قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يقول تعالى منبهاً بني آدم على عداوة إبليس لهم ولأبيهم من قبلهم، ومقرعاً من اتبعه منهم وخالف خالقه ومولاه وهو الذي أنشأه وابتداه، وبألطافه رزقه وغذاه، ثم بعد هذا كله والى إبليس وعادى الله، فقال تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ، أي: لجميع الملائكة، كما تقدم تقريره في أول سورة البقرة اسْجُدُوا لِآدَمَ، أي: سجود تشريف وتكريم وتعظيم، كما قال تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [الحجر:28-29]، وقوله: فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ [البقرة:34] ].
وهذا السجود سجود تشريف لآدم، وهو عبادة لله عز وجل؛ لأنهم امتثلوا أمر الله، فهم يعبدون الله بهذا السجود، فالملائكة عبدوا الله بهذا السجود، فقد امتثلوا أمره، حيث أمرهم بالسجود، وهو تشريف لآدم، فقد شرفه الله عندما أمر الملائكة بأن يسجدوا له.
قال المؤلف رحمه الله: [ وقوله: فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ أي: خانه أصله؛ فإنه خلق من مارج من نار، وأصل خلق الملائكة من نور، كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خلقت الملائكة من نور، وخلق إبليس من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم) ].
قوله في الحديث: إن إبليس خلق من مارج من نار، أي: لهب النار الصافي.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فعند الحاجة نضح كل وعاء بما فيه ].
أي: نضح وعاء إبليبس بما فيه؛ لأنه خلق من النار فظهر طيشه وحمقه وعدم رزانته ورجع إلى أصله؛ لأن أصل النار الخفة والطيش والعلو، وهي تحرق ما حولها، فلا تبقي ولا تذر، وأما آدم فأصله التراب والطين، وطبيعة التراب والطين السكون والركود والرزانة، وينبت ما حوله ويزكو، فكل رجع إلى أصله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فعند الحاجة نضح كل وعاء بما فيه، وخانه الطبع عند الحاجة، وذلك أنه كان قد توسم بأفعال الملائكة، وتشبه بهم وتعبد وتنسك ].
يعني أن إبليس كان قد توسم بأفعال الملائكة.
قال المؤلف رحمه الله: [ ولهذا دخل في خطابهم وعصى بالمخالفة، ونبه تعالى هاهنا على أنه من الجن، أي: على أنه خلق من نار، كما قال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [ص:76]، قال الحسن البصري : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط، وإنه لأصل الجن، كما أن آدم عليه السلام أصل البشر. رواه ابن جرير بإسناد صحيح عنه ].
وقال الشاعر العربي:
وسل أبا الجن اللعين فقل له أتعرف الخلاق أم أنت ذا نكران
فإبليس هو أبو الجن، وهو الشيطان.
وقوله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ، إذا قيل: إن إبليس كان معهم، وإنه تشبه بهم، وإنه من طائفة منهم كان الاستثناء متصلاً، وإذا قيل: ليس منهم كان منقطعاً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال الضحاك عن ابن عباس : كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم: الجن، خلقوا من نار السموم من بين الملائكة، وكان اسمه الحارث، وكان خازناً من خزان الجنة، وخلقت الملائكة من نور، غير هذا الحي ].
يعني أن الملائكة كلهم خلقوا من نور، إلا هذا الحي الذين منهم إبليس فقد خلقوا من نار.
قال المؤلف رحمه الله: [ قال: وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت ].
أي: وهو الذي خلق منه إبليس.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال الضحاك -أيضاً- عن ابن عباس : كان إبليس من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة، وكان خازناً على الجنان، وكان له سلطان السماء الدنيا وسلطان الأرض، وكان مما سولت له نفسه من قضاء الله أنه رأى أن له بذلك شرفاً على أهل السماء، فوقع من ذلك في قلبه كبر لا يعلمه إلا الله، واستخرج الله ذلك الكبر منه حين أمره بالسجود لآدم: وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34].
