إسلام ويب

تفسير سورة البقرة [10-12]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حقيقة المنافقين هي الكفر بالله تعالى، والكفر يقتضي قتل صاحبه إن لم يتخل عنه وهو بين ظهراني المسلمين، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك خشية فرار الناس من الإسلام بحجة قتله أصحابه دون علمهم بحقيقة الحال، ولاشك في أن المنافقين أفسد الناس على الأرض وأكثرهم هزءاً بالإسلام، ولذا لن ينفعهم جريان حكم الإسلام عليهم في الدنيا وترك قتلهم في نجاتهم من عذاب الله تعالى يوم القيامة.
    قال الله تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:10].

    قال المصنف رحمه الله: [قال السدي : عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من الصحابة في هذه الآية: (في قلوبهم مرض) قال: شك، (فزادهم الله مرضاً) قال: شكاً.

    وقال ابن إسحاق : عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة -أو سعيد بن جبير- عن ابن عباس : (في قلوبهم مرض) قال: شك. وكذلك قال مجاهد وعكرمة والحسن البصري وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة .

    وعن عكرمة وطاوس (في قلوبهم مرض) يعني: الرياء.

    وقال الضحاك عن ابن عباس : (في قلوبهم مرض) قال: نفاق. (فزادهم الله مرضاً) قال: نفاقاً، وهذا كالأول.

    وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : (في قلوبهم مرض) قال: هذا مرض في الدين وليس مرضاً في الأجساد، وهم المنافقون، والمرض: الشك الذي دخلهم في الإسلام، (فزادهم الله مرضاً) قال: زادهم رجساً ].

    أي: أن مرضهم كان في الدين، وهو مرض النفاق والشبهة والشك والحيرة، نعوذ بالله.

    والمرض يأتي في القرآن بمعنيين: مرض الشهوة، ومرض الشبهة، والمراد هنا مرض الشبهة والشك، أما مرض المعصية فكما في قوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] يعني: (شهوة المعصية).

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقرأ: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ [التوبة:124-125]، قال: شراً إلى شرهم، وضلالة إلى ضلالتهم.

    وهذا الذي قاله عبد الرحمن رحمه الله حسن، وهو الجزاء من جنس العمل، وكذلك قاله الأولون، وهو نظير قوله تعالى أيضاً: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد:17].

    وقوله: بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:10] وقرئ: (يُكَذِّبِون) وقد كانوا متصفين بهذا وهذا؛ فإنهم كانوا كذبة ويُكَذِّبِون بالغيب يجمعون بين هذا وهذا ].

    أي: فهم كذبة في أنفسهم، وكانوا يكذبون بالغيب؛ لأنهم لم يؤمنوا، فقلوبهم مكذبة، فهم كذبة في دعواهم الإيمان، وهم مكذبون بالغيب، فجمعوا بين الشرين، نعوذ بالله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088566694

    عدد مرات الحفظ

    777366601