.
ثانياً: أن تضع في جيبك علبة الدخان التي تفرغها من السجائر وتضع فيها من حلوى النعناع، بحيث إذا أردت أن تخرج جمرة تخرج بدلها حبة حلوى، ومصها، مرة ومرتين وثلاث حتى يعينك الله عز وجل، ثم لا بد من الإرادة، فأهم شيء الإرادة، الأطباء الآن والدكاترة كلهم يقررون ويعترفون أن الدخان سبب رئيسي في إصابة الإنسان بأمراض خطيرة، ومع هذا أكثر فئة تدخن هم الأطباء.
وقلت مرة لطبيب دخلت عليه وهو يدخن وقلت: أليس الدخان مضراً؟ قال: بلى. قلت: هل تنصح الناس منه؟ قال: نعم والله، قلت: من تنصح؟ قال: أنصح أصحاب القرحة المعدية، وأصحاب التهاب القلوب، وأصحاب التهاب الرئة، قلت: لماذا؟ قال: هذا يفتك بهم، قلت: وأنت ما تتوقع؟ قال: والله أتوقع لكن أنا ضعيف إرادة، مسكين ضعف إرادة وهو يعرف أن هذا خطير وأنه مضر، وهو أعرف الناس بأمراضه وآثاره ومع هذا يدخن.
الجواب: زكاة الذهب في أصح أقوال العلماء أن الذهب الذي يلبس والذي لا يلبس فيه زكاة إذا بلغ النصاب، يعني إذا زاد عن ثمانين جراماً، تؤخذ هذه الحلي كلها في وعاء ويذهب بها إلى الصائغ ويزنها، ثم تُسعر بسعر وقتها، ثم يضرب ناتج قيمتها في اثنين ونصف وتخرجه، إذا كان ثمن هذه الحلي عشرين ألف تخرج خمسمائة ريال، وإذا كان ثمن هذه الحلي عشرة آلاف تخرج مائتين وخمسين ريالاً، وهكذا؛ والباعة والصائغون يعرفون هذا، تقول له: كم زكاتها؟ يزنها ويحسبها ويضربها ويقول لك: عليها مائة ريال أو مائتا ريال أو ثلاث أو أربع، تخرجها أنت إن أردت تبرعاً عن امرأتك وهو جائز، وإلا فالواجب أن تخرجها صاحبة الذهب من ذهبها أو من مالها الذي عندها، وإذا لم يكن عندها شيء تبيع قطعة منها وتخرج الزكاة.
الجواب: الدعوة دائماً -وهذه خذوها قاعدة أيها الشباب- حينما تأتي من الأسفل إلى الأعلى يكون قبولها صعب؛ لأن الأب ينظر إلى مصدر الدعوة من مَن؟ فإذا بها من ولده الذي كان يعهده أنه جاهل، وربما كان لهذا الولد ماضٍ سيئ منحرف، فهو يقيسه بأثر رجعي، ويزنه بمنظور قديم، ثم يزيد الطين بلة أن الولد أحياناً يكون شديداً يعنف أبيه، ويقسو على إخوانه، ويقسو على أمه، فتحصل بينهم الفجوة، ويتكهرب الجو بينه وبين أهله، ويؤدي هذا إلى رفضهم الحق رغم أنهم يدركون أنه على الحق، لكن لأن الحق مصدره ولدهم فلا يريدونه؛ عناداً له، يقول أبوه أقوم أصلي، قال: والله إنه قام من أجلي، والله ما أقوم حتى يذهب، يعاند ولده بمعصية الله، وبعض البيوت الراديو مغلق ليس فيه أغانٍ، لكن من يوم يسمعون ولدهم دخل قال: شغلي الراديو، أتى المطوع، (خليه يقول كلمة واحدة) فإذا رفعوه ودخل الولد قال: غلقوه، قال: وما دخلك يا ملقوف وقام ولطمه، رغم أن الراديو مقفول قبل أن يأتي الولد، لكن لماذا؟ عناد، وهذا ابتلاء من الله للمؤمن، واختبار لك أنت أيها المؤمن، وفي نفس الوقت ربما يكون عقوبة له، كأن يكون أسلوبك شديداً؛ لأنهم يقولون: إنك متزمت ومتشدد، لأن التزمت في نظر الناس الآن هو التمسك بالدين، في بعض البيئات إذا التزم الشخص وأطلق لحيته، ورفع ثوبه، وصلى في المسجد وحجب زوجته قالوا: متطرف، متطرف عندهم، يعني: تمسك بالدين، وإذا ترك الصلاة وزنا وسكر قالوا: مستقيم، لماذا؟ لأنه على الأغاني وعلى الطرب وعلى اللعب، وهذه أعراف جاهلية، فالمستقيم حقيقةً يسمونه متطرفاً، والمتطرف حقيقةً هم الذين تطرفوا لكن بجانب الشيطان والعياذ بالله.
