إسلام ويب

تفسير سورة الكهف [45-49]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد تعرض القرآن الكريم لبيان حقيقة الدنيا في أكثر من آية بأبلغ عبارة وأعظم نذارة، مستعملاً في ذلك ضرب الأمثال والوصف المباشر وغيرهما، ليبين للعباد أن ما يلهيهم فيها من زينة الأموال والأولاد لا يعد وأن يكون من متاع الدنيا المحتقرة، وأن ما ينبغي عليهم الاشتغال به هو الباقيات الصالحات التي يجدون ثوابها عند ربهم يوم تسير الجبال وتنصب الموازين وتتطاير الصحف، ليجد كل امرئ ما عمله مسطراً في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة.
    قال الله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [الكهف:45-46].

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يقول تعالى: واضرب -يا محمد- للناس مثل الحياة الدنيا -في زوالها وفنائها وانقضائها- كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض -أي: ما فيها من الحب- فشب وحسن وعلاه الزهر والنور والنضرة.

    ثم بعد هذا كله ( فَأَصْبَحَ هَشِيمًا ) ، يابساً ( تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ )، أي: تفرقه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا )، أي: هو قادر على هذه الحال وهذه الحال، وكثيراً ما يضرب الله مثل الحياة الدنيا بهذا المثل، كما قال تعالى في سورة يونس إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ [يونس:24]، الآية، وقال في الزمر : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ [الزمر:21] الآية، وقال في سورة الحديد: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ [الحديد:20] الآية، وفي الحديث الصحيح (الدنيا خضرة حلوة)، وقوله: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الكهف:46] كقوله: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ [آل عمران:14] ].

    هذه الآية ضرب الله تعالى فيها مثل الحياة الدنيا، فالله تعالى كثيراً ما يضرب الأمثال في كتابه، وكذلك الرسول عليه الصلاة والسلام يضرب الأمثال في سنته، وذلك لأن المثل يقرب المعقول فيكون كالمحسوس، وكان كثيراٌ من السلف يبكي الواحد منهم إذا لم يعلم المثل، لقول الله تعالى: وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43]، فالمثل ينتقل بالإنسان من الشيء المعقول إلى الشيء المحسوس الموجود، والله تعالى ضرب مثل الحياة الدنيا بماء مطر أنزله من السماء على الأرض، فأنبتت الأرض ( فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ ) وصار أخضر، ثم سرعان ما يبس وذبل، وكذلك الدنيا، فهي سريعة الزوال.

    والإنسان في هذه الدنيا في شبابه وفي صحته سرعان ما ينتهي ويصل إلى الأجل، والدنيا كلها سريعة الانقضاء، قال عليه الصلاة والسلام (مالي وللدنيا، إنما أنا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)، فهذه هي الدنيا، فالإنسان كالمتنزه الذي يذهب للنزهة مدة ثم ينصرف، فكذلك الدنيا يمكث الإنسان فيها ما شاء الله ثم يرحل.

    بيان معنى الباقيات الصالحات

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )، كقوله: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ [آل عمران:14] الآية، وقال تعالى : إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [التغابن:15].

    أي: الإقبال عليه والتفرغ لعبادته خير لكم من اشتغالكم بهم والجمع لهم والشفقة المفرطة عليهم، ولهذا قال: وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [الكهف:46].

    قال ابن عباس رضي الله عنهما، وسعيد بن جبير ، وغير واحد من السلف: الباقيات الصالحات: الصلوات الخمس، وقال عطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وهكذا سئل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه عن الباقيات الصالحات: ما هي ؟ فقال: هي لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، رواه الإمام أحمد ].

    الصواب أن (الباقيات الصالحات) عام لجميع الأعمال الصالحة، والصلوات الخمس من الباقيات الصالحات، والزكاة، والصوم، والحج، والتسبيح والتهليل، وقراءة القرآن، لكن عادة السلف أنهم يفسرون الشيء ببعض معناه، فالصلوات الخمس بعض من الأعمال الصالحات، و(سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) من الباقيات الصالحات، وكذلك جميع الأعمال الصالحة كلها من الباقيات الصالحات.

