إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الزكاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الزكاة - (تابع باب أي الصدقة أفضل) إلى (باب القليل في الصدقة)

شرح سنن النسائي - كتاب الزكاة - (تابع باب أي الصدقة أفضل) إلى (باب القليل في الصدقة)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بين الشرع الحكيم أفضلية الصدقة، وذم البخل فيها، ونبه على ترك الإحصاء في الصدقة، ورغب في الشيء اليسير فيها، وأن المسلم لا يحتقرها مهما قلت؛ لأنها تقيه من النار، كما أنه ينتفع بها السائل، وأن من لم يجد شيئاً يعطيه السائل فليرده بكلمة طيبة.

    شرح حديث: (إذا أنفق الرجل على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت أنه قال: سمعت عبد الله بن يزيد الأنصاري يحدث عن أبي مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( إذا أنفق الرجل على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة ) ].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب أي الصدقة أفضل وأورد عندها عدة أحاديث مضى بعضها، وحديث أبي مسعود رضي الله تعالى عنه هذا هو أحدها، وفيه قوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا أنفق الرجل على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة)، أي: أن الإنسان إذا أنفق على أهله النفقة الواجبة وهو يحتسبها، يعني: يرجو أجرها وثوابها عند الله عز وجل، فهي صدقة، له أجرها، وقيد ذلك بالاحتساب؛ لأن الإنسان قد ينفق وهو كاره غير راغب، وقد يمتنع من الإنفاق، فيرفع إلى الحاكم فيفرض عليه مقداراً الذي هو النفقة الواجبة، فإنه يكون حصل تأدية الواجب، لكنه لا يحصل الثواب والأجر؛ لأنه لم يحتسب الأجر عند الله عز وجل، فهو مثل الذي يمتنع من الصدقة، أو من إخراج الزكاة، ثم تؤخذ منه قهراً، فإنه لا يحصل له أجراً عليها، ولكنه يسقط عنه الواجب، الذي أوجبه الله عز وجل عليه من وجوب الزكاة.

    فكذلك هنا: النفقة على من تجب النفقة عليه، يعني: على أهله، على زوجته وأولاده، هي واجبة عليه، وإذا أدى الواجب وهو يحتسب الأجر والثواب عند الله، فإنه يؤجر على ذلك، وأما إذا كان ما يفكر في الأجر والثواب، وإنما يعطي هذه النفقة الواجبة، أو يمنعها ولكنه أجبر عليها، فإن هذا لا يحصل الأجر، ولا يحصل الثواب على هذه النفقة؛ لكونه لم يحصل منه الاحتساب.

    ولهذا فإن كثيراً من الناس يحصل منهم الإنفاق على أهليهم، ومع ذلك لا يدور في خلدهم، ولا يقع في بالهم احتساب الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى، وإنما يعتبرون ذلك شيئاً قد حصل، وأنه شيء لازم، ولكن لا يفكرون بأجر ولا بثواب، وهنا جاء الحديث بأنه إذا احتسبها فإنها تكون له صدقة، يعني: أنه يؤجر عليها، ويكون متصدقاً ويكون محسناً، ومن المعلوم أن الصدقة تكون من الإنسان على نفسه، يعني: حيث يحتسب الأجر والثواب، ولهذا الذي قال: عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، يعني: أنت أولى الناس بالانتفاع به، والإنسان عليه أن يقوم بمن يعول، وبمن تلزمه مؤنته، ويحتسب الأجر عند الله عز وجل في ذلك، وقد جاء في الحديث: (أن كل سلامى من الناس عليه صدقة)، وفي آخر الحديث يقول: وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر، قال: (أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟).

    فالإنسان عندما ينوي العفاف، والتخلص من الشر، والابتعاد منه، فإنه يؤجر على ذلك، كما أنه لو وضع النطفة في الحرام يأثم، فإذا وضعها في الحلال يؤجر، ولكن كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).

    وأورد النسائي هذا الحديث تحت هذه الترجمة التي هي: أي الصدقة أفضل؟ للإشارة إلى أن الإنفاق على الأقارب، ومن تجب النفقة عليه، أن ذلك واجب، وإذا احتسبه كان له صدقة، فيكون ذلك من قبيل ما هو أهم وأفضل من غيره، وكذلك إذا أنفق على من يعول، وأعطى بعد ذلك القريب المحتاج، فإن ذلك صدقة وصلة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أنفق الرجل على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة)

    قوله: [ أخبرنا محمد بن بشار ].

    هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.

    [حدثنا محمد].

    هو محمد بن جعفر الملقب غندر البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وإذا جاء محمد غير منسوب يروي عنه محمد بن بشار ، أو محمد بن المثنى ، وهو يروي عن شعبة فالمراد به غندر، محمد بن جعفر.

    [ حدثنا شعبة ].

    هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عدي بن ثابت ].

    ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ سمعت عبد الله بن يزيد الأنصاري ].

    صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي مسعود ]

    عقبة بن عمرو الأنصاري ، مشهور بكنيته أبو مسعود، واسمه عقبة بن عمرو الأنصاري، وهو صحابي جليل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد ذكرت من قبل أنه قد يكون هناك تصحيف بينه وبين ابن مسعود؛ لأن ابن مسعود اشتهر بنسبته إلى أبيه مسعود، فيقال له: ابن مسعود، وهو عبد الله بن مسعود، ولكن كثيراً ما يأتي ابن مسعود بدون تسميته، وهذا كثيراً ما يأتي بكنيته دون تسميته أبي مسعود، ولهذا يأتي في بعض الأحيان التصحيف بين ابن مسعود وأبي مسعود ، فحديث أبي مسعود في: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء.. )، صحف في بعض النسخ يعني: في بلوغ المرام، أو شرح سبل السلام، فقيل: عن ابن مسعود: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله )، وذلك للتقارب بين ابن وأبي، فيحصل التصحيف؛ لأن هذا مشهور بنسبته، وهذا مشهور بكنيته.