وصار أهلك يقولون: إنك متزمت لا نقول: إنهم صادقون، لكن ربما معهم مبرر بسيط من قسوتك، فأنت عليك أولاً أن تصبر، وأن تدعو الله لهم في الليل، وتدعوهم إلى الله في النهار، ثم عن طريق الحكمة والموعظة الحسنة، والابتسامة، وعدم البغض.
انظروا يا إخواني! أيها الشباب! أيها الدعاة! الداعية لا يبغض في الله، قضية الحب في الله والبغض في الله هذه أمر عام، لكن الداعية يؤجل قضية البغض؛ لأنك إذا أبغضته في الله كيف يستجيب لك، هل يستجيب لك وأنت تبغضه؟ بعض الناس يقول: سوف أبغضه في الله إلى أن يهتدي، فإذا اهتدى راضيته!
لا يهتدي أصلاً وأنت تبغضه وإذا اهتدى فقد تكون هدايته عن طريق غيرك الذي ما أبغضه، وبالتالي يفوتك أجره، افتح قلبك له، أحبه ولو كان عاصياً لا مداهنة وإنما طلباً وأملاً في نجاته وهدايته، إذ لا يمكن أبداً أن يطيعك وأنت تبغضه، أول درجات الطاعة أنه يحبك وتحبه، ثم بعد ذلك يستجيب لك، أما إذا أبغضته فهذه سلبية تجعل الناس كلهم فسقة وعصاة ومجرمين وأنا أبغضهم في الله، لكن ستأتي عليك لحظة ما معك في الدنيا شخص واحد؛ لأنك تبغض الناس كلهم، لكن لو كنت تحب الناس، وتدعو الناس مثلما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الناس، يأتي حتى الكفار، يجلس عند أبي الوليد ويقول: اسمعني يا أبا الوليد وهو المغيرة بن شعبة يعطيه كلام الله ويناديه باسمه، ويقول: يا أبا جهل ، يدعوهم ولا يهجرهم، فالداعية لا يبغض ابتداءً.
وأذكر لكم قصة يعلمني بها أحد مدراء المدارس الثانوية في منطقة من المناطق يقول: كان عندنا مدرس، وهذا المدرس خريج جامعة الملك سعود، يدرس كيمياء وفيزياء شيطان رجيم -والعياذ بالله- تجمعت فيه جميع الشرور، ما من شر في الأرض إلا وفيه، يقول: وجاءنا في المدرسة وأفسد علينا في المدرسة ما لا يمكن أن يتصوره العقل، فماذا نصنع به؟ وكلما ذهبنا للإدارة ونقول لهم انقلوه قالوا: أين نذهب به ما معكم إلا هو، يقول: أفسد الطلاب، أفسد المدرسين، يقول المدير: اتخذت موقفاً منه فأبغضته وأبغضه كل الطيبين في المدرسة، يقول: ثم جاءنا مدرس صالح نسأل الله أن يبارك في جهوده، يقول: لما أتى عُين في المدرسة مدرس دين (خريج كلية الشريعة) وداعية، كان بإمكانه من يوم أن أتى ورأى الناس يتكلمون عن هذا كان قال: أبغضه في الله، فلما حذروه في المدرسة قالوا له: انظر هذا الرجل فاسد، خبيث، مجرم، انتبه منه، قال: من هو؟ قالوا: فلان، قال: خيراً، المدرسون كلهم في غرفة لوحدهم يجلسون وهذا جالس هناك في غرفة لوحده، يدخن السيجارة؛ لأن التدخين ممنوع في المدرسة وضعوا له غرفة لوحده، فهو يريد أن يستوعب خمس دقائق في تدخين مستمر فتراه ينتهي من الأولى ويشعل الثانية وهكذا، يقول: دخلت عليه وجلست معه، السلام عليكم، كيف الحال يا أخي؟ فتعجب منه بلحيته ومدرس دين، ويعرف أنه مدرس دين، ويأتي يحييني بهذا الأسلوب، وفي اليوم الثاني كذلك، وفي اليوم الثالث ذهب إليه وجلس معه في الغرفة، قال: يا أخي! قال: نعم. قال: أنا مدرس جديد وبحثت عن سكن ما لقيت، وعلمت أنك عزوبي فهل تقبلني يا أخي أسكن معك؟ قال: أنت تسكن معي وأنت مطوع؟ قال: نعم أسكن معك يا أخي؟ قال: ما أصلح لك، والله ما أصلح لك يا أخي، قال له: يا أخي دعني أسكن معك على الأقل مؤقتاً إلى أن أجد لي بيتاً أو تجربني يا أخي ربما أنفع وأصلح للسكن معك، جربني على الأقل يا أخي أنا جالس في الفندق ليس عندي بيت وما وجدت، هل تسمح لي بغرفة أسكن معك فيها؟ قال: بشروط، قال: أنا لا أصلي، قال: وما لي ولك إن كنت لا تصلي، وهل تصلي لي؟! الصلاة لربك، إن صليت فالله يجزيك خيراً وإن رفضت فما أنا وكيل عليك يا أخي! قال: أنا أدخن، قال: دخن إلى أن تدوخ، قال: عندي أغانٍ، وأفلام، ويأتينا أناس، قال: إن شاء الله لا ترى مني إلا كل خير.. فذهب ووضع له غرفة وسكن معه، ولم يقل له كلمة في الدين إنما خدمة، يذهب قبل نهاية الدوام، يذهب هو قبله ويغسل الصحون وينظف ويطبخ الغداء ويعمل السلطة، ومن يوم يأتي يحضر له ويأتي يتغدى، إذا غلق يريد ذاك مسكين يريد يكافئه يقوم قال: والله لا تغسل صحناً، يا أخي أنا، قال: أنا عزوبي منذ أن خلقني الله، ولهذا لا يمكن أن تغسل الصحون أو تطبخ ما دمت معك، فأنا طباخك وأنا الغسال حقك، قال: جزاك الله خيراً، وقام وأخذ الصحون ونظفها.
