إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الجنائز
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الجنائز - باب من يتوفى له ثلاثة - باب من قدم ثلاثة

شرح سنن النسائي - كتاب الجنائز - باب من يتوفى له ثلاثة - باب من قدم ثلاثةللشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين الصابرين على ما أصابهم من فقد أولادهم -لا سيما إذا بلغوا ثلاثة لم يبلغوا الحلم- أن عوضهم الله تعالى بصبرهم الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا تحلة القسم.

    شرح حديث: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [من يتوفى له ثلاثة.

    أخبرنا يوسف بن حماد ، حدثنا عبد الوارث ، عن عبد العزيز ، عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم)].

    يقول النسائي رحمه الله: باب من يتوفى له ثلاثة من الولد.

    أي: بيان ما ورد فيه، وبيان الفضل الذي يحصل له بذلك بسبب رحمته إياهم، أي: الأولاد الذين يتوفاهم الله عز وجل ويفقدهم والدهم، وقد أورد النسائي فيه عدة أحاديث أولها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحلم إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم)، فهذا الحديث يدل على فضل من حصل له ذلك، وصبر، واحتسب، وأحسن إليهم، ثم توفاهم الله عز وجل قبل بلوغهم الحلم، وهو سن البلوغ، أي: أنهم صغار لم يبلغوا سن التكليف فإذا أحسن إليهم، ورباهم، ونشأهم، ثم توفاهم الله عز وجل في أول حياتهم، وصبر واحتسب، فإن الله عز وجل يدخله الجنة بفضل رحمته إياهم، وقوله عليه الصلاة والسلام: [ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحلم] أي: أنهم لم يصلوا إلى سن البلوغ، ولم يبلغوا إلى سن التكليف الذي هو لزوم العبادة والتحنث وهو: التعبد، وبلوغ الحلم يعني: بلوغ السن الذي يكون الإنسان به مكلفاً بالعبادة.

    قوله: [إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم]، يعني: هؤلاء الثلاثة من الولد الذين ماتوا في صغرهم، وقد نشأهم وأحسن إليهم ورحمهم، فإن الله تعالى يثيبه على ذلك بأن يدخله الجنة بفضل رحمته إياهم.

    تراجم رجال إسناد حديث: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة ...)

    قوله: [أخبرنا يوسف بن حماد].

    هو يوسف بن حماد المعني، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

    [عن عبد الوارث].

    هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد العزيز].

    هو ابن صهيب البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.

    [عن أنس بن مالك].

    صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأنه رباعي، وأعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات فإن بين النسائي فيه وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أربعة أشخاص هم: يوسف بن حماد، وعبد الوارث بن سعيد، وعبد العزيز بن صهيب، وأنس بن مالك هؤلاء هم إسناد هذا الحديث، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ إذ ليس عنده شيء من الثلاثيات، ومثله في ذلك مسلم، وأبو داود، فإن أعلى ما عندهم الرباعيات، وليس عندهم شيء من الثلاثيات، أما الثلاثة الباقون من الستة، وهم البخاري، والترمذي، وابن ماجه فعندهم أحاديث ثلاثيات، فـالبخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، وهو أعلى ما يكون عنده، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وأما ابن ماجه فعنده خمسة أحاديث ثلاثية وهي بإسناد واحد، وهو ضعيف، يعني: ذلك الإسناد الواحد الذي ورد فيه الخمسة الأحاديث الثلاثية هو إسناد ضعيف، وأما مسلم، وأبو داود، والنسائي فأعلى ما يكون عندهم الرباعيات، وهذا الإسناد الذي هو معنا من تلك الأسانيد العالية التي هي أعلى ما يكون عند النسائي رحمه الله.

    شرح حديث: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود، حدثنا بشر بن المفضل، عن يونس، عن الحسن، عن صعصعة بن معاوية قال: لقيت أبا ذر رضي الله عنه قلت: حدثني، قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما بفضل رحمته إياهم)].

    أورد النسائي رحمه الله حديث أبي ذر رضي الله عنه وهو بمعنى حديث أنس بن مالك المتقدم: (ما من مسلم يموت بينهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله الجنة بفضل رحمته إياهم) وهذا فيه بيان أن هذا الفضل إنما هو للأب والأم، والأحاديث الماضية أيضاً تدل على دخول الإناث في ذلك؛ لأن كلاً منهما والد، وكلاً منهما له ذلك الأجر والثواب، وهذا الحديث فيه التفصيل والتوضيح، بحيث أن ذكر المسلم الذي يموت له ثلاثة من الولد ليس المقصود به الوالد فقط الذي هو الأب، بل المقصود به الأب والأم؛ لأن كلاً منهما والد، فإذا فقد الأب أو الأم ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا الحلم، فإن الله عز وجل يثيبه على ذلك بأن يدخله الجنة بفضل رحمته إياهم، أي: رحمة الأب والأم إياهم، أي: الثلاثة من الأولاد، والحديث دال على ما دل عليه الذي قبله وفيه التوضيح والبيان بأن الحكم ليس مقصوراً على الآباء فقط، بل هو يشمل الآباء والأمهات.