    والأعمال الصالحة هي التي تنفع الإنسان، فهي الباقية، حيث يبقى ثوابها، وثوابها الجنة، والمال والبنون زينة الحياة، والدنيا زائلة، فالمال منته والبنون كذلك، فزينة الحياة الدنيا منتهية والأعمال الصالحة يبقى ثوابها.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو عبد الله المقري ، حدثنا حيوة ، حدثنا أبو عقيل أنه سمع الحارث مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: جلس عثمان يوماً وجلسنا معه، فجاءه المؤذن، فدعا بماء في إناء -أظنه سيكون فيه مد- فتوضأ، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ثم قال: (من توضأ وضوئي هذا ثم قام فصلى صلاة الظهر غفر له ما كان بينها وبين الصبح، ثم صلى العصر غفر له ما بينها وبين الظهر، ثم صلى المغرب غفر له ما بينها وبين العصر، ثم صلى العشاء غفر له ما بينها وبين المغرب، ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته، ثم إن قام فتوضأ وصلى صلاة الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهي الحسنات يذهبن السيئات) ].

    فالصلوات تكفر السيئات، فهذا صلى الظهر فكفر الله خطاياه إلى صلاة العصر، أما الكبائر التي توعد عليها بالنار أو اللعنة أو الغضب -كالسرقة، والزنا، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وشهادة الزور، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وجحد حقوق الناس، والغيبة والنميمة -فلابد لها من توبة، ولا يكفي في تكفيرها صلاة الفرائض، لكن من صلى الفرائض كفر الله عنه الصغائر، كما قال الله عز وجل: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] أي: الصغائر، وقال عليه الصلاة والسلام: (الصلاة الخمس، والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)، فإذا اجتنب الإنسان الكبائر كفر الله بالصلوات وبالزكاة وبالصوم الصغائر، أما إذا لم يجتنب الكبائر عوقب على الصغائر والكبائر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قالوا هذه الحسنات، فما الباقيات الصالحات يا عثمان ؟ قال: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. تفرد به ].

    أي: تفرد به الإمام أحمد عن الكتب الستة، والمراد أن من الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وليست كلها، بل هي منها، والصلوات الخمس منها، وكذلك جميع الأعمال الصالحة.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وروى مالك عن عمارة بن عبد الله بن صياد عن سعيد بن المسيب قال: الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    وقال محمد بن عجلان عن عمارة قال: سألني سعيد بن المسيب عن الباقيات الصالحات فقلت : الصلاة والصيام، فقال: لم تصب، فقلت: الزكاة والحج، فقال: لم تصب، ولكنهن الكلمات الخمس: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله ].

    هذا مقطوع على سعيد ، وفيه: وقال محمد بن عجلان عن عمارة ، ولم يذكر السند، والصواب أنها الأعمال الصالحة كلها من الباقيات الصالحات، كالصلاة والزكاة والصوم والحج والتسبيح والتهليل.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال ابن جريج: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خيثم عن نافع عن سرجس أنه أخبره أنه سأل ابن عمر عن الباقيات الصالحات، قال: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال ابن جريج : وقال عطاء بن أبي رباح مثل ذلك.

    وقال مجاهد : الباقيات الصالحات : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله : ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ )، قال: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله هن الباقيات الصالحات. قال ابن جرير : وجدت في كتابي عن الحسن بن الصباح البزار عن أبي نصر التمار عن عبد العزيز بن مسلم عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر هن الباقيات الصالحات)، قال: وحدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث أن دراجاً أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الملة، قيل: وما هي يا رسول الله ؟ قال: التكبير، والتهليل، والتسبيح، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله)، وهكذا رواه أحمد من حديث دراج به.

    قال وهب : أخبرني أبو صخر أن عبد الله بن عبد الرحمن مولى سالم بن عبد الله حدثه قال: أرسلني سالم إلى محمد بن كعب القرظي في حاجة فقال: قل له: القني عند زاوية القبر، فإن لي إليك حاجة، قال: فالتقيا فسلم أحدهما على الآخر، ثم قال سالم : ما تعد الباقيات الصالحات ؟ فقال: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقال له سالم : متى جعلت فيها (لا حول ولا قوة إلا بالله)؟ قال: ما زلت أجعلها، قال: فراجعه مرتين أو ثلاثا فلم ينزع، قال: فأبيت ؟ قال سالم : أجل، فأبيت؛ فإن أبا أيوب الأنصاري حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (عُرِج بي إلى السماء فرأيت إبراهيم عليه السلام فقال: يا جبريل! من هذا الذي معك ؟ فقال: محمد، فرحب بي وسهل، ثم قال: مر أمتك فلتكثر من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة، وأرضها واسعة، فقلت: وما غراس الجنة؟ فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله).

    وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن يزيد عن العوام ، حدثني رجل من الأنصار من آل النعمان بن بشير قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد بعد صلاة العشاء، فرفع بصره إلى السماء ثم خفض حتى ظننا أنه قد حدث في السماء شيء، ثم قال: (أما إنه سيكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون، فمن صدقهم بكذبهم ومالأهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يمالئهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات).

    وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا أبان ، حدثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام عن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بخٍ بخٍ لخمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، والولد الصالح يتوفى فيحتسبه والده! وقال: بخ بخ لخمس من لقي الله مستيقناً بهن دخل الجنة: يؤمن بالله، واليوم الآخر، وبالجنة، وبالنار، وبالبعث بعد الموت، وبالحساب! ).

    وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: كان شداد بن أوس رضي الله عنه في سفر، فنزل منزلاً فقال لغلامه: ائتنا بالشفرة نعبث بها. فأنكر عليه فقال: ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها وأزمها غير كلمتي هذه، فلا تحفظوها علي، واحفظوا ما أقول لكم ].

    يعني: ما أتكلم بكلمة إلا ولها مكانة، وليس هناك كلام إلا وله موقع، إلا هذه الكلمة، وقوله: (أخطمها وأزمها) الخطام والزمام يكون للناقة، أي: لا يتكلم بالكلام إلا موزوناً، إلا هذه الكلمة.

    قال:[ فلا تحفظوها علي، واحفظوا ما أقول لكم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا أنتم هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلباً سليماً، وأسألك لساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب)، ثم رواه -أيضاً- النسائي من وجه آخر عن شداد بنحوه.

    وقال الطبراني : حدثنا عبد الله بن ناجية ، حدثنا محمد بن سعد العوفي ، حدثني أبي، حدثنا عمر بن الحسين عن يونس بن نفيع الجدلي عن سعد بن جنادة رضي الله عنه قال: كنت في أول من أتى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الطائف، فخرجت من أعلى الطائف من السراة غدوة، فأتيت منى عند العصر، فتصاعدت في الجبل ثم هبطت، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت، وعلمني قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وإِذَا زُلْزِلَتِ [الزلزلة:1]، وعلمني هؤلاء الكلمات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وقال: هن الباقيات الصالحات، وبهذا الإسناد: (من قام من الليل فتوضأ ومضمض فاه ثم قال: سبحان الله مائة مرة، والحمد لله مائة مرة، والله أكبر مائة مرة، ولا إله إلا الله مائة مرة؛ غفرت ذنوبه، إلا الدماء، فإنها لا تبطل).

    وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ )، قال: هي ذكر الله: قول لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، وتبارك الله، ولاحول ولاقوة إلا بالله، وأستغفر الله، وصلى الله على رسول الله، والصيام، والصلاة، والحج، والصدقة، والعتق، والجهاد، والصلة، وجميع أعمال الحسنات، وهن الباقيات الصالحات التي تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السموات والأرض ].

    وهذا هو الصواب، وهو أن الصلاة والزكاة والصوم والحج والصدقة وكل الأعمال الصالحات هي الباقيات الصالحات يبقى ثوابها في الجنة.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال العوفي عن ابن عباس : هي الكلام الطيب، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هي الأعمال الصالحة كلها. واختاره ابن جرير رحمه الله ].

    وهذا هو الصواب، فهي الأعمال الصالحة كلها، وما تقدم هو من بعض الأعمال الصالحة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088522487

    عدد مرات الحفظ

    777111227