ويأتي في يوم الجمعة أو الخميس الذي فيه الغسيل يدخل بهدوء ويفتح غرفته عليه، ويأخذ شراريبه، ويأخذ ثيابه وبجامته، ويذهب يغسلها، ولا يقوم ذاك من النوم إلا والفطور مجهز، والجبنة والقرصان قد أحضرها من السوق، واستمر على هذا فترة من الزمن وهو يخدمه ولا يكلمه ولا كلمة في الدين، ولا يقول له شيء، فإذا رآه يدخن أو يغني أغلق غرفته ويذهب لوحده، فعندما رأى ذاك الرجل الخدمة المتناهية والبذل والعطاء أحبه حباً لا يمكن أن يحب أحداً مثله؛ لأن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها.
أما أن تأتي إلى شخص وتبغضه وتقول أنا أبغضه في الله وأريده أن يهتدي؟ لا يمكن أبداً، هذا يبذل ويبذل ويهديه، وكلما نزل إلى جدة؛ لأن هذا الداعية أهله في جدة، كلما نزل إلى جدة لا يأتي من هناك إلا بهدية، ما هي الهدايا التي يأتي بها؟ لم يأتِ له بشريط إسلامي، ولا بكتاب إسلامي؛ لأنه يعرف أنه مريض لا يقبله، أتى له مرة ببجامة، ويأتي له بمناشف، وشراريب، وجزمة من جنس ما يريد، وهذا كلما تأتيه هدية ما هذا الإنسان؟ هذا إنسان غريب!
أخيراً في يوم من الأيام وهم يتغدون قبل صلاة العصر قال: يا أخي أراك دائماً مسروراً ومبسوطاً وفرحاً، فما هو السر الذي يجعلك مسروراً، ويجعلك مبسوطاً، قال: الصلاة، أنا والله يا أخي تنتابني الهموم والمشاكل والغربة والتعب فإذا دخلت المسجد وصليت، والله إن الله عز وجل يذهب ما في قلبي ويشرح صدري؛ حتى كأني أشعر أنني أسعد إنسان في الدنيا، قال: ما رأيك؟ أصلي معك اليوم، قال: نجرب، لو أنه قال له: قم صل معي لقال: لا. لكن جاءت منه عرضاً، قال: لكن ما يصلح لك وضوء اغتسل، فذهب واغتسل ولبس ثوبه وخرج يصلي، وهو ذاهب إلى المسجد وقف في الصلاة وقال: اللهم إني يا ربي وقفت بين يديك فلا تردني خائباً، وقف بين يدي الله عز وجل وصلى صلاة العصر ولما رجع قال: والله صدقت، والله إني أشعر الآن بحالة ما كنت أشعر بها في الماضي، قال: إذاً: اسمع هذا الشريط، وسمعه، وأكمل الشريط وأخذ شريطاً آخر وكتاباً آخر وهكذا.
فيقلب الله حياته رأساً على عقب، وأصبح من الشباب المؤمن الملتزم، وحصل على بعثة وذهب إلى أمريكا لدراسة الماجستير والدكتوراه، وهو الآن لا يزال هناك، حصل على الدكتوراه، ورفض أن يرجع إلى هنا، لا زال هناك يقولون: يبذل حياته للدعوة إلى الله، ينتقل وما معه شغلة ولا وظيفة ولا عمل إلا الدعوة إلى الله، يتنقل من ولاية إلى ولاية، ومن عمارة إلى عمارة، ومن اجتماع إلى اجتماع، ويخوض أمريكا كلها بالدعوة إلى الله، وكل هذا بأسباب صبر ذلك الرجل عليه، لكن لو أنه أتى من أول يوم وقال: هذا خبيث .. هذا قليل دين وما فيه خير، لا يا أخي!
فأنا أقول لأخينا هذا الصالح المبارك الطيب الشاب: الله يوفقنا وإياك، اصبر على أبيك، واصبر على أهلك.