    شرح حديث: (ابدأ بنفسك فتصدق عليها ...)

    قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: أعتق رجل من بني عذرة عبداً له عن دبر، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ( ألك مال غيره؟ قال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدفعها إليه، ثم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء، فهكذا وهكذا، يقول: بين يديك وعن يمينك وعن شمالك ) ].

    ثم أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وفيه: أن رجلاً من بني عذرة أعتق عبداً له عن دبر، يعني معناه: جعل عتقه بعد وفاته، أي: كتب بأنني إذا مت، فعبدي حر، هذا يسمى المدبر، ويقال للعتق بعد الموت: العتق عن دبر، ويقال للعبد الذي جعل عتقه بعد وفاة سيده يقال له: مدبر؛ لأنه علق عتقه على الوفاة، والموت دبر الحياة، أي: بعد الحياة، فقيل له: مدبر، وقيل للفعل: التدبير، يعني: تعليق العتق على الموت، وجعل العتق يكون بعد الموت هذا تدبير، ولهذا قال: أعتق عبده عن دبر، يعني: كتب بأنه يكون عتيقاً إذا مات؛ لأن الموت دبر الحياة فقيل: عن دبر.

    فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألك مال غيره؟ فقال: لا، ما عندي مال غيره، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقره على هذا العمل، فباعه، وقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم، فأعطاه إياها، أي: الرسول صلى الله عليه وسلم دفعها إليه، وقال: خذها وتصدق بها على نفسك، فإن فضل فتصدق به على أهلك، فإن فضل فتصدق به على قرابتك، فإن فضل فهكذا وهكذا وهكذا، يعني: أعطه لمن شئت، وأنفقه في سبيل الله، يعني: أشار إلى أمامه وإلى يمينه وشماله، يعني: بالإنفاق والإخراج في سبيل الله عز وجل، فأرشده عليه الصلاة والسلام إلى أن يحسن إلى نفسه أولاً حتى لا يحتاج إلى الناس، وقال: تصدق به على نفسك، أو أبدأ بنفسك وتصدق عليها، ونفقة الإنسان على نفسه إذا احتسبها هي صدقة، وكذلك نفقته على أهله صدقة، وعلى أقاربه صدقة، وإن كانت نفقة واجبة.

    فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى البدء بالأهم فالأهم، والأولى فالأولى، فيبدأ بنفسه، ثم بأهله الذين تجب عليه نفقتهم، ثم قرابته الذين لا تجب عليه نفقتهم، ثم بعد ذلك يعطيه ويصرفه حيث شاء في وجوه الخير، وهو ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: هكذا وهكذا وهكذا، عن يمينه وأمامه وشماله، يعني: ينفق في سبيل الله، وفي وجوه الخير، يعني: بعد أن يبدأ بمن يكون الأولى.

    وإيراد الحديث هذا في الباب الذي هو: أي الصدقة أفضل، للإشارة إلى أن الإنسان ينفع نفسه، ويعف نفسه، وينفع من يعول، ثم بعد ذلك يكون أولى الناس ببره أقربائه، والصدقة عليهم: صدقة وصلة، جمعت بين خصلتين، وبين حالتين محمودتين، وهما صلة الأرحام، والتصدق، ثم بعد ذلك يصرفه في وجوه الخير.

    أورد النسائي الحديث تحت: أي الصدقة أفضل؟ للإشارة إلى أن أفضل ما يصرف الإنسان ماله على نفسه، ثم على أهله، ثم على قرابته، ثم على من وراءهم، من إعطاء الناس، ومن الصرف في وجوه الخير والبر، سواء أعطاه لمساكين ومحتاجين، أو في وجوه الخير كبناء المساجد وغير ذلك ، أو في سبيل الله بالمعنى العام، وهو: ما يشمل وجوه الخير والبر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (ابدأ بنفسك فتصدق عليها ...)

    قوله: [ أخبرنا قتيبة ].

    هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا الليث ].

    هو ابن سعد المصري ، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي الزبير ].

    هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن جابر بن عبد الله الأنصاري].

    صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم، وعن الصحابة أجمعين.

    وهذا الحديث من رباعيات النسائي، وهي من أعلى الأسانيد عنده؛ لأن أعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات التي يكون فيها بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، أربعة أشخاص، وأطول الأسانيد وأنزل الأسانيد عنده العشاري، الذي يكون بين النسائي فيه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، عشرة أشخاص، وقد سبق أن مر بنا في فضل: قل هو الله أحد حديث عند النسائي فيه بين النسائي وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام عشرة أشخاص، وقال: إن هذا أطول إسناد، أي: العشاري.

    والبخاري أنزل ما يكون عنده التساعي؛ لأن عنده حديث فيه تسعة أشخاص، وقال الحافظ ابن حجر يقال: إن هذا أنزل إسناد، وأطول إسناد عند البخاري، وأما أعلى ما يكون عند البخاري فهو ثلاثة، وأصحاب الكتب الستة ثلاثة منهم أعلى ما عندهم الثلاثيات، وثلاثة أعلى ما عندهم الرباعيات، فالذين أعلى ما عندهم الثلاثيات البخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية، بإسناد واحد ضعيف، وأما مسلم، وأبو داود، والنسائي، فأعلى ما عندهم الرباعيات، وليس عندهم ثلاثيات.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088527695

    عدد مرات الحفظ

    777140974