قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الأمر بتخليل الأصابع:
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن كثير وكان يكنى أبا هاشم ح وأنبأنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان عن أبي هاشم عن عاصم بن لقيط عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأت فأسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع) ].
ذكر النسائي ترجمة تخليل الأصابع، والمراد بتخليلها هو: إسباغ الوضوء بحيث يجري الماء بينها، ويتحقق من أن الماء وصل إلى ما بين الأصابع، وإنما نص على تخليل الأصابع؛ لأنها أماكن قد ينبو عنها الماء، فالأصابع بعضها ببعض تكون سبباً في عدم الوصول إلى أصولها فيما بينها، فشرع التخليل، وذلك أن الإنسان يدخل أصابعه, أو يجري الماء بين الأصابع؛ بحيث يتحقق من أن الماء وصل بين الأصابع التي هي عرضة لأن ينبو عنها الماء؛ لأن الأماكن البارزة هذه في الغالب يصل إليها الماء، أما الأماكن المنخفضة، أو الأماكن التي يكون هناك ما يحول دونها، فإنه قد ينبو عنها الماء، مثل: الأعقاب، كما جاء في الحديث الذي مر: (ويلٌ للأعقاب من النار)؛ لأن الماء قد ينبو عنها، وكذلك الذي بين الأصابع ينبو عنها الماء، فجاءت السنة بالأمر بالتخليل، وذلك بإدخال الماء من خلالها، وإيصاله إلى ما بين الأصابع بحيث يصل إليه الماء.
وإطلاق الحديث يدل على أن ذلك يكون في اليدين والرجلين، يعني: عند غسل اليدين, وعند غسل الرجلين يتحقق الإنسان أن الماء وصل إلى ما بين أصابع يديه، وإلى ما بين أصابع رجليه، وحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه، وهو أبو رزين العقيلي، وقد مر ذكره فيما مضى، يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (أسبغوا الوضوء، وخللوا بين الأصابع)، والمقصود كما عرفنا: هو كون الماء يدخل بين الأصابع ويسيل بينها، ويتحقق من وصوله إلى الأماكن المنخفضة التي هي غير بارزة، والتي قد ينبو عنها الماء؛ لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخليلها، والتحقق من وصول الماء إليها.
وقوله: (أسبغوا الوضوء)، أمرٌ بإسباغه، ويكون بالاستيعاب, ويكون بالعدد، أما الاستيعاب فيكون بالتحقق من وصول الماء، وبدلك الأعضاء باليد.
وبالنسبة للعدد: بحيث يوصل إلى ثلاث غسلات، ولا يزاد على الثلاث، فهذا هو الإسباغ.