فندعو الأخ الكريم إلى الصبر على أهله، وإلى التودد والتحبب إليهم، والخدمة لهم، وليعلم أن قضية الهداية وقلب القلوب هذه ليست بالأمر الهين، خصوصاً عند كبار السن الذين قضوا أعمارهم المديدة على نوعٍ ونمطٍ معين من الحياة، ثم يريد الشاب أن يغيرها بين يوم وليلة فهذا صعب جداً، ولكن القلوب بيد الله تبارك وتعالى يقلبها كيف يشاء، فليصبر وليدع وليعلم بأن العاقبة إن شاء الله له، ولكن ليس بالضرورة أن تكون الهداية هذه السنة ولا السنة الآتية، ولا بعد أربع سنين، ولا خمس، اصبر حتى يأذن الله عز وجل، والهداية بيد الله تبارك وتعالى.
الجواب: أما على أختك وبناتها فاظهري عليهن ولو كان رأسك غير مغطى، أما زوج أختك أو أزواج بنات أختك فإنهم أجانب وغير محارم، ولا ينبغي أن تكشفي لهم لا رأسك، ولا وجهك، ولا يديك، ولا شيئاً من أجزاء جسدك ولو كنت ساكنة معهم، فعليكِ إذا كنت ساكنة معهم أن تخصصي جزءاً من السكن لإقامتك فيه إذا دخلوا البيت، وأما إذا خرجوا وذهب الرجال إلى دوامهم فتحركي في البيت بحريتك التامة، لكن إذا علمتِ أنهم دخلوا فالزمي غرفتك وحددي حركتك بين الغرفة التي أنت فيها والأماكن التي تعلمين أنهم لا يصلون إليها؛ لأنه لا يجوز شرعاً أن تكشفي لهم بارك الله فيكِ.
الجواب: لبس الخلخال في قدم المرأة حلال سواءً بصوت أو بغير صوت، حتى لو كان فيه صوت فإنه حلال، لكن المرأة مأمورة إذا سارت في الطريق أن لا تضرب بأرجلها ومعها خلخال يحدث صوتاً، أن تسحب أرجلها في الأرض سحباً دون أن تهزها حتى لا يسمع أو يعلم السامع زينتها، يقول الله: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] أما كونه حلالاً فهو حلال إن شاء الله.
الجواب: لا، لبس القفاز للمرأة أثناء الصلاة أمر مباح، لكنه غير واجب أن تغطي هذه المناطق، أما في الإحرام فلا يجوز للمرأة أن تلبس القفازات في الإحرام، وعليها أن تبعدها وتكشف وجهها إذا لم يرها الأجانب، أما إذا كان هناك رجال -كما هو كائن الآن في مكة لا يمكن للمرأة أن تطوف في الحرم والحرم خالٍ من الرجال، فإن الرجال موجودون في كل الأوقات- فإنها تغطي لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كنا إذا قابلنا الركبان أسدلنا، وإذا جاوزونا كشفنا) لأن إحرام المرأة في وجهها وكفيها.
الجواب: لا. لا يجوز لك، إذا كنت أميناً للصندوق فعليك أن تدفع لكل صاحب راتب راتبه حتى الهلل؛ لأن بعض الموظفين أو المحاسبين أو أمين الصندوق له -مثلاً- ألفان وخمسمائة وستون ونصف ريال، وهو لا يأخذ معه هللاً؛ لأنه يريدها تتوفر، وذاك يستحي أن يظل يقاحطه ويماحطه على نصف ريال، فيقول: هل عندك فلوس؟ قال: ما عندي امش، لكن لو أعطيته فوقها أعطه النصف قبل الراتب، الفلوس هذه قائمة على حقوق، ولن يقول لك خذ النصف، هل سيقول هذا؟ ما يقول لك شخص: امسك النصف، كان قال لك خذ حتى المائة أو المائتين، لا فهو يريد حقه كله، لكنه يستحي أن يقول: أعطني نصف ريال أو ربع ريال أو خمسين هللة، فعليك إذا كنت محاسباً أن تصرف ضمن مبالغك التي تصرفها تصرف الفلوس، ثم تجمعها وتعطيهم، فإذا أكملت حساباتك واجتهدت على أنك تعطي كل ذي حق حقه وبقي عندك شيء فلا يجوز لك أن تأخذها، وإنما تنفقها في مصالح المسلمين، على المجاهدين الأفغان، أو تضعها في جمعية خيرية، أو في جمعية القرآن الكريم على نية أصحابها، أما ما تتحمله من نقص في الرواتب في بعض الشهور فهو عقوبةً لك جزاء إهمالك في العد؛ لأنك عديت المائتين ثلاثاً ووضعتها ورقتين تحسبها ورقة واحدة، فزدته واحدة، فإذا نقصت من يتحملها؟ يتحملها المتسبب، والمتسبب هو أنت، وعليك أن تعد المرة الأولى بإتقان، ثم تعد المرة الثانية، ثم تسلمه إن شاء الله، ولا ينقص عليك شيء بعد العد المتقن، وكذلك هناك مقابل، فالدولة تصرف مبلغاً قدره (20%) تسمى بدل أمانة الصندوق أو المحاسبة، بينما بعضهم يأخذ (20%) ومن يوم أن توظف لم يخصم من راتبه ريالاً، وإذا خسر ريالاً فيريد أن يأخذ من المائة والخمسين مقابل الهلل.