قال ابن عباس: قوله: كَانَ مِنَ الْجِنِّ، أي: من خزان الجنان، كما يقال للرجل: مكي ومدني وبصري وكوفي. وقال ابن جريج عن ابن عباس نحو ذلك. وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: هو من خزان الجنة، وكان يدبر أمر السماء الدنيا. رواه ابن جرير من حديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد به. وقال سعيد بن المسيب : كان رئيس ملائكة سماء الدنيا، وقال ابن إسحاق عن خلاد بن عطاء عن طاوس عن ابن عباس قال: كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل ، وكان من سكان الأرض، وكان من أشد الملائكة اجتهاداً وأكثرهم علماً، فذلك دعاه إلى الكبر، وكان من حي يسمون جناً. وقال ابن جريج عن صالح مولى التوأمة وشريك بن أبي نمر -أحدهما أو كلاهما- عن ابن عباس قال: إن من الملائكة قبيلة من الجن، وكان إبليس منها، وكان يسوس ما بين السماء والأرض، فعصى فسخط الله عليه فمسخه شيطاناً رجيماً لعنه الله ممسوخاً، قال: وإذا كانت خطيئة الرجل في كبر فلا ترجه، وإذا كانت في معصية فارجه ].
يعني: إذا كانت خطيئة الرجل في الكبر فلا ترج فيه الخير، وإذا كانت في غير الكبر فارج فيه الخير.
قال المؤلف رحمه الله: [ وعن سعيد بن جبير أنه قال: كان من الجنَّانين الذين يعملون في الجنة. وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها ].
أي: كل هذه الأقوال التي ذكرت مأخوذة عن بني إسرائيل، من عند نقل المؤلف عن سعيد بن المسيب ومن بعده، بل ومن عند نقله عن ابن عباس، فإنه كان ينقل عن بني إسرائيل، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يقطع بكذبه؛ لمخالفته للحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وُضع فيها أشياء كثيرة، وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذين ينفون عنها تحريف الغالين ].
يعني إن بني إسرائيل ليس عندهم حفاظ كما هو الحال عند المسلمين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذين ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء، من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد، الذين دونوا الحديث وحرروه، وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره، وموضوعه ومتروكه ومكذوبه، وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين، وغير ذلك من أصناف الرجال، كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه، فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم، وقد فعل ].
يعني: وقد فعل سبحانه وتعالى، فرضي عنهم وأرضاهم.
القسم الأول: ما جاء شرعنا بموافقته، فهذا حق مطلوب؛ لأنه وافق شرعنا.
القسم الثاني: ما جاء شرعنا بإبطاله، فهذا باطل مردود.
القسم الثالث: ما سكت عنه شرعنا، ولم يأت فيه ما يدل على بطلانه أو ما يدل على إثباته، فهذا لا يصدق ولا يكذب، كما في الحديث: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، فإنهم قوم قد كان فيهم الأعاجيب) وفي رواية: (لا تصدقوهم ولا تكذبوهم). فلا يصدق خبرهم؛ لاحتمال أن يكون كذباً، ولا يكذب؛ لاحتمال أن يكون صدقاً، فمرويات بني إسرائيل لا تصدق ولا تكذب، إلا إذا جاء في شرعنا ما يدل على تصديق بعضها فنصدقه، وأما إذا جاء في شرعنا ما يدل على بطلانها فنبطلها ونكذبها.