    تراجم رجال إسناد حديث: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما ...)

    قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].

    هو البصري وكنيته أبو مسعود، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهو نوع من أنواع علوم الحديث وهو معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وقالوا: معرفة هذا النوع ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر بالكنية بدل النسبة، فقد يظن أنه تصحيف من (ابن) إلى (أبو)، إذا قيل: إسماعيل بن مسعود فمن يعرف أنه إسماعيل بن مسعود ولا يعرف أنه إسماعيل أبو مسعود إذا رآه إسماعيل أبو مسعود يظن أن (أبو) صحفت إلى (ابن) أو (ابن) صحفت إلى (أبو) ولا تصحيف في ذلك؛ لأنه إن قيل: إسماعيل بن مسعود فهو صحيح فأبوه هو مسعود، وإن قيل: إسماعيل أبو مسعود فهو أيضاً صحيح؛ لأنه إسماعيل أبو مسعود، كنيته أبو مسعود، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا بشر بن المفضل].

    هو ابن المفضل البصري، وهو ثقة أيضاً، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن يونس].

    هو يونس بن عبيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الحسن].

    هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، مشهور، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن صعصعة بن معاوية].

    هو عم الأحنف بن قيس المشهور، وقيل: إن له صحبة، وقيل: بل هو تابعي، ثقة، فهو مختلف في صحبته، فهو إن كان صحابياً فهو لا يحتاج إلى أن يسأل عن حاله؛ لأن الصحابة عدول، وإن كان تابعياً أو على القول بأنه تابعي فهو ثقة، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي، وابن ماجه.

    [... لقيت أبا ذر].

    هو جندب بن جنادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن أبي ذر وعن الصحابة أجمعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم)].

    أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم) قوله: [لأحد من المسلمين] يشمل الأب والأم؛ لأنه مطلق، [لأحد من المسلمين] يعني: سواء أباً أو أماً كما جاء ذلك بيناً في حديث أبي ذر الذي قبل هذا حيث يكون فيه التنصيص على المسلمين الأبوين الأب والأم، وهنا قال: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار) معناه أنه يكون من أهل الجنة ولا يكون من أهل النار، ولا تمسه النار إلا تحلة القسم.

    قوله: [إلا تحلة القسم] قيل: أن المقصود منها الإشارة إلى ما جاء في قول الله عز وجل: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [مريم:71]، فإنه قيل: أن هذا هو المراد بتحلة القسم، وقيل: أن هذا قسم، ومن العلماء من يقول أنه لا قسم في الآية، وأن المقصود بقوله: [إلا تحلة القسم]، أي: كناية عن الشيء القليل، معناه: إلا تحلة القسم، إلا شيئاً قليلاً أو شيئاً يسيراً لا يحصل معه ضرر على من دخل النار، وفسر ذلك بأنه مرور على الصراط؛ لأن الجنة من يذهب إليها يمر في طريقه على النار؛ لأن النار في الطريق إلى الجنة، والصراط منصوب على متن جهنم، والناس يمرون على الصراط، وهم يتجاوزونه بأعمالهم، وما عندهم من الأعمال، فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كأجاود الخيل، ومنهم من يزحف، على حسب أعمالهم.

    وعلى هذا فإن الإنسان إذا مر في سماء النار وعلى الصراط الذي هو منصوب فوقها، فإن هذا يكون نصيبه من النار، وهذا هو المقصود بقوله: [إلا تحلة القسم] أي: إلا شيئاً يسيراً يعني: يمر على النار فلا يضره شيء ولا يحس بشيء؛ لأنه مر بسرعة أو حصل له المكث على الصراط، وأصابه شيء منها وهو شيء يسير.

    وممن قال بهذا القول الذي هو أن المراد بتحلة القسم أنه الشيء القليل، وأنه ليس هناك قسم، ولا يراد به قسم، وإنما يراد به الشيء القليل، أي: الذي مثل ما يتحلل به المقسم من قسمه، وأنه شيء قليل، ممن قال بذلك الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله، في كتابه أضواء البيان عند تفسيره، لآية في سورة مريم، وقال: إن التحقيق أنه لا قسم في الآية، وأن المقصود بتحلة القسم الشيء اليسير، وذكر أن هذا أسلوب من أساليب اللغة العربية، وذكر بعض الشواهد الشعرية على ذلك التي فيها إطلاق التحلة على الشيء اليسير الذي لا قسم فيه، ولم يتقدمه قسم يحصل التحلل منه.

    وعلى هذا سواء كان المراد به أن في الآية قسماً فالمراد به: المرور على الصراط وهو شيء يسير، أو أنه لا قسم في الآية والمراد بتحلة القسم الشيء اليسير، وهو أسلوب من أساليب اللغة العربية كما قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمة الله عليه في كتابه أضواء البيان عند تفسيره لآية في سورة مريم كما أشرت إلى ذلك.

    تراجم رجال إسناد حديث: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم)

    قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].

    هو ابن جميل بن طريف البغلاني وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن مالك].

    هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد أفراد السلسلة الذهبية عند البخاري التي هي مالك عن نافع عن ابن عمر، أي: الذين هم في القمة عند الإمام البخاري.

    [عن ابن شهاب].

    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري ينسب إلى جده شهاب فيقال: ابن شهاب، وينسب إلى جده زهرة بن كلاب الذي هو أخو قصي بن كلاب، فـزهرة بن كلاب، وقصي بن كلاب أخوان فينتهي نسبهما عند نسب الرسول عليه الصلاة والسلام بـكلاب، وزهرة أخو قصي، فيقال له الزهري نسبة إلى جده زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، إمام مشهور مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي كلفه الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه بجمع السنة وتدوينها، ولهذا يقول السيوطي في الألفية:

    أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمر له عمر

    والمقصود بالأولية: الأولية بتكليف من السلطان الوالي، وإلا فإن جمع السنة وكتابتها كان معروفاً من قبل في زمن الصحابة، كان من الصحابة من يكتب، ويكتب السنن عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنهم: عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، كما جاء ذلك عن أبي هريرة مثل الذي يذكر أنه كان يكتب أي: عبد الله بن عمرو، وهو لا يكتب.

    فإذاً: الأولية هنا المقصود بها: الأولية التي حصلت بتكليف من الوالي، وليس بجهود شخصية وبأعمال فردية، فإن هذا موجود من قبل، هذا العمل الذي قام به الزهري بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليهما.

    [عن سعيد].

    هو سعيد بن المسيب بن حزن تابعي، مشهور، فقيه، محدث، وقيل: إنه خير التابعين كما سبق أن مر بنا، قيل: إن خير التابعين هو سعيد بن المسيب، وقيل: أويس القرني، ولا شك أن أويس القرني هو خير التابعين؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام نص على ذلك، وأخبر عن أمر مغيب مستقبلاً، وقال: إن خير التابعين رجل يقال له: أويس حدث به الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر عن حاله، وأنه يأتي من أمداد أهل اليمن، يأتي مع أمداد أهل اليمن، ومنهم من قال سعيد بن المسيب؛ لأنه اشتهر بالفقه والحديث، واشتهر بالعلم، ولا شك أن خيرية أويس من حيث نص الرسول عليه الصلاة والسلام عليه واضح، وأما هذا، فأفضليته وخيريته عندما قال بأنه خير التابعين من حيث ما أثر عنه من العلم، والفقه، والحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

    وسعيد بن المسيب أحد الفقهاء السبعة في المدينة المعروفين في عصر التابعين؛ لأن مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام اشتهر فيها بعصر التابعين سبعة من الفقهاء، أطلق عليهم لقب الفقهاء السبعة، ولهذا يأتي ذكرهم بهذا اللقب، ويكتفى به عن سرد أسمائهم، فإذا كانت هناك مسألة قال بها الفقهاء السبعة قالوا فيها قال بها الفقهاء السبعة، وهو لقب أطلق عليهم، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن مسعود، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد، وسعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، هؤلاء الستة الذين هم قبل أبي بكر هؤلاء متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وأما السابع ففيه خلاف على ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، هذه ثلاثة أقوال في السابع، وستة لا خلاف فيهم، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه (إعلام الموقعين) في أوله أعلام الفقهاء في زمن الصحابة، وفي زمن التابعين في مختلف البلاد، ولما جاء عند ذكر المدينة وذكر فقهاء الصحابة، ثم ذكر فقهاء التابعين، ذكر أن من فقهاء التابعين هؤلاء الفقهاء السبعة، وجعل السابع منهم أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على هذا القول الذي هو أحد الأقوال، وذكر بيتين من الشعر يشتمل ثانيهما على هؤلاء السبعة، وهذان البيتان هما قول الشاعر:

    إذا قيل من في العلم سبعة أبحرٍ روايتهم ليست عن العلم خارجة

    فقل هم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة

    فالبيت الثاني يشمل هؤلاء الفقهاء السبعة، ولكن السابع فيهم أبو بكر بن عبد الرحمن على أحد الأقوال في الثلاثة في السابع منهم.

    [عن أبي هريرة].

    أبو هريرة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي وهو أحد الصحابة السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وأنس، وابن عباس، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم أجمعين ستة رجال وامرأة واحدة، وأبو هريرة رضي الله عنه هو أكثر السبعة.

    شرح حديث: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله ... الجنة)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن علية وعبد الرحمن بن محمد، قالا: حدثنا إسحاق وهو الأزرق، عن عوف، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله بفضل رحمته إياهم الجنة، قال: يقال لهم: ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يدخل آباؤنا، فيقال: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم)].

    أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا وهو بمعنى الحديث المتقدم الذي قبل هذا، وهو الذي فيه التنصيص أو الجمع بين ذكر الأبوين الأب والأم، وأنه: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله الجنة، يقال للأبناء: ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يدخل آباؤنا، فيقال: ادخلوا أنتم وآباؤكم)، وهذا مثل ما تقدم في الحديث الذي مر في الرجل الذي فقد ولده، وكان يحبه حباً شديداً، فقال: أما يسرك ألا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وهو أمامك يريد أن يفتحه لك، فهذا الذي في هذا الحديث مثل ذلك الذي قبله، وهو أنهم يكونون سبباً في دخولهم الجنة، وأنهم يدخلون الجنة بسببهم، وأنهم إذا قيل لهم: ادخلوا الجنة، قالوا: حتى يدخل آباؤنا، فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم.

    تراجم رجال إسناد حديث: (ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله ... الجنة)

    قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].

    هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وأبوه محدث مشهور وروى عنه أصحاب الكتب الستة، ويأتي ذكره كثيراً في أسانيد الكتب الستة وغيرها، وهو مشهور بـابن علية، يعني: يأتي أحياناً مختصراً على نسبته فيقال: ابن علية، وهذا ابنه محمد بن إسماعيل، ولـإسماعيل بن علية ولد اسمه إبراهيم، ولكنه من المبتدعة قال عنه الذهبي في الميزان: إنه جهمي هالك، هذا إبراهيم بن إسماعيل، وأما أخوه هذا فهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وإبراهيم هو الذي يذكر أو ينسب إليه في بعض المسائل الفقهية مسائل شاذة، وقال: قال فيها ابن علية، فالمراد به إبراهيم، ليس إسماعيل الذي هو الأب، وإنما يراد به الابن المبتدع الجهمي الذي قال عنه الذهبي في الميزان: جهمي هالك هو الذي يأتي ذكره في المسائل الشاذة في مسائل الفقه.

    ومن المسائل الشاذة التي جاء ذكره فيها مسألة الإجارة، يقول: إن الإجارة لا تجوز، وأنها حرام ولا يستغني أحد عن الإجارة، فهو شذوذ، وقد ذكر ابن رشد في بداية المجتهد قال: وخالف فيها الأصم وابن علية، وهما من المبتدعة الأصم أبو بكر بن كيسان الأصم وليس أبو العباس الأصم شيخ الحاكم فإن ذاك ثقة، ولكن عندما يأتي ذكر الأصم في المسائل الخلافية الشاذة التي فيها الشذوذ فالمراد به أبو بكر بن كيسان الأصم المعتزلي، وأما ابن علية فهو إبراهيم بن إسماعيل بن علية الجهمي، فهذان الاثنان يأتي ذكرهما في المسائل الشاذة، الأصم وهو أبو بكر بن كيسان، وابن علية الذي هو إبراهيم بن إسماعيل.

    عبد الرحمن بن محمد].

    هو عبد الرحمن بن محمد بن سلام، وهو لا بأس به، وحديثه أخرجه أبو داود، والنسائي، وكلمة (لا بأس به) في اصطلاح الحافظ ابن حجر تعادل صدوق، فهي مثل صدوق يعني: حديثه من قبيل الحسن.

    [عن إسحاق].

    هو إسحاق بن يوسف الأزرق مشهور بلقبه الأزرق، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عوف].

    هو عوف بن أبي جميلة الأعرابي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ويقال له: الأعرابي لفصاحته وحسن نطقه.

    [عن محمد].

    هو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي هريرة].

    رضي الله عنه قد مر ذكره.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088526163

    عدد مرات الحفظ

    777134391