الجواب: حتى السكران لا تؤثر الخمرة على عقله، الآن ترون السكارى في الغرب مدمنين، يشرب الواحد قارورة ويركب الطيارة يسوق، ويركب السيارة ويذهب إلى العمل، لماذا؟ لأن أمزجتهم أصبحت أمزجة خمرية لا يؤثر فيها الخمر، الآن أحضر شخصاً ما شرب الدخان وأعطه سيجارة، منذ أن يأخذها يسعل ويدوخ، ويسقط ويتقيأ، ويأتيه مثل السكار، لكن شارب الدخان المدمن يشرب ولا يؤثر فيه.
أحضر شخصاً لأول مرة يأخذ الشيشة تراه يتقيأ ويكح، خبيثة -والعياذ بالله- لكن إذا تعود عليها أصبح مزاجه شيشة والعياذ بالله.
أما كونه لا يستطيع أن يصبر عنها حتى وقت الصلاة نقول له: قل لنا بربك إذا دخلت قبرك ماذا تقول؟ أعطوني شيشة لا أصبر عنها، وإذا أتاك منكر ونكير يقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ماذا تقول؟ تقول: أعطوني تعميرة أول شيء أركب الرأس ثم أجاوبكم، يحضرون لك تعميرة لكن من جهنم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هناك قصة سمعتها من شريط وقد سمعتها من عالم من علماء اليمن أخبرني بنفسه.. أن رجلاً من علماء اليمن صالحاً ولا نزكي على الله أحدا، كان مبتلىً بالشيشة، ورأى في منامه أنه مات وأن الله أدخله الجنة بفعل إيمانه وصلاحه وتقواه، وأعطاه الله في الجنة كل نعيم، ولكن رأى كل نعيم وما انبسط منه؛ لأنه لم يلق الشيشة، فطلب من الله أن يعطيه الشيشة وهو في الجنة، قال الملائكة: وما هي الشيشة، فعلمهم، قالوا: لا يوجد في الجنة نار حتى نضع لك ناراً، فكأنه ما انبسط، قالوا له: انظر هذه النافذة افتحها وخذ لك ناراً، فقام وفتح النافذة وأدخل يده ليأخذ نار من أجل أن يعمل الشيشة، يقول: فاحترقت يمينه من بنانه إلى منكبه، وقام في الصباح ويده فحمة سوداء، وعاش طول حياته بدون يمين، وجاءه هذا العذاب في الدنيا، هذا الكلام سمعته في شريط وحدثني به أحد العلماء قبل فترة طويلة، والعهدة على الراوي.
الجواب: لا يجوز لك أن تبقى معهم، مادام أنهم مدخنون، ومشيشون، ويسمعون الأغاني ولا يصلون، وأنت شاب، ولست داعية، ويخشى عليك من أن يجروك معهم، نقول: اتركهم واذهب إلى مكان آخر، أما لو كنت داعية مثل ذاك فإن بإمكانك معايشتهم ودعوتهم إلى الله، لكن ما دام أنك سليم بس؛ لأن الناس ثلاثة: أطباء وسالمون ومرضى، فالذي يدخل بين المرضى من هم؟ الأطباء، لا يدخل بين المرضى إلا الطبيب، أما السالم ماذا يعمل به؟ يعمل له حجر صحي، حجر إيماني، يقال: لا تذهب هناك، لو ذهبت ستنتقل إليك العدوى.
الجواب: لا يجوز لك أن تبقيها تحت هذا الرجل الكافر، فالذي لا يصلي ولا يصوم كافر، وبالتالي بقاء أختك معه حرام، والله تبارك وتعالى يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء:141] والإسلام يعلو ولا يعلى عليه، والله يقول: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] هذا إذا كانت مسلمة وتصلي، أما إذا كانت مثله فوافق شن طبقة.
الذي يترك الصلاة كافر، ولو ترك صلاة واحدة، الذي يصلي واحدة ويترك واحدة ما صلى، الصلاة تؤدى كاملة: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103].
الجواب: حقيقةًً كنت متوقفاً في هذه المسألة، إلى أن اطلعت على جميع أعمال هذه الشركة عن طريق مديرها المهندس عبد الهادي الشهري مدير الإدارة الإقليمية في المنطقة الجنوبية وهو من إخواننا الدعاة الذي نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً، ذهب معنا إلى منطقة تهامة وجلست معه وناقشته وكان معي أحد الإخوان والمشايخ واستفسرت منه من كل الشبهات التي ترد على هذا العمل، وكيف تستثمر الأموال، وبيَّن لي بياناً شافياً بما لا يدع مجالاً للشك في أن هذه الشركة الإسلامية هي البديل الإسلامي الناجح للبنوك الربوية، وأنه يلزم كل مسلم أن يتعاون معها، وأن يؤدي دوره في خدمتها لتكون نموذجاً إسلامياً لاستثمار أموال المسلمين.
وقلت لهم في سؤال وهي شبهة يقولها الناس: إذا وضع شخص ماله عندكم، ثم أراد أن يسحب منه فأعطيتموه شيكاً على البنك، فكأن أموالكم في البنك، قال: صدقت، قلت: كيف؟ قال: لكن متى نعطيه الشيك؟! نعطيه بعد ثلاثة أيام قلت: لماذا؟ قال: لأن الأموال ليست في البنك، لو أن أموال الشركة في البنوك لكان بمجرد ما يسحب ماله نعطيه شيكاً مباشرةً بنفس اليوم، لماذا نؤخره ثلاثة أيام؛ لأن أموالنا ليست في البنوك، والبنوك هي قضية تحويل فقط، يأتينا مال وما عندنا مال نضعه في البنك ونحوله في نفس الليلة، ولا يبيت في البنك ليلة واحدة، نرسل برقية رأساً لـجدة يأخذونه، ومن جدة يرسل إلى المقر الرئيسي للشركة الاستثمارية، يقول: فإذا أردنا أن نقبض المال -المال ليس موجوداً- نقوم نطلبه ونطلب من المشترك أن يصبر علينا اثنين وسبعين ساعة حتى ترسل منا برقية إلى البنك أن سلموا فلاناً الفلوس، ونعطيه ورقة على البنك، بحيث لا يبقى المال في البنك الربوي ولو يوماً واحداً، فنقول: إن شاء الله أن هذه من البدائل الإسلامية التي هي بدائل طيبة.
الجواب: التورية أن يقول الإنسان كلاماً يفهم منه غيره غير ما يعنيه هو، يقول العلماء فيها إنها من الكذب، ولكنها جائزة فقط عند الضرورة، أما بغير الضرورة فلا تجوز.
ما هي التورية؟ التورية شخص من السلف أظنه الذهبي ، كان عنده في بيته غرفة اسمها دمشق، وكان إذا دق عليه أحد وما أراد أن يخرج ذهب إلى الغرفة التي اسمها دمشق، وإذا سأل الناس زوجته أو بنته عنه، قالت: في دمشق، فيفهم الناس أنه في دمشق الشام ، وهي تعني أنه في غرفته دمشق.
وأحدهم كان يقول لزوجته ضعي دائرة في الجدار وهي عند الباب ترد عليه، فيقولون: فلان موجود فتضع إصبعها في الدائرة وتقول: ليس هنا، يعني قصدها ليس في الدائرة، وذاك يفهم ما هو هنا يعني ليس في البيت، هذه عند الضرورة تجوز، لكن بغير الضرورة لا تجوز؛ لأنها تعلم الكذب.
الجواب: أقول لك: الأفضل لك ألا تذهب معهم في السيارة وألا تسمع الأغاني؛ لأنه يُخشى عليك ما دمت شاباً والأغاني اليوم فتنتها في القلوب أعظم فتنة على الناس، من الشباب من ينسلخ من دين الله على أغنية، يتوب ويمشي في الهداية أسبوع أسبوعين، سنة سنتين، ثم يسمع أغنية ويترك الدين من بعدها، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فنخشى عليك، ولهذا أتعب نفسك وامش على أقدامك، أو امش على سيارات غيرهم، أما هم فلا تركب معهم، وإذا كانت السيارة (هيلوكس) فاركب في الصندوق لكي لا تسمع أغاني.
الجواب: لا؛ لأن الله عفا للأمة ما حدثت بها نفسها، أو أخطأت أو نسيت: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فإذا وعدت شخصاً ونسيت، فإن الله لا يؤاخذك، لكن بشرط أن لا تكذب من البداية.
الجواب: نعم يصح، إنسان دخل المسجد وأدرك ركعتين، ثم لما سلم الإمام قام يكمل، فأصبح بقيامه إماماً للمسجد منفرداً عن إمامه الأول يجوز له أن يكون إماماً لغيره، كما يجوز للمنفرد أن يكون إماماً لمن يدخل معه في الصلاة.
الجواب: استمر في غض بصرك، وكلما دخلت فغض بصرك، حتى تخجل المرأة ولا تجلس معك، وأرجو أن تكون ملتزماً حقيقة لا كما سألني بعض الإخوة في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم بالأمس حين كنت عندهم، فقال لي شاب من الشباب: أنا ملتزم ولكنه قال: إن الأغاني وحب الكرة يسري في دمي وعظمي وجسدي، وأسمع المسلسلات، وأشاهد الفيديو.