وقد ذكر هنا الحافظ ابن كثير رحمه الله أن هذه الأمة خصها الله بالمحدثين والنقاد، والأئمة والجهابذة من العلماء الذين ينفون عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وقد نقحوا السنة وطهروها ونظفوها، وميزوا الوضاعين من الكذابين ومن المجهولين ومن الثقات، وأما الأمم السابقة فليس عندهم شيء من هذا، وليس لديهم إسناد، وإنما الإسناد خاص بهذه الأمة، ولهذا كثر التحريف والتبديل في الكتب السابقة، وأما القرآن الكريم فقد حفظه الله بنفسه، قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، فهو محفوظ بحفظ الله، وأما السنة فقد قيض الله لها الجهابذة والنقاد والعلماء يحفظونها، وأما الكتب السابقة فإن الله تعالى لم يتول حفظها، بل وكل حفظها إليهم فلم يحفظوها، كما قال سبحانه تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ [المائدة:44].
أي: استحفظهم الله على حفظها فلم يحفظوها، فحرفت وبدلت، وأما القرآن فقد تولى الله حفظه بنفسه، قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9].
قال المؤلف رحمه الله: [ وقوله: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ، أي: فخرج عن طاعة الله؛ فإن الفسق هو الخروج، يقال: فسقت الرطبة: إذا خرجت من أكمامها. وفسقت الفأرة من جحرها: إذا خرجت منه للعيث والفساد ].
أصل كلمة (الفسق): الخروج، وسمي الفاسق فاسقاً لخروجه عن طاعة الله، والعاصي يسمى فاسقاً، وكذلك مرتكب الكبيرة؛ لخروجهما عن طاعة الله، وسميت الفأرة فاسقة لأنها تخرج من جحرها للعيث والفساد، وتسمى الفويسقة؛ لأنها خرجت عن طبيعة غيرها بالإيذاء، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور، والغراب). فسميت هذه فواسق لأنها خرجت عن طبيعة غيرها من الحيوانات بالإيذاء والإفساد، وسمي الفاسق فاسقاً لخروجه عن طاعة الله إلى المعصية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ثم قال تعالى مقرعاً وموبخاً لمن اتبعه وأطاعه: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي أي: بدلاً عني. ولهذا قال: بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا وهذا المقام كقوله بعد ذكر القيامة وأهوالها ومصير كل من الفريقين السعداء والأشقياء في سورة يس: وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس:59]... إلى قوله: أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ [يس:62] ].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يقول الله تعالى: هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دوني عبيد أمثالكم لا يملكون شيئاً، ولا أشهدتهم خلق السماوات والأرض، ولا كانوا إذ ذاك موجودين. يقول تعالى: أنا المستقل بخلق الأشياء كلها، ومدبرها ومقدرها وحدي، ليس معي في ذلك شريك ولا وزير ولا مشير ولا نظير، كما قال: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ:22-23] الآية. ولهذا قال: وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف:51]. قال مالك : أعواناً ].
هذه الآية فيها توبيخ للذين يتخذون الشيطان ولياً من دون الله، قال سبحانه: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ [الكهف:51]. يعني: هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دون الله ما شهدوا خلق السماوات ولا خلق الأرض، ولم يكونوا موجودين في ذلك الوقت. ولم يشهدوا خلق أنفسهم، وليس لهم من الأمر شيء، فكيف تتخذونهم أولياء من دون الله؟! وقد قال تعالى: وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف:51].
يعني أن المضلين لم يتخذهم الله أعواناً له، فهؤلاء الذين عُبدوا من دون الله واتُخذوا أولياء من دونه ليس لهم من الأمر شيء، ولم يشهدهم الله خلق السماوات والأرض، ولا خلق أنفسهم، فليس لهم في الأمر شيء، ولم يتخذهم الله أعواناً ولا أنصاراً، بل هو سبحانه وتعالى الكامل في ذاته وصفاته، الغني عن كل أحد، فلا يحتاج إلى أحد.
وكل من يقول: إن لبعض الأشخاص تصرفاً في الكون فقوله لا دليل عليه، وقد قال الله: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ [الكهف:51] فمن قال ذلك الكلام فإنه يرد عليه بهذه الآية، وكذلك الذين يعبدون غير الله عز وجل، والذين يقولون: إن المتصرف في هذا الكون الكواكب أو غيرها، كل هؤلاء يرد عليهم بهذه الآية: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف:51].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يقول تعالى مخبراً عما يخاطب به المشركين يوم القيامة على رءوس الأشهاد تقريعاً لهم وتوبيخاً: نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ [الكهف:52]. أي: في دار الدنيا، ادعوهم اليوم ينقذونكم مما أنتم فيه. قال تعالى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ [الأنعام:94].
وقوله: فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ [الكهف:52] كما قال: وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ [القصص:64]، الآية، وقال: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ [الأحقاف:5]، الآيتين، وقال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا [مريم:81-82].
وقوله: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا [الكهف:52]. قال ابن عباس وقتادة وغير واحد: مهلكاً، وقال قتادة : ذكر لنا أن عمراً البكائي حدث عن عبد الله بن عمرو قال: هو واد عميق فرق به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضلالة. وقال قتادة : موبقاً: وادياً في جهنم ].
وهذه الآية فيها إثبات الكلام لله عز وجل، قال تعالى: وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ [الكهف:52]. ففيها إثبات القول والكلام لله، وأن الله يتكلم، وفيها رد على من أنكر كلام الله وقال: إنه ليس بحرف ولا صوت، من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة.
وهذه الآية فيها التوبيخ للمشركين الذين عبدوا آلهة مع الله، فإن الله يناديهم ويقول لهم: نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ [الكهف:52] أي: الذي زعمتم أنهم شركاء لله وعبدتموهم معه، قال تعالى: فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ [الكهف:52] أي أنهم دعوهم ولكنهم لم يستجيبوا لهم ولم ينفعوهم، وجعل الله بينهم وبينهم مهلكاً، فتبين هلاكهم وخسارتهم، فأهلكهم الله وسبقوا إلى النار، والعياذ بالله، كما قال تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا [مريم:85-86]، فمن عبد غير الله ومات على الشرك فليس له إلا النار، فيُساق إلى جهنم سوقاً، والعياذ بالله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال ابن جرير : حدثني محمد بن سنان القزاز حدثنا عبد الصمد حدثنا يزيد بن زريع سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول في قول الله تعالى: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا [الكهف:52]، قال: واد في جهنم من قيح ودم. وقال الحسن البصري : موبقاً: عداوة. والظاهر من السياق هاهنا أنه المهلك، ويجوز أن يكون وادياً في جهنم أو غيره. والمعنى أن الله تعالى بين أنه لا سبيل لهؤلاء المشركين ولا وصول لهم إلى آلهتهم التي كانوا يزعمون في الدنيا، وأنه يفرق بينهم وبينها في الآخرة، فلا خلاص لأحد من الفريقين إلى الآخر، بل بينهما مهلك وهول عظيم وأمر كبير. وأما إن جُعل الضمير في قوله: (بَيْنَهُمْ) عائداً إلى المؤمنين والكافرين -كما قال عبد الله بن عمرو : إنه يفرق بين أهل الهدى والضلالة به- فهو كقوله تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [الروم:14]، وقال: يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ [الروم:43]، وقال تعالى: وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس:59]. وقال تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ [يونس:28]... إلى قوله: وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [يونس:30]، وقوله: وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا [الكهف:53]، أي أنهم لما عاينوا جهنم حين جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك، فإذا رأى المجرمون النار تحققوا لا محالة أنهم مواقعوها، ليكون ذلك من باب تعجيل الهم والحَزَن لهم، فإن توقع العذاب والخوف منه قبل وقوعه عذاب ناجز ].
أي: عذاب معجل، فكون الإنسان يخاف ويرهب ويتوقع أن يأتيه شر في المستقبل عذاب معجل، ثم إذا جاءه العذاب انتقل من عذاب إلى عذاب، والعياذ بالله، كما قال سبحانه: وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا [الكهف:53]، فتبرز النار -والعياذ بالله- يوم القيامة، وإذا برزت ورآها الكفار تقاد يتيقنوا أنهم مواقعوها، فيزداد همهم وخوفهم ورعبهم وحزنهم، وهذا عذاب معجل لهم قبل أن يصلوا إليها، ثم يساقون إليها والعياذ بالله، ونسأل الله السلامة والعافية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا [الكهف:53]. أي: ليس لهم طريق يُعدل بهم عنها، ولابد لهم منها. قال ابن جرير : حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الكافر ليرى جهنم فيظن أنها مواقعته من مسيرة أربعمائة سنة) ].
وهذا الحديث ضعيف، ففيه دراج عن أبي الهيثم وهو ضعيف، والآية واضحة وصريحة في أن الكفار يرونها ويظنون أنهم مواقعوها.
قال المؤلف رحمه الله: [ وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينصب الكافر مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا، وإن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة) ].
وهذا ضعيف؛ فإن فيه ابن لهيعة ، ودراج عن أبي الهيثم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يقول تعالى: ولقد بينا للناس في هذا القرآن ووضحنا لهم الأمور وفصلناها؛ كيلا يضلوا عن الحق ويخرجوا عن طريق الهدى، ومع هذا البيان وهذا الفرقان الإنسان كثير المجادلة والمخاصمة والمعارضة للحق بالباطل، إلا من هدى الله وبصره لطريق النجاة ].
هذا هو أصل الإنسان، وهو أنه كثير الجدل وكثير المعارضة للحق، إلا من هداه الله، وقد بين الله تعالى هذا القرآن ووضحه وبين للناس فيه طريق الخير وطريق الشر، ومع ذلك فالإنسان كثير الجدل وكثير المعارضة للحق، إلا من هداه الله ووفقه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني علي بن الحسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخبره (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه و
فقول علي: ( أنفسنا بيد الله)، يعني: سننام، فإن شاء الله بعثنا. فلم يعجب النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول، فولى ولم يرجع لهما قولاً، وضرب بيديه على فخذه، وقال: وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الكهف:54]. يعني: ما كان ينبغي هذا من علي رضي الله عنه، وكان ينبغي له أن يقول -مثلاً-: سنفعل إن شاء الله، وسنبذل الأسباب. وأما قوله: (أنفسنا بيد الله)، فمعناه: إننا لا ننام باختيارنا. فلم يعجب قوله الرسول عليه الصلاة والسلام، فولى وهو يضرب يده في فخذه، ويقول: وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الكهف:54] يعني أن هذا من الجدل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يخبر تعالى عن تمرد الكفرة في قديم الزمان وحديثه، وتكذيبهم بالحق البين الظاهر مع ما يشاهدون من الآيات والدلالات الواضحات، وأنه ما منعهم من اتباع ذلك إلا طلبهم أن يشاهدوا العذاب الذي وعدوا به عياناً، كما قال أولئك لنبيهم فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الشعراء:187] ].
وهم قوم شعيب.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وآخرون قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [العنكبوت:29] ].
وهم قوم لوط.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقالت قريش: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال:32] ].
وهذا من الشقاء والعياذ بالله، ولو وفقوا لقالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له ووفقنا له واجعلنا نقبله ونرضى به ونختاره. لكن الشقاوة غلبت عليهم -نسأل الله العافية- فقالوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ [الأنفال:32] أي: الذي جاء به محمد فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال:32] نعوذ بالله من الخذلان.
ومع ذلك حكم الله تعالى عليهم ولم يعاجلهم بالعقوبة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الحجر:6-7]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك.
ثم قال: إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ [الكهف:55]، من غشيانهم بالعذاب وأخذهم عن آخرهم، أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا [الكهف:55]. أي: يرونه عياناً مواجهة ومقابلة.
ثم قال تعالى: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ [الأنعام:48]، أي: قبل العذاب مبشرين من صدقهم وآمن بهم، ومنذرين لمن كذبهم وخالفهم. ثم أخبر عن الكفار بأنهم: وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الحق [غافر:5]، أي: ليضعفوا به الحق الذي جاءتهم به الرسل، وليس ذلك بحاصل لهم. وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا [الكهف:56]. أي: اتخذوا الحجج والبراهين وخوارق العادات التي بعث بها الرسل وما أنذروهم وخوفوهم به من العذاب هُزُوًا [الكهف:56]. أي: سخروا منهم في ذلك، وهو أشد التكذيب ].
أي: سخر الكفرة من الآيات ومن النذر، والذي منعهم من الإيمان هو: أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا [الكهف:55]، فتعسفوا ولم يقبلوا الحق وأنكروه، فلم يبق إلا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا [الكهف:55]، نسأل الله العافية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يقول تعالى: وأي عباد الله أظلم ممن ذكر بآيات الله فأعرض عنها؟! أي: تناساها وأعرض عنها ولم يصغ لها ولا ألقى إليها بالاً (وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) أي: من الأعمال السيئة والأفعال القبيحة (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ) أي: قلوب هؤلاء (أَكِنَّةً) أي: أغطية وغشاوة (أَنْ يَفْقَهُوهُ) أي: لئلا يفهموا هذا القرآن والبيان، (وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا) أي: صمماً معنوياً عن الرشاد ( وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ) ].
وهذا -نسأل الله العافية- بسبب عنادهم وكفرهم وعدم قبولهم للحق، فقد جعل الله على قلوبهم أكنة، أي: غشاوة وغطاء معنوياً يمنعهم من قبول الحق؛ بسبب عدم قبولهم للحق لما جاءهم وردهم له، كما قال سبحانه: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:5]، وكما قال سبحانه: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [الأنعام:110]، فلما جاءهم الحق ووضحه الله لهم وردوه عن بصيرة لا عن جهل عاقبهم الله، وجعل على قلوبهم أكنة، فلا يفقهون هذا القرآن، نسأل الله العافية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) ، أي: ربك -يا محمد- غفور ذو رحمة واسعة (لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ) كما قال: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ [فاطر:45]، وقال: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ [الرعد:6]، والآيات في هذا كثيرة شتى.
ثم أخبر أنه يحلم ويستر ويغفر، وربما هدى بعضهم من الغي إلى الرشاد، ومن استمر منهم فله يوم يشيب فيه الوليد، وتضع كل ذات حمل حملها، ولهذا قال: بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا [الكهف:58]. أي: ليس لهم عنه محيص ولا محيد ولا معدل.
وقوله: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا [الكهف:59]، أي: الأمم السالفة والقرون الخالية أهلكناهم بسبب كفرهم وعنادهم. وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا [الكهف:59]، أي: جعلناه إلى مدة معلومة ووقت معين، لا يزيد ولا ينقص. أي: وكذلك أنتم -أيها المشركون- احذروا أن يصيبكم ما أصابهم، فقد كذبتم أشرف رسول وأعظم نبي، ولستم بأعز علينا منهم، فخافوا عذابي ونذر ].
وهذا فيه تهديد ووعيد لكفار قريش بأن الله سبحانه وتعالى مع كونه الغني ذا الرحمة لا يعاجلهم بالعقوبة، فهو غني وذو رحمة واسعة، ولا يعاجلهم بالعقوبة، بل يحلم عليهم ويمهلهم، كما قال تعالى: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا [الكهف:58].
ثم بين سبحانه وتعالى أن الأمم السابقة أهلكهم الله بسبب ظلمهم وشركهم وعنادهم وتكذيبهم الأنبياء، وجعل لذلك وقتاً محدداً، ولهذا قال: وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا [الكهف:59]. يعني: فاحذروا -أنتم أيها الكفار- أن تستمروا على تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وعدم قبول الحق فيصيبكم ما أصابهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر