إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [001]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد أنزل الله القرآن على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وأمر بالأخذ به واتباعه، وأوحى إليه بالسنة، وأمر الناس في القرآن باتباعها، وأخبرهم أنها وحي من عنده، ولذا فمن منهج أهل السنة والجماعة الأخذ بالسنة في العبادات والمعاملات والعقائد وإن كانت آحاداً.
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    الأدلة من القرآن على أن السنة وحي من عند الله

    فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الوحي الثاني بعد القرآن، وهي وحي من الله عز وجل كالكتاب، إلا أن الكتاب تعبد الله تعالى بتلاوته وجعله معجزاً.

    وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم يجب العمل بها والأخذ بما فيها كالقرآن، وهي ليست من عند الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما هي من عند الله، قال عز وجل: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4].

    فكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه العصمة والنجاة، والأخذ به لازم كالأخذ بالقرآن، ولا يجوز أن يفرق بين السنة والقرآن بأن يؤخذ بالقرآن ولا يؤخذ بالسنة، ومن زعم أنه يأخذ بالقرآن ولا يأخذ بالسنة فإنه كافر بالكتاب والسنة؛ لأن الله عز وجل يقول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] ، ويقول عز وجل: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36] ، ويقول سبحانه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].

    فمن زعم أنه يأخذ من الكتاب ولا يأخذ من السنة فقد كفر بمقتضى قول الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] ، وقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه لعن النامصة والمتنمصة، وقال: ما لي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موجود في كتاب الله، فجاءت إليه امرأة وقالت: يا أبا عبد الرحمن انظر ماذا تقول، فإنك قلت: كذا وكذا، وإنني قرأت المصحف من أوله إلى آخره فما وجدت فيه الذي تقول. قال: إن كنت قرأته فقد وجدته، قال الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].

    فالسنة كلها داخلة في قوله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، وطاعته عليه الصلاة والسلام لازمة كطاعة الله، ولهذا يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).

    الأدلة من السنة على أنها وحي يجب الأخذ به

    وجاء في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث تدل على أن السنة وحي من الله، ومن ذلك حديث أنس الطويل في ذكر فرائض الصدقة التي فرضها الله عز وجل، ثم ذكر أسنان الإبل والغنم، ثم قال: (الفرائض التي فرضها الله عز وجل)، فأضاف فرضها إلى الله تعالى، وهي إنما جاءت في السنة وليست في القرآن، أعني ذكر مقادير الزكاة وأسنان الزكاة من الإبل والبقر والغنم.

    وكذلك جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يغفر للشهيد كل شيء، ثم قال: إلا الدين، سارني به جبريل آنفاً) يعني: أن جبريل ساره باستثناء الدين، وهذا يدل على أن السنة وحي من الله.

    وكذلك الحديث الذي ذكر فيه قصة الرجل الذي يشتكي بطن أخيه، وقال له عليه الصلاة والسلام: (اسقه عسلاً)، ثم جاء ثانية وثالثة يشتكي، ثم أمره بعد ذلك وقال: (صدق الله وكذب بطن أخيك)، يعني: أن هذا من الله عز وجل وليس منه صلى الله عليه وسلم.

    كفر من لم يأخذ بالسنة وبيان بطلان طريقته

    من لم يأخذ بالسنة فهو كافر بالكتاب والسنة، ومن أوضح ما يبين ذلك: أن الصلوات الخمس فرضها الله تعالى بركعات معينة، وما جاء عددها في القرآن، فالظهر أربع ركعات، والعصر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، والفجر ركعتان. فالذي يقول: إنه لا يأخذ إلا بالقرآن ولا يأخذ بالسنة كم سيصلي الظهر؟ وكم سيصلي العصر؟ لقد جاء كل ذلك مبيناً في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

    إذاً: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي من الله، والأخذ بها لازم كالقرآن، ولا يفرق بين السنة والقرآن من حيث العمل والأخذ بمقتضى ما دلت عليه، بل يجب أن يتلقى الإنسان أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ويعمل بها كما يعمل بما جاء في القرآن الكريم؛ لأن الكل وحي من الله سبحانه وتعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088525938

    عدد مرات الحفظ

    777131950