قلنا: هذا ملتزم!! ملتزم بالشيطان، أين الالتزام؟ أظن الرجل يتصور أن الالتزام هيكل أو شكل، ربما أنه رفع ثوبه، أو ربما ترك لحيته، ليس هذا التزام يا إخواني! هذا بعض الالتزام، رفع الثوب وإطلاق اللحية من السنة لكن ليست هي كل الدين، هي شيء من الدين، ومن أخطر ما يمكن أن تقنع نفسك بأنك ملتزم حينما تظهر للناس أنك ملتزم والله يعلم من قلبك أنك خربان، ومطلع عليك أنك من الداخل تحب الأغاني وترى الزنا والنساء، وتكره الصلاة ولا تصلي، فيكون لك وضع عند الناس ولك وضع آخر عند الله، عند الناس دين ولحية وثوب قصير وملتزم، ولكن إذا خلوت بربك بارزت الله بالعظائم، وكما جاء في حديث ثوبان قال: (يأتي أقوامٌ يوم القيامة بحسنات كأمثال الجبال، فيقول الله لها: صيري تراباً فتصير تراباً، فيقولون: ربنا لِمَ؟ قال: كنتم إذا خلوتم بي بارزتموني بالعظائم) فالله يذهب بعملهم كله والعياذ بالله.
فلا نريد أن يفهم الناس أن الالتزام شكل أو شيء معين، فالالتزام يعني الخضوع والانقياد والإذعان الكامل لكل شريعة الله، وليس معنى هذا أن يكون الإنسان معصوماً، لا. قد يقع في الخطأ، قد ينام عن صلاة، قد يخطئ، لكنه يتوب، ويستغفر ويصحح الوضع؛ لكن المصيبة فيمن يدعي أنه ملتزم ثم يصر على المعاصي، يعني عينه باستمرار في النساء وهو ملتزم، بعض الشباب تراه في السوق تراقبه وهو نازل أو طالع عندما يرى امرأة يقعد يتلفت، وأين الالتزام يا فلان، الله يقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30] وأنت لماذا تفتح؟ قد يقول بعضهم إنه يحب الاستطلاع، استطلاع ماذا؟ استطلاع الشر، بمجرد ما ترى خيال امرأة أو شبح امرأة أو سوادها غض بصرك يستريح قلبك أول شيء؛ لأنك إذا نظرت النظرة الأولى هذه مسموح بها، الثانية جمرة، الثالثة جمرتين، الرابعة تصبح مريضاً، لكن غض بصرك من أول الأمر؛ لأنه لا يوجد أعظم من غض البصر.
الجواب: نصيحتي لك يا أخي المسلم أن تقنع والديك إذا استطعت بالموافقة، مسألة العمل وما يتعلق به هذا أنت حر فيه، لكن المهم موافقة الوالدين؛ لأن طاعتهما وبرهما مقدم على الجهاد، إن الله يقول: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] فلا يجوز لك أن تذهب وهما غير راضيين، وعليك أن تقنعهما وأن تأخذ موافقتهما فإن وافقا فالحمد لله، وإن رفضا برئت ذمتك وانتهى دورك، وبقي عليك أنك تجمع الفلوس وترسلها لإخوانك المجاهدين، فإن الله جعل الجهاد بالمال عوضاً عن الجهاد بالنفس، إذ يقول عليه الصلاة والسلام: (من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا).
الجواب: إن شاء الله ما اتبعت طريقة الشرك بالله -والعياذ بالله- لأن بعض الناس يقول: لم أدع شيئاً، حتى الشرك ذهب له، لماذا تذهب إلى الشرك؟ (من ذهب إلى كاهن أو ساحر فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد) اذهب في علاج نفسك وأولادك إلى الطرق المشروعة، إما في المستشفيات أو إلى الرقية الشرعية، أما الكهنة والسحرة فحذار من الذهاب إليهم.
السائل: وأخيراً ذهبت إلى من يقال عندهم: (طب شعبي).
الشيخ: هذا هو الطب الشيطاني.
السائل: وأوصاني بعمل أشياء علمت بعدها أنها لا ترضي الله، كأن أذبح دون ذكر اسم الله.
الشيخ: يقولون له: اذبح ولكن لا تسم، يقول واحد: لماذا لا أسمي؟ قال: الاسم للإنس، إذا أردت أن تذبح لك أنت ولعيالك فاذبح وسم، أما الجن لا يريدون الاسم، فإذا ذبحت وسميت ما ذاقوها، أنت تذبح لكي يذوقونها.. تريد يأكلونها أو لا؟ قال: لا أدري.. قال: لا. إذا لم تذبح لهم ما عافوا ولدك، فذبح لهم بغير اسم الله وهذا هو الشرك: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:163-163] لعن الله من ذبح لغير الله، من ذبح للجن فعليه لعنة الله والعياذ بالله.
السائل: كأن أذبح لغير الله، وندمت أشد الندم ولا أعلم ما الكفارة.
الشيخ: الحمد لله أنك أدركت أنك أخطأت، وعليك أن تتوب إلى الله عز وجل، والكفارة التوبة وتجديد التوحيد والاستقامة على دين الله، والثبات، ولو ابتليت بكل أمراض الأرض كلها لا تذهب إلا إلى الله، كن عبداً ربانياً في السراء والضراء، لا تكن عبد عافية.. إذا كنت في عافية وحدت، وإذا أتاك مرض ذهبت للمشركين، وبعض الناس يقول: المريض (خبل) لا والله ما هو (خبل) المريض المشرك (خبل)، أما الموحد والله لو قطع قطعة قطعة، ولو جلس مريضاً إلى أن يموت فلا يمكن أن يذهب إلى غير الله؛ لأنه يقارن بين عافية مؤقتة وبين شرك وخلود في النار، فيجد أن العذاب الذي يناله من المرض مع تكفير السيئات ورفع الدرجات أعظم والله وأخف من أن يناله عذاب ولو ليلة في النار؛ نعوذ بالله وإياكم من النار.
الجواب: لا تكتمنا!! هذه المصيبة يا إخواني! إن القرآن أصبح عند كثير من الناس كتمة، والأغاني هي الكتمة حقيقةً، لما تسمع الأغاني وهي تغضب الله، وتصب بأذنيك يوم القيامة الرصاص المذاب، هذه هي اللعنة والكتمة، أما لما تسمع كلام الله الذي يبارك النفس والروح ويزكيها هذا هو النعيم، نقول لك: ثلاثمائة وثمانون كيلو يعني أربع ساعات تسمع أغاني كيف قلبك إذا وصلت بيتك؟ ممسوخ -والعياذ بالله- لا تذهب معه ولو تمشي على وجهك أو تقعد في بلدك هذا الذي أنت فيه سنة أو سنتين لا ترى أهلك، لا تمش معه في أي حال من الأحوال، قد تقول: ما عندي فلوس، ما عندي سيارة نقول: لا داعي الآن أن تذهب، عطلة الأسبوع اقضها في أبها والأسبوع الثاني ييسر لك من يحملك إلى بلدك أو يأتيك من المكافأة مبلغ لتذهب إلى بيتك وأنت سالم من المعصية، لا حول ولا قوة إلا بالله.
الجواب: صدقت، ولو لم يرد دليل لكانت المغرب وسطى بين الظهر والعصر، وبين الفجر والعشاء، لكن العصر هي الوسطى حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قلوبهم وأجوافهم نارا) فدل حديثه على أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
الجواب: الجمعيات سبق أن تكلم عنها الشيخ صالح الفوزان في أبها وقال: إنها حرام، وناقشت أنا والشيخ عائض القرني الشيخ عبد العزيز بن باز فيها وأخبرنا بأنها حرام، ولكننا ناقشناه جزاه الله خيراً فوعدنا أن يعرض أمرها على هيئة كبار العلماء ، وفعلاً عرضت في الجلسة الأخيرة في الطائف على مجلس كبار العلماء وصدرت فتوى بأنه لا مانع منها، هذه الفتوى برقم (164) في 26/2/1410هـ وقد قيل فيها: بعد النظر بهذه القضية قرر المجلس بالأكثرية.. -يعني أكثرية أعضاء المجلس- أنه لا مانع من هذه المعاملة؛ لأنه لا يلحق أو لا يترتب على هذا القرض منفعة للمقرض حتى تصير ربا، وإنما يستعيد المقرض ماله فقط بدون أي زيادةٍ أو نقص، وقالوا في نفس التقرير: إن الشرع المطهر لم يرد برد المنافع وإنما بمشروعيتها، فما دام فيها منفعة للناس، وليس فيها ضرر عليهم فإن شاء الله أنها جائزة، وهي بديل طيب عن الاستقراض من البنوك، فإن الإنسان لا يخلو من حاجة، يحتاج إلى شراء سيارة، يحتاج إلى ترميم بيته، يحتاج إلى تزويج ولده، يحتاج إلى زواج نفسه إذا كان ليس متزوجاً، أو عنده زوجة وأراد التعدد، يحتاج إلى حفر بئر إذا كان مزارعاً، يحتاج إلى تسوير مزرعته، وراتبه قد يكون ألفين أو ثلاثة فلا يستطيع أن يوفر شيئاً، فإذا أراد شيئاً يذهب مع مجموعة من زملائه في إدارته أو مدرسته أو في أي مكان (عشرين شخصاً مثلاً) يقول: ما رأيكم نعمل جمعية من ألف ريال، ولكن أريدها أنا الأول؛ لأني محتاج، قالوا: حسناً.. أعطوه عشرين ألفاً يفك عن نفسه، فهذه الجمعية كل شهر ألف ريال بدون زيادة أو نقص، أحسن من أن يستلف من البنك ويعطيهم أرباحاً (10%) أو (20%).
فنحن نرى أن هذه الجمعية إن شاء الله مباحة، وليس فيها شيء بإذن الله عز وجل، وهذا هو ما قرره مجلس كبار العلماء بأكثريتهم، نسأل الله عز وجل لنا ولكم التوفيق في الدنيا والآخرة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر